نوفمبر 5, 2023آخر تحديث: نوفمبر 5, 2023

المستقلة/- تحدث الفنان العراقي كاظم الساهر عن معاناته نفسياً بسبب رحيل عدد من أصدقائه المقربين في الفترة الأخيرة، فيما أشار الى أن ذلك الأمر أثر عليه كثيراً إلا أن هناك ما ساعده على تخطي الأمر.

وأوضح الساهر خلال لقاء له على هامش معرض الشارقة الدولي للكتاب أنه بعد فقدان عدد من المقربين له شعر بفقدان رغبته بالوجود، إلا أن القراءة كانت شيئاً من الأشياء التي ساعدته.

وقال الفنان العراقي: ” كنت مؤخراً أمر بأزمة نفسية بعد فقدان أعز ناسي، ففي السنوات الأخيرة فقدت العديد من الأحبة وهذا أثر بي كثيراً”، متحدثاً عن علاقته وذكرياته مع الشاعرين نزار قباني وكريم العراقي.

وتابع: “خلال هذه الفترة بدأت أفقد رغبتي في أن أكون موجوداً، لذا تمنيت خلال هذا الوقت لو أنني أصعد على المسرح وأصرخ صرخة واحدة وانتهي، فقدتُ المتعة ووصلت إلى طريق مسدود؛ لكن الكتاب أعادني، هو والأصدقاء الطيبون”.

ولفت إلى أن القراءة لها أهمية كبيرة للغاية على من يقوم بها مقدماً النصائح للجمهور بضرورة القراءة المستمرة وانعكاسها على ممارسيها والمحيطين بهم.

وروى كاظم الساهر بعض ذكرياته مع نزار قباني، ورؤية الأخير لجانب فيه يمكن أن يكون شاعراً وهو ما كان يشعره بالسعادة الشديدة، قائلاً: “كنت أخجل من نزار عندما أطلب تعديلاً بسيطاً، وكان يطلب مني في كل مرة الكف عن الخجل والانتظار ولكن بعد دقائق يهاتفني ويقول لي عبارته الجميلة أكتب هذا البيت الجميل”.

وأضاف: “قال لي نزار قباني مرة أنني شاعر، وكنت أطير من الفرح عندما عدت، بأن قامة كبيرة مثل نزار رأى فيني هذا الجانب”.

وحول علاقته ب‍كريم العراقي، لفت إلى أن نزار قباني كان معجباً به وأوصاه أن يتمسك به، موضحاً أنه كان يعمل في أيامه الأخيرة على قصيدة ويعدل فيها، ووعده أن تخرج كما تمنى ولا يقبل بتسجيلها تجارياً، معلقاً: “لقد وعدت كريم وسوف أفي بوعدي”.

وفي الوقت نفسه، كشف كاظم الساهر عن انتهائه من كتابة أغنية أوقفوا الحرب التي سيطلقها باللغة الإنجليزية لتجمل رسالة لوقف الحرب على قطاع غزة إلى العالم، ويستعد للسفر إلى نيويورك لتسجيلها بالتعاون مع الأمم المتحدة.

وعن كلمات الأغنية أوضح أنها تقول: “أوقفوا الحرب، لقد تعبنا، نحن نتمنى لكل أطفال العالم أن يعيشوا بسلام، هذا ما تقوله ثقافتنا ومحبتنا، فالتسامح جميل، ونحن لا نريد لأحد أن يموت أو يتعرض للظلم”.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: کاظم الساهر نزار قبانی

إقرأ أيضاً:

«الفن.. ذلك الجرح الذي يصبح ضوءا»

كيف لنا أن نعيش من دون الفن، من دون الدراما؟

لا أتذكّر كم كان عمري حين أخذنا والدي إلى السينما فـي صلالة. فـي كل مرة أذهب فـيها وهي مرات قليلة لا تتجاوز أصابع الكف الواحدة، كنتُ أوقن أن ما يشدّني إلى الفـيلم، ليس فقط الصور والأبطال والحوارات، بل شيء أعمق، يتجاوز الشاشة. الخيال الهائل والحكايات المصوّرة لم تكن مجرّد تجربة سينمائية، بل انفتاحا على ما يمكن تسميته بالحياة التي هناك. ظللتُ أنصت إلى صوت الطفولة والمراهقة وتشكُّل الوعي، وجدت نفسي أتجه نحو نوع أدبي وفنيّ مشاكس، يشتبك مع تفاصيل الحياة ويعيد إنتاجها؛ فاخترت المسرح، هذا الفنّ الذي لا يُشبه سواه.

(*) المسرح فنّ الفعل، وفنّ الزوال

المسرح فنّ مركب وجهازه التكويني مرهق ومُرهف فـي آن معًا. هو فنّ يَحتفـي بالزوال، إذ يختفـي العرض فور انتهائه، ويظل أثره فـي الذاكرة والتجربة. السؤال الذي يتردّد داخلي هو: بمَ يختلف الواقع المجتمعي فـي السينما عن نظيره على خشبة المسرح، ربما يظل هذا السؤال حيًا ومُلحًا، لأن الإنسان بطبيعته مشتبك مع الحياة، ومتغيّر باستمرار. ومهما قُدمت الإجابات فـي الكتب والمراجع، فإن الخبرة الحيّة لها وزنها، والاحتكام إلى المعايير الثقافـية والتوجهات الفكرية تؤدي دورًا حاسمًا، كما أن إكراهات الواقع المجتمعي تفرض حيويتها.

حينما عرّفت الناقدة الفرنسية آن أوبرسفـيلد المسرح بأنه «فن مفارق»، كانت تؤكد أن جوهره يكمن فـي تناقضاته: فالممثل حاضر وغائب فـي الوقت نفسه، نحن نشاهده يؤدي شخصية خيالية، لكنه موجود أمامنا بجسده وصوته. هذا التوتر هو روح المسرح، وهو ما يجعل العرض أكثر من مجرّد تمثيل.

(*) الممثل، النص، الجمهور: تكسير الجدار الرابع

المسرح لا يقوم على النص وحده، بل على جدلية معقّدة بين المؤلف والمخرج، والممثل والجمهور. يقول الكاتب المسرحي داريو فو ساخرًا: «هذه المسرحية لديها عيب، إنها جميلة فـي القراءة». وهو بذلك يلخصُ الاشتباك الحاصل بين المؤلف والمخرج، بين النص والعرض، بين جمال اللغة وجمال التمثيل.

فـي المسرح، لا يتلفظ الممثل بكلمات فائضة، بل يصنع بالكلام فعلا. القول يتحول إلى حدث، والصوت إلى طقس، وهنا تكمن فرادة المسرح باعتباره «فن الفعل». الممثل فرد، لكنه حين يتفاعل مع الجمهور، يصبح جزءا من فعل جماعي، ويُهدم الجدار الرابع بين الخشبة والصالة. فـي هذا التداخل، تحدث الطقسية المسرحية، ويتحول العرض إلى فضاء مشترك بين الحقيقة والخيال.

المسرح فن مفارق أيضا فـي تمظهر فعل حوار الشخصيات فالممثل لا ينطق بكلمات لا معنى لها، أو كلمات فائضة، بل يخلق بالكلام فعلا يقدمه الممثلون فـي أجزاء عناصر العرض المسرحي ككّل، فالقول يغدو فعلا، ومن هنا جاء تعريف المسرح بأنّه فن الفعل. يقول تيمون الأثيني مخاطبا الذهب، فـيغدو الذهب شخصية فاعلة فـي العرض المسرحي وبناء الحدث الدرامي: «أيها الذهب اللامع! أيها المعدنُ الإلهي! يا مَن تُحوِّلُ الأسود إلى أبيض، والعدل إلى ظلم، يا من تُفسد الحكيم، وتُفسق العذراء، وتُقيم الحقير، وتُسقط النبيل، أيها الذهب، أيها الجحيم المضيء، كم تفعل!».

(*) الدراما والتراجيديا: صراع الأخلاق والمال

تأسرني شخصية أنتيغون وأعدّها نقطة مشرقة فـي سماء ما أنتجه الأدب الإغريقي من تراجيديات، إذا ما قورنت بأفعال ميديا الشنيعة. المسرح عند سوفوكليس ليس سردا للأحداث، بل كشفا للصراع الداخلي، وتحويلا لكل عنصر على الخشبة إلى فعل جماعي وطقسي غامض.

فـي مشهد من مسرحية أنتيغون، يكشف سوفوكليس قدرة المال على شراء الذمم. إذ تنبعث شكوك الملك كريون فـي أن حراسه قبضوا رشوة من المال للسماح بدفن أخيها بولينيس على نحو سري دون تقيدهم بقرار حظر دفنه حسب الطقوس الملكية. يقول كريون مخاطبا قائد الكورس: «... ما ازدهر بين الناس نظام أسوأ من نظام المال. إن المال هو الذي يُدمر الدول؛ وهو الذي يطرد المواطنين من بيوتهم، وهو الذي تُغري دروسه القلوب الشريفة، ويحملها على ارتكاب الأوزار. إنه يُعلمهم الجرائم كلها، ويُعلمهم الفسق الذي يتجاسر على كل شيء. لكن من يبيع نفسه، ويبلغ هذه الدرجة، سينتهي ذات يوم إلى أن يَنال العقاب...إلخ».

عن طريق هذا الفعل تتجلّى الدراما كمرآة للصراع الإنساني الدائر: بين الخير والشر منذ هابيل وقابيل، وبين الطمع والجشع وبين القناعة والقبول والاعتراض والرفض، وبين التسليم المناسب بالقدر للضمير الإنساني والتمرد. هذه الجدلية لا تقتصر على كريون، بل تمتد إلى تيمون الأثيني، إن أبشع ما فعله نحو الدراما الأخلاقية تمظهر فـي تحوله من محتقر للمال، إلى عابد له يوظفه فـي إفساد ضعاف النفوس، ويزرع الفوضى والكراهية التي قادت فـي نهاية المطاف إلى نهش جسد أثينا. إن وظيفة الفن بحسب (جورج براك) لا تقتصر على خلق التوازن بين الواقع والخيال، بل إن الفن، ذلك الجرح الذي يصبح ضوءا.

(*) الدراما: صيغة الحاضر الأبدية

الدراما ليست وصفة طبية علاجية، ولا خلطة أعشاب سحرية تباع عند العطّار، إنها أبعدُ من ذلك. الدراما فن الفعل وصيغة الحاضر الأبدية. إنها مساحة اعتراف وتحرر وتطهير. حين يصرخ الملك أوديب فـي وجه العالم الإغريقي معترفا: أنا القاتل! فإنّه يؤكد تلك الصيغة الحاضرة للدراما فـي تفاصيل حياتنا، وفـي مصيره قبل مصيرنا. أوديب لا يكشف عن مأساته فقط، بل يضعنا أمام مرآة الضمير الإنساني نفسه.

لا يكف الدرس الأكاديمي عن العودة إلى التراجيديا الإغريقية للبحث فـيها عن تجسيد التجارب الإنسانية فـي حاضرنا. تمظهر هذا الطرح مع (هيغل) فالتراجيديا فعل يُجسد تناقضات الصراع الأخلاقي والجدلي فـي اللحظة الحاضرة. تنبع قوة الدراما الكلاسيكية من تفاعلها مع المبدأ الأخلاقي دون أي تزعزع. ينطلق تيمون إثر خيانة أصدقائه له من الخير المطلق إلى الشر، وهو بتحوّله يدين المنظومة الأخلاقية لمجتمع أثينا (ق.م)؛ تلك المنظومة التي جعلت المال أساس العلاقات (نلمح جذور الميكيافـيلية). والملك كريون انطلق من منظومة الدولة فوق كلّ شيء، فالقوة الدرامية تتجلى فـي أن سقوط الشخصيتين نتجا عن تورطهما فـي مطلق أخلاقي عالٍ لا يلين. فـي مسرحية الاغتصاب لسعدالله ونوس التي تناولت الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي على اعتباره صراعا وجوديا أخلاقيا وإنسانيا، حيث نشاهد البطل ممزقا بين الحق الشخصي والحق الجماعي، كما أنتيغون.

يبدو كحقيقة واقعة، من موقف تيمون إلى كريون، ومن أنتيغون إلى أوديب، ومن داليا إلى خالد، ينجح المسرح فـي عرض سلسلة من الصراعات العميقة بين الحقوق، وليس فقط بين الخير والشر، ليقول لنا على نحو من الأنحاء: الفنّ ليس حلا لمشكلات المجتمعات، بل تفكير وسؤال دائم، وجرح يتوهّج.

هل نكون على خطأ حين يُحب البشر المال، ويتقاتلون من أجل حيازته؟ ألم يُزّين الله تعالى المال فـي الحياة الدنيا؟ التراجيديا الكلاسيكية تضع سؤال الأخلاق كمبدأ للصراع الجدلي، فالأخلاق تُنتج مأساة حين تؤخذ على إطلاقها دون وعي بالواقع وتحولات النفس البشرية.

مقالات مشابهة

  • خلال سنتين من الحرب، الميليشيا فقدت مئات الآلاف من المشاة، لدرجة بقت تلقّط في المرتزقة بالبلاد
  • هل فقدت الجمعيات العامة السنوية دورها؟
  • «الفن.. ذلك الجرح الذي يصبح ضوءا»
  • دينزل واشنطن يفاجئ الجمهور بتصريحات صادمة عن هوليوود
  • وفاة مدير الدفاع المدني السابق ومستشار وزير الداخلية الفريق كاظم بوهان
  • وفاة مدير الدفاع المدني السابق الفريق كاظم بوهان إثر جلطة قلبية
  • كأنك فقدت ضلع من روحك.. حسين الجسمي يرثي شقيقيه بكلمات مؤثرة
  • مسلسل المداح 5 الحلقة 25.. جريمة حقيقية وراء مشهد السيدة التي فقدت حفيدها
  • بعد إقالة الكروي.. نزار اللهيبي يؤدي اليمين القانونية رئيساً لمجلس ديالى
  • رسمياً.. نزار اللهيبي يؤدي اليمين ويتولى رئاسة مجلس ديالى