افتتح المستشار عمر مروان وزير العدل ، الدكتور محمد ضياء رئيس جامعة عين شمس فعاليات المؤتمر السنوي لكلية الحقوق بعنوان التحديات والآفاق القانونية والاقتصادية للذكاء الاصطناعي.

وذلك بحضور ا.د غادة فاروق نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ، الدكتور محمد صافي عميد كلية الحقوق، الدكتور عمر الحسيني عميد كلية الهندسة ، ا.

د ياسين الشاذلي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث ، الدكتور محمد الشافعي وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب ، الدكتور احمد ديهوم وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ، أ.د. جويدو ويستكامب، المدير الأكاديمي لبرنامج الماجستير في الملكية الفكرية، جامعة كوين ماري، السيد ألفونسو فيردو بيريز، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، أليكس إيفانكو، رئيس مجموعة العمل الرابعة للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (أونسيترال)، أ.د. كاتالين ليجيتي، نائب رئيس الجمعية الدولية للقانون الجنائي ،AIDP، عميد كلية الحقوق والاقتصاد والمالية بجامعة لوكسمبورغ.

جامعة عين شمس تواصل  فعاليات الأسبوع التوظيفي  «Career Week 2023» في أول ظهور له.. رئيس جامعة عين شمس الجديد يفتتح المؤتمر السنوي لكلية الحقوق.. وزير العدل: نعمل على إعداد مشروع قانون متكامل لمواجهة تحديات وآثار الذكاء الاصطناعي ألسن عين شمس تستضيف ندوة تعريفية عن ريادة الأعمال والتوظيف وزير العدل: نعمل على إعداد مشروع قانون متكامل لمواجهة تحديات وآثار الذكاء الاصطناعي وزير العدل في حقوق عين شمس: الرئيس السيسى يهتم بالعلم ويقدر العلماء رئيس جامعة عين شمس الجديد: المتيني كان خير داعم للكليات لتحقيق انجازات ملموسة رئيس جامعة عين شمس الجديد يفتتح المؤتمر السنوي لكلية الحقوق اليوم.. انطلاق فعاليات الأسبوع التوظيفي بجامعة عين شمس «Career Week 2023» جامعة عين شمس تقيِّم دراسات الجدوى لمبادرة الطالب المنتج بالجامعات أخبار التعليم .. جامعة المنيا: التوسع في خدمات التكافل الطلابي وإنشاء مبان بمستشفى القلب.. لتنشيط الذاكرة.. أستاذ مناعة يقدم نصائح مهمة قبل انطلاق الامتحانات


وخلال كلمته تقدم المستشار عمر مروان وزير العدل بخالص التهنئة للأستاذ الدكتور محمد ضياء زين العابدين بمناسبة صدور القرار الجمهورى بتعيينه رئيسا لجامعة عين شمس العريقة متنميا له وللجامعة مزيدا من التوفيق والتقدم، كما اعرب عن سعادته بالتواجد فى رحاب كلية الحقوق التى ساهمت من خلال أساتذتها الأجلاء فى تشكيل الجزء الأكبر من تكوينه العلمى القانونى، حيث درس بها خلال المرحلة الجامعية الأولى، وتم تعينه نظير التفوق الدراسى معيدا بالكلية، قبل انتقاله العمل القضائى، مشيرا ان جلسات المؤتمر  تتناول موضوعات فرعية متعددة تعالج علاقة الذكاء الاصطناعى بحماية الابتكار، وتأثيراته فى مجالات حقوق الإنسان، والقانون الجنائى، والقانون الدولى الإنسانى، والمسئولية عن استخدام تقنياته المتطورة سوف يتمخض عنها نتائج وتوصيات مهمة معربا عن تطلعه إلى إدراجها فى تقرير ختامى عن المؤتمر يُرسل إلى مختلف الجهات المعنية فى الدولة.


وأشار إلي ان الدور التي تقوم بها كلية الحقوق جامعة عين شمس هو احد الادوار المنوطة بها الجامعات من خلال تقديم بحث علمي تطبيقي، مضيفا، أن البحث العلمي من أهم القضايا التي تهتم بها الدولة المصرية والتي تعبر الي الجمهورية الجديدة، تلك الجمهورية التي تقدر وتهتم بالبحث العلمي والعلماء، متابعا: سيتم العمل علي اعداد مشروع قانون متكامل لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي ،
كما طالب كلية الحقوق ترشيح احد اعضاء هيئة التدريس بكلية حقوق جامعة عين شمس للمشاركة في اعداد مشروع القانون .

وأكد وزير العدل، أن الوزارة تعكف على خطة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في أساليب وأدوات العمل على نحو من شأنه مواكبة العصر وينعكس على جودة العمل وتحقيق راحة المواطن، وذلك في إطار آفاق الرقمنة والحوكمة التي تحققت في الجمهورية الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة.

وأضاف أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يهتم بالعلم ويقدر العلماء، وهذه من أهم صفات الجمهورية الجديدة.

وفي كلمته اعرب ا.د محمد ضياء رئيس الجامعة عن سعادته بتواجده في مؤتمر كلية الحقوق ،متوجها بالشكر  والتقدير لكل قيادات الجامعة السابقة وعلى رأسها الأستاذ الدكتور محمود المتيني رئيس الجامعة السابق على جهودهم المخلصة وحرصهم على دعم وتحفيز العملية التعليمة وتطوير الجامعة ومنسوبيها في مختلف المجالات.


وأشار إلي أن مؤتمر كلية الحقوق لهذا العام يأتي بمشاركة ثرية من مختلف الجهات المحلية والدولية بحضور باحثين من جامعة ليون بفرنسا، وجامعة كوين ماري ،الإنجليزية وجامعة الشارقة الإماراتية، والجمعية الدولية لقانون العقوبات ولجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومختلف الجامعات المصرية، موضحا ان المؤتمر  يواكب صدور الدليل الاسترشادي لضوابط استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي والبحث العلمي في أكتوبر الماضي والذي يأتي في ضوء توجيهات الدولة المصرية المتعلقة بالاستخدام الأخلاقي والمسئول لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وجهات الدولة المصرية في مجال التعليم والبحث العلمي، مؤكدا ان الثورة التكنولوجية وبخاصة في مجال الاتصالات والمعلومات تعد أهم التطورات التي يعيشها العالم اليوم، وتعتبر بلا شك هي المحرك الأساسي للكثير من احداث حياتنا اليومية. واشاف انه كما كانت الثروة الصناعية والتحول إلى الآلة" علامة فارقة في تاريخ البشرية جلبت معها الرفاهية والثروة لبعض الشعوب إلا أن ثمارها كانت حكراً على الدول المتقدمة ولم تنتفع بها كل البشرية كما كان لها تبعات مدمرة على أعداد كبيرة من السكان. لذلك ونحن نعيش اليوم خضم ثورة أخرى تكنولوجية، فإن دروس الماضي يمكن أن تساعد في مواجهة الحاضر بدرجة أفضل.

وأوضح أنه كان من نتاج التطور التكنولوجي الكبير ظهور الذكاء الاصطناعي وما اتاحه من أدوات جديدة للتواصل ومجالات عديدة للعمل والابداع وخدمات فريدة في مختلف جوانب الحياة دون ان يكون لذلك حدود معلومة أو قواعد ملموسة، كما أنه قد صاحب ذلك التطور العديد من الجوانب السلبية التي قد تؤثر على قيم واخلاقيات المجتمع بل وأمنه ايضاً، حيث أتاح الذكاء الاصطناعي التوليدي استخدام البيانات لإنشاء محتوى جديد يشبه ما ينتجه البشر على غرار شاتجيبت، مما قد يشكل احتيال على حقوق الملكية الفكرية ومساس بالنزاهة الاكاديمية.

 كما وجه  النظر إلي انه هناك مخاوف جدية حول التسارع الكبير في تطوير أنظمة العلاج والتشخيص بنظام الذكاء الاصطناعي وما قد يشكله من تحديات بخصوص مفهوم سلامة الجسد وتحديد اطار المسئولية الطبية. كما قد يؤدى هذا التطور إلى تراجع في عدد الوظائف ومتوسط دخل الفرد وانعدام المساواة الاقتصادية بشكل هائل فضلاً عن أن تنامي استخدام الذكاء الاصطناعي في تصنيع الأسلحة العسكرية سيؤدي حتما إلى تغيير جذري في شكل النزاعات المسلحة والمبادئ المستقرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي.


كما اشار ا.د محمد ضياء ان عالم الجريمة ليس معزولا عن هذه التحولات التكنولوجية الهامة التي يشهدها العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، بل يمكن القول أن جماعات الجريمة المنظمة يكون لها السبق أحيانا في استغلال التحولات التكنولوجية من خلال ابتكار أنماط إجرامية تستدعي جهدا كبيرا وتقنيات متقدمة لمواجهتها ودرء أخطارها عن الإنسانية. وهذا يحتم أن يكون المكلفين بإنفاذ القانون قادرين على التصدي بنجاح لمخططات تلك الجماعات الإجرامية.


واختتم  كلمته بان صيانة المجتمع من شرور هؤلاء المجرمين والحفاظ على أمن المجتمع وافراده وسلامة ممتلكاتهم، ولا يتحقق ذلك بطبيعة الحال إلا من خلال إعداد رجل القانون الإعداد المطلوب وتعزيز خبراتهم ومؤهلاتهم العلمية والتطبيقية، مؤكدا ان عملية البناء والإعداد والتأهيل ليست يسيرة، ولكن كلنا ثقة أن كلية الحقوق وما تمتلكه من تاريخ عريق وحاضر مضيء ومستقبل مشرق قادرة على تأهيل تلك الكوادر وأيضا المشاركة المجتمعية الفعالة للتصدي لتلك التحديات والمساهمة في وضع الأطر التشريعية الملائمة بالتعاون مع كل مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية من أجل ضمان الاستخدام الامن والعادل لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

وفي كلمته رحب ا.د محمد صافي عميد كلية الحقوق بالحضور ، مشيرا ان مؤتمر الكلية السنوى، يحمل عنوان "التحديات والآفاق القانونية والاقتصادية للذكاء الاصطناعي"، ياتي انطلاقا من  اضطلاع بدورها فى مجال البحث العلمى التطبيقى الهادف إلى طرح حلول واقعية لقضايا المجتمع العملية، ولا سيما الإشكاليات والتحديات الهائلة الناجمة عن استخدام "الذكاء الاصطناعي"، والتي أضحت وبحق موضوعا يشغل بال المجتمع الدولى بأسره، وخاصة الدول النامية.

وأوضح  ان المؤتمر يناقش على مدار يومين مجموعة منتقاة من الدراسات والبحوث وأوراق العمل موزعة على سبع جلسات إضافة إلى الجلسة الافتتاحية، وهي تعرض لمسائل تتعلق بعقود الذكاء الاصطناعي وآليات حماية الابتكار، وتأثيرات استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي فى مجالات القانون الجنائي، والقانون الدولي الإنساني أو قانون المنازعات المسلحة والميادين الاقتصادية بجوانبها المتعددة التي تشمل التجارة والاستثمار والمال والنقد، وانعكاسات ذلك كله على احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ومنها حقه فى شغل الوظائف القانونية، وتختتم الجلسات بمناقشة موضوع المسئولية المدنية والجنائية عن استخدام الذكاء الاصطناعي بين أحكام الشريعة والقانون.

 

وأشار إلي أن أعمال المؤتمر سوف تتمخض عن نتائج وتوصيات نعمل على صياغتها، وإيصالها إلى مختلف جهات الدولة والقطاع الخاص المعنية بها للاستفادة منها، وهذا جزء من دور الكلية الأصيل في خدمة المجتمع.

يهدف الموتمر الذي يستمر علي مدار يومين الي تسليط الضوء على الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للذكاء الاصطناعي، وبيان دور القواعد القانونية . الدولية والداخلية والأجهزة الرقابية في تنظيم مجالاتها المختلفة.

يهدف الموتمر الذي يستمر علي مدار يومين الي تسليط الضوء على الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للذكاء الاصطناعي، وبيان دور القواعد القانونية . الدولية والداخلية والأجهزة الرقابية في تنظيم مجالاتها المختلفة.

جدير بالذكر ان المؤتمر يناقش عدة محاور منها المسئولية الشرعية والقانونية الناجمة عن استخدام الذكاء الاصطناعي، 
الأحكام الشرعية والقانونية للتعاملات باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي  الذكاء، أحكام قواعد الملكية في فود أنشطة الذكاء الاصطناعي ويناقش المحور الرابع الجوانب الاقتصادية لأنشطة الذكاء الاصطناعي، بينما يتناول المحور الخامس آثار الذكاء الاصطناعي على منظومة العدالة، ويدور المحور السادس عن البعد الأخلاقي لممارسات الذكاء الاصطناعي.

جامعة عين شمس IMG-20231105-WA0003 IMG-20231105-WA0002 IMG-20231105-WA0000 IMG-20231105-WA0001

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: جامعة عين شمس التعليم العالي

إقرأ أيضاً:

ثورة النماذج اللغوية: التوظيفات الخطرة للذكاء الاصطناعي في الإرهاب البيولوجي

 

في صيف عام 1990، قامت ثلاث شاحنات برش سائل أصفر على عدة مواقع في طوكيو وضواحيها، بما في ذلك قاعدتان للبحرية الأمريكية، ومطار ناريتا، والقصر الإمبراطوري. وكان وراء هذه الهجمات جماعة “أوم شينريكيو” (أوم الحقيقية)، وهي طائفة يابانية تهدف إلى إحداث انهيار شامل للحضارة الحالية تمهيداً لظهور مجتمع جديد يرتكز على مبادئها الدينية. بعد خمس سنوات من ذلك، اكتسبت الجماعة شهرة واسعة بسبب هجومها بغاز السارين على مترو أنفاق طوكيو، الذي أسفر عن مقتل 13 شخصاً وإصابة الآلاف.

كان هدف جماعة أوم في هجوم صيف عام 1990 هو أن يحتوي السائل الأصفر الذي تم رشه على سم البوتولينوم، وهو أحد أكثر المواد السامة بيولوجياً؛ ومع ذلك، لم يُسجل أي قتلى نتيجة لهذه الهجمات. من بين الأسباب المحتملة لفشل الهجمات، كان افتقار أوم إلى معرفة حاسمة، خاصة فيما يتعلق بالفرق بين نشر بكتيريا “كلوستريديوم بوتولينوم” وبين نشر “السم البوتولينومي” القاتل الذي تنتجه تلك البكتيريا. كما أنه من غير المؤكد ما إذا كانت الجماعة قد تمكنت من الحصول على الشكل السام للمنتج، وهناك عوامل أخرى قد تكون أسهمت في فشل الهجوم.

لو كان لدى جماعة أوم شينريكيو أو أي جماعة خبيثة مشابهة الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة، مثل برنامج “تشات جي بي تي”، لربما تجنبت ارتكاب هذا الخطأ وغيره. يُعد برنامج “تشات جي بي تي” متميزاً في الإجابة عن الأسئلة وتقديم المعرفة، بما في ذلك موضوعات مثل إنتاج سم البوتولينوم. وإذا كان لدى أوم شينريكيو إمكانية الوصول إلى هذا البرنامج، هل كان من الممكن أن يتذكر الناس هجمات صيف عام 1990 على أنها أسوأ حادثة إرهابية بيولوجية في التاريخ؟

تتمتع تطورات الذكاء الاصطناعي بإمكانات كبيرة في تحسين مجالات مثل العلوم والصحة، وتغيير طريقة العمل والتعليم، بالإضافة لتطبيقاتها في علم الأحياء التي أسهمت في حل مشكلة طي البروتين وتطوير الأدوية. لكن انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الهندسة البيولوجية يثير خطراً، حيث قد تستخدمه جهات ذات نيات سيئة لإحداث تأثيرات مدمرة. كما تناولت الأدبيات فإن نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) مثل “تشات جي بي تي”، بالإضافة إلى أدوات التصميم البيولوجي المدعومة بالذكاء الاصطناعي، قد تزيد بشكل كبير من المخاطر المرتبطة بالأسلحة البيولوجية والإرهاب البيولوجي.

ثورة نماذج اللغة الكبيرة:

النماذج اللغوية الكبيرة قد تسهم بشكل خاص في زيادة إمكانية الوصول إلى الأسلحة البيولوجية. ففي تمرين حديث أُقيم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، استغرق برنامج “تشات جي بي تي” ساعة واحدة فقط لإرشاد طلاب غير متخصصين في العلوم حول مسببات الأمراض الوبائية المحتملة، موضحاً الخيارات المتاحة لطرق اكتسابها من قبل أي شخص يفتقر إلى المهارات اللازمة لإنشائها في المختبر.

قصة افتقار أوم شينريكيو للمعرفة حول الفرق بين “كلوستريديوم البوتولينوم” و”سم البوتولينوم” ليست حالة فريدة. فقد واجهت برامج الأسلحة البيولوجية السابقة تحديات بسبب نقص الأفراد المؤهلين. على سبيل المثال، كان رؤوف أحمد، الذي بدأ دراسته في مجال الميكروبات، قد قاد جهود تنظيم القاعدة في مجال الإرهاب البيولوجي. وفي 2001، استخدم خبرته العلمية لمحاولة الحصول على الجمرة الخبيثة، لكن تم القبض عليه في ديسمبر من نفس العام، دون أن يُعرف مدى تقدم محاولاته. ومع تطور برامج الدردشة الآلية، قد تساعد هذه التقنيات عن غير قصد الأفراد ذوي النيات الخبيثة على تحسين مهاراتهم لإحداث الضرر.

لكن، إلى أي مدى يمكن أن يتعلم المرء من مساعد مختبر يعتمد على الذكاء الاصطناعي فقط؟ في نهاية المطاف، لصنع مسببات الأمراض أو الأسلحة البيولوجية، لا يتطلب الأمر فقط المعرفة النظرية التي يمكن لمستخدم نماذج اللغة الكبيرة تقديمها، بل يحتاج أيضاً إلى معرفة ضمنية عملية. من الصعب تحديد مدى تأثير هذا “الحاجز المعرفي الضمني” ومدى قدرة برامج مثل “تشات جي بي تي” على تقليصه؛ ومع ذلك، هناك حقيقة واضحة: إذا جعلت برامج الدردشة الآلية والمساعدون المدعومون بالذكاء الاصطناعي عملية إنشاء وتعديل العوامل البيولوجية أكثر سهولة، فمن المحتمل أن يحاول المزيد من الأفراد القيام بذلك. وكلما زاد عدد المحاولات، زادت احتمالية نجاح البعض في النهاية.

يُعد “تشات جي بي تي” بداية فقط لنماذج اللغة والذكاء الاصطناعي التي تُحدث ثورة في كيفية توجيه العلماء للروبوتات المعملية. قريباً، ستتمكن أنظمة الذكاء الاصطناعي من تنفيذ الأفكار وتصميم الاستراتيجيات بشكل مستقل؛ مما يسهم في تسريع أتمتة العلوم وتقليل الحاجة إلى العلماء في المشروعات الكبيرة؛ ومن ثم تسهيل تطوير الأسلحة البيولوجية بشكل سري.

إرهاب معزز بالذكاء الاصطناعي:

مع التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لم يعد الإرهاب البيولوجي والكيميائي مجرد تهديد نظري، بل أصبح احتمالاً متزايد الخطورة. إن توافر نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، قد يفتح الباب أمام فاعلين غير حكوميين، بما في ذلك الجماعات الإرهابية، لاستغلال هذه التقنيات في تطوير أسلحة فتاكة بسهولة غير مسبوقة.

1- ديمقراطية الوصول إلى التكنولوجيا: يمكن أن تصبح المواد العلمية التجريبية أدوات قوية في أيدي الجهات الخبيثة، حيث توفر وسيلة لنقل معلومات يصعب العثور عليها، لكنها متاحة للجمهور بنقرة زر واحدة. قد تؤدي هذه “الديمقراطية” في الوصول إلى المعرفة العلمية المتعلقة بتصنيع الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية إلى تعزيز فعالية الأنشطة الإرهابية بشكل كبير. وهذا يسهل على الإرهابيين فهم الأبحاث العلمية بشكل أفضل، وربما استغلال الخبرات الفنية اللازمة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تقلل المواد العلمية التجريبية من اعتماد الإرهابيين، خاصة الأفراد المنفردين منهم، على “الوسطاء” الذين ينقلون المعلومات، وعلى المجموعات عبر الإنترنت التي تنشر روابط للبرامج التعليمية أو المجلات التي تحتوي على تعليمات حول كيفية تصنيع العوامل الكيميائية والبيولوجية. كما يمكن أن تخلق فرص “افعل ذلك بنفسك” التي توفرها هذه المواد تحديات إضافية أمام أجهزة إنفاذ القانون في الكشف عن الأنشطة الإرهابية؛ مما يسهل على الإرهابيين اكتساب المعرفة العلمية ذات الاستخدام المزدوج.

رغم الفرص التي قد توفرها نماذج اللغة الكبيرة للإرهابيين؛ فإن تأثيرها المباشر في الأمن الكيميائي والبيولوجي يبقى محدوداً بسبب تعقيدات إتقان العمليات الكيميائية وعلوم الحياة؛ ومع ذلك، قد يسهم التقدم التكنولوجي بمرور الوقت في تسهيل الوصول إلى التجارب العلمية للأفراد الذين يمتلكون الموارد والمعرفة؛ مما يساعد على تطوير الخبرات اللازمة لتصميم العوامل الكيميائية والبيولوجية.

2- خطر تطور نماذج اللغة الكيميائية: نماذج اللغة الكيميائية أصبحت أداة فعّالة لتوليد جزيئات ذات خصائص مرغوبة، مثل تصميم جزيئات سامة تستخدم في تصنيع العوامل الكيميائية. أظهرت الدراسات أن هذه النماذج يمكن توجيهها لتصميم نظائر لغاز الأعصاب VX، الذي استخدمته جماعات إرهابية مثل أوم شينريكيو في 1994. هذا يثير احتمال سعي جماعات إرهابية أخرى لاستخدام مثل هذه العوامل؛ مما قد يساعد نماذج اللغة الكيميائية على تطوير المعرفة اللازمة لذلك.

كذلك، يمكن لهذه النماذج دعم اكتساب المعرفة حول العوامل البيولوجية، مثل توفير معلومات حول المعدات المعملية أو علم الوراثة العكسي لفيروس الأنفلونزا. كما يمكن إساءة استخدام برامج مثل ProtGPT2 وProGen لتصميم البروتينات والسموم مثل الريسين لتجاوز تقنيات الكشف، وهو ما قد يكون مثيراً للقلق نظراً للاهتمام السابق من جماعات مثل القاعدة وداعش بتسليح الريسين.

3- أجهزة تخليق الحمض النووي والتقنيات الناشئة المبتكرة: تُظهر التطورات في إنتاج الحمض النووي الاصطناعي كيف تواصل التقنيات الناشئة تغيير مشهد المخاطر. حالياً، يُراجع معظم مزودي خدمات تخليق الحمض النووي عملاءهم وطلبات التخليق بشكل طوعي، لكن الجيل الجديد من أجهزة التخليق المكتبية قد يغير هذا الوضع. هذه الأجهزة تمكن المختبرات من طباعة الحمض النووي دون الاعتماد على المزودين التجاريين؛ مما يصعب مراقبة الإنتاج. مع تحسن التكنولوجيا، قد يتمكن الأفراد أو المجموعات الصغيرة من الوصول إلى قدرات كانت محصورة في الحكومات والمختبرات المتقدمة؛ مما يقلل الحواجز أمام الجهات الفاعلة في هندسة مسببات الأمراض ويزيد من خطر الأوبئة.

تتمثل المخاطر المحتملة في تقصير الشركات التكنولوجية الرائدة في تنفيذ الإجراءات اللازمة، مثل عدم فحص أوامر الحمض النووي بشكل كافٍ أو عدم مراقبة تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. كما أن المبادئ التوجيهية الحالية والرقابة غير كافية؛ مما يخلق وضعاً مقلقاً حيث قد يصبح مستقبل البشرية مرهوناً بعدد قليل من المختبرات المتطورة التي تلتزم طواعية بأفضل الممارسات، رغم أنها لم تُحدد بوضوح.

4- أدوات التصميم البيولوجي: بينما قد تسهم نماذج اللغة الكبيرة في تعزيز حدود قدرات التصميم البيولوجي في المستقبل؛ فإن أدوات الذكاء الاصطناعي المتخصصة تحقق ذلك بالفعل في الوقت الراهن. تشمل هذه الأدوات نماذج طي البروتين مثل AlphaFold2 وأدوات تصميم البروتين مثل RFdiffusion. يتم تدريب هذه الأدوات عادةً على بيانات بيولوجية، مثل التسلسلات الجينية. وقد تم تطويرها من قبل العديد من الشركات والباحثين الأكاديميين لمواجهة التحديات الكبرى في مجال التصميم البيولوجي، مثل تطوير الأجسام المضادة العلاجية. ومع تزايد قدرة هذه الأدوات؛ فإنها ستتيح تحقيق العديد من الإنجازات المفيدة، مثل ابتكار أدوية جديدة تعتمد على بروتينات مبتكرة أو تصميم فيروسات مخصصة.

لكن مثل هذه القدرات التصميمية المتقدمة قد تسهم أيضاً في زيادة المخاطر البيولوجية. ففي الحالات القصوى، قد تمكّن أدوات التصميم البيولوجي من ابتكار عوامل بيولوجية تحمل خصائص غير مسبوقة. وقد افترض البعض أن مسببات الأمراض الطبيعية تتسم بتوازن بين قابليتها للانتقال ودرجة فتكها، بينما قد لا تخضع مسببات الأمراض المصممة لهذه القيود التطورية. من المحتمل أن تتمكن جماعات إرهابية من تصميم فيروس وبائي أكثر فتكاً بكثير من أي شيء يمكن للطبيعة إنتاجه؛ مما يرفع احتمالية تحول أدوات التصميم البيولوجي من تهديدات كارثية إلى تهديدات وجودية حقيقية. بالإضافة إلى ذلك، قد تتيح هذه الأدوات ابتكار عوامل بيولوجية تستهدف مناطق جغرافية أو مجموعات سكانية معينة.

على المدى القريب، قد تمثل القدرات التصميمية الجديدة تحدياً للتدابير الحالية التي تهدف إلى التحكم في الوصول إلى السموم الخطرة ومسببات الأمراض. غالباً ما تركز تدابير الأمن الحالية على قوائم محظورة من الكائنات الحية الخطرة أو فحص التسلسلات الجينية المعروفة التي تشكل تهديداً؛ ومع ذلك، قد تمكن أدوات التصميم من إنشاء عوامل أخرى ذات خصائص خطرة مماثلة لا تستطيع هذه التدابير التعرف عليها أو اكتشافها.

الخبر السار هو أن الإمكانات المتقدمة التي توفرها أدوات التصميم البيولوجي، على الأقل في البداية، من المحتمل أن تظل محصورة في أيدي عدد محدود من الخبراء الحاليين الذين سيستخدمون هذه الأدوات لأغراض مشروعة ومفيدة؛ ومع ذلك، فإن هذا الحاجز في الوصول قد يزول مع تزايد كفاءة أدوات التصميم البيولوجي إلى حد يمكن فيه الحصول على مخرجاتها مع الحد الأدنى من الاختبارات المعملية الإضافية، ولاسيما مع تحسين قدرة نماذج لغة الذكاء الاصطناعي على التفاعل بشكل كفء مع هذه الأدوات. بالفعل، يتم ربط نماذج اللغة بأدوات علمية متخصصة للمساعدة على أداء مهام معينة، بحيث يتم تطبيق الأداة الأنسب تلقائياً على المهمة المطلوبة؛ ومن ثم، قد تصبح إمكانات التصميم البيولوجي متاحة بسرعة لعدد كبير جداً من الأفراد، بما في ذلك الأطراف ذات النيات السيئة.

آليات الحد من المخاطر:

ما الذي يمكن فعله للحد من المخاطر الناشئة عن تقاطع الذكاء الاصطناعي مع البيولوجيا؟ هناك جانبان رئيسيان يجب التركيز عليهما: تعزيز تدابير الأمن البيولوجي العامة وتطوير استراتيجيات لتخفيف المخاطر المرتبطة بأنظمة الذكاء الاصطناعي الجديدة.

1- تدابير الأمن البيولوجي: في مواجهة القدرات المتزايدة لتصميم البيولوجيا، يُعد فحص تخليق الجينات الشامل خطوة أساسية للأمن البيولوجي. يتمثل التحدي في إنتاج اللبنات الجينية الأساسية التي تحول التصاميم الرقمية إلى عوامل مادية، وهناك شركات متخصصة في ذلك. منذ 2010، أوصت الحكومة الأمريكية بفحص طلبات العملاء لضمان الحصول على المواد الجينية من قبل الباحثين الشرعيين. ورغم أن بعض الشركات تقوم بهذا الفحص طواعية؛ فإن العديد منها ما يزال لا ينفذه. وقد أظهر تمرين بجامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا أن “تشات جي بي تي” قادر على تحديد هذه الثغرات وتوجيه كيفية استغلال ضعف أمن سلسلة التوريد.

نحتاج إلى قاعدة إلزامية لفحص منتجات الحمض النووي الاصطناعي، وهي لا تتعارض مع مصالح الشركات، حيث كانت الشركات الرائدة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تقوم بذلك طواعية وتدعو إلى وضع قاعدة تنظيمية لضمان السلامة. ويجب أن تشمل هذه القاعدة أجهزة تخليق الجينات المنتشرة وأن تكون مرنة لتشمل فحص العوامل المثيرة للقلق. كما يجب أن تشمل قواعد مماثلة لفحص العملاء في مقدمي الخدمات الآخرين الذين يؤدون دوراً حاسماً في التحول من الرقمي إلى المادي، مثل المنظمات البحثية التعاقدية.

2- تعزيز حوكمة الذكاء الاصطناعي: إلى جانب تدابير الأمن البيولوجي العامة، هناك حاجة لتدخلات خاصة بالذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تخفيف المخاطر المرتبطة بنماذج اللغة الكبيرة. فهذه النماذج قد تسهم في تقليل الحواجز لإساءة الاستخدام البيولوجي وتطور قدراتها بسرعة. من التحديات الرئيسة أن القدرات الخطرة قد لا تظهر إلا بعد إصدار النموذج؛ لذلك، التقييمات المبدئية ضرورية لضمان أن النماذج لا تحتوي على قدرات خطرة عند إصدارها، وينبغي أن تتم من قبل جهة مستقلة لضمان اتخاذ الشركات التدابير اللازمة. كما أن إصدار النماذج عبر واجهات منظمة مثل “تشات جي بي تي” يتيح تحديث الضمانات، بينما يشكل إصدار نماذج مفتوحة المصدر خطراً كبيراً؛ لأن الضبط الدقيق يمكن أن يُزال بسهولة.

بشكل عام، يثير التأثير المحتمل لأدوات الذكاء الاصطناعي في مخاطر إساءة الاستخدام البيولوجي سؤالاً عميقاً: من يجب أن يكون لديه الحق في الوصول إلى القدرات العلمية ذات الاستخدام المزدوج؟ بالنسبة لصناع السياسات الذين يسعون للإجابة عن هذا السؤال، من الضروري أن يأخذوا في اعتبارهم وجهات النظر المتنوعة من مختلف التخصصات والمجموعات السكانية والمناطق الجغرافية. سيتطلب هذا التوصل إلى مقايضات صعبة بين فتح المجالات العلمية المتعلقة بمسببات الأمراض، وإنفاذ القانون، ومراقبة تدفقات البيانات المتعلقة بالأنشطة غير المشروعة، مع زيادة خطر إساءة الاستخدام.

من المنطقي أن نماذج اللغة مثل “تشات جي بي تي” لا تقدم إرشادات مفصلة لإنشاء سلالات خطرة من الإنفلونزا الوبائية؛ لذلك، قد يكون من الأفضل ألا تقدم الإصدارات العامة لهذه النماذج إجابات تفصيلية حول الموضوعات ذات الاستخدام المزدوج. على سبيل المثال، نموذج “Claude 2” من شركة Anthropic يوفر حاجزاً أعلى مقارنة بـGPT-4 في هذا السياق. في الوقت نفسه، يجب أن توفر هذه الأدوات التدريب المناسب للعلماء لدعم تطوير الأدوية واللقاحات الجديدة. وهذا يتطلب آليات وصول متباينة، مثل التحقق من هوية العلماء عبر الإنترنت للوصول إلى الأدوات المتعلقة بالسلامة البيولوجية وتصميم اللقاحات.

ختاماً، مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، يصبح من الضروري مواجهة التحديات التي قد تنشأ عن إساءة استخدام هذه التقنيات، خاصة في مجالات مثل الهندسة البيولوجية والأسلحة الكيميائية. ورغم أن التطورات الحديثة في نماذج اللغة الكبيرة وأدوات التصميم البيولوجي قد فتحت آفاقاً جديدة للعلوم والصحة؛ فإنها في الوقت ذاته تحمل تهديدات وجودية إذا وقعت في الأيدي الخطأ. فالتحرك السريع من صناع السياسات يعزز السلامة ويتيح الاستفادة من مزايا الذكاء الاصطناعي.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • كلية ليوا تطرح تخصصين جديدين في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية
  • وزير العدل ورئيس التفتيش القضائي يتفقدان العمل بمحكمة استئناف إب
  • نموذجين للذكاء الاصطناعي مخصصين للروبوتات من جوجل
  • الذكاء الاصطناعي.. معركة عالمية تعيد تشكيل خارطة القوى السياسية والاقتصادية «جيوبولتيكال فيوتشرز»: النخبة الأمريكية أدركت أن التفوق في الذكاء الاصطناعي سيحدد موازين القوى العالمية مستقبلاً
  • غوغل تطلق نموذجين للذكاء الاصطناعي مخصصين للروبوتات
  • ثورة النماذج اللغوية: التوظيفات الخطرة للذكاء الاصطناعي في الإرهاب البيولوجي
  • الصحفيون والاستخدام الرشيد للذكاء الاصطناعي
  • رئيس جامعة بنها يفتتح المعرض الخيري للملابس لطلاب كلية التربية النوعية
  • الذكاء الاصطناعي والنظم المفتوحة.. محاور رئيسية في مؤتمر الجوال 2025 بإسبانيا
  • عون بحث مع وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى في تفعيل الجسم القضائي