لقاءات ميقاتي العربية تعيد عقارب الساعة إلى فاعلية الديبلوماسية اللبنانية
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
على وقع الحرب الدائرة في غزة وما يتعرّض له أهلها من عمليات اغتيال جماعية تمهيدًا لمحاولة تشريدهم وتهجيرهم من أرضهم بدأت تُسمع بعض الأصوات، التي ترفض الحرب ومنطقه، حتى داخل إسرائيل، وتطالب بالعودة إلى "حلّ الدولتين"، باعتبار أن الحروب في العالم، القديم منها والحديث، لم تؤدِ إلى أي نتيجة في تغيير خارطة الشعوب، بل عمّقت الانقسامات بين منطقين يسودان العالم، وهما منطق الذي يستقوي على الضعيف، ومنطق الضعيف المغلوب على أمره، والذي يحاول بين الفينة والأخرى المطالبة بحقّه المهدور، ولكن في النهاية تكون الغلبة لمنطق الذئب المستقوي على الحمل، ليصل لافونتين إلى خلاصة واقعية، بعيدًا عن العواطف والشعارات الرنانة، وهي أن منطق القوي هي دائمًا الأفضل ( la raison du plus fort est toujours la meilleure).
وعلى رغم ما في قصة لافونتين من واقعية مجحفة فإن كل الحروب في العالم انتهت إلى تسويات أو اتفاقات أو بروتوكولات. وهذا ما سيحصل في غزة على رغم ما دفعته من ضريبة باهظة من دماء أطفالها ونسائها وشيوخها، وما حلّ فيها من دمار وتشريد جماعي. ففي النهاية لا بدّ من أن يصمت المدفع، وأن تحلّ مكانه لغة العقل والمنطق السليم، وليس منطق لافونتين.
فما قاله الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطاب 3 تشرين الثاني رفع منسوب إعطاء فرصة حقيقية لأي تسوية ممكنة لوقف العدوان على غزة. وهذا ما شجّع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على استكمال جولته العربية طارحًا مبادرته الهادفة إلى وقف إطلاق النار في القطاع الغزاوي، والعمل على منع وصول شرارة الحرب إلى لبنان وتدرجها من معارك "قواعد الاشتباك" إلى حرب شاملة ومدّمرة.
فبعد زيارته لدولة قطر ولقائه أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني التقى الرئيس ميقاتي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بعدما توجه إلى مصر من الأردن، حيث التقى وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن. وهذه الحركة الديبلوماسية لرئيس حكومة لبنان أعادت إلى الدور اللبناني بعضًا من أهميته، وإلى الديبلوماسية اللبنانية الكثير مما فقدته خلال السنوات الأخيرة من قوة حضور وفاعلية، وذلك نتيجة عدم الوضوح في الرؤية وفي السياسة الخارجية اللبنانية.
فالرئيس ميقاتي، الذي يكرّس كل وقته حاليًا، في زياراته الخارجية، وفي اتصالاته بجميع الأطراف المعنيين بالحرب الدائرة في غزة، لا يسعى سوى إلى ما يمكن أن يُستنتج من خلاصات من شأنها أن تطمئن اللبنانيين إلى أن شبح الحرب قد أصبح وراءهم، وإن كان الحذر في التعامل مع الوقائع الميدانية واجب، خصوصًا أن ما يمكن أن تؤول إليه من مفاجآت اللحظات الأخيرة يقتضي التصرّف معها على أساس التعامل مع كل حدث على حدة، وذلك في انتظار ما ستفضي إليه "الديبلوماسية الناعمة" من نتائج متوقعة، وهي ستكون في أسوأ الأحوال أفضل بمئة مرّة من انتقال الحرب الشاملة إلى كل بقعة من جغرافية لبنان.
ولا ينسى الرئيس ميقاتي في خلال لقاءاته واتصالاته بأن يذكّر بان لبنان متروك من دون رئيس منذ سنة، وما لتغييب لدور رئيس الجمهورية من سلبيات تلاحق اللبنانيين عبر تفريغ المؤسسات وتهميش أدوارها التشريعية والتنفيذية والقضائية والإدارية.
فالذين يؤيدون رئيس الحكومة أو لا يؤيدونه يجمعون على السواء بأن ما يقوم به الرجل على المستويين الداخلي والخارجي هو أقصى ما يمكن أن يُعمل في هذه الظروف الحرجة، خصوصًا أن لبنان غير مدرج على سلم أولويات الاهتمامات الدولية الصديقة والشقيقة. وهذا ما يجعل من مهمة الاقناع صعبة بعض الشيء، من دون أن يعني ذلك تثبيطًا للهمم، بل يشكّل عامل دفع إضافيًا لإكمال ما تمّ إنجازه حتى الآن.
وما يجدر ذكره أن مجمل هذه الاتصالات والمساعي واللقاءات تخلص إلى قاسم مشترك واحد بين جميع الذين يهتمون بالوضع اللبناني، وهو أن استقرار لبنان هو ضرورة وأساس للاستقرار في المنطقة. وهذا ما سمعناه يتردّد كثيرًا عندما وقّع لبنان على اتفاق ترسيم الحدود البحرية.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: وهذا ما
إقرأ أيضاً:
تحرك ديبلوماسي مصري فرنسي وايطالي.. موسى: لانتخاب رئيس تزامناً مع انتهاء الحرب
منذ رحيل آموس هوكشتاين لم يبرز أي حراك علني أو مبادرة جديدة أو سعي لطرح الحلول وإيقاف الحرب، بما يعني تسليم ملف الشرق الأوسط إلى إدارة جديدة، وإلى ذلك الحين يبقى الحراك الأميركي مقيّداً.وتبرز في الأيام المقبلة القمة العربية-الإسلامية المشتركة التي ستعقد في الحادي عشر من تشرين الثاني الحالي في الرياض، وستكون الحرب في لبنان من أبرز ملفاتها على طاولة القادة العرب.
وفي هذا الإطار يشير السفير المصري في لبنان علاء موسى إلى أن جمهورية مصر التي تشارك في القمة "ستكرر موقفها المعروف، وهو الوقوف إلى جانب لبنان والمطالبة بوقف فوري ودائم لإطلاق النار".
ويقول لـ"النهار": "لن يشارك سفراء الخماسية في القمة، إنما سنوصل صوتنا بالتأكيد سعيا إلى وقف الحرب وبذل الجهود لانتخاب رئيس للجمهورية بالتوازي مع عملية وقف النار، لا قبل ولا بعد".
ويضيف: "فليشكل هذا الانتخاب باباً لانتظام الحياة السياسية والمؤسساتية عبر تشكيل حكومة وملء الشواغر في جميع مؤسسات الدولة".
ويشير إلى أن مصر "ستطالب أيضاً المجتمعين ببذل كل ما هو ممكن على صعيد المساعدة، وخصوصاً في الشأن الإنساني، للتمكن من التعامل مع مشكلة النزوح إلى حين انتهاء الحرب كمرحلة أولى عاجلة في الوقت الراهن".
ويذكّر السفير المصري في هذا الإطار بأن دولته "لم تتوانَ عن مساعدة لبنان منذ انفجار مرفأ بيروت وأزمة كورونا والكوليرا، واستحدثت الجسر الجوي الإغاثي منذ بداية الحرب وأرسلت نحو 67 طناً من المواد الغذائية والطبية ومختلف الحاجات، وتواصلها كامل مع الحكومة اللبنانية لمدها بما تحتاج إليه، وسيبقى الجسر قائماً".
في المقابل، سجلت امس، زيارتا سفيري فرنسا هيرفيه ماغرو وايطاليا فابريزيو مارشيللي للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
وقالت مصادر دبلوماسية متابعة لـ«اللواء» ان الزيارتين تقعان في سياق المشاورات التي يجريها السفراء الغربيون لا سيما الفرنسي، ولا جديد فيهما سوى متابعة المجريات اللبنانية على الارض، لا سيما كما قال السفيران حول قضايا وقف الحرب ومعالجة اوضاع النازحين في مراكز الايواء، اضافة الى استمرار حث الاطراف اللبنانية على انتخاب رئيس للجمهورية «للإنطلاق في مسار جديد يمكن البلاد من الخروج من الازمة».
اما سفير فرنسا فاطلع الراعي على «نتائج مؤتمر باريس الذي اقيم لدعم اللبنانيين ودعم سيادة لبنان، وكان اتفاق على ضرورة متابعة العمل لمنح الشعب اللبناني الأمل بمستقبل افضل».
واضاف ماغرو: نحن نبذل جهدا لتحقيق وقف لإطلاق النار، ونشجع ايضا كل المبادرات اللبنانية التي تسمح بتهيئة مستقبل افضل لهذا البلد وقلب صفحة جديدة. وانطلاقا من هذا فان فرنسا تعتبر بكل تأكيد ان للبطريرك الراعي وللبطريركية المارونية دورا اساسيا في هذا الإطار تحضيرا لمستقبل افضل للبنان وللبنانيين. كما شددنا على اهمية تقديم المساعدة للنازحين وايجاد حلول لحماية النظام التعليمي في لبنان الذي يمثل مستقبل هذا البلد.
واعلن المتحدث باسم الخارجية الاميركية ماثيو ملير ان وزير الخارجية انتوني بلينكن يعتزم مواصلة عمله لانهاء الحرب في غزة ولبنان في الفترة المتبقية من ولايته قبل ان يتسلم الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه.