فيما يصعّد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، تهديداته بحرب أوسع نطاقاً ويواصل قصف شمال إسرائيل، تحتاج تل أبيب وكذلك واشنطن، إلى مواجهة بيئة دولية متزايدة السمية والخطورة، حيث أصبحت إسرائيل وغزة ولبنان جبهة أخرى في مواجهة عالمية بدأت في أوكرانيا في فبراير(شباط) 2022.

على أمريكا دعم أوكرانيا مع إعطاء إسرائيل فرصة للقضاء على حماس وردع إيران


ومنذ أعلنت موسكو وبكين عن "صداقة بلا حدود" قبل الهجوم الروسي الكاسح على أوكرانيا في فبراير 2022، تعكف القوتان الكبريان الأوراسيتان على تشكيل المشهد العالمي لممارسة أقصى قدر من الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها.


وتزعمت إيران التصعيد الحالي في الشرق الأوسط لعرقلة التقارب الإسرائيلي السعودي. وتدعم روسيا والصين هذا التصعيد، حيث قالت مصادر استخبارية أمريكية إن شركة فاغنر العسكرية الخاصة قامت بتدريب حماس على الخدمات اللوجستية. كما بدأت فاغنر أيضاً في نشر أنظمة الدفاع الجوي الروسية SA-22.
وتتيح الأزمة الحالية فرصة فريدة لواشنطن لكي تبعث برسالة لا لبس فيها إلى موسكو وبكين: "تراجعا وإلا ستخسرا إيران".

 

The China-Russia-Iran Axis Is a Clear Threat to America https://t.co/FzXI4MR1BO

— toomas ilves, ex-verif (@IlvesToomas) November 4, 2023


وفي هذا الإطار، قال الدكتور أرييل كوهين، زميل أول غير مقيم في المجلس الأطلسي، في مقال بمجلة "ناشيونال إنترست" إن الولايات المتحدة تواجه الآن ائتلافاً عالمياً يضم روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران، حيث تحاول هذه البلدان الاستفادة من الهجوم الضخم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والذي خلّف 1400 قتيل، من ضمنهم أكثر من 30 أمريكياً، وأكثر من 200 أسير في غزة.
وقام الحرس الثوري الإيراني بتدريب وتجهيز وتمويل جماعتي حماس والجهاد الفلسطيني، ويقال إنه نسّق الهجوم في سلسلة من الاجتماعات في بيروت. ومنذ الثمانينيات، قامت طهران أيضاً بتأسيس وتدريب وتجهيز حزب الله، وهو فصيل تابع بالكامل لإيران. وتعتبر إيران أيضاً مورّداً رئيسياً للمسيرات إلى روسيا وللنفط إلى الصين. وهي أيضاً مستفيدة من اتفاقية استثمار هائلة بقيمة 400 مليار دولار على مدى 25 سنة مع بكين، كما أنها عضو طموح في جماعة البريكس+ ومنظمة شنغهاي للتعاون.

 


واعتبر الكاتب إيران المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، من البحر الأحمر، حيث أطلق وكلاؤها الحوثيون صواريخ على عدة دول عربية، والمنشآت النفطية والقواعد العسكرية والسفن الأمريكية، من العراق وسوريا إلى لبنان، حيث عمدت طهران إلى تسليح المليشيات الشيعية للهمينة. وتظل الولايات المتحدة بمثابة "الشيطان الأكبر" بالنسبة لهذه الديكتاتورية الدينية، فيما تمثل إسرائيل "شيطان أمريكا الصغير" الذي آلت على نفسها تدميره.
وتستفيد روسيا من الفوضى التي تهدف إلى زعزعة استقرار البنية الموالية لأمريكا في الشرق الأوسط، والتي تضمن التدفق المستمر للنفط إلى العالم، حيث يمر أكثر من 30% من سفن النفط من الخليج العربي عبر مضيق هرمز. وإذا تم تفخيخ هذا المضيق، أو أطلقت إيران النار على الناقلات، كما فعلت من قبل، فستحلّق أسعار النفط، مما يتسبب في ارتفاع أسعار النفط إلى ما يصل إلى 150 دولاراً للبرميل، ودوامة جديدة من التضخم، وربما يساهم في هزيمة جو بايدن في الانتخابات الرئاسية لسنة 2024. فبوتين يرى أنه فيما يملأ خزائنه، يستطيع مساعدة دونالد ترامب على الفوز بالانتخابات، وهذا الشعور متبادل.

روسيا توفر الغطاء الدولي لحماس وكما قال الخبير السياسي الروسي الراحل غليب بافلوفسكي، فإن نظام بوتين السياسي يثير المخاطر دائماً، حيث ظلت روسيا توفر الغطاء الدولي لحماس منذ فوز "حماس" في الانتخابات التي رعتها الولايات المتحدة سنة 2006. وكان بوتين من أوائل زعماء العالم الذين هنأوا الحركة، واستضافوا زعيمها خالد مشعل في موسكو، على الرغم من موقف روسيا الذي يُفترض أنه مناهض للإرهاب في القوقاز وأفغانستان.
كما استخدمت روسيا إيران كعصاها الغليظة ضد أمريكا على مدى عقود من الزمن. وزودت الملالي بتكنولوجيا الصواريخ في التسعينيات، ودربت مهندسيهم النوويين، وبنت المرحلة الأولى من مفاعل بوشهر النووي في عام 2013، وتخطط لإتمام المرحلة الثانية في العام المقبل والمرحلة الثالثة من المفاعل في عام 2026.
وتشتري موسكو مسيراتها "شاهد" و"مهاجر 6" بالآلاف لاستخدامها في أوكرانيا مقابل نقل تكنولوجيا عسكرية إلى طهران. ومع انتهاء عقوبات الأمم المتحدة على بيع تكنولوجيا الصواريخ لإيران، قالت روسيا إنها لن تمددها، الأمر الذي يعني صواريخ ورؤوساً حربية أطول مدى وأكثر قوة، ربما لحمل أسلحة نووية إيرانية في المستقبل. وهذه كارثة محتملة على الشرق الأوسط وأوروبا والعالم. روسيا والصين.. تنسيق مشترك

كما تنسق روسيا والصين أيضاً سياساتهما في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، ألقى الرئيس فلاديمير بوتين والمبعوث الصيني للشرق الأوسط تشانغ جون باللائمة على الولايات المتحدة في "القيادة الفاشلة" في الشرق الأوسط ودعم إسرائيل. علاوة على ذلك، أعلن وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن إسرائيل "تجاوزت حقها في الدفاع عن النفس". ويأتي هذا من بلد يخطط علناً لاجتياح تايوان، ويحبس ما يصل إلى نحو مليون شخص من عرقية الأويغور في معسكرات عمل.

 

China deploys six ships to the Persian Gulf…. pic.twitter.com/lAVowTd8UA

— Cyndi (@OffCyndisc) October 28, 2023


ومؤخراً نشرت الصين، التي تملك قاعدة عسكرية في جيبوتي، بالقرب من مضيق باب المندب عند مدخل البحر الأحمر، ست سفن في الخليج العربي، بدايةً في مسقط والآن في الكويت. كما توسطت الصين مؤخراً في تقارب تاريخي بين السعودية وإيران، حيث رأت الرياض أن دعم واشنطن غير سانح. ويعتبر كلا البلدين الغنيين بالنفط مورّدين رئيسيين للنفط إلى بكين. لكن الحزب الشيوعي الصيني يفتقر إلى الخلفية والمعرفة اللازمتين من أجل سياسة مدروسة في الشرق الأوسط أو لاستعراض القوة بشكل موثوق على بعد آلاف الأميال من الشواطئ الصينية.
وبعد الانسحاب المخزي من أفغانستان، كان صناع القرار السياسي في الولايات المتحدة يريدون نسيان الشرق الأوسط ويتوقون إلى التركيز على المنافسين الندّين: روسيا والصين، لكن الشرق الأوسط يتمتع بقوة جاذبية كالثقب الأسود، حيث يسحب القوى العظمى إليه مرة أخرى.

أمريكا بحاجة إلى فعل شيئين اثنين وأوضح الكاتب أنه في الصراع العالمي مع محور موسكو-بكين-طهران،  يتعين على أمريكا  فعل شيئين في وقت واحد، حيث تحتاج إلى دعم أوكرانيا مع إعطاء إسرائيل فرصة للقضاء على حماس وردع إيران. ولا تملك الصين وروسيا ما يلزم من قوة عسكرية، لا سيما العتاد البحري والجوي، لإزاحة الولايات المتحدة بجدارة باعتبارها اللاعب المهيمن في الشرق الأوسط، إذا كانت أمريكا لديها الإرادة والقيادة السياسيتان للبقاء على هذا المسار.
ولو لم تستجب إيران لتحذيرات واشنطن وأطلقت العنان لقوى حزب الله الحربية، على نحو يلحق أضراراً غير مقبولة بالمدنيين الإسرائيليين، فلابد من معاقبتها بشدة، وتدمير برنامجها النووي ومركزها العسكري وربما محطاتها النفطية. ومن المستبعد أن تنجو الدكتاتورية الجهادية الشيعية من هذا. وستكون هذه هي الرسالة التي لن تستطيع موسكو وبكين تجاهلها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط روسیا والصین

إقرأ أيضاً:

بلينكن يبحث أزمة أوكرانيا والشرق الأوسط في أوروبا

يغادر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، السبت، في رحلة دبلوماسية إلى أوروبا تشمل اجتماعا لوزراء خارجية دول مجموعة السبع الكبرى الصناعية سيركز على الوضع في أوكرانيا والشرق الأوسط.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن بلينكن سيشارك في اجتماعات مجموعة السبع واجتماعات ثنائية على مشارف العاصمة الإيطالية روما يومي الاثنين والثلاثاء، في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة فترة انتقالية وسط مخاوف من أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب قد يغير بشكل كبير السياسة الخارجية الأميركية.
وتعد مجموعة السبع، التي تضم كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، في طليعة الدول التي تقدم الدعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا منذ الأزمة الحالية في فبراير 2022، ويسعى الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى ضمان زيادة هذا الدعم واستمراره.
وانتقد ترامب، خلال حملته الانتخابية، المليارات من الدولارات التي أنفقت لمساعدة أوكرانيا.
وكثفت واشنطن مؤخرا شحنات الأسلحة ووافقت على إلغاء مليارات الدولارات من القروض المقدمة لكييف.

أخبار ذات صلة مصر والمنتدى الاقتصادي العالمي يبحثان الأوضاع في المنطقة البرلمان الأوروبي يؤيد إرسال صواريخ تاوروس إلى أوكرانيا المصدر: د ب أ

مقالات مشابهة

  • بلينكن يبحث أزمة أوكرانيا والشرق الأوسط في أوروبا
  • الصين: سنواصل تعزيز العلاقات مع إيران تحت أي ظرف
  • الجيش الأمريكي يعاني أزمة كبرى.. هجمات ضد قواته بالمنطقة ونقص في ذخيرته
  • مصدر سياسي: إيران “تترجى” أمريكا عبر بغداد بتنفيذ كل مطالبها وإسرائيل مقابل عدم استهدافها
  • التوتر مع إسرائيل.. السوداني يحذر من خطر يهدد أمن العراق
  • السفيرة الأمريكية بالقاهرة: مصر هي قلب الثقافة في الشرق الأوسط
  • لطيف رشيد: التصعيد في المنطقة يهدد أمن الشرق الأوسط والتجارة العالمية
  • بعد تصاعد الأحداث| هل ستدخل روسيا وأوكرانيا في حرب نووية؟
  • الإطار الصفوي:العراق سيكون الخط الدفاعي الأول عن إيران
  • عضو «الشرق الأوسط للسياسات»: واشنطن منحت إسرائيل الضوء الأخضر للتصعيد في غزة