عربي21:
2024-09-20@00:45:11 GMT

لماذا التركيز على مصر في دعم غزة؟

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

سؤال غريب يطرحه أنصار نظام السيسي في مواجهة التركيز الكبير على الدور المصري المطلوب لدعم غزة، وهو لماذا التركيز على مصر بالذات؟ لماذا لا توجهون حديثكم إلى تركيا أو إيران مثلا؛ اللتين تتحدثان كثيرا عن دعم غزة دون تحرك حقيقي حين جد الجد، وحدث الاجتياح؟

الإجابة بسيطة وهي أن مصر هي الأكبر، وهي الأحق بتقديم هذا الدعم بحكم رابطة العروبة والإسلام، وبحكم أنها الشقيقة الكبرى التي لا تنتظر طلبا لدعم أشقائها، وبحكم أنها الجار الجنب الذي أدار غزة بالفعل منذ العام 1949 وحتى العام 1967، وبحكم أن ما يحدث في غزة يؤثر على الأمن القومي المصري بشكل مباشر، وبحكم النسب والمصاهرة بين أهل غزة والمصريين، ويمكننا أن نعدد المزيد من الاعتبارات الأخرى.



حين نركز حديثنا على مصر فلأنها بلدنا وهي الأحق بنصحنا أو بنقدنا قبل أن ننصح أو ننقد غيرها من البلاد. ونقدنا للموقف المصري لا يعني الرضا والقبول بمواقف الآخرين خاصة من كنا نراهن عليهم مثل تركيا وإيران. لا ينكر أحد الدعم العسكري الذي قدمته إيران للمقاومة طيلة السنوات الماضية، وهو ما لم تجد المقاومة مثله من أي دولة عربية، ولا ننكر الدعم السياسي التركي والذي كان أحدثه سحب السفير، ووقف الزيارات والاتصالات، وكلمات طنانة من الرئيس أردوغان، لكن كلتا الدولتين تركتا غزة تواجه مصيرها حين اجتاحتها عصابات الاحتلال، ولم تتخذ أي من الدولتين إجراءات رادعة للعدوان.

مصر هي الأكبر، وهي الأحق بتقديم هذا الدعم بحكم رابطة العروبة والإسلام، وبحكم أنها الشقيقة الكبرى التي لا تنتظر طلبا لدعم أشقائها، وبحكم أنها الجار الجنب الذي أدار غزة بالفعل منذ العام 1949 وحتى العام 1967، وبحكم أن ما يحدث في غزة يؤثر على الأمن القومي المصري بشكل مباشر
لقد وعدت إيران بأنها ستتدخل عسكريا لو تعرضت غزة للاجتياح البري، وقد حدث الاجتياح ولو جزئيا ولم تف طهران بوعدها، كما أن أحد أذرعها المهمة (حزب الله) الذي رفع شعار وحدة الساحات، وشارك بالفعل ببعض العمليات على الحدود خلال الأيام الماضية خيّب ظن الكثيرين الذين انتظروا جديدا في كلمة أمينه العام حسن نصر الله يوم الجمعة الماضي بينما كانت القنابل تنهمر على غزة.

كما أن الرئيس أردوغان تحدث بكلمات قوية في مؤتمره الشهير في إسطنبول قبل أيام، وذهبت الكثير من التوقعات إلى أنه سيكون بداية تغيير كبير في الموقف التركي المتحفظ أو المتردد، لكنه اقتصر على سحب السفير ووقف الاتصالات، وقد تحدث عن تنظيم مؤتمر دولي للمطالبة بوقف العدوان لكنه لم ينعقد حتى الآن. وكان الأجدر بأردوغان أن يرسل وزير خارجيته أو غيره من المسئولين على رأس قافلة إغاثة، وتفقد أحياء غزة المدمرة بما فيها المستشفى التركي الذي وجهت إدارته نداءات له (أردوغان) لحمايته.

لنعد إلى الموقف المصري الممتلئ بالغموض، إذ ليس مفهوما حتى الآن الإصرار على إغلاق معبر رفح إلا للقوافل التي توافق إسرائيل على دخولها، فليس دور النظام المصري أن يكون "بوابا" على المعبر لصالح إسرائيل، هذا معبر مصري خالص، ومن واجب مصر أن تفتحه بشكل دائم لدخول شاحنات المعونات، ولتقم الأمم المتحدة ممثلة في هيئة الأونروا أو غيرها من الهيئات أو حتى بعض المنظمات المدنية مثل الصليب الأحمر بضمان هذه الشاحنات ومرافقتها حتى توزيعها على المحتاجين دون تدخل من سلطات الاحتلال.

لا شك أن الخوف من تهجير الفلسطينيين في محله، ولكن ذلك ليس مبررا لإغلاق المعبر من الجانبين، فمن الممكن إغلاقه في وجه العابرين غربا باستثناء الحالات المرضية العاجلة، ولكن إغلاق المعبر بهذه الطريقة وانتظار موافقات إسرائيل وأمريكا فيه إهانة للسيادة المصرية.

يسوق النظام عبر أذرعه الإعلامية أن المطالبين لمصر باتخاذ مواقف عملية يجرّونها جرا نحو الحرب، وأن القيادة "الحكيمة!!" تحاول تجنب هذه الحرب، وهو ادعاء سخيف لتبرير العجز، والخضوع للإرادة الإسرائيلية. فقد فتحت مصر المعبر بشكل دائم خلال حرب غزة في 2012 ولم تندلع حرب، بل قبلت السلطات الإسرائيلية الأمر، ولم تعترض قوافل الإغاثة، ناهيك عن أن أحدا لم يطالب مصر بخوض حرب "لا سمح الله" على قول أبي عبيدة، ولكن المطلوب منها مواقف عملية تشعر الكيان الإسرائيلي بخطر على علاقاته الاستراتيجية مع مصر، وهو ليس مستعدا للتفريط في هذه العلاقات التي فتحت له باب التطبيع مع العديد من الدول العربية لاحقا، ومن هذه المواقف سحب السفير المصري كما فعلتها عام 2011، وكما فعلتها عدة دول عربية ولاتينية مؤخرا، ومنها إلغاء الاتفاقيات الاقتصادية مثل تصدير الغاز واتفاقية الكويز، ووقف أشكال التطبيع الرسمي الأخرى.. إلخ.

فتحت مصر المعبر بشكل دائم خلال حرب غزة في 2012 ولم تندلع حرب، بل قبلت السلطات الإسرائيلية الأمر، ولم تعترض قوافل الإغاثة، ناهيك عن أن أحدا لم يطالب مصر بخوض حرب "لا سمح الله" على قول أبي عبيدة، ولكن المطلوب منها مواقف عملية تشعر الكيان الإسرائيلي بخطر على علاقاته الاستراتيجية مع مصر، وهو ليس مستعدا للتفريط في هذه العلاقات التي فتحت له باب التطبيع مع العديد من الدول العربية لاحقا، ومن هذه المواقف سحب السفير المصري
يمكن للسلطات المصرية أن تفتح المجال لغيرها من الهيئات الشعبية للقيام بالدور، وهنا يمكن لشيخ الأزهر أن يرأس قافلة إغاثة إلى غزة، ويقوم بتفقد أهلها، وتفقد جامعة الأزهر في غزة التي تعرضت للدمار، وبصحبته كوكبة من قوة مصر الناعمة من دعاة وفنانين وإعلاميين، يمكن لنقباء النقابات المهنية والعمالية أن يقودوا بدورهم قوافل إغاثة ويدخلوا بها إلى غزة بالتنسيق مع الأمم المتحدة أو غيرها من الجهات، وليطمئن النظام مسبقا أن هؤلاء جميعا يدركون الأخطار ويتحملونها، ولا يحملونها له.

ليس خافيا على أي عاقل أن انتصار الكيان في غزة "لا سمح الله" سيكون ضربة موجعة لمصر قبل غيرها من الدول العربية، فرغم علاقات السلام والتطبيع والتعاون الحالية إلا أن هذا الكيان يضمر كل سوء لمصر، ولم ولن ينسى لها خوضها خمس حروب ضده، وأنها كبيرة العرب التي إذا نجح في إخضاعها دانت له كل المنطقة العربية بسهولة، وستكون الخطوة التالية في حال تحقيق أهدافه في غزة هي فرض التهجير على مصر، أو فرض مساحات عازلة جديدة تقتطع من سيناء، وبالمحصلة ممارسة الهيمنة والإذلال على مصر، والعكس صحيح؛ ففي حال فشل خطته في غزة فإن ذلك سيحد من نفوذه الإقليمي، ومن غطرسته وغروره، وهو ما يمكن مصر من استعادة مكانتها الإقليمية الرائدة.

twitter.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السيسي المصري غزة إسرائيل مصر السيسي إسرائيل غزة حصار مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سحب السفیر غیرها من على مصر فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا أسقطتَ البندقية!

لماذا أسقطتَ #البندقية!

أيمن يوسف أبولبن

(جئتكم يا سيادة الرئيس وبندقيّة الثّائر في يدي، وفي يدي الأخرى غصن الزّيتون، فلا تُسقطوا الغصن الأخضر من يدي). كانت هذه، خاتمة كلمة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974، وما لا يعرفه الكثيرون أن كاتب هذه الكلمة هو الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.

كتب محمود درويش، في ذات الخطاب (إن الجانب الذى يقف فيه حامل السلاح هو الذى يميز بين الثائر والإرهابى، فمن يقف فى جانب قضية عادلة، ومن يقاتل من أجل حرية وطنه واستقلاله ضد الغزو والاحتلال والاستعمار، لا يمكن أن تنطبق عليه بأى شكل من الأشكال صفة إرهابى).

مقالات ذات صلة قراءة من الزاوية الحرجة  للإنتخابات 2024/09/18

ساعد هذا الخطاب التاريخي في تكريس صورة “أبو عمار القائد”، رغم محدودية ثقافته، وعدم إتقانه للّغة العربية وضعف لغته الانجليزية، وضبابية تاريخه النضالي، فكان أن ازداد نفوذه داخل الفصائل الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأصبح الزعيم الأوحد، الذي يمسك بزمام السلطة، والخزينة، والاعلام، والسياسة الداخلية والخارجية، وقد استغل كل تلك السلطات، لخدمة مشروع “تحصيل ما يمكن تحصيله”، مقابل التنازل عن ثوابت الميثاق الفلسطيني، وعلى رأس تلك التنازلات، التنازل عن حق العودة، والقدس، الاعتراف بدولة الاحتلال، ونبذ المقاومة الشرعية، والتخلّي عن سيادة الدولة (لا حدود ولا مطار ولا ميناء ولا جيش)، بل والتخابر لمصلحة جيش الاحتلال!

لقد طالب عرفات المجتمع الدولي ألاّ يُسقط غصن الزيتون من يده، ولكنه قام طوعاً بإلقاء بندقيته وتحويل القضية الفلسطينية من مشروعٍ للتحرير، إلى مشروعٍ للسلطة والزعامة، مما دعا كاتب تلك الكلمات نفسه “محمود درويش” إلى أن يُعبّر عن أساه الداخلي، في قصيدته الشهيرة (لماذا تركتَ الحصانَ وحيداً!).

في عام 1988 تم اغتيال أبو جهاد خليل الوزير ، المسؤؤول الأول عن قيادة الانتفاضة الشعبية الأولى التي انطلقت قبل ذلك بعام، وفي شهر يناير 1991، تم اغتيال أبو إياد صلاح خلف، صاحب العبارة الشهيرة “أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر!”، وفي خريف ذلك العام، توجهت منظمة التحرير تحت قيادة أبو عمار وشريكه أبو مازن -الذي خطى على خطاه بعد ذلك-، إلى مؤتمر مدريد للسلام، الذي اعترفت فيه منظمة التحرير باسرائيل، بعد أن أصبحت الظروف الموضوعية مواتية لاعلان الثورة على النضال المُسلّح، وتصفية مشروع الثورة الفلسطينية!

هذا التسلسل الزمني لا يحدث سوى في أفلام هوليوود أو بوليوود!

تصفية الزعماء الرافضين لفكر الاستسلام والقبول بالشروط االأمريكية الاسرائيلية، كان يجري بوتيرة متصاعدة منذ نشوء دولة الاحتلال، وحده أبو عمار وخليفته أبو مازن، بقيا سالمين إلى حين تحقيق حلمهما وحلم اسرائيل، كان حلمهما كرسي السلطة ولقب رئيس دولة، و كان حلم اسرائيل أكبر من ذلك بكثير، وقف العمليات العسكرية، والتخلّص من الضغوطات الدولية بإعطاء الفلسطينيين دولة على الورق، يكون ولاؤها وتبعيتها لدولة الاحتلال، نَمِرٌ على ورق!

خشية أبو إياد من أن تتحوّل الخيانة إلى وجهة نظر، تحقّقت بصورةٍ أبشعَ من ذلك بكثير، حين أصبحت الخيانة “رؤية وطنية” بينما الثورة “إضرارٌ بالمصالح الوطنيّة!”.
تناقض آخر لا نراه سوى في الأفلام، بين حركة ثورية اتخذت من الكفاح المسلح ميثاقاً لها، ثم تحوّلت قيادتها “الأوليغارشيا الحاكمة” إلى مجلس بلدي، يخدمُ غاصبيه!

محمود عباس كان أول من اخترق الصف الفلسطيني بإجراء لقاءات – تحوّلت فيما بعد إلى مفاوضات – مع قوى اسرائيلية في سبعينيات القرن الماضي، بحجة الانفتاح على اليساريين المؤمنين بحقوق الفلسطينيين، وشجّعه على ذلك أبو عمار نفسه.
وقد ساهمت هذه اللقاءات في تبلور الأفكار حول إتفاق يرضي الطرفين، تم تتويجه باتفاقية أوسلو سيئة الذكر، التي هندسها أبو مازن وأشرف على الفريق المُفاوض فيها. تلا ذلك ما يُعرف بتفاهم عبّاس – بيلين 1995، الذي يُعدّ الحروف الأولى لصفقة القرن التي يجري الحديث عنها مؤخراً.

في سلسة وثائقية عن اتفاقية أوسلو، قال أحد المسؤولين الفلسطينيين، أنه في بداية الثمانينات حين كانت منظمة التحرير تسيطر عسكرياً على جنوب لبنان، احتاجت القوات النرويجية العاملة ضمن قوات حفظ السلام، إلى ضمان أمن جنودها، وضمان العبور الآمن من مناطق نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية، وقد وافق أبو عمار على إعطائهم الأمان، ولكنه اشترط شرطاً غريباً، لم يدرك كنهه أحدٌ في ذلك الوقت، قال لمسؤول الخارجية النرويجي، ستأتي لحظة تاريخية لتسوية القضية الفلسطينية على طاولة المفاوضات مع الاسرائيليين، حين تحين تلك اللحظة، أريدكم أن ترعوا هذه المفاوضات وتساعدونا على إتمامها.

بعد نحو خمسة عشر عاماً، وقّعت منظمة التحرير على اتفاقية السلام برعاية النرويج.

هذا دليلٌ على رؤية القائد أبو عمار التاريخية لحل القضية الفلسطينية عن طريق التفاوض – التنازل، وهو ما حقّقه على أرض الواقع، دون مرجعية شرعية من الشعب الفلسطيني، ودون تصويت أو انتخابات أو أي صفة شرعية، سوى شرعية “القائد الرمز!”

يقول إبراهام لينكولن يمكنك أن تخدع بعض الناس لبعض الوقت، ولكن لا يمكنك ان تخدع كل الناس طوال الوقت!
لقد استطاعت هذه الزمرة الحاكمة من ترسيخ مكانتهما وزعامتها على خارطة كبار الشخصيات وأصحاب النفوذ، عن طريق استغلال نُبل ونزاهة القضية الفلسطينية، وقد تمكنوا من الوصول إلى مفاصل الحكم، واستغلال الثروات والثورات، على حساب المناضلين والفدائيين الشرفاء من شعبنا، الذين بذلوا أرواحهم خدمة للقضية الأسمى في العالم المعاصر، قضية فلسطين، على مدار عقود من الزمان.

ولكني كلي إيمان بأن التاريخ سيضع هؤلاء في مكانهم المناسب، وأن هذا الشعب الواعي قادرٌ على إدراك أن الخطوة الأولى نحو التحرير، هي التحرّر من تقديس الرموز ، وإعادة فهم التاريخ، كي نتمكن من صنع المستقبل!

أيمن يوسف أبولبن
كاتب ومُدوّن من الأردن
13-9-2024

مقالات مشابهة

  • حظك اليوم الجمعة| توقعات الأبراج النارية.. استمر في التركيز على عملك
  • أكلات لتعزيز التركيز والذاكرة| خيارات غذائية لتحسين الأداء العقلي
  • إسرائيل: التركيز تحول إلى الجبهة الشمالية
  • لماذا أسقطتَ البندقية!
  • لماذا سرّعت إسرائيل تفجير أجهزة ” البيجر ” التي يستخدمها حزب الله؟.. مسؤول أمريكي يكشف السر
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع وسط التركيز على خطوات البنوك المركزية
  • لماذا استفزت كلمة المدير الفني للمنتخب المصري لكرة اليد التونسيين؟ (شاهد)
  • 21 سبتمبر..التركيز على القادم
  • 3 حبات قبل المدرسة.. ثمرة مفيدة للمخ وتساعد طفلك على التركيز