سفير إسبانيا بالقاهرة: السينما الإيبيروأمريكية تتمتع بقبول كبير في مصر
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
قال سفير إسبانيا بالقاهرة، ألبارو إيرانثو، إن السينما أثبتت أنها مُحاور ثقافي استثنائي عبر التاريخ، حيث تجاوزت الحواجز اللغوية والحدود الوطنية، من أجل نقل القصص والعواطف والتجارب الإنسانية إلى الجماهير في جميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن الفن السابع لديه القدرة على ربط الأشخاص وتعزيز التفاهم المتبادل وتقدير الاختلافات والتشابهات بيننا.
وأوضح، خلال كلمته في افتتاح أسبوع السينما الإيبروأمريكية في دورته الحادية عشر بالقاهرة، ودورته الثالثة في الإسكندرية، أنه في هذا الصدد، تلعب السينما الإيبروأمريكية دورًا حاسمًا، لأنها تقدم تنوعًا غنيًا من الأصوات ووجهات النظر التي تثري البانوراما الثقافية العالمية، وتفتح الأبواب أمام عوالم وحقائق جديدة للمشاهد المصري.
وتابع أن أفلام هذه المنطقة (الإيبروأمريكية) تشتهر بإبداعها وأصالتها وعمق رواياتها، لافتا إلى أن الأفلام الإيبروأمريكية حصلت على اعتراف دولي من خلال المهرجانات الدولية الهامة، وهي حقيقة توضح قيمة هذه الأفلام وقدرتها على تحريك وإلهام الجماهير في جميع أنحاء العالم.
وأشار إلى أنه في ذلك السياق، لم يكن وليد الصدفة أن تظهر السينما العربية وتتطور بشكل ملحوظ في مصر، التي قامت بدورها بنقلها إلى بقية العالم العربي. ويكمن عنصر التميز الخاص بالسينما المصرية مثلها مثل السينما الإيبيروأمريكية، في أن كلاهما تطور بالتناغم مع تاريخ بلادها، ولا سيما وفقا لدورها التاريخي التي قامت به في التاريخ الحديث والمعاصر، بكل ما يشمل ذلك من بساطة وتعقيدات على الأصعدة الثقافية والسياسية.
ولفت إلى أنه من ناحية أخرى، تعد ثنائية اللغة سمة مميزة، وصفة تمثل هوية المجتمع الإيبروأمريكي، كما تعد تراثا مشتركا للدول الـ22 التي تتألف منها. ويمهد تقارب اللغتّين الإسبانية والبرتغالية للتفاهم المتبادل بين من يتحدثون اللغتّين، ويشكل أحد مفاتيح النجاح الذي قام عليه المجتمع الإيبروأمريكي، وهو مشروع يقوم، في آن واحد، على الحوار بين فضائّين إقليميّين: أمريكا اللاتينية وشبه الجزيرة الأيبيرية، وعلى التعايش بين لغتيهما الإسبانية والبرتغالية.
واستطرد أنه بمعنى أكثر شمولية، تعد اللغتان الإسبانية والبرتغالية لغتّين عالميتّين يتحدث بهما حاليًا أكثر من 850 مليون شخص وفقًا لبيانات اليونسكو. وتعد كلتا اللغتّين أيضًا كيانا ثقافيا ولغويا وإنسانيا غنيا ذو تواجد عالمي. ومن المؤكد أن قوة اللغات لا تقاس فقط بعدد الأشخاص الذين يتحدثونها، ولكن أيضًا بجودة وتنوع الأشكال الفنية المختلفة التي تستخدمها وتوسع من انتشارها، وأحد هذه الأشكال هي بلا شك السينما.
وأوضح أنه ستشارك هذا العام 13 دولة إيبروأمريكية في أسبوع السينما الإيبروأمريكية بمصر، وهي: (بوليفيا، كولومبيا، تشيلي، الإكوادور، إسبانيا، جواتيمالا، المكسيك، باراجواي، بنما، بيرو، البرتغال، جمهورية الدومينيكان وأوروجواي). ومن هذا المنطلق، سنتمكّن خلال شهر نوفمبر بأكمله تقريبًا، من الاستمتاع بفيلم إيبروأمريكي يوميًا في مصر: في القاهرة من 6 إلى 18 نوفمبر في سينما زاوية، وفي الإسكندرية من 19 نوفمبر إلى 1 ديسمبر في معهد ثيربانتس.
وقال إن السينما الإيبيروأمريكية تتمتع بقبول كبير في مصر، حيث يلتف كل من محبي السينما والدارسين والأساتذة سنويا حول هذا الحدث الذي يعد بمثابة جسر ثقافي هام بين مصر ومنطقة البلدان الإيبيروأمريكية.
ونوه بأن أسبوع الأفلام الإيبيروأمريكية يهدف إلى الترويج لتلك الأفلام من خلال الترجمة من الإسبانية إلى العربية أو الإنجليزية، وبالتالي تقريب المسافات بين الثقافتين من ناحية، ومن ناحية أخرى التواصل مع الجمهور وتعريفهم بالواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي الموجود بالمجتمعات الإيبيروأمريكية المختلفة.
واختتم قائلا إن "مجموعة الأفلام المختارة التي سيتم عرضها ابتداء من غد في هذا الحدث، من خلالها يمكننا تعزيز الروابط التي توحد أممنا"، متابعا: "السينما لغة عالمية تتجاوز الحدود، وتعزز الحوار الثقافي المثري".
ويبدأ أسبوع السينما الأيبيروأمريكية دورته الحادية عشر بالقاهرة يوم 6 نوفمبر الجاري ويستمر حتى 18 من نفس الشهر. بينما يقام الاحتفال بالدورة الثالثة لأسبوع السينما الأيبيريوأمريكية بالإسكندرية في معهد ثيربانتس خلال الفترة من 19 نوفمبر الجاري إلى 1 ديسمبر المقبل.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: البرتغال إسبانيا سفير إسبانيا السينما الأفلام أسبوع السینما فی مصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
الفن كوسيلة للاحتجاج.. أداة فعّالة للتعبير عن الغضب وتغيير الواقع
على مر العصور، كان الفن وسيلةً قوية للتعبير عن الأفكار والمشاعر، ولكنه تجاوز هذا الدور التقليدي ليصبح سلاحًا مؤثرًا في الحركات الاجتماعية والسياسية. الفن لم يعد مقتصرًا على الجماليات أو التعبير الفردي فقط، بل أصبح أداة احتجاج تحمل رسائل حادة، مثيرة للجدل، وتلعب دورًا محوريًا في تغيير الواقع. من الرسومات الجدارية إلى العروض المسرحية، ومن الموسيقى إلى الأفلام الوثائقية، استُخدم الفن كسلاح سلمي في مواجهة القمع، الظلم الاجتماعي، والتمييز.
الفن والاحتجاج الاجتماعي: كيف يُحدث الفرق؟الفن قادر على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية ليخاطب الجماهير بشكل مباشر وعاطفي. في حين أن الكلمات المكتوبة أو الخطابات قد تكون محدودة بتأثيرها، فإن الفن يستطيع اختراق النفوس وإثارة التساؤلات بشكل يصعب تجاهله. على سبيل المثال، عندما تكون هناك رقابة على وسائل الإعلام أو قيود على حرية التعبير، يظهر الفن في المساحات العامة، كالجدران أو الشوارع، ليحمل صرخات المحتجين.
أحد أبرز الأمثلة هو فن الجرافيتي، الذي وُلد في أزقة المدن ليصبح صوت المهمّشين. في سبعينيات القرن الماضي، استخدمت حركات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الفن لتسليط الضوء على قضايا العنصرية والتهميش. كان الفنانون السود، مثل كيث هارينغ وجان ميشيل باسكيات، يعبرون عن غضبهم من العنصرية من خلال رسومات تحمل رموزًا ومعاني عميقة.
الفن ضد الأنظمة القمعيةفي أماكن أخرى من العالم، واجه الفنانون أنظمة قمعية باستخدام أدوات بسيطة ولكن ذات أثر كبير. في أمريكا اللاتينية خلال فترة الديكتاتوريات العسكرية في السبعينيات والثمانينيات، ظهرت حركات فنية قوية مثل "فن المناديل البيضاء" في الأرجنتين، حيث كانت أمهات المفقودين يرتدين مناديل بيضاء ويعبرن عن معاناتهن برسائل فنية صامتة في الساحات العامة. كانت تلك المناديل رمزًا للمقاومة السلمية ضد اختفاء أبنائهن على يد الأنظمة القمعية.
وفي العالم العربي، شكّل الربيع العربي لحظة فارقة في استخدام الفن كوسيلة احتجاجية. فقد انتشرت الأغاني الثورية، مثل أغنية "إرحل" التونسية التي غناها المطرب الشاب حمادة بن عمر (الجنرال)، والتي أصبحت صوت الاحتجاجات في الشوارع. كما لعب فن الشارع دورًا محوريًا، حيث امتلأت الجدران برسومات تعبر عن الغضب والأمل في نفس الوقت، مثل رسومات الفنان المصري المعروف باسم "علاء عوض" التي أصبحت رمزًا للاحتجاج ضد الفساد.
الأفلام والمسرح: سلاح سلمي ذو تأثير عميقلم يقتصر الاحتجاج الفني على الشوارع، بل امتد إلى المسرح والسينما. في جنوب إفريقيا، خلال نظام الفصل العنصري، استخدم الكاتب المسرحي أثول فوغارد المسرح لتعرية الظلم الاجتماعي من خلال عروض تفاعل معها الجمهور بقوة. كما لعبت الأفلام الوثائقية دورًا كبيرًا، مثل فيلم "13th" للمخرجة آفا دوفيرناي، الذي يسلط الضوء على العنصرية الممنهجة في النظام القانوني الأمريكي.
الجدل حول الفن الاحتجاجي: حرية تعبير أم تهديد للنظام؟
رغم قوة الفن كوسيلة احتجاج، فإنه يثير الجدل حول حدود حرية التعبير. هناك من يرى أن هذا النوع من الفن يشعل التوترات الاجتماعية أو يهدد استقرار الأنظمة. في المقابل، يجادل المدافعون بأن الفن الاحتجاجي هو جزء من الحق الإنساني في التعبير، ويعتبرونه شكلًا سلميًا وضروريًا لمواجهة الظلم.
في الوقت الذي يحاول فيه بعض الأنظمة قمع الفنانين أو تجريم أعمالهم، يظهر التاريخ أن القمع غالبًا ما يزيد من إصرار الفنانين على الإبداع والتعبير. وهكذا، يبقى الفن أداة احتجاج لا يمكن إيقافها، وجسرًا يربط بين الأجيال والمجتمعات، حاملًا صوت المهمشين ودعوات التغيير.
في النهاية، يبقى السؤال: هل سيظل الفن وسيلة سلمية للتعبير عن القضايا العادلة، أم أنه سيتحول إلى ساحة مواجهة مع القوى المسيطرة؟ الإجابة على هذا السؤال متروكة للجماهير، وللفنانين أنفسهم، الذين أثبتوا مرارًا أن أصواتهم لا يمكن إسكاتها.