تغير المناخ يفاجئ العالم باكتشافات أثرية تاريخية .. ما أبرزها؟
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
كشف الجفاف في منطقة الأمازون عن نقوش تعود إلى عصور ما قبل التاريخ تشبه الرموز التعبيرية
لا تجلب ظاهرة تغير المناخ أي تأثير إيجابي معها. ولكن يبدو أن علم الآثار يستفيد على الأقل من هذه التغيرات، من خلال ذوبان الأنهار الجليدية مثلا، والتراجع الكبير للتربة الصقيعية، وجفاف الأنهار والبحيرات. وفي السنوات الأخيرة، تم العثور على المزيد من الاكتشافات الأثرية التي كانت محفوظة وسط الجليد لعدة قرون، محمية من أعين المتطفلين، ومن التدمير أو عمليات النهب.
غير أن ارتفاع درجات حرارة الهواء والماء في العقود القليلة الماضية كان له تأثير كبير على هذه الاكتشافات. إذ أن ما كان محمياً في مناخ بارد ورطب لآلاف السنين أصبح الآن معرضاً لخطر التلف خلال وقت قصير نتيجة لتغير المناخ.
الجليد يخفي الكنوز
حافظ الجليد بشكل طبيعي على اكتشافات مثيرة للأجيال القادمة، وأبرزها أشهر مومياء لرجل العصر الحجري "أوتزي"، الذي تم اكتشافه في عام 1991. وبفضل حالة الحفظ الممتازة للمومياء، يمكن للباحثين أن يفهموا بمنتهى الدقة ظروف عيش رجل الجليد في جبال الألب بين إيطاليا والنمسا منذ حوالي 5300 عام. ومازال علم الآثار يعثر في الجبال العالية على أدلة على أحداث ماضية.
يعتقد أن مومياء رجل العصر الحجري "أوتزي" تعود إلى ما يعرف اليوم بتركيا.
وقدم باحثون من البيرو وبولندا مؤخراً عملية إعادة بناء لمومياء الإنكا "خوانيتا"، وهي فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً تم التضحية بها للآلهة قبل أكثر من 500 عام. وقد كان شعب الإنكا يأملون في أن توفر الطقوس الدموية التي تسمى"كاباكوشا"، الحماية لهم من الآلهة ضد الكوارث الطبيعية. وعثر على رزمة المومياء المجمدة عام 1995على ارتفاع أكثر من 6000 متر في بركان "أمباتو" في جنوب بيرو. وبسبب ذوبان الجليد والتآكل، سقطت المومياء من موقع الإنكا الأعلى في الحفرة البركانية.
يتم العثور بشكل متزايد على الأسلحة والزلاجات والملابس من العصر الروماني أو العصور الوسطى في جبال الألب الأوروبية أو في الدول الاسكندنافية، وبفضل الحفاظ عليها بشكل جيد، فإنها تخبر الباحثين بالكثير عن حياة أسلافنا.
عثر المنقبون عن الذهب على هذا الماموث الصغير المحفوظ .
هناك العديد من الاكتشافات على وجه الخصوص حيث التراجع السريع للتربة الصقيعية. وفي القارة القطبية الجنوبية، تظهر صور الرادار مناظر طبيعية للأنهار القديمة تحت الجليد. كما تظهر القرى القديمة فجأة في ألاسكا. وفي سيبيريا، اكتشف الباحثون ثلاثة بقايا ماموث يقال إن عمرها أكثر من ثلاثة ملايين سنة. ئوتم اكتشاف ماموث صغير محنط ومحفوظ بالكامل في كندا.
سباق مع الزمن
اكتشافات أثرية مهمة، لكنها قد تتعرض للتلف مع الوقت. في حين لا تزال التربة الصقيعية تحافظ على المواد العضوية بشكل ممتاز حالياً، وفي غضون سنوات قليلة لن يكون هناك سوى تغيرات بسيطة في اللون على الأرض. كما أن ذوبان الأنهار الجليدية والأمطار الغزيرة وارتفاع منسوب مياه البحر يضع علم الآثار أمام تحديات جديدة ويهدد العديد من المدن الساحلية القديمة حول البحر الأبيض المتوسط. إن تغير المناخ ليس مسؤولاً عن ذوبان الجليد والفيضانات فحسب، بل عن ظاهرة الجفاف أيضاً.
قطعة الصنوبر هذه عمرها مليونا سنة مما يجعلها أقدم حمض نووي تم أخذه على الإطلاق.
ضربة حظ لعلماء الآثار، لكنها تمثل كارثة على النظم البيئية وحياة الإنسان. النفوق الجماعي للأسماك، تراجع زراعة الحقول، ونقص في مياه الشرب.
ففي العراق، على سبيل المثال، ظهرت فجأة مدينة عمرها 3400 عام بسبب موجة الجفاف الشديد. وقد تمكن علماء الآثار الألمان والأكراد من استكشاف ومعاينة المدينة التي تعود إلى العصر البرونزي.
لم يكن من الممكن فحص مجمع قصر ميتامي بسبب الجفاف الشديد في العراق.
وفي كاسيريس بإسبانيا، ظهرت فجأة دولمينات (مقابر حجرية) غوادالبيرال في إسبانيا بسبب الجفاف. وتم بناء النصب التذكاري الصخري من أكثر من 150 قطعة حجرية قائمة منذ حوالي 7000 عام. لا يظهر حطام السفن في حوض نهر المسيسيبي الجاف فحسب، وخاصة في نهر الدانوب، على سبيل المثال في صربيا، بل ظهرت العديد من السفن الحربية الألمانية من الحرب العالمية الثانية في درجات حرارة منخفضة قياسية. كما لا يشكل حطام السفن القريبة من قنوات الشحن خطراً على الشحن فحسب، بل غالباً ما يحتوي حطام السفن على ذخيرة، مما يشكل تهديداً كبيراً على البيئة.
علماء الآثار اكتشفوا هذا النصب التذكاري الصخري في خزان بسبب الجفاف.
مشكلة في تزايد
المشكلة برمتها تبدو واضحة في البرازيل، فقد كشف الجفاف الشديد في منطقة الأمازون عن منحوتات وجه قديمة مخيفة إلى حد ما على عدة صخور في ماناوس. تُظهر المنحوتات التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ مجموعة متنوعة من تعابير الوجه، من الابتسامات إلى النظرات المخيفة، وتذكرنا بشكل غامض بالرموز التعبيرية في عصرنا الحالي. يُعتقد أن الثقافات الأصلية التي عاشت في هذه المنطقة في عصور ما قبل كولومبوس هي التي صنعت النقوش قبل حوالي 2000 عام.
تم العثور على حطام العديد من السفن من الحرب العالمية الثانية في صربيا بسبب انخفاض منسوب المياه في نهر الدانوب.
وقالت بياتريس كارنيرو، المؤرخة وعضو منظمة "إيفان"، برايا داس لاجيس في تصريح خصت به وكالة فرانس برس، إن النقوش هي اكتشاف "لا يقدر بثمن" تساعد على فهم هؤلاء السكان في عصور ما قبل التاريخ. وتابعت كارنيرو: "لسوء الحظ، عاودت الظهور الآن مع تفاقم الجفاف".وقد أدى الجفاف الشديد إلى مشاكل في العديد من الأنهار في منطقة الأمازون. وانخفض منسوب نهر نيغرو في موقع الاكتشاف بنحو 15 مترا منذ يوليو/تموز، وفي الأسبوع الماضي سجل النهر أدنى مستوى تدفق له منذ 121 عاما. ووفق علماء الآثار، بات الموقع معرضاً للخطر، كما قد يحرم الجفاف الناس هناك من سبل عيشهم.
الكسندر فرويند / إ.م
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: علم الآثار تغير المناخ الاكتشافات الأثرية ذوبان الأنهار الجليدية جفاف الأنهار جفاف منطقة الأمازون دويتشه فيله علم الآثار تغير المناخ الاكتشافات الأثرية ذوبان الأنهار الجليدية جفاف الأنهار جفاف منطقة الأمازون دويتشه فيله العدید من تعود إلى أکثر من
إقرأ أيضاً:
البيئة تستعرض تجربة مصر في دمج ملف تغير المناخ بالمجتمعات العمرانية الجديدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة في الحوار رفيع المستوى حول المدن وأزمة المناخ، بحضور ميشال ملينار، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للموائل ضمن فعاليات الدورة الثانية عشرة للمنتدى الحضري العالمي المقام في القاهرة بمشاركة 30 ألف شخص من 180دولة، تحت شعار "كل شيء يبدأ محليًا - لنعمل معًا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة"، والذي تنظمه الحكومة المصرية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية "الهابيتات" خلال الفترة من 4 -8 نوفمبر الجاري.
وبدأت وزيرة البيئة، في بيان لها اليوم، بالترحيب بالمشاركين في المنتدى الذي تستضيفه مصر في وقت حرج يشهد فيه العالم آثار واضحة لتغير المناخ من خلال التقلبات الجوية والفيضانات الحالية، والتي تعد دليلا على العلاقة المترابطة بين تغير المناخ والمدن، مشيرةً إلى أن التقارير توضح أن المدن تسبب جزء كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال عمليات البناء، وفي الوقت ذاته تعد المدن من أكثر المجالات تأثرا بتغير المناخ، مما يتطلب مدخل سياسي شامل يراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في التصدي لتأثيرات المناخ والمدن.
وعرضت وزيرة البيئة تجربة مصر في دمج ملف تغير المناخ في المجتمعات العمرانية الجديدة، من خلال إعداد عدد من دراسات تقييم الأثر البيئي الاستراتيجي من منظور اجتماعي والاعتماد عليها في تخطيط المدن العمرانية الجديدة، والاعتماد الطاقة المتجددة ووسائل النقل الصديقة للبيئة مثل الأتوبيسات الكهربائية والدراجات، وتشجيع نظام الدراجات التشاركية في المدن الجديدة.
كما أشارت وزيرة البيئة للحلول القائمة على الطبيعة كمدخل عظيم في مواجهة آثار تغير المناخ وربطه بالتنوع البيولوجي والحفاظ على استدامة نوعية الحياة للمجتمعات المحلية، مشيرةً الى المشروع المهم الذي تنفذه مصر مع صندوق المناخ الأخضر لمواجهة ارتفاع سطح البحر في 7 محافظات باستخدام الحلول القائمة على الطبيعة، كما أطلقت مصر المبادرة العالمية ENACT للحلول القائمة على الطبيعة بالشراكة مع ألمانيا وعدد من الدول الأخرى وشركاء التنمية والتي تمضي في مسارها في حشد الشراكات والتمويل.
كما عرضت وزيرة البيئة التوصيات الصادرة من تقرير مراجعة سياسات النمو الأخضر في مصر بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCED وفي قلبها المدن وتغير المناخ، وكيفية إشراك القطاع الخاص وتقليل المخاطر له لتغيير طريقة العمل المعتادة في البناء والتخطيط، وضرورة ايجاد إطار حاكم للمدن، ومراعاة جزء التخطيط وتوفير الحوافز الخضراء.
كما أشارت إلى دور تدوير المخلفات في استدامة المدن، ومراعاة هذا في تنفيذ المنظومة الجديدة لإدارة المخلفات، وإصدار قانون تنظيم ادارة المخلفات الذي يقوم على فكر الاقتصاد الدوار وإشراك القطاع الخاص، وإعادة استخدام مخلفات الهدم والبناء لتكون مدخلا جديدًا في عملية البناء، وأيضًا استخدام المخلفات في عمليات الفن التشكيلي في تجميل المدن.
ويهدف الحوار للتعرف على الرؤى القابلة للتنفيذ في استراتيجيات التكيف مع المناخ والتخفيف من حدته التكنولوجية والمالية والمجتمعية، والوقوف على التحديات، من خلال دراسة الحلول المحلية الناجحة والمبتكرة، وذلك للمساعدة في تمكين صانعي القرار من تشكيل سياسة المناخ العالمية والتحول نحو التنمية الحضرية القادرة على التكيف مع المناخ.
وأكدت وزيرة البيئة أن تغير المناخ يعد تحديا للمدن والمناطق الحضرية مع اتساع التنمية الحضرية، كما يتطلب مواجهته لضمان المرونة والتنمية المستدامة، موضحةً ان المدن يمكن أن تعزز قدرتها على التكيف مع المناخ من خلال تعزيز إشراك أصحاب المصلحة وجمع جهود الحكومات المحلية والشركات والمجتمعات في تنفيذ المشروعات التجريبية للحلول المبتكرة، والتوسع في المبادرات الناجحة باستخدام تكنولوجيا تحليل البيانات في صنع القرار وتأمين مصادر التمويل الوطنية والدولية.
وشددت الدكتورة ياسمين فؤاد على أن مواجهة آثار المناخ على التنمية الحضرية يتطلب تحقيق العدالة البيئية من خلال عمليات شاملة لصنع القرار، تشترك فيها المجتمعات المهمشة وتقوم على أطر عمل حاكمة، إلى جانب اهمية الاستثمار في الطاقة المتجددة، البنية التحتية الحضرية المرنة للتأثيرات المناخية، والإدارة الفعالة للمياه، مشيرةً إلى دور زيادة الوعي المجتمعي وتعبئة الاستثمارات من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص في خلق شعور بالمشاركة الحقيقية في جهود المناخ، وتحقيق التكيف مع آثار تغير المناخ.
وأكدت وزيرة البيئة أن الاستراتيجية الوطنية المصرية بشأن تغير المناخ لعام 2050 كإطار عمل شامل تساهم في دمج الاستدامة في التنمية الحضرية، من خلال التخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مع تعزيز القدرة على التكيف مع الآثار المناخية، من خلال مبادرات مثل تحسين كفاءة الطاقة، والتوسع في النقل العام، وزيادة المساحات الخضراء، كما تؤكد الاستراتيجية على التعاون بين مختلف أصحاب المصلحة لتعزيز البيئات الحضرية القابلة للتكيف، وتحقيق أهدافا محددة مثل اعتماد كود وطني للمباني الخضراء وتطوير أنظمة جمع مياه الأمطار لتعزيز القدرة على التكيف مع المناخ.
وأضافت، أن خطة المساهمات المحددة وطنيا (NDC) أيضًا، حددت إجراءات التكيف في القطاعات الحيوية من خلال الإجراءات القطاعية والشاملة، مثل استراتيجيات الإنذار المبكر والتنبؤ بالطقس والفيضانات، لتعزيز القدرة على مواجهة التحديات المناخية بشكل عام.