كثيرا ما يتغنى عديدٌ منا متباهيين بانجاز شعبنا ثلاث ثورات شعبية سلمية أطاحت بثلاثة أنظمة عسكرية باغية. لكن ما من أحد يتخطى ذلك التباهي بالإنجاز الفريد .بل الجميع يجفل عن حقيقة أكثر رسوخا و أشد إيلاما من بواعث ذلك التفاخر. فإهدار ثلاث ثورات ،كل جديدة أعظم من سابقتها، حقيقة أبقى تجذراً في التاريخ كما هي على الأرض.
*****
البعض يحمّل الأحزاب أوزار الإنقلابات العسكرية من منطلق تحريضها الضباط على تنفيذ إنقلابات ضد السلطات المدنية. هؤلا يعترفون بالإنقلاب جريمة لكنهم يستهدفون تجريم الأحزاب أكثر من تبرئة العسكر . فالضباط أناس لهم رؤى سياسية وانتماءات وطنية. ليسوا آنية فخارية جوفاء. لذلك يصيبهم ما يصيب أفراد الشعب من أفكار أو أضرار. في البلاد حيث يتم الفصل بين العسكر والسياسة تنهض كل منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة بأعبائها كما ينبغي. هناك أقطار تهيمن المؤسسة العسكرية على مفاتيح اللعبة السياسية فيها لكن قياداتها لا تظهر على خشبة المسرح السياسي إذ تكتفي بالمراقبة أو إدارة اللعبة من خلف الكواليس. حين تنزلق أقدام اللاعبين على المسرح أو خلف الكواليس تجأر منظمات المجتمع المدني أو مؤسسات الدولة ،بما فيها العسكرية أحيانا ، بالاحتجاج.
*****
العمل السياسي الوطني الدءوب كشجرة الزيتون ، لا تنمو سريعا لكنها تعمّر طويلا. غالبية نخبنا السياسية والعسكرية مسكونة بفيروسات مميتة ،ليس أوهنها التعجل كما ليس أشرسها شهوة السلطة. فعلى الرغم من البقاء طويلا فيما أسماه غير قليل ب(الدائرة الشريرة)، لم تعلّم التجربة نخبنا المتصارعة على النفوذ والثروة أنه من الأجدى انتهاج أداء مبهر طالما آمنوا بعظمة إنجازهم بغض النظر عمّا أذا جاء الانجاز فوزا سياسيا أو إنقلابا عسكريا . فالقائد الناجح هو من يتبع سبل النجاح أو يبتدعها حينما لا تكون مرسومةً أمامه. فالحكمة هي معرفة ما ينبغي فعله والمهارة هي معرفة كيفية فعله والنجاح هو إنجازه. ربما تتوافق هذه الرؤية مع المقولة الشيوعية المتداولة(لا ثورة دون نظرية ثورية).لكن ذلك ما حققه رجال من خارج الكوكب الشيوعي من طراز المصري مصطفى كامل ، الباكستاني محمد علي جناح، الغاني كوامي نكروما والتننزاني يوليس نايريري.
*****
نحن عند منعطفنا التاريخي الراهن نفتقد رجالا من ذلك الطراز مثلما نفتقد الرؤى الناضجة.حالنا أقرب إلى مقولة الراحل محمد احمد المحجوب (ورثة ماضٍ مجيد وسدنة حاضر مظلم وخُطّاب مستقبل مجهول).لم يملك أفضلنا قدرة على التنوير منطقا متماسكا وبراعة في التعبير ليقنع الغالبية من بنات وأبناء الشعب ان قيادات الأُطر التقليدية في المؤسسة العسكرية والأحزاب السياسية الحالية ليست مؤهلة بالكفاية اللازمة لمواكبة التطورات المتلاحقة على خارطة الوطن. نعم ثمة حلقات نور متناثرة ربما تجمع بين سياسيين، بينهم كتاب وربما مفكرون، لكن الرابط بينهم أقرب إلى وشائج الصداقة من وحدة الفكر أو البرنامج السياسي.
*****
علينا الاعتراف بأن بين هؤلاء من أدرك حقيقة ان الوطن برمته يعايش تجربة مخاض عسيرة.لكن عليهم هم الاعتراف كذلك أن بينهم من لا يستهدف فقط إخراج الشعب من ذلك المأزق بغية تحقيق انجاز وطني أو على الأقل إرضاء الشعب .بل يستهدف في المقام الأول إنتزاع مكاسب أو على الأقل نيل مكافاءات. رغم اتفاق العديد منهم على تحديد طرفي الحرب المدمرة إلا أنهم لم يبلغوا مرحلة اليقين في كيفية إطفاء نار الحرب أو على الأقل إحتواء ألسنة لهيبها. أسوأ من ذلك أمسوا أكثر انقساما في الرهان على أحد الفيلقين المتصارعين بالنار على بلوغ الخروج من تحت أنقاض الكارثة الوطنية.
*****
لعل هذا الرهان في حد ذاته يعكس مدى الغفلة.فاذا اتفقنا جميعا على إدانة طرفي الحرب بالهمجية أو العجز .فما من عاصمة تتعرض لمثل هذه الاستباحة الفاجرة على ايدي أبناء الوطن كما الخرطوم .كما نجمع على تجريم طرفي الحرب القذرة بانتهاك حقوق الاطفال والصبايا وحقوق المهجرين قسرا من بيوتهم المستلبة وتدمير بنى الدولة. فمن العوز الفكري في الحالتين الاستعانة بظالم على ظالم. فرجال الإطفاء لا يكافحون النار بالنار كما قال شكسبير. هكذا يضيف الظالمان المتقاتلان ضحية إضافية إلى ضحاياهم من نخبنا دون قتال ! المنتصر والمهزوم ومن يناصرهما في هذه الحرب المنتنة إلى الدرك الأسفل من التاريخ لا محالة .
*****
مع ذلك ليس هراءٌ ملفق كلما جاء في خطاب حميدتي الأخير بغض النظر عن حقيقة حياته أو مماته. حتى عند إثبات كثير من إعادة تدوير الكلام . فالواقع العسكري على الأرض يثبت انتشار تواجد مقاتليه في الغرب كما في الخرطوم .لكن هذه الغلبة لا تفوضه الاصرار على التباهي بالجهل حد المساواة بين (العمارة والقطية)على نحو يمنحه حق حرق الاثنتين معا و حق اقناعنا بذلك . فللقطية كساؤها الإنساني كما للعمارة بالإضافة إى ذلك كسبها التاريخي - الحضاري .لعل أبرز أعمدة ذلك الكسب جهد التحصيل العلمي والكد الإقتصادي و عرق السنين .
aloomar@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
علي الشامل يكشف حقيقة خلافه مع محمد رمضان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعرب الفنان علي الشامل، عن سعادته الكبيرة بالنجاح الذي حققه خلال موسم دراما رمضان 2025، من خلال مشاركته في عدة أعمال مميزة، أبرزها مسلسل “فهد البطل”، والذي جسد فيه شخصية "عبود" إلى جانب النجوم أحمد العوضي وأحمد عبد العزيز.
أحمد عبد العزيز امتداد لرموز الفن الصعيديواعتبر “الشامل"، خلال تصريحات تلفزيونية، وجود الفنان الكبير أحمد عبد العزيز أحد العوامل الأساسية لنجاح مسلسل ”فهد البطل"، واصفاً إياه بـ"مايسترو الأدوار الصعيدية"، مؤكدًا أنه امتداد لرموز الفن الصعيدي مثل حمدي غيث وعبدالله غيث.
وتحدث عن أجواء التصوير مع الفنان أحمد العوضي، مشيداً بقدرته على خلق حالة من الحماس والبهجة داخل موقع التصوير، مما انعكس بشكل إيجابي على جميع المشاركين، متوجهًا بالشكر للمؤلف محمود حمدان، والمخرج محمد عبدالسلام، بالإضافة إلى الجهة المنتجة بقيادة يحيى ممدوح ومحمد سمير.
وأوضح أن تعاونه مع الفنان أحمد العوضي لم يكن الأول، بل بدأ في مسلسل “الاختيار”، مروراً بـ"ضرب نار"، و"حق عرب"، وصولاً إلى “فهد البطل”، مشيرًا إلى أن مشاركته في مسلسلي جوما ومنتهي الصلاحية في الموسم نفسه، حيث قدم شخصيات مختلفة أبرزت تنوعه الفني.
وعن مسلسل “منتهي الصلاحية”، سلط الضوء على أهمية القضايا التي طرحها العمل، لا سيما قضية المراهنات الإلكترونية، واصفاً إياها بـ"القنبلة الموقوتة"، مثمناً أجواء الاحتراف التي جمعت طاقم العمل بقيادة النجم محمد فراج.
ما حدث أثناء تصوير مسلسل “زلزال” كان سوء تفاهم حول حذف بعض المشاهدونفى وجود أي خلاف مع الفنان محمد رمضان، موضحًا أن ما حدث أثناء تصوير مسلسل “زلزال” كان سوء تفاهم حول حذف بعض المشاهد، وقال: "لم يكن بيننا أي خلاف شخصي، بل ألوم عليه فقط لعدم تدخله في حل الأزمة"، مشيراً في الوقت نفسه إلى سعادته بالعمل معه لاحقاً في مسلسل “موسى”، الذي اعتبره من أبرز الأعمال في السنوات الأخيرة.
وكشف عن مشاركته القادمة في فيلم “أحمد وأحمد” إلى جانب أحمد السقا وأحمد فهمي، من إخراج أحمد نادر جلال، كما يستعد لتصوير مسلسل ظروف غامضة مع أمير كرارة، والمقرر عرضه خارج الموسم الرمضاني.
.https://www.facebook.com/share/v/18zDhYNKJZ/