أكد عدد من الكتاب المسرحيين العرب أن الشارقة مركز حيوي للمسرح العربي تقوده نحو التجديد والتميّز ونموذج يحتذى به في دعم وتنمية هذا الفن ،مشيرين إلى أن المسرح فن حي ومتغير يتأثر بالتطورات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية ومن المهم فتح الباب أمام المسرحيين الشباب لتقديم رؤاهم وتجريب أساليب مبتكرة كما لفتوا إلى ضرورة أن يثقف الكاتب المسرحي نفسه في مختلف القطاعات المعرفية.

جاء ذلك في جلسة حوارية بعنوان “المسرح العربي إلى أين ” ضمن فعاليات الدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب المقام في مركز أكسبو الشارقة تحدث خلالها كل من الكاتب والمخرج السعودي فهد ردة الحارثي والكاتب المسرحي والصحفي العماني هلال البادي و الروائي والمسرحي الأردني هزاع البراري .

وفي حديثه حول حالة المسرح العربي أشاد الكاتب والمخرج السعودي فهد ردة الحارثي بالشارقة مركزاً حيوياً للمسرح العربي مشيراً إلى جهودها في تنفيذ مبادرات متعددة ومتنوعة لتطوير هذا الفن وتشجيع المواهب الشابة من الكتب التي تنشرها مؤسسات الشارقة المختصة بالمسرح ومبادرات أيام الشارقة المسرحية والمسرح الصحراوي والمسرح الكشفي ومسرح المدارس وغيرها من الفعاليات التي تستقطب مشاركة عربية واسعة جعلت من الإمارة متدفقة على العالم العربي أجمع بمساهماتها الثرية في المجال المسرحي.

وقال الحارثي إن المسرح العربي يواجه تحديات كبيرة أهمها الحكم القطعي الشامل على المسرح من خلال نماذج فردية مشيرا إلى إن المسرح فن حي ومتغير يتأثر بالتطورات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية لذلك يجب أن نتفهم ونحترم التنوع والابتكار الذي يظهر في أعمال المسرحيين الشباب ونوجههم دون أن نلغيهم أو نفرض عليهم رؤيتنا أو أسلوبنا.

وفي حديثه عن لغة النص المسرحي أوضح الكاتب المسرحي والصحفي العماني هلال البادي أن الإشكالية ليست في طريقة الكتابة بالفصحى أو العامية بل في كيفية تقديم المسرحية نصاً وإخراجاً وأداء على خشبة المسرح مشيراً إلى أن المعايير المهنية المسرحية لا تعترف باللغة إنما الإشكال بالنسبة للغة ما بين فصحى ومحكية تطرح في مجالات أخرى كتقديم الأعمال التاريخية على خشبة المسرح باللهجة المحكية.

وأشار البادي إلى أن الزمن الحديث يحتم على الكاتب المسرحي أن لا يتقيد بأسلوب سعد الله ونوس أو توفيق الحكيم بل يجب أن يستفيد مما حوله من معطيات ليخرج بطريقة جديدة ومختلفة مع الحفاظ على الهوية والجودة ، و ينبغي على الكاتب أن يثقف نفسه في قطاعات معرفية كثيرة إذ أن المسرح فن يعكس واقع الإنسان ومشاكله وآماله وأحلامه ولكي يتمكن المسرحي من تقديم عمل مسرحي جيد ومؤثر يجب أن يكون على دراية بالسياق التاريخي والثقافي والاجتماعي الذي ينتمي إليه ويتحدث عنه.

بدوره قال الكاتب والروائي الأردني هزاع البراري إنه من حيث الكم هناك إقبال كبير على كتابة النص المسرحي ولكن هذا الإقبال الكمي لا يعني بالضرورة جودة أو تميز النصوص المسرحية و من ضرورة الاهتمام بالنص المسرحي كعنصر أساسي ومهم في العمل المسرحي وأن نعمل على تطوير وتحسين مهارات الكتابة المسرحية وأن نفهم الفروق والخصوصيات بين النص المسرحي وغيره من أنواع النصوص الأدبية أو الدرامي.

وتابع البراري ان المسابقات والمهرجانات المسرحية تهدف إلى تشجيع الكتابة المسرحية واكتشاف المواهب والإبداعات ولكنها لا تكفي لإنعاش المسرح العربي وتطويره لأنها تحتاج إلى تجسيد وتمثيل وعرض وتفاعل ومن جهة أخرى ومع التطور والنهضة المسرحية على نطاق الكتابة والإخراج والمهرجانات والأكاديميات التي نشهدها ينبغي أن يكون هناك خط موازٍ لهذا التطور من خلال تشجيع الأجيال القادمة على التمسك بالمسرح وأن نجدد مكانة المسرح كضرورة اجتماعية ننشئ عليها الأجيال القادمة.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الکاتب المسرحی المسرح العربی

إقرأ أيضاً:

الفن المقتول والرواية المبتورة

#الفن_المقتول و #الرواية_المبتورة _ د. #منذر_الحوارات

ردَّ الكاتب العظيم ومدير المسرح القومي البريطاني ديفيد هير، على قرار مارغريت تاتشر برفع الدعم عن المسرح بكلمات كانت بمثابة درس تجاوز حدود بريطانيا، إن السياح يأتون الى بريطانيا من أجل عمارتنا واسواقنا ومسارحنا، يأتون من أجل الثقافة التي أنتجتها بريطانيا عبر قرون وجسّدها المسرح، ثم أضاف: إن السياحة هي ثاني أكبر صناعة لدينا، فالسائح ينفق المال، والحكومة تجني الضرائب، فهي إذًا لا تدعم المسرح، بل تستثمر فيه، لأنها تدرك أنه ليس مجرد خشبة، بل هو أداة لتسويق بريطانيا، وأداة لتأكيد هويتها، وتحويل قصصها إلى اقتصاد وثقافتها إلى مورد وطني.

من هذه القصة نكتشف أن دعم الفن واجب على الدول، فالأمر أبعد من المال بكثير، فالفن هو المدماك الذي تُبنى عليه حكايات الشعوب وروايات الدول، لا يمكن بدون مسرح ودراما وسينما وأدب وموسيقى، أن تُبنى قصة وطنية تخص كل مواطن، والمؤسف أننا نتعامل مع الفن باعتباره كمالية، متناسين حكمة ديفيد هير، وعلى الرغم من أن الأردن لا يعاني من مشكلة في غزارة التاريخ، فهو مليء بالقصص والحكايات، إلا أنه يفتقر إلى من يحكيها، مشكلته ليست في غياب الهوية، بل في الوسائل التي تجعلها ملموسة ومحسوسة وقادرة على التحرك بانسيابية خارج الكتب والخطابات الرسمية والبيروقراطية الحكومية، وليس هناك أداة أفضل من الفن، وخصوصاً الدراما، للقيام بذلك، فهي الوحيدة القادرة على خلق ذاكرة جماعية وشخصيات تعيش في وجدان الناس لعقود.

لذلك، فإن غياب الدراما الأردنية الجادة ليس مجرد خسارة لصناعة فنية، بل هو تراجع في قدرة الأردن على أن يكون له حضور في الوجدان المحلي وصوت في الفضاء الثقافي العربي، في الماضي وضعت الدراما البدوية الأردن في كل بيت عربي، لكنها اختفت، إما لعجزها عن إحداث النقلة بين الماضي والحاضر المتجدد، أو لأنها فشلت في مواكبة التغيير في المجتمع، أو لأنها لم تتلقَّ الدعم المناسب لمواكبة ذلك التغيير، كل ذلك جعل الأردن بلا نافذة يطل منها على مواطنيه وعلى ملايين المشاهدين العرب، وخسر بالتالي الفرصة في أن يروي حكايته ويتحكم في تشكيل صورته، ليكون جزءاً من السردية العربية، لا مجرد بلد يُذكر فقط في الأخبار، بالتالي، فإن هذا التراجع لا يتعلق بالفن وحده، بل يُعد تراجعًا في الاستثمار في الهوية الوطنية، وفي بناء سردية يلمسها الأردنيون قبل غيرهم.

مقالات ذات صلة أزمة الهويات الأوروبية.. صراع وتحالف 2025/03/10

أما الفنانون الأردنيون، فلم تقتصر معاناتهم على قلة الفرص، بل وجدوا أنفسهم خارج المعادلة، إذ انعدمت أمامهم المنصات التي تمنحهم الفرصة ليعبّروا عن أنفسهم، مما دفعهم إمّا للهجرة أو الاعتزال أو القبول بأعمال لا ترقى إلى مستوى إمكانياتهم، وأصبحوا ضحايا الفقر والفاقة، ولا نذكرهم أو نتغنى بهم وبماضيهم إلا عندما يتوفاهم الله، هذه الخسارة لا تقف عند الفنانين فحسب، بل تطال المواطن الأردني الذي افتقد الدراما المحلية، وبات يستهلك الدراما المصرية والتركية والخليجية، والتي – رغم كل الاحترام لها – لن يجد فيها الأردني محتوى يعبر عنه، لا عن لهجته ولا قصصه أو مشاكله وأحلامه أو هويته، وهنا، تُرك ليتبنى هويات الآخرين وتصوراتهم، لأن الفن ليس مجرد تسلية، بل هو أداة لصياغة الوعي وترسيخ الانتماء، وخلق شعور عميق بأن المكان الذي نعيش فيه ليس مجرد جغرافيا وجواز سفر، بل ذاكرة وقصة وهوية، ففي عالم اليوم، لا يكفي امتلاك التاريخ، بل يجب معرفة كيف نحكيه ونسوّقه.

لقد دافع ديفيد هير عن المسرح لأنه جزء من إرث بريطانيا وتاريخها واقتصادها، وبالتالي فإن الدفاع عن الفن، وخصوصاً الدراما في بلدنا، يجب أن يأخذ المنحى نفسه، لأنه دفاع عن حكاية الأردن وصورته في داخله ومحيطه، ودفاع عن هويته، فغيابه يترك فراغًا تملؤه هويات الآخرين، وربما أجنداتهم، وحتى لا نجد أنفسنا لاحقًا على قارعة الطريق، غارقين في الضياع، نبكي الرواية والهوية، ينبغي ألا نقتل الفن، لأن ذلك لن يقف عنده، بل سيطال هويتنا، التي ستصبح مبتورة، غير مكتملة، بلا روح، فالدول باتت تُعرف بفنونها كما تُعرف بحدودها، لذلك، فإن السؤال الذي يجب علينا طرحه لا يجب أن يقتصر على: لماذا تراجع الفن في الأردن؟ بل يجب أن يكون: كيف يمكن إعادته ليكون جزءاً أصيلًا في بناء البلد وهويته، لا مجرد هامش يمكن الاستغناء عنه؟ لأن نتيجة ذلك وخيمة.

الغد

مقالات مشابهة

  • الفن المقتول والرواية المبتورة
  • بطل رفع أثقال: الكتابة أحد هواياتي واحترفت الرياضة بالممارسة
  • الأنبا إبراهيم إسحق يشهد العرض المسرحي السنوي للكلية الإكليريكية بالمعادي
  • «أبناء بروميثيوس: تاريخ البشرية قبل اختراع الكتابة»
  • الأنبا إبراهيم إسحق يشهد العرض المسرحي السنوي للكلية الإكليريكية بالمعادي "الإخوة كرامازوف"
  • باستثمارات5 ملايين جنيه..محافظ قنا يفتتح محطة مياه حجازة قبلي بعد التجديد
  • إنطلاق إنتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة
  • اعتقال عرمان .. (المسرحية)!!
  • إنتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة غدا
  • مواهب نادى الكتابة الإبداعية تفتتح ليالى رمضان بالمركز الثقافي بطنطا