سودانايل:
2024-11-26@02:08:52 GMT

بؤس الرؤى

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

كثيرا ما يتغنى عديدٌ منا متباهيين بانجاز شعبنا ثلاث ثورات شعبية سلمية أطاحت بثلاثة أنظمة عسكرية باغية. لكن ما من أحد يتخطى ذلك التباهي بالإنجاز الفريد .بل الجميع يجفل عن حقيقة أكثر رسوخا و أشد إيلاما من بواعث ذلك التفاخر. فإهدار ثلاث ثورات ،كل جديدة أعظم من سابقتها، حقيقة أبقى تجذراً في التاريخ كما هي على الأرض.

فالإنفجارات الشعبية بفعل تراكمات ضغوط الأنظمة الدكتاتورية ظاهرة متوالية عبر التاريخ لكن إعادة إنتاج الخيبات الشعبية الناجمة عن اجهاض ثلاث ثورات عارمة يشكل هدراً وطنيا ماحقا يوجب التقصي بديلا عن التغني ، بغية استخلاص الدروس والعبر. عقب كل ثورة نتواطأ عليها بالمحاصصة ثم نجهز عليها ب( عنف البادية). كثيرا ما يحاجج العديد دفاعاً عن الأحزاب بأن الديمقراطية تجربة لا تكتمل في غياب الاحزاب.هذه معادلة عرجاء. فالديمقراطية لاتبني أحزابا بل الأحزاب المعافاة ديمقراطيا هي بانية التجارب الديمقراطية المتكاملة.
*****

البعض يحمّل الأحزاب أوزار الإنقلابات العسكرية من منطلق تحريضها الضباط على تنفيذ إنقلابات ضد السلطات المدنية. هؤلا يعترفون بالإنقلاب جريمة لكنهم يستهدفون تجريم الأحزاب أكثر من تبرئة العسكر . فالضباط أناس لهم رؤى سياسية وانتماءات وطنية. ليسوا آنية فخارية جوفاء. لذلك يصيبهم ما يصيب أفراد الشعب من أفكار أو أضرار. في البلاد حيث يتم الفصل بين العسكر والسياسة تنهض كل منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة بأعبائها كما ينبغي. هناك أقطار تهيمن المؤسسة العسكرية على مفاتيح اللعبة السياسية فيها لكن قياداتها لا تظهر على خشبة المسرح السياسي إذ تكتفي بالمراقبة أو إدارة اللعبة من خلف الكواليس. حين تنزلق أقدام اللاعبين على المسرح أو خلف الكواليس تجأر منظمات المجتمع المدني أو مؤسسات الدولة ،بما فيها العسكرية أحيانا ، بالاحتجاج.
*****
العمل السياسي الوطني الدءوب كشجرة الزيتون ، لا تنمو سريعا لكنها تعمّر طويلا. غالبية نخبنا السياسية والعسكرية مسكونة بفيروسات مميتة ،ليس أوهنها التعجل كما ليس أشرسها شهوة السلطة. فعلى الرغم من البقاء طويلا فيما أسماه غير قليل ب(الدائرة الشريرة)، لم تعلّم التجربة نخبنا المتصارعة على النفوذ والثروة أنه من الأجدى انتهاج أداء مبهر طالما آمنوا بعظمة إنجازهم بغض النظر عمّا أذا جاء الانجاز فوزا سياسيا أو إنقلابا عسكريا . فالقائد الناجح هو من يتبع سبل النجاح أو يبتدعها حينما لا تكون مرسومةً أمامه. فالحكمة هي معرفة ما ينبغي فعله والمهارة هي معرفة كيفية فعله والنجاح هو إنجازه. ربما تتوافق هذه الرؤية مع المقولة الشيوعية المتداولة(لا ثورة دون نظرية ثورية).لكن ذلك ما حققه رجال من خارج الكوكب الشيوعي من طراز المصري مصطفى كامل ، الباكستاني محمد علي جناح، الغاني كوامي نكروما والتننزاني يوليس نايريري.
*****

نحن عند منعطفنا التاريخي الراهن نفتقد رجالا من ذلك الطراز مثلما نفتقد الرؤى الناضجة.حالنا أقرب إلى مقولة الراحل محمد احمد المحجوب (ورثة ماضٍ مجيد وسدنة حاضر مظلم وخُطّاب مستقبل مجهول).لم يملك أفضلنا قدرة على التنوير منطقا متماسكا وبراعة في التعبير ليقنع الغالبية من بنات وأبناء الشعب ان قيادات الأُطر التقليدية في المؤسسة العسكرية والأحزاب السياسية الحالية ليست مؤهلة بالكفاية اللازمة لمواكبة التطورات المتلاحقة على خارطة الوطن. نعم ثمة حلقات نور متناثرة ربما تجمع بين سياسيين، بينهم كتاب وربما مفكرون، لكن الرابط بينهم أقرب إلى وشائج الصداقة من وحدة الفكر أو البرنامج السياسي.
*****

علينا الاعتراف بأن بين هؤلاء من أدرك حقيقة ان الوطن برمته يعايش تجربة مخاض عسيرة.لكن عليهم هم الاعتراف كذلك أن بينهم من لا يستهدف فقط إخراج الشعب من ذلك المأزق بغية تحقيق انجاز وطني أو على الأقل إرضاء الشعب .بل يستهدف في المقام الأول إنتزاع مكاسب أو على الأقل نيل مكافاءات. رغم اتفاق العديد منهم على تحديد طرفي الحرب المدمرة إلا أنهم لم يبلغوا مرحلة اليقين في كيفية إطفاء نار الحرب أو على الأقل إحتواء ألسنة لهيبها. أسوأ من ذلك أمسوا أكثر انقساما في الرهان على أحد الفيلقين المتصارعين بالنار على بلوغ الخروج من تحت أنقاض الكارثة الوطنية.
*****

لعل هذا الرهان في حد ذاته يعكس مدى الغفلة.فاذا اتفقنا جميعا على إدانة طرفي الحرب بالهمجية أو العجز .فما من عاصمة تتعرض لمثل هذه الاستباحة الفاجرة على ايدي أبناء الوطن كما الخرطوم .كما نجمع على تجريم طرفي الحرب القذرة بانتهاك حقوق الاطفال والصبايا وحقوق المهجرين قسرا من بيوتهم المستلبة وتدمير بنى الدولة. فمن العوز الفكري في الحالتين الاستعانة بظالم على ظالم. فرجال الإطفاء لا يكافحون النار بالنار كما قال شكسبير. هكذا يضيف الظالمان المتقاتلان ضحية إضافية إلى ضحاياهم من نخبنا دون قتال ! المنتصر والمهزوم ومن يناصرهما في هذه الحرب المنتنة إلى الدرك الأسفل من التاريخ لا محالة .
*****

مع ذلك ليس هراءٌ ملفق كلما جاء في خطاب حميدتي الأخير بغض النظر عن حقيقة حياته أو مماته. حتى عند إثبات كثير من إعادة تدوير الكلام . فالواقع العسكري على الأرض يثبت انتشار تواجد مقاتليه في الغرب كما في الخرطوم .لكن هذه الغلبة لا تفوضه الاصرار على التباهي بالجهل حد المساواة بين (العمارة والقطية)على نحو يمنحه حق حرق الاثنتين معا و حق اقناعنا بذلك . فللقطية كساؤها الإنساني كما للعمارة بالإضافة إى ذلك كسبها التاريخي - الحضاري .لعل أبرز أعمدة ذلك الكسب جهد التحصيل العلمي والكد الإقتصادي و عرق السنين .

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

حقيقة انتقال علي معلول إلى فاركو

حسم المدير الفني لفريق الكرة الأول بنادي فاركو المصري أحمد خطاب الأنباء التي أشارت إلى اقترابه من التعاقد مع النجم علي معلول.

تحدث خطاب إلى قناة إم بي سي مصر عن حقيقة المفاوضات مع علي معلول نجم النادي الأهلي للانتقال إلى صفوف الفريق السكندري في موسم الانتقالات الشتوية المقبلة.

أحمد خطاب المدير الفني لفاركو يحسم الجدل.. هل طلب فاركو التعاقد مع معلول من الأهلي؟ ومن هو اللاعب الذي طلبه الزمالك في يناير؟

شاهدوا #اللعيب على #MBCMASR من الثلاثاء إلى الجمعة 12م بتوقيت القاهرة من هنا https://t.co/StD4kGX5VV pic.twitter.com/KMfh3VK4E4

— MBC مصر (@mbcmasr) November 22, 2024
وأوضح: "سمعت بالأخبار المنتشرة حول مفاوضات فاركو مع علي معلول للحصول على خدماته، ولكن هذا الكلام ليس له أي أساس من الصحة".
وتابع: "علي معلول لاعب كبير وأي فريق يتشرف أنه يضم لاعب مثله ويصبح ضمن صفوفه، ولكن هذا لم يحدث ولم نتواصل مع أحد من إدارة النادي الأهلي أو حتى مع اللاعب".
واختتم: "عندي قناعة تامة أن علي معلول سيظل متواجداً في الأهلي، والفريق في حاجة إليه في حال حدوث أمور مغايرة فأنا بتشرف أنه يكون لدي لاعب مثل معلول".

مقالات مشابهة

  • البرهان: الحرب أنهكت الشعب ولا بد من مواصلتها!
  • البرهان: الحرب أنهكت الشعب ولا بد من مواصلتها !!
  • حقيقة زيادة أسعار كروت الشحن
  • مساعد وزيرة التضامن: لقاءات مع مديري المديريات لتوحيد الرؤى والرسائل 
  • ما حقيقة انتقال رونالدو إلى فنربخشة؟.. مورينيو يعلّق
  • سلسلة المخازي
  • من يوقف الحرب وكيف
  • جلسة مرتقبة للبرلمان السويسري للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني
  • نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على شعبنا
  • حقيقة انتقال علي معلول إلى فاركو