صحيفة التغيير السودانية:
2024-07-08@14:04:44 GMT

لا خير في تسوية تعيدنا لمربع الحرب

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

لا خير في تسوية تعيدنا لمربع الحرب

بقلم: تاج السر عثمان بابو

(1)
أشرنا سابقا الي مفاوضات جدة ، وضرورة وقف الحرب، وفتح المسارات للمساعدات الانسانية وحماية المدنيين الذي كانوا الأكثر تضررا من الحرب ، ليس ذلك فحسب ، بل لا بد من عدم تكرار التسوية مع العسكر والدعم السريع التي تعيدنا لمربع الحرب ، وضع الأساس المتين استنادا للتجارب المريرة السابقة بتحقيق السلام المستدام ، وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي.

تم طرح التسوية علي اساس “الهبوط الناعم ” منذ تقرير الأمريكي برنستون ليمان 2013 بعد تصاعد الحركة الجماهيرية ضد نظام الانقاذ التي كانت موجتها العارمة في هبة سبتمبر 2013 ، وكان الهدف منها قطع الطريق أمام الانتقاضة الشعبية التي تطيح بالنظام ، وتحدث تحولات ديمقراطية وثورية غير مرغوبة لامريكا وحلفاؤها في المنطقة ، واشار تقرير ليمان الي حوار واسع يؤدي لتسوية يشارك فيها حتى الاسلامويون.

كانت ازمة نظام الانقاذ الشمولي ازدادات تفاقما يعد تزوير الانتخابات و انفصال الجنوب في 2011 ، ، وبعدها رفع الحزب الشيوعي شعار اسقاط النظام بعد تزوير الانتخابات وفصل الجنوب ، وخرق العهود والمواثيق التي أدت لاشتعال نيران الحرب، وتدهور الاوضاع المعيشية والانسانية..
على سبيل المثال بعد تزوير انتخابات 2011، قرر الحزب الشيوعي مقاطعة انتخابات يناير 2015 كما جاء في بيان اللجنة المركزية للحزب بتاريخ 8 /11/ 2013 الذي أشار فيه للاسباب الآتية:
” – هذا النظام زور الانتخابات العامة السابقة وزيف ارادة الشعب ، لهذا فهو غير مؤتمن علي اجراء أي انتخابات.

– لا يمكن اجراء انتخابات في ظروف تنعدم فيها ابسط الحريات والحقوق الديمقراطية التي قننها الدستور المعمول به حاليا (دستور 2005 يومئذ) ، وتنعدم ابسط حقوق الانسان المعلن عنها في المواثيق الدولية ووقع عليها هذا النظام، وتمنع الأحزاب السياسية من اقامة الندوات لتعلن فيها للجماهير رأيها ومواقفها في مختلف القضايا ، ومن جهة أخري يُمنع الصحفيون من الكتابة وتمنع الصحف من الصدور ومن بينها صحيفة “الميدان” التي منع صدورها جهاز الأمن أكثر من عام ونصف ، وينطبق ذلك علي دعوات النظام لوضع دستور البلاد.

– أغرق هذا النظام المظاهرات السلمية المشروعة للمواطنين في بحار من الدم والقتلي ، وصار ما بين الشعب وهذا النظام الفاسد بحار من الدماء ومئات الشهداء، ولا يمكن الدخول في انتخابات مع نظام اوصل شعب السودان لهذا الدرك من المعاناة.
– لايمكن الدخول في انتخابات وأكثر من ثلث سكان السودان خارج البلاد بسبب الحرب”.

(2)
كما رفع الحزب الشيوعي في دورة اللجنة المركزية المنعقدة في أغسطس 2015 شعار الاضراب السياسي العام والعصيان المدني والانتفاضة الشعبية اداة لاسقاط النظام ، وطرح بناء أوسع تحالف قاعدي جماهيري ، وبناء لجان المقاومة في مجالات السكن والعمل والدراسة ، واستكمال الخطوات التنظيمية لتنفيذ الاضراب العام.

جاء حوار الوثبة الذي رفضه الحزب الشيوعي مع قوى أخرى بدون تحقيق مطلوباته في توسيع الحقوق والحريات الديمقراطية.الخ.
كما رفض الحزب الشيوعي الدخول في انتخابات 2020 التي روجت للمشاركة فيها قوي ” الهبوط الناعم” كما في أحزاب ” نداء السودان” التي انشقت من تحالف قوي الاجماع الوطني، وسارت في الحوار علي أساس خريطة الطريق.

(3)
لكن جاءت ثورة ديسمبر 2018 التي اطاحت برأس النظام ،وقطع انقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019 الطريق أمامها بهدف :
– حماية مصالح الرأسمالية الطفيلية والتفريط في السيادة الوطنية.
– السير في سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية كما في تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي.
– توقيع الاتفاقات الجزئية التي تهدد السلام ووحدة البلاد كما في اتفاق جوبا الذي قنن وجود السلاح في ايدي الحركات في المدن.
– تنفيذ مجزرة فض الاعتصام و بهدف الانقلاب علي الثورة ، لكن موكب 30 يونيو 2019 قطع الطريق أمام الانقلاب .
– التوقيع علي الوثيقة الدستورية بين العسكر وقوي ” الهبوط الناعم” التي كرّست هيمنة العسكر علي السلطة، وقننت الدعم السريع دستوريا بدلا من حله مع مليشيات “الكيزان” وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد، ولم يتم تنفيذ بنودها وأهمها المجلس التشريعي، والقصاص للشهداء في مجزرة فض الاعتصام ،والمحاسبة، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية ، وتفكيك النظام واستعادة ممتلكات الشعب المنهوبة ، وتحسين الأوضاع المعيشية التي تدهورت بعد التخفيض الكبير للجنية السوداني، والخضوع لتوصيات صندوق النقد الدولي .الخ.

وفي نهاية مدة حكم العسكر في الوثيقة الدستورية، تم تنفيذ انقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد التمكين للاسلامويين ، ووجد مقاومة جماهيرية واسعة ، أدت لتدخل دولي واقليمي لاعادة التسوية علي اساس الاتفاق الاطاري الذي فجر الصراع بين العسكر والدعم السريع حول دمج الدعم السريع في الجيش ، وادي لحرب 15 ابريل التي مازالت دائرة رحاها، وادت لتدهور كبير في الاوضاع الانسانية ونزوح الملايين داخل وخارج البلاد ومقتل الالاف ، وتدمير البنية التحتية ، وتدهور في الاوضاع المعيشية والصحية حتى اصبحت البلاد على حافة المجاعة.
مما يتطلب اوسع تحالف لوقف الحرب، وعدم تكرار التسوية التي تعيدنا لمربع الأزمة و الحرب ،وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق أهداف الثورة والفترة الانتقالية.

الوسومتاج السر عثمان بابو

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحزب الشیوعی

إقرأ أيضاً:

رئيس إيراني لتنفيس الاحتقان

آخر تحديث: 8 يوليوز 2024 - 9:33 صبقلم:خيرالله خيرالله يمكن القول إنّ انتخاب الإصلاحي مسعود بيزشكيان رئيسا للجمهورية في إيران حدث مهمّ، بل تطور بارز نحو الأفضل. كان ذلك ممكنا لو كانت تجارب الماضي القريب تسمح بذلك. لكن هذه التجارب، في مقدمها تجربتا محمد خاتمي وحسن روحاني، لا تبعث على التفاؤل. كان خاتمي وروحاني محسوبين على الإصلاحيين، لكنهما لم يتمكنا من تغيير شيء في إيران التي بقيت تعاني من أزماتها الداخليّة المستعصية منذ قيام “الجمهوريّة الإسلاميّة” في العام 1979.يترجم هذه الأزمات المستعصية، على أرض الواقع، إصرار النظام الإيراني على شعار “تصدير الثورة”، أي على نشر الفوضى والبؤس في المنطقة كلّها من منطلق أن ذلك خير دفاع عن استمرار النظام. هذا النظام الذي يتحكّم به رجال الدين والذي يرمز إليه التحالف بين “المرشد الأعلى” علي خامنئي و”الحرس الثوري”. يتحكّم خامنئي بكل القرارات المهمّة ذات الطابع الإستراتيجي. يتحكّم “الحرس الثوري” بكلّ ما له علاقة بإبقاء المواطنين الإيرانيين تحت السيطرة وسيف القمع في الداخل من جهة وبالأدوات الإيرانية الموجودة في الخارج من جهة أخرى؛ أي بالميليشيات المذهبيّة التي تقاتل في العراق وسوريا ولبنان واليمن من أجل حماية النظام في إيران.لا شكّ أنّ فوز بيزشكيان يعبّر عن رغبة لدى الشعب الإيراني في إحداث تغيير جذري في نمط العيش. لكنّ الواقع يقول إنّ هذه الرغبة لا يمكن أن تتحقّق عبر شخص مثل الرئيس الجديد الذي لا يستطيع الذهاب بعيدا في إخراج البلد من سيطرة المتشددين المسلحين بدستور “الجمهوريّة الإسلاميّة”. هؤلاء المتشددون وقفوا عائقا في وجه أي تغيير حقيقي في كلّ مرة ثار الشعب الإيراني طالبا استعادة حريته ومبديا رغبته في الانتماء إلى العالم الحضاري. لو كانت هناك أي رغبة لدى النظام الإيراني في حصول أي تغيير حقيقي في العمق، لكان سمح لكلّ من يرغب بالترشّح لخوض الانتخابات الرئاسية. كلّ ما في الأمر أن النظام لم يسمح، بين كل الإصلاحيين، سوى بترشح بيزشكيان الذي كان وزيرا للصحة في عهد خاتمي. لو كان لدى “المرشد الأعلى” أدنى شكّ في ولاء الرجل لما وصل  إلى الرئاسة. يعرف خامنئي تماما أن بيزشكيان لن يثير أي اعتراضات حقيقية على سلوك النظام… بل إنّه هديّة من السماء للنظام الباحث عن تنفيس الاحتقان الداخلي. ظهر هذا الاحتقان في العام 2022 في قضية الفتاة مهسا أميني التي قتلتها شرطة الأخلاق في طهران بحجة عدم التزام وضع الحجاب بالطريقة المطلوبة. لا يتعلق الأمر بالحجاب، أو بوضعه أو عدم وضعه، ذلك أنّ كل إنسان حر في التصرّف بالطريقة التي يريدها من دون إكراه. يتعلّق الأمر بممارسة حرّية شخصيّة، خصوصا لدى المرأة الإيرانيّة التي كانت تتمتع بحقوق كبيرة في عهد الشاه. يقول الرئيس الإيراني الجديد كلاما جميلا مستندا بالفعل إلى معطيات علمية. من جملة ما يقوله، على سبيل المثال، “لا يمكن أن نصل إلى نمو بنسبة 8 في المئة (سنويا) من دون فتح حدودنا والتعاطي مع حكومات المنطقة والعالم. من أجل تحقيق هذا الهدف، نحن في حاجة إلى 200 مليار دولار سنويا. هذا أمر مستحيل في ضوء الظروف الراهنة. من الضروري، إذًا، تسوية مشاكلنا المرتبطة بعلاقاتنا الدولية”.لا يبدو الكلام الجميل كافيا، كذلك لا يبدو كافيا تعيين الرئيس الجديد لمحمّد جواد ظريف، وزير الخارجية السابق الذي لعب دورا في التفاوض مع الغرب في شأن الاتفاق النووي، مستشارا له. في نهاية المطاف، يظل الكلام الجميل كلاما جميلا إذا لم ترافقه أفعال تشير إلى تخلي “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران عن أوهامها التي تقوم على مبدأ “تصدير الثورة”. لو كان النظام الإيراني نظاما ناجحا بالفعل، لما استغل المواطنون العاديون فرصة الانتخابات الرئاسية للتصويت لبيزشكيان بدل التصويت للمتشدد سعيد جليلي الذي يعتبره الشارع الإيراني من مدرسة “طالبان”! عاجلا أم آجلا سيتبين هل يستطيع الرئيس الإيراني الجديد أن يصنع فارقا، فيكون مختلفا عن سلفه إبراهيم رئيسي، الذي يحمل لقب “جزار طهران” والذي قتل في حادث تحطم طائرة هليكوبتر مع وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في 19 أيار – مايو الماضي. يكفي من أجل التأكد من حصول التغيير الإفراج عن لبنان الذي تحول رهينة لدى إيران وبات أقرب إلى مستعمرة إيرانيّة. لا حاجة إلى القول مرّة أخرى إن لبنان صار رهينة إيرانيّة في ضوء سقوط البلد تحت هيمنة “حزب الله” الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني. هل يستطيع بيزشكيان القيام بأي خطوة ذات طابع إيجابي بالنسبة إلى لبنان والتوقف عن تدمير بلد كامل من أجل تكريس الدور الإقليمي لـ“الجمهوريّة الإسلاميّة” التي أخذت على عاتقها المتاجرة بالقضيّة الفلسطينية مستغلة حرب غزّة إلى أبعد حدود؟سيكون لبنان أحد الامتحانات المتاحة أمام الرئيس الإيراني الجديد، خصوصا أن إيران باتت تمتلك قرار الحرب والسلم في لبنان بعدما اتخذت قرارا بفتح جبهة الجنوب. لم يأت هذا القرار سوى بالبؤس والخراب والدمار للبنانيين من أهالي القرى الحدودية ولم يفد “حماس” وغزّة في شيء.الأكيد أنّ هناك امتحانات أخرى أمام بيزشكيان، امتحانات في العراق وسوريا ولبنان واليمن، كما هناك امتحان التزام الاتفاق الذي وقعته “الجمهوريّة الإسلاميّة” مع المملكة العربية السعودية برعاية صينيّة في 11 آذار – مارس 2023. التزمت إيران ما يناسبها من بنود الاتفاق. أوقفت الاعتداءات على الأراضي السعودية، وهي اعتداءات كان يشنها الحوثيون انطلاقا من الأراضي اليمنية. في المقابل، لم توقف أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى كما نصّ عليه الاتفاق.الخوف كلّ الخوف من أن يكون الرئيس الإيراني الجديد أداة لتنفيس الاحتقان الداخلي الإيراني فيما ستبقى إيران أسيرة وهم القوة المهيمنة على المنطقة. وهو وهم لم يجلب، إلى الآن، سوى الويلات!

مقالات مشابهة

  • خطاب المعادلات الجديدة
  • رئيس إيراني لتنفيس الاحتقان
  • الفرنسيون يواصلون التصويت بكثافة في انتخابات تشريعية حاسمة لمستقبل البلاد 
  • ناشطة سودانية تشيد بمؤتمر ‎القاهرة: نجح في جر بعض القوى لمربع وقف الحرب
  • مع من يجب أن نبحث وقف الحرب؟ و لماذا
  • ترجيح استمرار المفاوضات بشأن تسوية لشهر في غزة.. وغوتيريس يحذر منسوء التقدير على الخط الازرق
  • بالبرهان السودان في كف عفريت
  • حالة إنسداد!!
  • تونس.. سعيد يحذر من “محاولات ضرب استقرار” البلاد قبل الرئاسيات
  • وكيل الخارجية السوداني: بعد تمرد الدعم السريع البلاد أصبحت أكبر الدول المُصدرة للهجرة