قد يظن المواطن العادي أن التغير المناخي لا يعني إلا أن ترتفع درجات الحرارة كل صيف بمعدل درجة ونصف أو درجتين، وهو رقم ليس كبيرا بالنسبة له، لكن هذا الفهم خاطئ ببساطة، لأن التغير المناخي يغير كل شيء.

ونحن لا نتحدث فقط عن الموجات الحارة أو ازدياد معدلات الأعاصير وقوتها والعواصف الترابية والرملية، ولكن يصل الأمر إلى مستوى ما نأكله بشكل يومي.

وفي هذا السياق تشير دراسة جديدة صدرت عن جامعة "بريتش كولومبيا" الكندية إلى أن العناصر الغذائية المتوفرة في المأكولات البحرية مثل البروتينات بشكل عام والمكملات الغذائية مثل أوميغا 3، قد تنخفض بنسبة 30% في الدول منخفضة الدخل بحلول نهاية القرن.

جاء ذلك في دراسة نشرها الفريق في دورية "نيتشر كلايمت تشينج"، أوضحوا فيها أن المأكولات البحرية عادة ما تعد عنصرا أساسيا في الأنظمة الغذائية للدول منخفضة الدخل، وبالتالي فإنها تمثل جدارا حاجزا أمام سوء التغذية بالنسبة لتلك الدول.

من المتوقع أن يكون هناك انخفاض كبير في أعداد الأسماك المتاحة للصيد بسبب التغير المناخي (شترستوك) حتى الأسماك

وقد استهدفت الدراسة 4 عناصر غذائية أساسية لصحة الإنسان ومتوفرة في المأكولات البحرية وهي الكالسيوم والحديد والبروتين وأحماض أوميغا 3، وعلى هذا الأساس قاموا بدراسة نسب توافر الأسماك التاريخية، وقواعد البيانات المتعلقة بتكيف أشكال الحياة البحرية، ودمجوا ذلك بنماذج تنبؤية لمنظومة المناخ المستقبلية.

وبحسب الدراسة، فقد بلغ تركيز هذه العناصر الغذائية ذروته في التسعينيات، ثم ظل راكدا حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ووجدت النماذج المناخية التنبؤية أنه من المتوقع أن يكون هناك انخفاض كبير في أعداد الأسماك المتاحة للصيد بسبب التغير المناخي. وبحساب نسب العناصر الغذائية تبين أن الكالسيوم مثلا سيكون الأكثر تضررا، حيث يتوقع أن يحدث انخفاض في نسبته ما بين 15 و40% بحلول عام 2100 في النظم الغذائية لسكان تلك الدول، كما تشهد أوميغا 3 انخفاضا بنسبة تتراوح بين 5 و15% تقريبا.

وتشير الدراسة كذلك إلى أنه حتى مع محاولات الدول تعويض ذلك النقص عبر مزارع الأسماك، فإن التغير المناخي سيحد من فاعلية تلك الطريقة، لأنه يجعل البيئة بشكل عام غير مناسبة لمزارع الأسماك، فتصبح نسب الأمراض فيها أعلى، وتنخفض معدلات خصوبتها.

وفي هذا السياق، فإن الأمر نفسه سيصل إلى كل دول العالم، حيث يتوقع الباحثون أن ينخفض توافر المغذيات من مصادر المأكولات البحرية بنسبة تعادل ما بين 4 و7% مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة. لكن سبب انخفاض النسب في الدول الغنية هو أن هناك مصادر أخرى لتلك المغذيات.

ولنأخذ مثلا الكالسيوم على سبيل المثال، ففي الدول منخفضة الدخل التي تعتمد على الموارد الغذائية البحرية، فإن اللبن والجبن هي سلع نادرة، ويحصل المواطنون على حاجاتهم من الكالسيوم من الأسماك فقط، لكن في حالة الدول الغنية، فإن اللبن ومشتقاته متوفرة بكثرة.

المأكولات البحرية غنية بأوميغا 3 لكنها ستشهد انخفاضا بنسبة تتراوح بين 5 و15% بسبب تغير المناخ (بيكسابي) عالم متأرجح

وبحسب بيان صحفي رسمي صادر من جامعة "بريتش كولومبيا"، فإنه من الممكن خفض هذه النسب المعلنة في الدراسة إلى 10% تقريبا في الدول منخفضة الدخل إذا تمكن العالم من تحقيق أهداف اتفاق باريس المتمثلة في الحد من الاحتباس الحراري العالمي بما لا يتجاوز الدرجة والنصف إلى درجتين.

ولكن للأسف، فقد أظهرت التقارير البحثية الصادرة مؤخرا إلى أن البشرية ليست على المسار الصحيح لتحقيق تلك النسب. وفي ظل عدم وجود اتفاق دولي على الأمر واضطرابات سياسية عميقة نشأت في مناطق متفرقة حول العالم، مثل الصين والولايات المتحدة على سبيل المثال، والحرب في أوكرانيا، أو ما يحصل من حرب إسرائيلية على غزة مدعومة بشكل كامل من الولايات المتحدة، فإن ذلك يوحي بأننا لسنا حتى قريبين من تحقيق تلك الأهداف.

ويعد النشاط الإنساني سببا رئيسيا في الاحترار العالمي بحسب أكثر من 90% من الأعمال البحثية في هذا النطاق، إذ يستخدم البشر الوقود الأحفوري في مصانع ومحطات الطاقة والسيارات والطائرات وغيرها، مما يتسبب في أن تتخطى نسبة ثاني أكسيد الكربون حاجز 400 جزء من المليون، أي أكثر من ثلث ما كان موجودا قبل الثورة الصناعية.

وللأسف، فإن أقسى تأثيرات التغير المناخي من موجات حارة وموجات جفاف وتأثر شديد للنشاطات الزراعية وصولا إلى ما يأكله المواطن يوميا، تقع على دول عادة ما تكون منخفضة الدخل، ولا تسهم إلا بنزر يسير في الاحترار العالمي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المأکولات البحریة التغیر المناخی منخفضة الدخل فی الدول

إقرأ أيضاً:

مشروع تخرج «فاستبقوا الخيرات».. مبادرة شبابية لدعم التكافل الاجتماعي ومساعدة الأسر الفقيرة

أطلق مجموعة من طلاب الفرقة الرابعة بقسم العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام جامعة الأزهر مشروع تخرجهم تحت عنوان «فاستبقوا الخيرات»، وهو مبادرة تهدف إلى تعزيز قيم التكافل الاجتماعي من خلال تقديم المساعدات للأسر الفقيرة وتشجيع الشباب على العمل التطوعي، وذلك في إطار سعي الشباب إلى إحداث تغيير إيجابي في المجتمع.

ويهدف المشروع إلى توفير الدعم للأسر المحتاجة عبر تنظيم حملات تبرع وتوزيع المواد الأساسية، بالإضافة إلى إطلاق برامج تطوعية تستهدف إشراك الشباب في أنشطة خيرية تعزز روح التعاون والمسؤولية الاجتماعية.

وقد أعرب فريق العمل عن سعادتهم بالمشاركة في هذا المشروع، مؤكدين أن الفكرة جاءت من إيمانهم بضرورة تقديم العون للفئات الأكثر احتياجًا، وإحداث تغيير ملموس في حياة الآخرين. كما يأملون في أن تستمر المبادرة بعد تخرجهم، لتصبح نموذجًا يُحتذى به في دعم المجتمع.

ودعا القائمون على المشروع المؤسسات الخيرية ورجال الأعمال للمساهمة في دعم المبادرة، بما يضمن استمرارها وتوسيع نطاقها لخدمة أكبر عدد من الأسر المحتاجة.

يُذكر أن المشروع حظي بتفاعل إيجابي من قبل العديد من المتطوعين والمهتمين بالعمل الخيري، مما يعكس رغبة الشباب في إحداث تأثير إيجابي ومستدام في المجتمع.

اقرأ أيضاًروبوت لذوي الهمم.. مشروع تخرج للدفعة الأولي لطلاب الذكاء الاصطناعي بجامعة السادات

قصة حياة مريضة حروق.. مشروع تخرج بإعلام المنوفية

«الحصالة».. مشروع تخرج لطلاب إعلام حلوان لتقديم محتوى اقتصادي يفهمه المواطن البسيط

مقالات مشابهة

  • آخر تحديث لسعر الأسماك والمأكولات البحرية اليوم 14-3-2025
  • جدة.. تنافس شبابي عبر "الفود ترك" لتقديم أشهى المأكولات الرمضانية
  • تعليق الرحلات البحرية بين المغرب وإسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوية
  • خمس دول تقترب من الانسحاب من معاهدة مشتركة بسبب روسيا
  • خطة إعمار ودولة فلسطينية.. خبير: التغير بالموقف الأمريكي جعل نتنياهو لا ينام
  • ما بين تحدى الهيمنة الأمريكية وتعزيز أمن الممرات البحرية
  • أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم الخميس 13-3-20-25
  • الزكاة تدشن توزع 3 آلاف سلة غذائية للأسر الفقيرة في القريشية
  • مشروع تخرج «فاستبقوا الخيرات».. مبادرة شبابية لدعم التكافل الاجتماعي ومساعدة الأسر الفقيرة
  • هل هناك علاقة بين التغير المناخي والزلازل؟