فوبيا المال أو الـ Chrometophobia ، هي خوف مرضي مبالغ فيه من التعامل مع المال، سواء كان ذلك في الحصول عليه أو في ادخاره أو إنفاقه.
يقول الدكتور أكرم زيدان في كتابه النفيس ( سيكولوجية المال ) : يعتقد بعض الناس أن فوبيا المال، مثل كل أنواع الفوبيا الأخرى تنتج عن دوافع لا شعورية مكبوتة، وما مشاعر الخوف الظاهر إلا ميكانزم دفاع وحماية للأنا من خطر حقيقي في باطن اللاشعور لا يقوى الفرد على مواجهته.
لذا أصبحت مظاهر الخوف مجرد رمز للتعبير عن تلك الصدمات الانفعالية. وبالنسبة إلى فوبيا المال تتميز معظم الصدمات الانفعالية التي يتعرض لها الفرد بأنها مالية قد عانى منها الفرد في الماضي أو لا يزال يعاني منها في الوقت الحاضر.
وأحيانا ما تحدث فوبيا المال نتيجة الثراء المفاجئ، وعدم قدرة الفرد على التعامل مع أوضاعه المالية الجديدة، والافتقار إلى فن إدارة المال، فالثراء المفاجئ ربما يولد نوعاً من الشعور بالسعادة لدى الأسوياء، تطول مدته أو تقصر، لكنه يؤدي إلى شعور عام بالخوف والقلق طويل الأمد للذين لديهم استعداد لفوبيا المال. ويرجع هذا القلق إلى خوف المريض من ضياع ماله، فتضيع الفرصة في الحصول عليه من جديد، وذلك لاعتقادهم الراسخ في فكرة نمطية مؤداها ((أن المال فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة فقط)).
من ثم يتضح لنا أن الخوف من المال ليس كراهية له، بقدر ما هو حب شديد مبالغ فيه، انقلبت فيه الأمور رأسا على عقب، فبدلاً من أن يخدم المال صاحبه، تحول الفرد إلى خادم أمين للمال.
ومن هنا فقد رأى بعض علماء التحليل النفسي أمثال غولدبرغ ولويس أن هناك علاقة بين فوبيا المال وصرامة الانا الأعلى، حيث تؤدي قسوة هذا الأخير إلى الشعور بالذنب من كسب المال أو إنفاقه أو حتى ادخاره، مما يدفع بالفرد إلى الزهد والتقشف وإنكار الذات ورفض مباهج الحياة ولذاتها، معتقداً أن كسبه المال سوف يمنع هذا المال عن الآخرين ويفقرهم، ويدفعهم إلى العوز والحاجة.
وفوبيا المال في بعض جوانبها ليست ((الخوف من المال))، بل هي ((الخوف على المال)). فعندما يحصل الفرد على المال تتولد لديه كثير من الرغبات والطموحات. وظهور هذه الرغبات وتلك الطموحات، يظهر القلق في صورة انفعال الخوف، الذي يصل في بعض الأحيان إلى خوف مرضي (فوبيا) عندما تفشل كل الخطط في تحقيق القوة والأمان والحرية.
وهذا لا يعني أن فوبيا المال تؤدي بالفرد إلى رفض المال أو ان يقوم بتوزيع ثرواته على الآخرين. بل إن فوبيا المال في هذه الحالة تؤدي إلى سلوك الاكتناز والرهبة من الشراء أو البيع، فيصبح الفرد حارساً لماله بدلاً من أن يحرسه ماله، مقيداً به، بدلاً من أن يمنحه الحرية، ضعيفاً أمامه بدلاً من أن يمنحه الشعور بالقوة.
والواقع أن الأعمال الدرامية سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون، قد حاولت، وما زالت تحاول أن تصنع إطاراً سيكولوجياً نمطياً فحواه ((كراهية المال والخوف منه)) على اعتبار أنه مفسدة ومهلكة ومضيعة للذات وللآخرين بل والمجتمع بأسره، فيشاهد الواحد منا في هذه الأعمال ما يصور الأغنياء وأرباب المال بأنهم أنانيون، حقراء، أنذالاً وملوثين بكل إثم، وأن الشرف والنزاهة وعفة اليد هي مما لا يندرج في سيكولوجية أرباب المال.
ومثل كل الفوبيات، فإن فوبيا المال لا تُعالج أو تُخفف من حدتها بتناول العقاقير، بل إن العقاقير قد تؤدي في بعض الأحيان إلى زيادة الأعراض.
لكن استخدام أساليب العلاج السلوكي يفيد كثيراً في علاج فوبيا المال، فمن خلاله يستطيع المريض أن يفكر تفكيراً واقعياً وكلياً نحو المال فتقل حدة الخوف تدريجياً.
أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
للتواصل : [email protected]
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
العراق على موعد مع غزارة أمطار قد تؤدي إلى تعطيل الدوام ولمدة 5 أيام
بغداد اليوم - بغداد
أكد المتنبئ الجوي رياض القريشي، اليوم الاثنين (3 آذار 2025)، أن موجة الأمطار المقبلة على العراق قد تستمر لمدة خمسة أيام.
وقال القريشي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "الرطوبة المبكرة وتأثير الرطوبة المدارية وحركة التيار النفاث قد بدأت فعاليتها، وبالتالي من المحتمل أن تبدأ موجة الأمطار من مساء يوم غد الثلاثاء، حيث ستكون أولى مراحلها في بادية السماوة، ثم تنتقل إلى المثنى بشكل عام، تليها بادية النجف، ومن ثم ستشمل مناطق الوسط والشمال، والمناطق الشمالية بشكل عام صباح الأربعاء".
وأضاف القريشي، أن "المناطق الشرقية من العراق، خاصة ميسان وواسط، والمناطق القريبة من الشريط الحدودي العراقي الإيراني ستكون الأوفر حظًا في غزارة الأمطار، مما سيؤدي إلى تدفق السيول، خاصة في مناطق الكلال والقرى القريبة من الشريط الحدودي، بينما ستكون معدلات السيول في بعض المناطق أقل، لكن بشكل عام ستنال البصرة حصتها من الأمطار، إضافة إلى مناطق الفرات الأوسط وصولًا إلى العاصمة بغداد".
وأوضح، أن "الأمطار قد تستمر إلى الساعات الأولى من يوم السبت، أي أن موجة الأمطار المقبلة ستستمر لمدة خمسة أيام، وستكون متفرقة ومتقطعة في بعض المناطق، لكن الغزارة ستتركز على مناطق شرق العراق بشكل كبير، خاصة في واسط وميسان".
وأشار القريشي إلى "ضرورة الحذر على الطرق الرئيسية، خاصة مع بدء الموجة المطرية، إضافة إلى المناطق القريبة من المنحدرات ومناطق تدفق السيول، حيث يجب الانتباه إليها".
ولفت إلى أن "غزارة الأمطار قد تؤدي إلى تعطيل الدوام في بعض المناطق، خاصة مع وجود ضعف في الخدمات التي قد تكون غير مؤهلة لاستيعاب كميات كبيرة من الأمطار".
وأوضح أنه "يبقى هذا الأمر خاضعًا لمستجدات الوقائع على الأرض، خاصة وأننا نتعامل مع حالات جوية متغيرة بشكل سريع، وبالتالي ستكون غزارة الأمطار بشكل كبير في شرق العراق".