أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

عاشت سينما "روكسي" بمدينة طنجة، أمس الجمعة، على وقع سجال ساخن، عقب عرض الفيلم السينمائي "أزرق القفطان"، لمنتجه "نبيل عيوش"، وإخراج زوجته "مريم التوزاني"، على هامش المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة بمهرجان طنجة، بسبب تطرقه لموضوع "المثلية الجنسية".

قصة هذا الفيلم، كانت وراء نقاشات حادة بين صناعه وعدد من المتدخلين، الذين انتقدوا بشدة توظيف موضوع "المثلية الجنسية" في هذا العمل السينمائي، حيث عبروا عن انزعاجهم الكبير من بعض مشاهده التي وصفوها بـ"المقززة"، واعتبروها تطبيعا صريحا مع هذه الظاهرة التي يحرمها الدين، وتبريرا لسلوك "شاذ" بات في انتشار متزايد بين فئات المجتمع المغربي "المحافظ".

وارتباطا بالموضوع، أوضح الناقد السينمائي المغربي "فؤاد زويريق"، أن ''أزرق قفطان'' هو فيلم جريء لكن جرأته ليست مجانية بل بنيت على بنيان إبداعي صلب، صعب أن تكون لدينا مخرجة مثل التوزاني تقتحم الممنوع وتسطر لنفسها بشجاعة الحدود التي تبتغيها هي لا تلك التي تفرض عليها من طرف مجتمع محافظ مثل مجتمعنا"، وفق تعبيره.

 في ذات السياق، أوضح "زويريق" عبر تدوينة نشرها عبر حسابه الفيسبوكي الخاص، قائلا: "تابعت الكثير من حوارات المخرجة مريم التوزاني سواء مع منابر إعلامية مغربية أو أجنبية، فلم أقتنع نهائيا بما تروج له حول فيلمها"، مشيرا إلى أنه: "في كل حوار تتكلم بخطاب مغاير قد يكون مناقضا ومغايرا لخطابها في حوار آخر، وحديثها محليا ليس هو حديثها مع منابر غربية، وفي مرات أجدها غير قادرة على تفسير رؤيتها حول الفيلم الذي هو أصلا فيلمها، كلامها مفكك ولا يعكس حقيقة الفيلم".

 وتابع ذات المتحدث قائلا: "أجد من المهم بما كان أن تتحلى في حواراتها وخطابها الإعلامي بنفس الشجاعة والجرأة التي عكستهما في فيلمها، وأن تواجه المجتمع برؤيتها حول التيمة المتناولة، فكما تكون صادقة مع الجمهور والإعلام الغربي، لابد أن تكون صادقة مع الجمهور والإعلام المغربي والعربي أيضا"، مشيرا إلى أن: "فيلمها ممتاز وقوي ويقول الكثير من الأشياء، ويتحمل قراءات متعددة، لكن أتعجب من عدم قدرتها كمخرجة وكاتبة سيناريو على طرح رؤية واحدة واضحة ومتماسكة له". 

في سياق متصل، قال "زويريق": "هو فيلم جريء لكن جرأته ليست مجانية بل بنيت على بنيان إبداعي صلب، صعب أن تكون لدينا مخرجة مثل التوزاني تقتحم الممنوع وتسطر لنفسها بشجاعة الحدود التي تبتغيها هي لا تلك التي تفرض عليها من طرف مجتمع محافظ مثل مجتمعنا".

وأشار الناقد المغربي إلى أن: "الفيلم صنع بنكهة إبداعية حقيقية، ثلاث شخصيات فقط تمثل الفيلم كله، دون أحداث صدامية ولا صراعات درامية، أن تتناول اليومي لثلاث أشخاص فقط دون أن تسقط في فخ الملل فهذا إبداع"، موضحا أن: "الكاميرا تعدت الجسد وتجاوزت فكرة الجنس بنمطيته وكليشياته لتتغلغل في عمق مشاعر هذه الشخصيات".

ووصف "زويريق" هذه العلاقة بـ"مركبة ومعقدة"، بين زوج وزوجته والعامل الذي يعمل لديهما، حيث قال في هذا الصدد: "روح الحب بتناقضاتها وبراءتها وعفويتها تستعمر الفضاء الضيق الذي تناوله الفيلم بتفاصيله، فضاء البيت ومحل خياطة تقليدي، هذا كل شيء، داخل محل الخياطة يحاك القفطان الأزرق بيد المعلم/ الزوج، يحاك يدويا وعلى مهل وبحرفية ومهارة متقنة، وفي حياكته حياكة لمشاعر متدفقة بين الثلاثة، مشاعر تفصل وتخاط بعناية، تصل ذروتها في البيت حيث ينتقل الكل بعد مرض الزوجة وانتظارها للموت، في هذا البيت تتبلور المشاعر وتتطور ونكتشف تعقيداتها، حب الزوجة لزوجها، والعكس أيضا، لكن هناك طرف آخر يدخل بكل عنفوانه العاطفي، وهو الخياط الشاب الذي يسقط في حب الزوج".

كما أشار الناقد المغربي إلى أن: "الحياكة والحكاية تكتمل  بكل عقدها وتعقيداتها، تكتمل خياطة القفطان، وتموت الزوجة، وتحيا العلاقة بين الرجلين"، موضحا أن: "المثلية هنا مجردة من المدنس، ترتدي ثوب الطهرانية المحمل بروح العشق غير الممنوع".

كما أكد "زويريق" أن: "الفيلم مكتمل الأركان من السيناريو المحاك بإبرة معلم محترف، الى اللغة البصرية المفعمة ببلاغة الصورة، مرورا بالإخراج والموسيقى التصويرية والتشخيص... كل شيء في محله، لذا كانت هذه الخلطة التي تعلمتها مريم التوزاني من نبيل عيوش، خلطة يجتمع فيها المحرم والمسكوت عنه، بالفضاءات الشعبية المغربية بكل تفاصيلها وتناقضاتها، ينضاف إليها الخيال المنصهر في إبداع ورؤية صناع الفيلم ، خلطة قد يرفضها جزء من الجمهور المغربي وينفر منها، وقد يتقبلها آخر، لكن سيستقبلها حتما الجمهور الغربي ويصفق لها، وحتى لو كان المطلوب التسويق خارجيا فالفيلم صنع باحترافية عالية وإبداع مميز".

 وختم الناقد المغربي تدوينته بالقول: "قلما نشاهد فيلما سينمائيا مغربيا مشابها له، أزرق القفطان شارك بعدة مهرجانات عالمية وحصل على جوائز مهمة، وسبق له المشاركة في مهرجان كان السينمائي في فئة (نظرة ما)، بل ووصل إلى القائمة القصيرة للأوسكار 2023 لفئة أفضل فيلم أجنبي".

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

الثوب الفلسطيني ينافس القفطان في ليالي القاهرة الرمضانية

تتنوع مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم في مصر، حيث تزين الفوانيس والأضواء المنازل والساحات، وتصنع الحلويات الخاصة برمضان، لتضفي أجواءً من البهجة الخالصة. وبالنسبة للنساء، فإن الفرحة الرمضانية تتجسد في ارتداء العباءة، التي أصبحت جزءًا لا غنى عنه من أمسيات الشهر الفضيل. هذا الزي الرمضاني، الذي لاقى رواجًا لدى المصريات من مختلف الفئات، يتفاوت في خاماته وتصاميمه وأسعاره، لكنه يحمل في طياته ذات الشعور الخاص بفرحة ثلاثين يومًا لا تتكرر سوى مرة واحدة في العام.

الثوب الفلسطيني

العباءة الرمضانية، التي ظهرت قبل سنوات، تتغير سنويًا وفقًا للموضة، لكنها تظل محافظة على طابعها الفلكلوري، إذ تعكس هوية المصريين بتطريزات نوبية أو فرعونية أو بدوية. ومع دخول العبايات الخليجية والقفطان المغربي والزي التونسي والجزائري إلى السوق المصري، ظل "الثوب الفلسطيني" الأكثر انتشارًا لدى النساء خلال رمضان.

كنوع من التضامن مع غزة، برز الثوب الفلسطيني في رمضان 2024 كشكل من أشكال الدعم المعنوي، إلى جانب الكوفية والعلم وخريطة فلسطين التي أصبحت إكسسوارات يرتديها الرجال والنساء. لكن في رمضان 2025، تحول من رمز تضامني إلى موضة اكتسحت سوق العبايات الرمضانية، متفوقًا على القفطان المغربي، الذي شهد رواجًا في العامين الماضيين. وساهمت هجرة العديد من أهل غزة إلى القاهرة في انتشاره، حيث تخصص بعضهم في تصميمه وتفصيله وبيعه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

إعلان الثوب الفلسطيني.. من رمز تضامن إلى موضة متجذرة

عبر مجموعة خاصة بالجالية الفلسطينية في القاهرة، نشرت هالة فؤاد، 32 عامًا، إعلانًا عن بيع الثوب الفلسطيني، وهو المشروع الذي بدأته قبل عامين في مصر. لم تكن هالة قد جاءت بسبب الحرب؛ بل سبق وجودها في القاهرة أحداث غزة بعامين، حيث تزوجت من مصري واستقرت معه قبل 20 شهرًا من السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. لقاؤهما الأول كان ضمن فرق الكشافة الدولية، ثم جاءت إلى القاهرة برفقة والدتها في رحلة علاج، قبل أن تعود الأم وحدها إلى غزة، بينما بقيت هالة زوجة وأمًا لطفلين.

"كل شيء أصبح فلسطينيًا"، هكذا تصف هالة التحول الذي شهدته الأسواق بعد الحرب. ففي حين أغلقت الحرب أبواب الرزق داخل غزة، فتحت أبوابًا جديدة للفلسطينيين في الخارج، حيث أصبح كل ما يرمز إلى الأرض المقدسة مطلوبًا بكثرة، من العلم والكوفية إلى الخريطة الفلسطينية. لكن الثوب الفلسطيني كان الأكثر رواجًا، ليصبح مصدر دخل أساسي لها ولأسرتها.

تقول هالة: "الفكرة كانت لزوجي، عماد عبد الرحمن، الذي ساعدني على إنشاء صفحة المشروع، تسويقها، والتعامل مع التجار والزبائن من مختلف الجنسيات. فالأمر لم يقتصر على المصريين أو الفلسطينيين المقيمين في مصر، بل امتد ليشمل جنسيات أخرى أيضًا".

مشروع فلسطيني في القاهرة

تختار هالة التصاميم من التراث الفلسطيني المعروف عالميا، فكل قطعة فيه تروي تاريخ بلدة، من يافا أو غزة، أو نابلس، أو جنين، تقول هالة للجزيرة نت، "الثوب الفلسطيني يحمل تاريخ كل بلدة، ونجحت في الحصول على صفقة من الأقمشة الفلسطينية المطرزة بتصاميم خاصة من غزة في رمضان الماضي، لكن هذا العام وبعد إغلاق المعبر، اتفقت مع مصانع في مصر تصنع الأثواب الفلسطينية بخامات وجودة عالية".

توضح هالة، أن الطلب على الثوب الفلسطيني خلال رمضان يتضاعف تضاعفا ملحوظا مقارنة بالأيام العادية، خاصة من المصريات، اللاتي يقبلن عليه بمختلف الألوان والتصاميم، بغض النظر عن رمزيته، فالأهم بالنسبة لهن هو كونه زيًا فلسطينيًا. أما بالنسبة للفلسطينيات المقيمات في القاهرة، فالأمر مختلف؛ فالثوب بالنسبة لهن "فخر وعزة.. وقطعة تراثية لا غنى عنها، تحمل هويتهن الفلسطينية".

إعلان

وتشير هالة إلى أن الثوب الفلسطيني المصنوع يدويًا، الذي يحاكي تصاميم تقليدية معينة، يكون أغلى ثمنًا، فقد يصل سعره إلى 5 آلاف جنيه (99 دولارا أميركيا)، في حين تتراوح أسعار الأثواب العادية بين 1000 و2500 جنيه (19.8-49.5 دولارا أميركيا).

الثوب يحمل رسالة "إنّا باقون"

كما يحمل كل ما يرتبط باسم فلسطين معنى وقيمة، كذلك يحتفظ الثوب الفلسطيني برمزية عميقة. تقول هالة لـ"الجزيرة نت": "الأثواب الفلسطينية ليست مجرد زينة تحتفظ بها النساء في خزائنهن، بل هي إرث تنتقل عبر الأجيال، لتحمل القضية في وجدان بناتنا، وتؤكد أننا باقون على هذه الأرض مهما طال الزمن".

ورغم، أن العودة إلى غزة قد لا تكون قريبة بسبب الظروف الصعبة، خاصة مع رعاية طفليها الصغيرين، تحرص هالة على نقل حكايات مدينتها لهما. تخبرهما دومًا عن المدينة التي لا تُقهر، وعن الوطن الذي سيكون لهما يومًا ما، وطن يحمل الثوب الفلسطيني تاريخه، وتحفظ الأرض قصته.

تعيش الشيف الفلسطينية، أمل عمران، في مصر منذ سبع سنوات، وكانت تحرص خلال زياراتها السنوية لأهلها في غزة على جلب أثواب تقليدية ترتديها في شهر رمضان، إلا أن الحرب حالت دون تلك الزيارات، وحرمتها من عادة استقبالها الشهر بثوب فلسطيني جديد. ومع تزايد انتشار الأزياء الفلسطينية في القاهرة بفضل القادمين من غزة بعد الحرب، تمكنت أمل من اقتناء ثلاثة أثواب جديدة من داخل مصر، تحمل النقوش ذاتها التي تعكس تراث غزة. وتقول: "اشتريت ثلاثة أثواب من القاهرة، رغم اعتيادي سابقًا على شرائها من غزة، والثوب المصنوع هنا لا يختلف إطلاقًا عن نظيره في بلادي".

وتوضح أمل، في حديثها للجزيرة نت، أن هناك نوعين من الثوب الفلسطيني يُصنعان في مصر: أحدهما مطرز يدويًا، والآخر باستخدام الماكينات. ورغم تطابق التصاميم والألوان، إلا أن الفارق يظهر في الخامة ودقة الصنعة، ما ينعكس على السعر، إذ يصل ثمن المصنوع يدويًا إلى ضعف سعر العادي.

إعلان

وتضيف أمل، البالغة من العمر 47 عامًا، أنها قد لا تتمكن من العودة قريبًا إلى غزة، إلا أنها لا تفارق ثوب وطنها، الذي تراه وسيلة لرواية حكاية الأرض والشعب الذي لا يُقهر، وتؤكد أن الوطن باقٍ في عقلها وقلبها، وفي زيٍّ يحكي تاريخه وتحفظ الأرض قصته.

أما علياء عبد الله، 37 عامًا، فترى في الثوب الفلسطيني رمزًا للفخامة والبساطة في آن واحد. وقد اشترت ثوبها من أحد المعارض في حي التجمع الخامس بالقاهرة، وتقول: "الثوب الفلسطيني بسيط وغير مكلف، ويجمع بين التراث القريب من قلوب المصريين وسعره المعقول مقارنة بالثياب الخليجية أو المغربية المنتشرة في رمضان. أشعر بالفخر كلما ارتديته، والجميع يسألني عن نقوشه ومعانيها ومكان شرائه… إنه يمنحني إحساسًا لا يشبهه أي زي آخر، مهما غلا ثمنه".

مقالات مشابهة

  • عرض عالمي أول كامل العدد لفيلم 50 مترا بمهرجان كوبنهاجن الدولي للأفلام الوثائقية
  • لمسيرته السينمائية.. مهرجان "تطوان" يكرم نبيل عيوش
  • فتاة تعتدي على رجل سُلطة يشعل الجدل
  • الأسد حكيمي : مستوانا ليس هو هذا بسبب العياء ورمضان ونعد الجمهور المغربي أننا سنقاتل من أجل الفوز بكأس أفريقيا
  • الأمن المغربي يوقف فرنسيًا مبحوثًا عنه دوليًا في قضايا إجرامية خطيرة
  • الثوب الفلسطيني ينافس القفطان في ليالي القاهرة الرمضانية
  • مصر.. عربة فول برفقة موسيقى التكنو تثير جدلاً واسعاً
  • علف من الصراصير بدل العشب يثير الجدل في إفريقيا.. فيديو
  • عرض عالمي أول للفيلم المصري 50 متر بمهرجان كوبنهاجن للأفلام الوثائقية
  • اكتشاف "مدينة شاسعة" تحت أهرامات الجيزة يثير جدلا