لماذا تحولت مصر لاستيراد الغاز بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي؟
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
تجاوزت أزمة نقص الغاز الطبيعي في مصر – بعد سنوات من تحقيق الاكتفاء الذاتي – من مجرد تخفيف الأحمال ومضاعفة مدد قطع الكهرباء إلى فتح الباب أمام استيراد شحنات غاز مسال لتجنب حدوث أزمة كهرباء أكبر خاصة في حالة وقوع اضطراب في سوق الطاقة الدولي.
عانت مصر في شهور الصيف الفائت رغم حصولها على كميات ضخمة من الغاز الإسرائيلي من انقطاع الكهرباء لساعات نتيجة تخفيف الأحمال بسبب تراجع إنتاج الغاز الطبيعي من أكبر حقولها على الإطلاق "حقل ظهر" في البحر المتوسط.
وتستعد مصر التي أعلنت تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي عام 2018، لاستقبال أول شحنة غاز طبيعي مسال نادرة، ومن المرجح، وفق وكالة بلومبيرغ، أن تكون هذه أول عملية استيراد للوقود فائق التبريد من قبل مصر منذ تموز/ يوليو.
وبذلك تحولت مصر من دولة مصدر للغاز الطبيعي المسال إلى مستوردة له في إشارة إلى نقص الإمدادات المحلية التي كانت تعتمد عليها لتلبية الاحتياجات المحلية وتصدير الفائض إلى أوروبا عبر تسييل الغاز في محطتي دمياط وإدكو على البحر الأبيض المتوسط.
3 أسباب لاندلاع الأزمة
مصر التي تخطط إلى أن تصبح مركزا إقليميا لتجارة وتداول الطاقة يبدو أنها وقعت في أزمة طاقة ما يكشف عن قدراتها المحدودة لتحقيق هذا الغرض في ظل أي متغيرات سياسية مفاجئة أو متغيرات تتعلق بالإنتاج والاستهلاك الناجمة عن التغيرات الطبيعية.
اندلعت الأزمة في مصر من ثلاث اتجاهات، الأول ارتفاع الطلب المحلي بسبب الطقس الحار غير المعتاد، ثانيا، تراجع إنتاج الغاز الطبيعي من الآبار بالبحر المتوسط لأسباب فنية وعدم وجود اكتشافات جديدة، ثالثا، تراجع الواردات من حقول الغاز الإسرائيلي بسبب الحرب في قطاع غزة.
واجهت مصر الأزمة الثلاثية من خلال محورين، الأول العودة إلى قرار تخفيف الأحمال وزيادة مدة قطع التيار الكهربائي ليصل إلى أربع ساعات يوميا على مستوى الجمهورية، ولم تحدد موعدا للانتهاء من سياسة تخفيف الأحمال، الثاني طلب شحنات من الغاز الطبيعي المسال من الخارج تحسبا من تفاقم أزمة إمدادات الطاقة محليا وإقليميا وعالميا.
الإنتاج والاستهلاك والفجوة بينهما
ورغم استئناف واردات الغاز الإسرائيلي إلى مصر، بعد أيام من توقفها على إثر حرب غزة إلا أنها بكميات صغيرة، وذلك بعد نحو أسبوع من انخفاض وارداتها إلى صفر من 800 مليون قدم مكعبة يوميا، ما أثر بالسلب على إمدادات الطاقة في البلاد.
وانخفض إنتاج مصر من الغاز إلى 5.88 مليار قدم مكعب يوميا، بنسبة 9 بالمئة، أو ما يعادل 1.2 مليار قدم مكعبة يوميا مقارنة بالرقم القياسي البالغ 7.07 مليار قدم مكعب يوميا المسجل في الربع الثالث من عام 2021، وذلك بفعل تراجع إنتاج الحقول البحرية والبرية.
بلغ المتوسط اليومي لإنتاج الغاز من حقل ظهر بالبحر المتوسط خلال عام 2022/2023 حوالي 2.4 مليار قدم مكعب يوميا، وحوالي 3700 برميل من المتكثفات، وفقا لوزارة البترول والثروة المعدنية التي أشارت إلى قرب دخول الحقل الـ20 على خط الإنتاج للمحافظة على الإنتاج.
يصل متوسط الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي إلى نحو 5.9 مليار قدم مكعب يوميا، توزع بين 57% لقطاع الكهرباء، و25% لقطاع الصناعة و10% لقطاع البترول ومشتقات الغاز، و6% لقطاع المنازل و2% لتموين السيارات.
من التصدير للاستيراد
واعتبر الخبير في الطاقة والمياه ورئيس مجلس إدارة مجموعة شركات بيت الأمريكية، أن "الأزمة في مصر تنقسم إلى جزأين يتعلق الجزء الأول بتراجع الإنتاج في حقل ظهر أكبر حقل للغاز والذي ينتج أكثر 38% من إنتاج مصر من الغاز بسبب زيادة الاستهلاك وعدم حفر المزيد من الآبار الجديدة أو دخولها على خط الإنتاج، الجزء الثاني يتعلق بتوقف وارادات مصر من الغاز الإسرائيلي".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "مصر مرتبطة بعقود تصدير الغاز لأوروبا وبالتالي قد تضطر لتحويل جزء من الإنتاج المحلي إلى السوق الأوروبية حتى لا تتعرض إلى خسائر ومن أجل الوفاء بالتزاماتها الخارجية تجاه الدول المستوردة، وهو ما عكس الوضع في مصر وجعلها تتحول للاستيراد بعد أن كانت مصدرة للغاز المسال مطلع العام الجاري".
واعتبر أن الحل الوحيد لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك "هو استيراد كميات من الوقود التقليدي "المازوت" من أجل تشغيل محطات الكهرباء والتي يمكنها العمل بالغاز أو المازوت ولكن في ظل أزمة شح الدولار فإن الاستيراد سيكون مكلف وقد تفضل الحكومة قطع الكهرباء وتخفيف الأحمال عن تحمل فاتورة الاستيراد ولكن في المقابل سيتعطل جزء من إنتاج شركات الأسمدة والحديد والصلب".
حسابات خاطئة
يقول الباحث المتخصص في شؤون الطاقة والعلاقات الدولية، خالد فؤاد، "في البداية كنا قد حذرنا من مغبة الاعتماد على الغاز الإسرائيلي لأسباب تتعلق بعدم الاستقرار الأمني في المنطقة، وربط تدفقات الغاز أحد أهم مصادر الطاقة في مصر الآن بأمن الطاقة الإسرائيلي هو خطأ استراتيجي، وأعتقد أن الأزمة الحالية كشفت ووضحت هذا الأمر بشكل واضح للمسؤولين في مصر".
ورأى في حديثه لـ"عربي21": أن "عدم الاستقرار في المنطقة يكبد مصر الكثير من الخسائر سواء المادية أو أمن الطاقة، وكانت تأمل في تصدير الغاز مجددا إلى أوروبا في شهر أكتوبر الماضي لكن التغيرات الطارئة المتمثلة في الطقس أو الحرب في قطاع غزة ولهذا لا أعتقد أن تتمكن مصر من العودة إلى التصدير وتحقيق وفرة في الإنتاج".
صدرت مصر 8 ملايين طن بقيمة 8.3 مليار دولار خلال عام 2022 وهي أعلى رقم حققته مصر في صادراتها من الغاز المسال بفضل وارداتها من الغاز الطبيعي من الحقول الإسرائيلية، ولكنها لم تصدر أي كميات منذ تموز/ يوليو الماضي بسبب ارتفاع الطلب المحلي.
تضررت العديد من الصناعات المصرية الثقيلة جراء قرار الحكومة تخفيض الاستهلاك خاصة بعد أن خفضت إمدادات الغاز الطبيعي للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة للعديد من القطاعات من بينها صناعة الحديد والأسمدة والألومنيوم والزجاج.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الغاز الطبيعي مصر البحر الأبيض المتوسط الصناعات المصرية مصر الغاز المصري البحر الأبيض المتوسط الغاز الطبيعي الصناعات المصرية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیار قدم مکعب یومیا الغاز الإسرائیلی من الغاز الطبیعی تخفیف الأحمال فی مصر مصر من
إقرأ أيضاً:
وزيرة البيئة: تحقيق التوازن بين حماية الطيور المهاجرة ومشروعات الطاقة
عقدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة اجتماعا مع لجنة المعنية بدراسة التأثيرات المحتملة علي مسارات هجرة الطيور بمنطقة خليج السويس ، وتبادل الرؤى لوضع حلول متوازنة تحافظ على التنوع البيولوجي دون التأثير على خطط التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة
وذلك بحضور الدكتور علي ابو سنة الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة والأستاذة هدى عمر مساعد الوزيرة للسياحة البيئية والدكتور محمد سالم استشارى قطاع حماية الطبيعة والدكتور أيمن حمادة استشارى قطاع حماية الطبيعة والدكتور صابر رياض خبير بيئى فى مجال هجرة الطيور و الدكتورة بسمة محمد استاذ مساعد بيئة الحيوان بكلية العلوم جامعة دمياط والدكتور هيثم استشارى هجرة الطيور والعميد تامر ابو العينين استشارى قطاع حماية الطبيعة وعدد من المسؤولين والخبراء في مجالات البيئة والطاقة.
في مستهل الاجتماع، أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة أن ملف طاقة الرياح يختلف عن غيره من القضايا البيئية نظرًا لارتباطه الوثيق بالتغير المناخي والتنوع البيولوجي، مؤكدةً أن الوزارة تعمل على تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية والحفاظ على البيئة بما يحقق التزامات مصر الدولية ورؤيتها المستدامة للمشروعات القومية.
وقد تم خلال الإجتماع استعراض أهم التحديات التي تواجه مسارات هجرة الطيور فى مصر وخاصة في منطقة خليج السويس، حيث أن منطقة جنوب جبل الزيت تُعد من أكثر المناطق حساسية بيئيًا، حيث تمر بها أعداد هائلة من الطيور المهاجرة خلال فصلي الخريف والربيع، إذ يمر في الخريف نحو 850 ألف طائر، بينما يصل العدد في الربيع إلى حوالي 2 مليون طائر، مما يجعلها منطقة ذات خطورة عالية تتطلب اتخاذ تدابير وقائية ومحكمة، وكذلك إعداد دراسة استراتيجية شاملة للمنطقة، والتي من المقرر أن تنتهي بحلول فبراير 2026.
كما ناقش الاجتماع وجود بعض التحديات في آلية اتخاذ القرارات المتعلقة بإجراءات إغلاق التوربينات عند الطلب، والتي تتطلب التنسيق المستمر بين كافة الجهات المعنية لضمان عدم التأثير سلبيا على عملية مراقبة الطيور.
وفي هذا السياق، شددت د ياسمين فؤاد وزيرة البيئة على ضرورة تشكيل لجنة فنية لضمان أن تكون قرارات الغلق أكثر دقة وتستند إلى بيانات علمية موثوقة، من خلال دور وزارة البيئة في الإشراف على منظومة المراقبة والتفتيش البيئي.
أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة على ضرورة اتخاذ عدد من الإجراءات التي تضمن تحقيق التوازن بين حماية الطيور و مشروعات الطاقة ومنها إنشاء وحدة متخصصة بمشروعات الحفاظ على الطيور المهاجرة تحت إشراف وزارة البيئة، لمتابعة التفتيش البيئي ورصد الطيور النافقة وضمان التزام الشركات بالإجراءات البيئية بالإضافة إلى ضرورة الإنتهاء من دراسة تقييم التأثير البيئى الاستراتيجي لهجرة الطيور التي ستحدد مدى حساسية المناطق بيئيًا ، علاوة علي دراسة إمكانية اضافة تخصص استشاري طيور مهاجرة الي سجل قيد المستشاريين البيئيين بالوزارة وتدريب واعتماد فرق متخصصة لمراقبة الطيور.
وشددت وزيرة البيئة علي أن القرارات المتخذة تعزز استدامة الموارد الطبيعية وتحافظ على التنوع البيولوجي، بما يضمن تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة وفقًا للمعايير البيئية العالمية، مع استمرار التعاون بين مختلف الجهات المعنية لضمان تحقيق الأهداف الوطنية في مجال الطاقة النظيفة وحماية الطيور المهاجرة.