سودانايل:
2025-05-05@21:41:57 GMT

مفاوضات جدة: ضرورة تجاوز اتفاق مايو

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

التسريبات التي تخرج من مفاوضات جدة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» محدودة جداً، ويبدو أن الوسيطين السعودي والأميركي، ومن انضم إليهما من المنظمات الإقليمية، قد نجحوا في فرض حالة من التعتيم والكتمان على مجريات التفاوض، كما فرض الوسطاء ناطقاً رسمياً باسم المفاوضات، وأقفلوا الباب بالتالي أمام التصريحات المتبادلة بين الطرفين، والتي كانت تقدم أحياناً تصريحات متناقضة بهدف تجيير النتائج لمصلحة أحد الطرفين.



هذا التكتم، مع استمرار التفاوض من دون معوقات أو تهديدات بالانسحاب، وغيرها من تكتيكات تقويض العملية التفاوضية، يقوي من الأمل باحتمالات التوصل لاتفاقات مُرضية يمكن أن توقف الحرب في السودان.

لا يجادل أحد في صعوبة المهمة، ولا في التعقيدات المحيطة بملف الحرب في السودان؛ لذلك فإن غاية ما يتطلع له السودانيون من هذه الجولة هو الاتفاق على وقف طويل لإطلاق النار، والفصل بين القوات، وتجميعها في معسكرات بعيدة عن المواقع المدنية. ولو نجحت الجولة الحالية من التفاوض في وقف الحرب، فإنها ستفتح الباب أمام مناقشة بقية التفاصيل في جولات لاحقة.

لم يكن سهلاً على الجيش السوداني الإعلان عن عودته لطاولة المفاوضات بعد التعبئة الطويلة ضد التفاوض وتوصيفه بالخيانة الوطنية، لذلك فقد ركز الإعلام الموالي للجيش على أن غرض التفاوض هو فقط إلزام قوات «الدعم السريع» بتطبيق اتفاق 11 مايو (أيار) لحماية المدنيين، الذي سبق التوقيع عليه، ثم لم يتم الالتزام به. والحقيقة أن سقف هذا الاتفاق منخفض جداً، ولا يمكن أن تعود المفاوضات بعد توقف خمسة أشهر لتقف عند نقطة ذلك الاتفاق.

هذا الاتفاق، كما يحدد اسمه، كان هدفه حماية المدنيين أثناء الحرب، لذلك فإن كل بنوده كانت متعلقة بوضع المدنيين والمنشآت المدنية ومراكز الخدمات في مواقع القتال، ولم يتوصل وقتها لوقف الحرب بشكل كامل ولا حتى وقف إطلاق النار لفترة زمنية.

ينص الاتفاق على أن مصالح وسلامة الشعب السوداني هي الأولويات الرئيسية، وتأكيد الالتزام بضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات، في حين يتحدث البند الثاني عن مسؤولية الطرفين عن احترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان… «بما في ذلك الالتزام بالتمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين، واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، ما يهدف إلى إخلاء المراكز الحضرية بما فيها مساكن المدنيين، فعلى سبيل المثال لا ينبغي استخدام المدنيين دروعاً بشرية». كما تحدث عن «الالتزام بحماية المستشفيات والمراكز الطبية وسيارات الإسعاف، ومراكز الخدمات مثل الماء والكهرباء».

وأكد الاتفاق على ضرورة الامتناع عن أي شكل من أشكال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بما في ذلك العنف الجنسي بجميع أنواعه. ومعاملة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم بطريقة إنسانية، وتمكين المنظمات الإنسانية الرئيسية من الوصول المنتظم إلى الأشخاص المحتجزين.

وفي نقطة أخرى، أكد على السماح باستئناف العمليات الإنسانية الأساسية وحماية العاملين والأصول في المجال الإنساني، وضمان حرية حركة العاملين في هذا المجال، وعدم التدخل في أنشطة العمل الإنساني. وحدد بند آخر تعيين نقاط اتصال للتعامل مع الجهات الفاعلة الإنسانية لتسهيل أنشطتها، وحدد بالاسم الهلال الأحمر السوداني والصليب الأحمر الدولي.

وختم الاتفاق بنقطة تتحدث عن إعطاء الأولوية للمناقشات الهادفة لوقف إطلاق النار لمدة قصيرة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وهو ما لم يحدث، ومن ثم أعلن الوسطاء تعليق التفاوض لعدم جدية الطرفين.

هذا الاتفاق، كما هو واضح، نتاج مفاوضات الشهر الأول للحرب، ولذلك كان منخفض السقف، وغاية طموحه تنظيم عملية الحرب ومحاولة إلزام أطرافها بآداب وأخلاقيات الحرب المنصوص عليها في القانون الدولي، وتوفير نوع من الحماية للمدنيين. هذا السقف لا يناسب الوضع الحالي الذي انتشرت فيه الحرب في معظم ولايات السودان، مع استطالة أمد الحرب وتفاقم الأوضاع المأساوية للنازحين واللاجئين، وتحويل العاصمة إلى مدينة أشباح.

السقف الحالي الذي يتطلع إليه السودانيون هو وقف إطلاق نار طويل المدى تتزامن معه إعادة توزيع القوات العسكرية بشكل يبعدها عن المناطق المدنية، هذا هو أقل ما يمكن أن يقنع المواطنين المدنيين بجدوى عملية التفاوض، وإمكانية الوصول في المراحل المقبلة لمداخل حل سياسي ينقل السودان لمرحلة جديدة.  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

بدء تنفيذ اتفاق “دمشق والدروز”، من يسيطر على جنوب سوريا عسكرياً؟

دخل اتفاق المصالحة بين السلطة الانتقالية وأهالي محافظة السويداء، ذات الأغلبية الدرزية جنوبي سوريا، حيز التنفيذ، بحسب تقارير إعلامية، مع التزام قوات دمشق بعدم التواجد داخل المحافظة.

وانتشرت قوات من الأمن الداخلي والشرطة القضائية من السويداء في المناطق التي شهدت الاشتباكات، وتسلَّم المحافظ مصطفى البكور السيطرة الأمنية، وفقاً للتقارير.

وتضمن الاتفاق، الذي أنهى مؤخراً اشتباكات مسلحة بين قوات تابعة للسلطة الانتقالية وأهالي المنطقة من الدروز، تفعيل قوى الأمن الداخلي والضابطة العدلية من أبناء المحافظة، ورفع الحصار عن مناطق ذات أغلبية درزية في ريف دمشق، وتأمين طريق دمشق السويداء، وعودة محافظ السويداء مصطفى بكور إلى مقر عمله بعد غيابه القسري.

ونص الاتفاق أيضاً على حصر السلاح في يد مؤسسات الدولة، وتسليم السلاح الفردي غير المرخص لـ”ترسيخ الاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها، فضلاً عن انتشار قوات من وزارة الدفاع على أطراف المدينة لتأمينها”.

وبموجب الاتفاق تتولي قوات محلية من السويداء تأمين المحافظة داخلياً، في حين ستظل قوات السلطة الانتقالية على أطرافها، ولن تنتشر في المناطق الجنوبية.

وأطلقت وزارة الداخلية ومديرية المنطقة في مدينة داريا اليوم سراح 22 شخصاً تم توقيفهم خلال الأحداث الأخيرة التي وقعت في بلدتي صحنايا وأشرفية صحنايا، بمحافظة ريف دمشق خلال الأيام الماضية “ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء” بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية سانا.

تأتي هذه التطورات بعد أيام من عقد زعماء الدروز السوريين اجتماعاً مع الفصائل المحلية في السويداء، في أعقاب اشتباكات دامية في المناطق ذات الأغلبية الدرزية بالقرب من العاصمة دمشق وفي السويداء، الأسبوع الماضي.

وكانت إسرائيل قد دخلت على خط الأزمة، وقصفت بالطيران محيط القصر الرئاسي في العاصمة دمشق، يوم الخميس، كرسالة تحذيرية للحكومة السورية من المساس بالدروز.

وكلّف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في اجتماع أمني، مساء الجمعة، الجيش الإسرائيلي بتحديد أهداف عسكرية وإدارية جديدة في سوريا ضمن توجه تصعيدي بدعوى “منع التعرض للطائفة الدرزية، ومنع انتشار القوات السورية في الجنوب”.

وردّ زعماء الطائفة الدرزية في سوريا، بإعلان “رفضهم التقسيم أو الانسلاخ أو الانفصال”، وقالوا في بيان مشيخة عقل طائفة الدروز، يوم الخميس: “نؤكد على مواقفنا الوطنية الثابتة ومبادئنا الوطنية العروبية وهويتنا السورية وقيمنا الإسلامية”.

تعديل الاتفاق Getty Imagesالاتفاق يقضي بوجود القوات الحكومية خارج محافظة السويداء وقيام أبناء المحافظة بتأمينها داخلياً

وتوصلت سلطات دمشق الخميس، إلى اتفاق مع وجهاء مدينة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية على تسليم السلاح الثقيل بشكل فوري وزيادة انتشار قوات الأمن بالمدينة، لكن تم تعديل الاتفاق في وقت لاحق مع عدم السماح بدخول قوات السلطة الانتقالية إلى المدينة.

كما يأتي ذلك في أعقاب موافقة قوة الأمن العام السوري الأسبوع الماضي على دمج 700 مقاتل من الفصائل في السويداء في صفوفها.

وقال محافظ السويداء في سوريا، مصطفى البكور، السبت، إنّ الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع وجهاء الطائفة الدرزية ما زال سارياً وستُطَبَّقُ بنوده تباعاً، مشيراً إلى إدخال “تعديلات طفيفة”.

وكانت الرئاسة الروحية للطائفة و”مشيخة العقل” قد أعلنا في بيانات رسمية، تمسكهما بضرورة “منع دخول أي قوات من خارج المحافظة”.

وقال المحافظ البكور لوكالة الأنباء السورية (سانا): “حدثت بعض التعديلات الطفيفة على الاتفاق نزولاً عند طلبات بعض الأطراف تسهيلاً وتسريعاً لعملية إعادة الأمن والاستقرار لمحافظة السويداء”.

وأوضح: “الطائفة الدرزية جزء من النسيج المجتمعي السوري الأصيل، وتابعنا جميعاً بيان مشايخ العقل الذي يرفضون فيه التدخل الخارجي، والتأكيد على حل المشكلات داخلياً بين أبناء سوريا”.

من جانبها قالت الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز، إنها تؤكد على مخرجات الاجتماع بحضور الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي للطائفة، وشيخي العقل يوسف جربوع وحمود الحناوي، والأمير حسن الأطرش، والأمير يحيى عامر، وعاطف هنيدي، ووسيم عز الدين، وممثلين عن الفصائل العسكرية من دمشق.

وأضافت في بيانها، أنها تؤكد على البنود الخمسة الأساسية في الاتفاق و”اعتبار أي إعلان يخالف هذه البنود إعلاناً أحادي الجانب”.

من جانبه أدان اتحاد الصحفيين السوريين الهجوم على مجموعة من الصحفيين أثناء وجودهم في المحافظة الأحد لتغطية بدء الانتشار، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية سانا.

مقالات مشابهة

  • بدء تنفيذ اتفاق “دمشق والدروز”، من يسيطر على جنوب سوريا عسكرياً؟
  • هل هناك عاقل يرى أن الحرب على السودان يقودها (قُجَّة) وعثمان عمليات وعبد الرحيم دقلو
  • ناطق باسم الاتحاد الأوروبي: الاتحاد يشعر بالقلق إزاء خطة إسرائيل في قطاع غزة ويحثها على ضبط النفس
  • مفاوضات ثلاثية بين طهران وواشنطن ونتنياهو خلف الستار| تقرير خاص
  • شددت على ضرورة حماية المدنيين.. السعودية: استهداف المرافق الحيوية بالسودان يهدد الاستقرار الإقليمي
  • بدء تنفيذ اتفاق دمشق والسويداء.. والبداية من قرية الصورة
  • مفاوضات أميركا وإيران: ماذا قيل في الغرف المغلقة؟
  • اتفاق السويداء في سوريا : خارطة طريق من 5 بنود تنقذ الجنوب السوري
  • طوكيو تشترط مراجعة الرسوم الجمركية قبل الاتفاق مع واشنطن
  • معزب: أيادٍ خفية وراء مراسيم الرئاسي في وقت يعاني اثنان من أعضائه ظروفاً صحية