صورة ومقطع فيديو في قمة الجمال والإحترافية حينا ًوبسيطة حينا ًآخر ، مُدرجة معها عبارات وجُمل ، تخفي تحتها شيء يتوارى عن المتلقي ، يجمّل أحيانا ً الحقيقة ويبالغ كثيراً، وينقل واقعاً مجرداً من البهرجة نادراً.
هذا هو برنامج (السناب شات) أحد برامج التواصل الاجتماعي الأشهر بين الشريحة العظمى من الناس صغيرها وكبيرها ، بمختلف دول العالم .
لهذا التطبيق فائدة عظمى للمغتربين النائين البعيدين عن أهلهم ، ولكن قد ساء استخدامه ِ مؤخرا ً ، وأصبح من أكثر التطبيقات مغالطة .
الناس يظهرون به حياتهم بغير حقيقتها ، يكذبون ينافقون يظهرون شيء ويبطنون آخر ، أُستخدم للمباهاة ولإثارة الغيرة ، وخاصة من مشاهير برامج التواصل الاجتماعي الذين وصل ثرائهم حدّ السماء ؛ بسبب سذاجة متابعينهم من البشر ، الذين انساقوا خلفهم وخلف تسويقهم المبتذل لأتفه الأشياء في برنامج السناب شات ، فكانوا من أسوء من استخدم هذا التطبيق ..
وظهر الطرح في السناب من شريحة الناس العاديين حسب نفسياتهم من السعيد للتعيس ، من خلاله تم الكشف عن عقليات البشر ، قدّرنا البعض ، ومن خلاله ُ أدركنا استخفاف البعض الآخر ، والطامة الكبرى من جعله ُ منصة َ حياته ِ و يومياته ِ وجعل من نفسه ِ طرح مكشوف للآخرين ، فنحن معه ُ من الإفاقة لفنجان قهوة ِ مرورا ً بتفاصيل لا تعني المتلقي ، حتى لحظة منامه..
أين الستر ..؟! لماذا كل هذا الوضوح..؟! أيُعقل ، ما يحدث ..؟!
أصبحنا نعلم بكل شيء المأكل والمشرب والملبس والأمزجة والصحة والمرض ….الخ
أصبح الناس لا يستمتعون بحياتهم المفردة وعزلتهم أو اجتماعتهم أو حفلاتهم ولا يعيشونها ولا يشعرون بها ، لأنهم مشغولين بتصويرها ونقلها للناس من باب التباهي والمتعة..
أين المتعة وأنت لم تعشها حقيقةً..؟!
هنا ُأشير للمرض والإعتلال ، فكم من مصاب بالحسد والعين وكان السبب كثرة التصوير في السناب شات.
وتذكر أن من ضمن المتابعين الفقير والمريض والمتأزم والمكتئب وصاحب النفسية المريضة ؛ فلتكن على حذر في صورك ومقاطع الفيديو التي تُنشر .
دقّق في جُملك وعباراتك ؛ حتى لا تجرح ولا تؤلم ، وتأدب في اللفظ ، فقبل أن يكون هناك متلقي لسنابك هناك الرقيب الحسيب الذي سيسألك عن كل ماتنشرهُ.. قال الله تعالى : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَْيهِم َألْسنَتُهُم وََأيْدِيهِم وََأ ْرجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سورة النور ٢٤.
لنكن أكثر مصداقية مع أنفسنا قبل الآخرين عند استخدامنا للسناب ، فأنت لا تكذب على الآخر بل تكذب على نفسك ، أنت لا تُغالط الآخر أنت تُغالط نفسك ، شارك أحبابك وأصدقائك أجمل لحضات حياتك وكن معتدلا ًفي ذلك ، لا إفراط ولا تفريط ، تجنب نشر السيء منك فالمتلقي لا ذنب له كي يتأذى ويتحمل حماقاتك وسوءك ، ولا تساهم في تعكير مزاجهُ.
لا ترفع كاميرا جوالك في الأماكن العامة المكتضّة بالناس وخاصة المناسبات والحفلات والاجتماعات فهناك بشر محافظين لا يحبون التصوير ؛ إحترم نفسك قبل أن تحترمهم.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
عيدكُم ،،، جيش
الأعياد في الإسلام هي مواقيت فرح وسرور، يُغالب فيها الناس أحزانهم ويواسوا جراحاتهم، ويعيدوا تطبيع الحياة بالرضى والتسليم لله رب العالمين، ويندرجوا في مسارات المجتمع المسلم، بأداء الفرائض والواجبات، وهي مواسم يجتمع فيها الناس، وتلتئم الأسر، ويتجدّد عهد الإخاء والمودة، وهي ( *حرم* ) يتنازل فيه المتشاحنون عن حظ أنفسهم، ويتعافون دون الشعور بإنتقاص الكرامة، وهي محاولة لطيّ صحاف ما مضى، وبداية جديدة ولبس جديد، كأنّه تعبير تجريدي عن خلع الماضي والتهيؤ بالجديد، لمواسم حياة بإحساس متجدّد.
ولكن كان قدر السودان وبعض الشعوب المبتلاة بالحروب والصراعات أن يكون فتقه أكبر بكثير من أن ترتقه مشاهد العيد وتقمّص روح الفرح؛ لأن إجرام الجنجويد خلال سنتين عجفاوتين قد أكلتا كل أخضرٍ في شعور الإنسان السوداني المفطور على الطيبة، وإخترقت بنصال الغدر أفئدة الألم ومكامن الشعور، وقطّعت الأكباد بالوجع، وأرغمت الناس على الخروج من ديارهم في أكبر تهجير قسريّ في تاريخ حياة السودانيين.
الخوف الذي حمله الناس وهم يخرجون من مُدنهم وقُراهم ألا يتمكنوا من العودة مجددًا، بل زاد الخوف بإرهاصات توطين الغرباء في مساكنهم وسدّ أبواب العودة في وجوههم، وهم يرون ويسمعون الجنجويد يُرسلون هذه النذر بإستمرار، أيّام نشوتهم، وتدفّقهم من كل حدبٍ وصوب وإنتشارهم في غالب أرض السودان، الأمر الذي زرع الإحباط واليأس في القلوب وهم يعلمون أنّ الجيش صامد أمام هذا التمدّد الأسطوري المترّس بأحدث الأسلحة، والمسنود بأدوات السياسة والمصالح الصهيونية ورعاتها الإقليميين، وإنتظم أهل السودان قاسم الهم المشترك، هل ضاع الوطن الذي نعرفه ويعرفنا ؟؟
هل نطبّع أحوالنا على إغتراب وهجرات طويلة الأمد بعيدة الشقاق ؟؟
هل نهيئ شعورنا على صدمات الألم ومعاناة الخسارة ؟؟
وبين فرث هذه المعاناة، ودماء شهداء الجيش، قدّر الله النصر العزيز بقوله تعالى ( *كُنْ* ) فكان بقوة الله وفضله، ثم بلاء الجيش، ومن مع الجيش كافةً من المقاتلين المجاهدين، فحدث ما لم يكُن في الحسبان ( *في التوقيتات* ) برغم موفور الثقة في الجيش لكن المفاجأة غير المنتظرة ( *للجنجويد واعوانهم القحاطة* ) قد حدثت، وبدأ التداعي والإنهيار المدوي، ليس فقط لمقاتلي عصابة الإجرام، ولكن للمشروع الكبير، للمؤامرة الدولية، لسرقة وطن بأكمله، لتهجير شعب وإستبداله بشتات قبائل للسيطرة على كنوزٍ من التاريخ، والجغرافيا، والموارد، والإنسان والذكريات.
وقد شهد الناس هزيمة الجنجويد ومقدار الفرح الذي يُنسي صاحبة الألم ولو كان فقد عزيز، وهدم دار، وكلوم عزة وإحساس بالإذلال المُر.
عمّ الفرح العميق أنفُس أهل السودان ( *عدا القحاطة طبعًا* ) وتجدّد الإحساس بالعيد، وفرحته، ولبس جديده وتبادل تهانيه، والتعافي ( *إلا مع الجنجويد وداعميهم* )
وكُل ذلك الفضل من الله الكريم الحليم العظيم سبحانه وتعالى، ثُمّ من جيشنا صاحب البلاء الحسن، الذي لم يخيّب رجاء شعبه، ولا أمل أمتّه في أن يعيشوا على أرضهم أعزاء، آمنين.
تقبّل الله شهداء معركة الكرامة، وصالح الأعمال.
بارك الله في جيشنا وقيادته، وضبّاطه، وصفه وجنوده، وكُل من سانده في هذه المعركة، وكُل من قدّم دعمه ودُعاءه.
*وعيدكٌم* ،،، *جيش*
لـواء رُكن (م) د. يـونس محمود محمد