الاستقلال والجاهزية فـي الصناعات العسكرية والأمنية «مهمة وطنية استراتيجية»
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
لا شكَّ أنَّ الدوَل الَّتي تزرع وتصنع الحدَّ الأدنى من احتياجاتها ترتفع قوَّتها الجيوسياسيَّة وتتضاعف سيادتها الداخليَّة والخارجيَّة، ويتعزَّز استقلالها في البيئة الأمنيَّة الدوليَّة، بالإضافة إلى أنَّ مكانة الدوَل دائمًا ما كان يُنظر لها من منظور عسكري واقتصادي، فكُلَّما كان اقتصاد الدَّولة قويًّا ومتماسكًا كانت قويَّة ومتماسكة، كذلك كُلَّما كان لدَيْها جيش قويٌّ عزَّز ذلك من هيبتها في مواجهة الأعداء ودعم الأصدقاء.
في المقابل تفتقد الدوَل تلك الأوراق الرابحة أو تتراجع وتضعف سيادتها واستقلالها كُلَّما ارتفع اعتمادها على الآخرين في احتياجاتها الوطنيَّة الأساسيَّة، خصوصًا الغذاء والدواء والسِّلاح، وبما أنَّنا نتحدث في هذا الطرح عن أهمِّية الاستقلال والجاهزيَّة في الصِّناعات العسكريَّة والأمنيَّة، فإنَّنا نقول: إنَّ الدوَل الَّتي لا تمتلك الحدَّ الأدنى من الاستقلاليَّة في احتياجاتها العسكريَّة الأوَّليَّة تبقى رهينة للدوَل المُصنِّعة ولوبيَّات السِّلاح في تجهيز قوَّاتها، الأمْرُ الَّذي يجعلها دائمًا في موضع التهديد والابتزاز والشروط التعجيزيَّة.
الأسوأ من ذلك اضطرار الدوَل المستهلكة شراء معدَّات عسكريَّة من الدوَل المُصنِّعة للسِّلاح بجودة أقلَّ أو عَبْرَ تقليل بعض مميزات المُعدَّات العسكريَّة مِثل المدى أو القوَّة أو غير ذلك كشرط للبيع بسبب وجود اتفاقيَّات أمنيَّة أو عسكريَّة أو التزامات سياسيَّة مع حلفاء آخرين للدَّولة المُصنِّعة، مِثل ما هو واقع الحال بَيْنَ الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة و»إسرائيل» عِند قيام أميركا بالاتِّفاق مع العديد من الدوَل العربيَّة على شراء الأسلحة الأميركيَّة. ونستذكر في هذا السِّياق اقتراح الرئيس الأميركي الأسبق ريغجان صفقة طائرات الأواكس للإنذار المبكِّر وأجهزة متقدِّمة لمقاتلات) f15) لدَولة عربيَّة في أكتوبر 1981 وكيف تدخلت «إسرائيل» وضغطت لرفضها الصفقة حينها. (راجع حَوْلَ هذه القضيَّة كتاب مَنْ يجرؤ على الكلام لبول فندلي، ط14/2001ص 115) على ضوء ذلك كان من المُهمِّ والضروري أن تعيَ الدوَل العربيَّة والخليجيَّة أهمِّية الاكتفاء المقبول عَبْرَ الصِّناعات الوطنيَّة أو التصنيع الداخلي للمُعدَّات والأسلحة العسكريَّة. نعم توجد جهود قائمة لذلك، ولكن ليست بالمستوى المأمول، خصوصًا على المستوى الخليجي، أو على نَحْوٍ أدقَّ لَمْ تتَّسم بالجدِّيَّة والنَّوعيَّة إلَّا في السنوات الأخيرة. لذا يُمكِن التأكيد على أهمِّية الصِّناعات العسكريَّة خليجيًّا لتحقيقِ الاكتفاء الأمني، بالإضافة إلى العوائد الاقتصاديَّة الَّتي يُمكِن أن يُحقِّقَها هذا التوجُّه، سواء على مستوى البيع أو تقليل الشراء، والأهم من ذلك ارتفاع قدرتها على الدِّفاع عن نَفْسِها ما يُعزِّز الأمن والاستقرار الداخلي، سواء أكان ذلك في الجانب السِّياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، مع تعزيز قدرتها على مواكبة المتغيِّرات الإقليميَّة والدوليَّة، حيث إنَّ وجود قدرة على التصنيع يمنحها القدرة على المناورة واختيار الشركاء والأصدقاء والتحالفات بشكلٍ أفضل.
على المستوى الوطني وهو الأهمُّ لديَّ، مؤكَّد أنَّ القيادة السِّياسيَّة والعسكريَّة لدَيْها الوعي التَّام والجاهزيَّة المادِّيَّة والمعنويَّة للسَّير بشكلٍ جدِّي في هذا النَّوع من التوجُّهات الاستراتيجيَّة الوطنيَّة، ولله الحمد توجد بدايات مبشِّرة في هذا السِّياق مِثل إنشاء شركة ذخائر للصِّناعات العسكريَّة، بالإضافة إلى الشراكات القائمة للإنتاج وصناعة المُعدَّات العسكريَّة مع عددٍ من الدوَل الإقليميَّة مِثل مشروع «كروة موتورز» والَّذي يُعدُّ أحَد أبرز الاستثمارات الاستراتيجيَّة بَيْنَ دَولة قطر وسلطنة عُمان.
باختصار. لا بُدَّ من توسُّع دائرة الاهتمام بالصِّناعات العسكريَّة والأمنيَّة خلال المرحلة الوطنيَّة القائمة والقادمة، تعزيز التدريب وتأهيل الكوادر الوطنيَّة العُمانيَّة، الاهتمام بالابتكار والأفكار الَّتي تساعد على تمكين هذا القِطاع الوطني، إنشاء المعاهد والمؤسَّسات والمديريَّات المتخصِّصة بذلك، والسَّعي للاكتفاء من العديد من المُعدَّات والأسلحة الأوَّليَّة الَّتي تحتاجها قوَّاتنا المسلَّحة ومؤسَّساتنا الأمنيَّة بشكلٍ دائم ومتواصل.
محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
azzammohd@hotmail.com
MSHD999 @
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ات العسکری فی هذا
إقرأ أيضاً:
حزب الأحرار يجمع فريقيه البرلمانيين قبيل افتتاح البرلمان وسط زوبعة من الخلافات وسط الأغلبية
في جلسة مغلقة فضل أعضاء فريقي حزب التجمع الوطني للأحرار، بالبرلمان، عقد اجتماعهم الدوري اليوم الأربعاء بمقر الحزب بالرباط، عشية الافتتاح المرتقب للدورة الثانية من السنة التشريعية الرابعة،الجمعة وسط جدل بشأن عدة قضايا منها دعم استيراد الأبقار والأغنام والذي آثار جدلا وسط الأغلبية والمعارضة.
اللقاء البرلماني للأحرار ا ترأسه عزيز أخنوش، رئيس الحزب، بحضور وزراء الحزب وأغلب برلمانييه بمجلسي النواب والمستشارين.
وقال محمد الشوكي، رئيس الفريق، الذي اعتلى منصة الاجتماع إلى جانب أعضاء من المكتب السياسي، مصطفى بايتاس، والطالبي العلمي، ان الاجتماع ينعقد في ظروف خاصة، يطبعها الزخم السياسي لكافة التنظيمات الحزبية.
وعاشت الأغلبية تراشقات وردود فعل سياسية انطلقت شرارتها بين أحزاب التحالف الحكومي، الاستقلال والأحرار عقب خرجة نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال حول ملف « دعم أغنام عيد الأضحى »، الذي انصب جدله بين أطراف التحالف الحكومي حول حيثيات هذه القرارات وجدواها، وحول مدى تحقق الأهداف والآثار المعلنة من ورائها، والمبالغ الحقيقية.
رئيس فريق الأحرار بالغرفة الأولى، تفادى الإشارة إلى الخلافات التي تزداد مع قرب الانتخابات مؤكدا أن الاجتماع البرلماني لأعضاء فريقي الحزب، يأتي في إطار ولاية تشريعية رابعة، « تميزت بانسجام داخل الأغلبية، أفرز حكومة بإنجازات ملموسة ».
وأوضح الشوكي في تصريح للصحافة، على هامش انطلاق الاجتماع البرلماني للأحرار، أن مجريات اللقاء ستتداول في الآليات الرقابية والتشريعية المزمع القيام بها من طرف الحزب، حتى يتسنى له القيام بأدواره السياسية والتشريعية، في إطار الدعم اللامشروط لـ »عمل » الحكومة ولـ »صمودها »، واستشرافها للمستقبل.
وأعلن عن مواصلة الحكومة رفقة أغلبيتها البرلمانية، إصلاح منظومة العدالة من خلال الدراسة والمصادقة المرتقبة على قانون المسطرة الجنائية، وعلى مشروعي قانون التعليم المدرسي والادخار وصناديق التقاعد، ومواصلة المصادقة على مشاريع قوانين ذات الصلة بتعزبز الدولة الاجتماعية.
كلمات دلالية اجتماع البرلمان البرلمانيين حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز اخنوش