بايتاس: المغرب دولة أمة ذات قواسم مشتركة تتأسس على الأسرة
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
قال الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، الجمعة بالرباط، إن المغرب يعد “دولة أمة ذات قواسم وطنية مشتركة، تتأسس على الأسرة كنواة للمجتمع”.
وتابع بايتاس خلال الدرس الافتتاحي للموسم الجامعي 2023-2024 بكلية علوم التربية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، الذي تناول موضوع “أدوار المجتمع المدني في ظل الأزمات الاجتماعية”، أن هذه القواسم المشتركة هي التي تذكي الجوانب الإنسانية، مشيرا إلى الهبة التضامنية التي أبان عنها المغاربة خلال زلزال الحوز على وجه الخصوص، من أجل تقديم مختلف أنواع الدعم والمساندة للمتضررين.
وأبرز أن مفهوم “الدولة-الأمة في السياق المغربي تنصهر فيه كافة الحواجز وتذوب فيه الاختلافات، ويغلب دوما عناصر الانصهار والوحدة “، مضيفا أن تعزيز الإصلاحات الديمقراطية والدستورية مكن من مواجهة مختلف التحديات.
وأوضح أن انخراط المجتمع المدني عزز تموقع الفاعل العمومي، مشيرا إلى الترسانة القانونية الناظمة للمجتمع المدني والمشكلة أساسا من الوثيقة الدستورية، والقوانين التنظيمية على غرار القانون التنظيمي رقم 64.14 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع، والفعلية الإجرائية لمواكبة البرلمان لهذا الحق، وصدور المرسوم الخاص بالتطوع التعاقدي.
ودعا الوزير إلى توطيد الشراكة بين الفاعلين المدني والعمومي، مذكرا في هذا الصدد بـ”استراتيجية نسيج” التي أقرتها الوزارة والمرتكزة أساسا على مبادئ الالتقائية والحكامة، والتأطير، والتكوين، والمواكبة المستمرة للفعل المدني.
و أكد أن استقلالية المجتمع المدني رهينة بتوطيد العلاقات مع كافة شرائح المجتمع ، مشيدا بأدوار الجامعة كصرح معرفي وأكاديمي يعمل على ضمان التطوير المستمر للفعل المدني عبر مختلف الدراسات والأبحاث.
وأبرز خلال هذا الدرس الافتتاحي الذي عرف حضور أساتذة باحثين متخصصين في التربية، وطلبة، أهمية الأسرة ودورها في تعزيز المجتمع المدني بعدة قيم منها التضامن، والتوادد، والتعاضد.
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: المجتمع المدنی
إقرأ أيضاً:
معارض الكتب.. الكلمة التي تبني وطنا
في زمن تُقاس فيه التحوّلات بالتنمية المادية، وتُقاس فيه النجاحات بعدد المشروعات والمنجزات الملموسة، هناك ما يحدث في كثير من الهدوء وبعيدا عن الضجيج وعن المؤتمرات السياسية والاقتصادية وعن تفاصيل الإنجازات اليومية، لكنه أكثر رسوخا وأبعد أثرا.. إنه بناء الوعي.
ومن بين أكثر أدوات هذا البناء فاعلية وعمقا، يمكن الحديث عن معارض الكتب، الفضاءات التي تبدو ـ للوهلة الأولى ـ أسواقا أو دكاكين للبيع، ولكنها، في عمقها الحقيقي، مؤسسات للنهضة الصامتة، وجبهات مقاومة فكرية في مواجهة التفاهة، وهيمنة الاستهلاك، وتآكل الجوهر في هذا الزمن الرقمي.
ومعرض مسقط الدولي للكتاب، الذي يفتح أبوابه اليوم في دورته التاسعة والعشرين، هو أحد تلك الحالات المجتمعية النادرة التي تراكم فيها الوعي العماني على امتداد أكثر من ثلاثة عقود، وارتسمت عبرها ملامح الأجيال التي قرأت وتناقشت واختلفت وتحاورت بين أروقته وفي قاعات فعالياته.
لقد تحول المعرض، عاما بعد عام، إلى مرآة غير مباشرة لأسئلة المجتمع الكبرى: ما الذي يشغل العمانيين؟ ما نوع المعرفة التي يبحث عنها الشباب؟ كيف تتغير اهتمامات الفئات العمرية المختلفة؟ وفي أي اتجاه تمضي أذواق المجتمع الثقافية؟ هذه الأسئلة لا تُجيب عنها استطلاعات الرأي، وهي غائبة أصلا، بقدر ما تجيب عنها عناوين الكتب التي تم بيعها، وخرائط الزحام أمام دور النشر، وحوارات الزوار في الزوايا والأجنحة.
لكن معرض مسقط الدولي للكتاب الذي يفخر به العمانيون باعتباره أحد أهم معارض الكتب في العالم العربي وباعتباره الحالة الثقافية التي تعكس حقيقة وعمق المجتمع العماني ليس تظاهرة ثقافية آنية، إنه بكثير من المعاني مختبر مجتمعي لقياس الوعي والذائقة العامة، ورصد تحوّلاتها. وفي كل دورة كان المعرض يقدم، دون أن يصرح، مؤشرا سنويا لوعي المجتمع ومسارات الحرية الثقافية عبر مستويات البيع ومستويات التلقي للكتب الفكرية والروائية والأطروحات السياسية والفكر الديني والكتاب النقدي الذي يتجاوز القوالب الجاهزة، وكذلك عبر قياس مستوى تنوع فئات المجتمع الذين يرتادون المعرض.
وما بين عشرات الملايين من الكتب التي انتقلت من أرفف الدور إلى أيدي القرّاء، كانت تتشكل سلسلة ذهبية من الوعي: قارئ يطرح سؤالا، وناشر يستجيب، وكاتب يكتب، ومجتمع ينمو. وبهذه الطريقة تبنى النهضات الثقافية والفكرية الحقيقية والعميقة بعيدا عن الشعارات الكبيرة ولكن بتراكمات صغيرة بفعل القراءة، ثم التأمل، ثم النقد الحقيقي.
وكل من آمن بالكتاب ودافع عن مكانته، وشارك في صناعته أو نشره أو قراءته، كان يضع حجرا مكينا في مسيرة بناء وعي المجتمع العُماني، ذاك الوعي الذي لا يُرى لكنه يُشعر، ويُقاس بمدى قدرة المجتمع على طرح الأسئلة بدلا من استهلاك الأجوبة الجاهزة.
ولذلك فإن الذين سيحتفلون في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض صباح اليوم إنما يحتفلون بما صار يمثله المعرض في الوجدان الجمعي من كونه مركزا للمعرفة وساحة للحوار، وفضاء واسعا لأحلام الجميع.. وهذا الفعل أحد أهم أدوات المقاومة في زمن رقمي قاسٍ يستهلكنا أكثر مما يعلّمنا؛ ذلك أن أمة لا تحتفي بكلمة، لا تبني مستقبلا. ومعرض الكتاب ليس احتفالا بالورق، بل احتفاء بالعقل، وبما يجعلنا بشرا في عالم واسع يُصادر فينا إنسانيتنا كل يوم.