انهيار أساطير صهيونية
ما يحدُث اليوم هو انهيار هذه الأساطير بانكشاف زيفها وعدم صمودها أمام العقل والتاريخ وتغيّر معطيات الصراع.
هناك رغبة لدى أنظمة عربية في زوال المقاومة، والعودة إلى خيار التسويات السياسية من أجل تصفية قضية فلسطين.
أنظمة عربية عديدة لا تتمنّى خروج المقاومة منتصرة، فذلك سيخلط جميع الأوراق، ويضع الأنظمة أمام سيناريوهاتٍ لم تستعد لها.
"ماذا يحدث؟ هل تخلى عنا رب موسى وهارون؟ من يقاتل معهم. هناك أشباح مخيفة تساعدهم على قتل اليهود.. نهاية دولة اسرائيل تقترب".
تشويه التاريخ "يشجّع انتشار الاضطهاد، ويحمي نظام إسرائيل الاستعماري الاستيطاني. ليست هذه الشهادة الوحيدة لكبار المؤرّخين اليهود".
بُنيت إسرائيل وتعيّشت من أساطير مستمرّة، ووجدت من يصدّقها ويروّجها، حتى كادت أن تتحوّل إلى "حقائق علمية" لا يرقى إليها الشكّ.
الكيان الصهيوني مهدّد من داخله بعد نجاح المقاومة في حشره بالزاوية انهارت أساطيره، لم يبق سوى قتل المدنيين، وعلقت برافدا "بتدمير غزّة تدمّر إسرائيل نفسها".
مغادرة 800 ألف إسرائيلي إسرائيل وعشرات الآلاف وضعوا بالفنادق يعني أن حياة الإسرائيليين تغيّرت تماما وانهار اقتصادهم وأصابهم الرعب ويعيشون كابوسا غير مسبوق منذ 1948.
* * *
لا نتحدّث عن الأنظمة والحكومات العربية، فهي، في الغالب، اختارت أن تدفن رأسها في التراب، لا تسمع، لا ترى، لا تتكلّم، وإن تكلمت لا أثر لكلماتها على المشهد الراهن. ليس صحيحا أنها عاجزة ولا خيارات أمامها.
لو صدقت النيات، وتم تحليل ما يجري على الأرض لاكتشفت أنها قادرة على فعل الكثير. لكنها فضّلت الوقوف على الربوة، وانتظار ما ستسفر عنه الحرب في غزّة، وتستعد لتأمين مصالحها والحفاظ على وجودها.
بكل وضوح، أنظمة عربية عديدة لا تتمنّى أن تخرج المقاومة بقيادة حركة حماس منتصرة، فمن شأن ذلك أن يخلط جميع الأوراق، ويضع هذه الأنظمة أمام سيناريوهاتٍ لم تستعد لها. هناك رغبة في زوال المقاومة، والعودة الى خيار التسويات السياسية من أجل تصفية القضية الفلسطينية.
بُنيت إسرائيل وتعيّشت من العديد من الأساطير المستمرّة، ووجدت من يصدّقها ويروّجها، حتى كادت أن تتحوّل إلى "حقائق علمية" لا يرقى إليها الشكّ. ما يحدُث اليوم هو انهيار هذه الأساطير بانكشاف زيفها وعدم صمودها أمام العقل والتاريخ وتغيّر معطيات الصراع.
لقد اتخذ العقل الصهيوني من التاريخ قاعدة لبناء أساطيره المزعومة، لكن الحفريات أثبتت بطلان ادّعاء أنهم الأحق بفلسطين، خصوصا مدينة القدس، واخترعوا قصة هيكل سليمان المزعومة، المدفون، حسب زعمهم، تحت جامع الأقصى.
يقول المؤرّخ الإسرائيلي إيلان بابيه (Ilan Pappé) إن "فهم جوهر الصراعات يكمنُ في التاريخ، لأنه يوفّر الفهم الحقيقي غير المتحيز للماضي"، كما أن تشويه التاريخ أو التلاعب به "يؤزّم المشهد ويجعله أكثر تعقيدا وبعيدا عن الحل".
ويقرّ بأن تشويه التاريخ "يشجّع على انتشار الاضطهاد، ويحمي نظام إسرائيل الذي يصفه بالاستعماري والاستيطاني. ليست هذه الشهادة الوحيدة لكبار المؤرّخين اليهود".
هزّت عملية 7 أكتوبر جوانب أخرى من هذا العقل الأسطوري، حيث أعادت الفصل بين ثلاثة مصطلحات أساسية: اليهود وإسرائيل والصهيونية. مصطلحات ذات دلالات مختلفة.
وقد أبرزت الأحداث أخيرا أهمية الجماعات اليهودية الكبرى التي احتجّت بقوّة على قصف غزّة، وعارضت بشدة سياسات حكومة نتنياهو واليمين الديني الإسرائيلي الفاشي. أن تكون يهوديا لا يعني أن تجعل من فلسطين وطنا بديلا لك، وأن تتخذ من إسرائيل دولة لك.
وهو الربط الذي عملت الحركة الصهيونية على تحويله إلى عقيدة لدى جميع اليهود. كما تمكّنت من اعتبار محاربة الصهيونية بمثابة معاداة للسامية، وفي ذلك خدعة تصدّى لها عديد المثقفين اليهود الأحرار.
كذلك الشأن بالنسبة إلى أسطورة "أرض بلا شعبٍ لشعبٍ بلا أرض"، وهي اختراع نسفته الأحداث، فجذور الشعب الفلسطيني ضاربة في أعماق التاريخ. يكفي الاستماع لأطفال غزّة.
أما أسطورة الجيش الذي لا يُقهر فقد تهاوت أمام الصمود الأسطوري للمقاومة، ما دفع رئيس الموساد السابق داني ياتوم، كما نُسب إليه، إلى طرح أسئلة غريبة مثل "ماذا يحدث؟ هل تخلى عنا رب موسى وهارون؟ من يقاتل معهم. هناك أشباح مخيفة تساعدهم على قتل اليهود.. نهاية دولة اسرائيل تقترب".
وهذا يعني سقوط الأسطورة في الماء. وعندما نرى 800 ألف إسرائيلي غادروا إسرائيل خوفا من الحرب، وعشرات الآلاف وضعوا في الفنادق، فهذا يعني أن حياة الاسرائيليين تغيّرت تماما، وانهار اقتصادهم، وأصابهم الرعب وشكوا في الدولة والجيش، يعيشون كابوسا غير مسبوق منذ سنة 1948.
تضع هذه المعطيات الموضوعية الجميع، أنظمة ونخبا، داخل العالم العربي وخارجه أمام نتائج غير قابلة للتشكيك. بعيدا عن التورّط في تضخيم المقاومة، كما حصل في حروب سابقة، لكن علينا عدم مجاراة الذين يؤلهون إسرائيل، ويعتبرونها قوّة لا تقهر. إنها ككل الكيانات السياسية في العالم معرّضة للضعف والزوال.
وفي هذه اللحظات التاريخية، أظهرت الوقائع أن الكيان الصهيوني مهدّد من داخله، بعد أن نجحت المقاومة في حشره في الزاوية. انهارت أساطيره، لم يبق سوى قتل المدنيين، وكما علقت صحيفة برافدا الروسية "بتدمير غزّة تدمّر إسرائيل نفسها".
*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني
المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة الصهيونية إسرائيل حماس قضية فلسطين معاداة السامية الكيان الصهيوني قتل المدنيين الأنظمة العربية إيلان بابيه
إقرأ أيضاً:
حزب الله يستعرض مشاهد استهدافه مقر قاعدة "شراغا" شمالي إسرائيل
استعرض"حزب الله" اللبناني مشاهد من عمليات نفذها ضد إسرائيل اليوم الخميس وأمس الأربعاء، استهدف فيها قاعدة "شراغا" شمالي إسرائيل، وموقعي المرج وجل الدير على الحدود الجنوبية.
حزب الله يستهدف تجمعا لجنود الكيان في مدينة الخيام بالصواريخ حزب الله يقصف تجمعا لجنود الكيان في قاعدة عين زيتيم
وبحسب"روسيا اليوم"، نشر الإعلام الحربي في "حزب الله" مقطع فيديو يوثق "مشاهد من استهداف المقاومة الإسلامية قاعدة شراغا التابعة لجيش العدو الاسرائيلي الواقعة بين نهاريا وعكا شمال فلسطين المحتلة".
وأبانت اللقطات لحظة تجهيز الصواريخ وإطلاقها، فيما أظهرت مشاهد وثقها مستوطنون إسرائيليون لحظة هروب مستوطن، ولحظة سقوط صاروخين بشكل مباشر واحتراق سيارة.
وقال "حزب الله" في بيانين له حول استهداف قاعدة "شراغا":
- "دعما لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادا لمقاومته الباسلة والشريفة، ودفاعا عن لبنان وشعبه، استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية عند الساعة 11:45 من ظهر اليوم الخميس، قاعدة شراغا (المقر الإداري لقيادة لواء جولاني) شمالي مدينة عكا المحتلة، بصليةٍ صاروخية".
- "دعما لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادا لمقاومته الباسلة والشريفة، ودفاعا عن لبنان وشعبه، استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية عند الساعة 01:45 من ظهر اليوم الخميس، قاعدة شراغا (المقر الإداري لقيادة لواء جولاني) شمالي مدينة عكا المحتلة، للمرة الثانية، بصلية صاروخية".
كما بث الإعلام الحربي في "حزب الله"، لقطات تظهر "مشاهد من عملية استهداف المقاومة الإسلامية تحشدات لقوات جيش العدو الإسرائيلي في موقعي المرج وجل الدير على الحدود اللبنانية الجنوبية"، أمس الأربعاء.
وجاء في بيانين لـ"حزب الله" أنه "دعما لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وإسنادا لمقاومته الباسلة والشريفة، ودفاعا عن لبنان وشعبه":
"استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية، عند الساعة 12:15 من ليل الثلاثاء - الأربعاء، تجمعا لقوات جيش العدو الإسرائيلي في موقع المرج (في محيط وادي هونين) المقابل لبلدة مركبا، بصلية صاروخية".
- "استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية، عند الساعة 12:10 من ليل الثلاثاء - الأربعاء، تجمعا لقوات جيش العدو الإسرائيلي في موقع جل الدير مقابل بلدة مارون الراس، بصلية صاروخية".