هل أُحبِط الفلسطينيون من خطاب نصر الله؟
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
رام الله- انقسمت آراء الفلسطينيين حول خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أمس الجمعة، بين مؤيدين وجدوا فيه رسالة دعم مفتوح للمقاومة، وآخرين وصفوه بـ"الإنشائي وفي غير وقته"، بينما وصفه محللون بالخطاب الواقعي بالقدر الممكن للحزب وفي ظل الظروف الداخلية للبنان والتهديدات الأميركية بالمنطقة.
ورغم انقطاع الإنترنت والكهرباء في قطاع غزة، إلا الاهتمام كان كبيرا بمتابعة خطاب الأمين العام لحزب الله عبر الإذاعات المحلية التي تصل من الضفة الغربية، وفق ما نقل أستاذ العلوم السياسية مصطفى إبراهيم، وهو الذي نزح وعائلته من مدينة غزة إلى رفح جنوبا بسبب القصف.
وتحدث إبراهيم للجزيرة نت عن حجم الإحباط الذي شعر به الفلسطينيون من حوله بعد الخطاب. وأضاف "لاحظت حجم الغضب هنا مقارنة بحجم التوقعات"، ويعكس قوله هذا ما كانت عليه معظم تعليقات الفلسطينيين الذين شعروا بالخذلان والإحباط من خطاب نصر الله، بعد توقعات كبيرة وصلت إلى حد ترجيح إعلان قرار واضح من الحزب بدخول الحرب.
ولكن من ناحية أخرى، يستدرك إبراهيم قائلا "على المستوى السياسي أجده خطابا مقبولا في هذه المرحلة من الحرب، خاصة في ظل تأكيد نصر الله على أن الخيارات مفتوحة مستقبلا". ويضيف "إن ما يقوم به حزب الله من إشغال في الجبهة الشمالية جزء مهم في هذه الحرب التي قد تمتد طويلا، وهو ما شكل عبئا على إسرائيل، التي تحاول عزل غزة عن محيطها وتركيز العدوان عليها".
محللون اعتبروا أن خطاب نصر الله "يؤسس لمرحلة جديدة في المنطقة" (الأناضول) ما الذي كان مُنتظرا؟بمراجعة سريعة لعدد من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، توقع العديد من الفلسطينيين "حربا شاملة" بقصف طويل الأمد ضد أهداف إسرائيلية من لبنان، مقابل تساؤلات بعد الخطاب عن سبب امتناع نصر الله عن اتخاذ هذه الخطوة.
ويقول المحلل السياسي نهاد أبو غوش إن معظم الفلسطينيين توقعوا أمرا مطابقا لما جرى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأن يتزامن الخطاب مع قصف أهداف إسرائيلية، ولكن "بعيدا عن الأُمنيات، فإن الخطاب كان واقعيا وسياسيا، وحزب الله لا يستطيع القيام في المرحلة الحالية بأكثر من ذلك".
ووفق أبو غوش فإن "انتظار معجزة توقف القتل في القطاع أفقد الفلسطينيين القدرة على قراءة المشهد سياسيا والتركيز على مفاصل مهمة جاءت في البيان، مثل التأكيد على دعم المقاومة الفلسطينية كونها جزءا أصيلا من محور المقاومة، وترك الخيارات مفتوحة، في رسالة تهديد واضحة لإسرائيل".
واعتبر أبو غوش أن سقف التوقعات العالي مرده شعور الفلسطينيين بالخذلان من موقف السلطة الفلسطينية، متسائلا عن سبب عدم "تحميل هذه المسؤولية للقيادة الفلسطينية التي لم تقدم شيئا حتى الآن".
ويوافق أستاذ العلوم السياسية أيمن يوسف على ما ذهب إليه المحلل أبو غوش بأن حجم التوقعات كانت كبيرة جدا، في ظل خذلان القيادة الفلسطينية التي اقتصر خطابها الوحيد على التأكيد على دور المقاومة الشعبية، رغم القصف المتواصل واستمرار وقوع مجازر في القطاع.
واعتبر يوسف أن السبب الأهم في ارتفاع سقف التوقعات هو ربط الفلسطينيين بين مقاومتهم وما يسمى "محور المقاومة"، وهو ما أكده نصر الله في خطابه من خلال الحديث عن تدريب ودعم فصائل المقاومة الفلسطينية، باعتبار ذلك جزءا مهما من دور الحزب، وسط توقعات بطول أمد هذه الحرب.
ما الذي يمنع دخول الحرب؟واعتبر الأكاديمي يوسف أن السيناريوهات التي بناها الفلسطينيون كانت تتوقع تحرك مقاتلي حركتي حماس والجهاد الإسلامي من لبنان، لكنه اعتبر أنها "توقعات عاطفية" لا تخضع لمنطق السياسة. وقال "القرار ليس بيد نصر الله، فلبنان لا يحتمل المواجهة والتدمير حاليا، وحزب الله يعلم جيدا أن الأوضاع الداخلية غير مهيأة للحرب، وهو ما جعله يخصص معظم الخطاب للقاعدة الشعبية الداخلية في لبنان".
أما مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) هاني المصري، فرأى أن أي حرب يمكن أن تنشب حاليا سيكون ثمنها تغير وجه المنطقة بالكامل، وهو أمر لا يستطيع لبنان ولا غيره من الدول تحمله حاليا.
واعتبر المصري في حديث للجزيرة نت، أن ما جاء في خطاب نصر الله "يمكن أن يؤسس لمرحلة جديدة في المنطقة، فالخطاب ركّز على التحرك في الجبهة الشمالية، والذي يمكن أن يتطور وفقا لسير المعارك، أو يهدأ إذا توقف العدوان"، وتابع قائلا "نصر الله لم يُعلن دخوله الحرب، ولكنه لم يغلق الباب أيضا".
ويُجمع محللون -ومن بينهم المصري- على أن حزب الله غير جاهز حاليا لدخول حرب شاملة، ولكنهم بالمقابل لا يستبعدون أي تغير في المرحلة المقبلة، وفقا للتغيرات التي يفرضها العدوان على قطاع غزة والمعارك هناك وعلى الجبهة الحدودية اللبنانية.
ويعتقد المصري أيضا أن للحزب دورا كبيرا في هذه المرحلة بدون الدخول بالحرب، وأن الخطاب حمل رسائل واضحة ومباشرة لإسرائيل، ستأخذها بعين الاعتبار في أي قرار لتوسيع الحرب.
وأضاف "حزب الله يشكل حماية خلفية للمقاومة ومعه كل محور المقاومة، نستطيع أن نجزم أنه لولا ذلك لشاهدنا نكبة جديدة وترحيلا مباشرا للفلسطينيين من القطاع"، ولكن ما يؤخذ على نصر الله، وفق المصري "عدم وضوح هذا الدور بشكل مباشر، وتركه ضمن المعنى الضمني للخطاب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: خطاب نصر الله أبو غوش
إقرأ أيضاً:
بين الحرب والفصل.. معاناة موظفي الأونروا الفلسطينيين تكشف ازدواجية المعايير
طالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بوقف إنهاء خدمات الموظفين الفلسطينيين الذين فروا من غزة من أجل سلامتهم، حيث طالب برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف الموظفين الذين يعملون عن بعد بسبب الحرب بالعودة إلى غزة أو مواجهة الفصل من العمل.
ويهدد القرار حياة الموظفين الفلسطينيين ويكشف أيضًا عن ازدواجية معايير مقلقة في واجب الأمم المتحدة في الرعاية، حيث يتم حرمان الموظفين الدوليين في مناطق الأزمات من امتيازات العمل عن بعد الممنوحة لهم في أماكن آمنة.
وفر هؤلاء الموظفين الفلسطينيين من غزة بحثًا عن الأمان، وانتقلوا على نفقتهم الخاصة للهروب من الحرب المتصاعدة في غزة، حيث استمروا في أداء أدوارهم عن بُعد.
واتخذ برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف قرارًا بإنهاء عقود موظفيهم الفلسطينيين الذين تمكنوا من الفرار من غزة، ويطالب برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف بعودتهم إلى غزة.
وأكد زملاء الموظفين الذين يحتجون على القرار، إنه تهديد مباشر لحياة الأشخاص أنفسهم الذين من المفترض أن تحميهم هذه المنظمات، وأن توجيه الموظفين بالعودة في ظل هذه الظروف، مع حجب خيارات العمل عن بعد المتاحة بحرية للموظفين في أماكن أكثر أمانًا، يكشف عن ازدواجية معايير مقلقة في واجب الرعاية الذي يفرضه نظام الأمم المتحدة.
ويضم برنامج الأغذية العالمي 12 موظفًا محليًا يعملون في غزة، وقد نقل الموظفون الاثنا عشر أنفسهم خارج غزة، ودفع كل موظف 5000 دولار، بالإضافة إلى 5000 دولار إضافية لكل فرد معال، لضمان سلامتهم وسلامة أسرهم.
ويعيش الموظفون في ظروف محفوفة بالمخاطر، ويعتمدون فقط على رواتبهم، ومن اللافت للنظر أن هؤلاء الموظفين استمروا في العمل عن بعد وأداء واجباتهم في ظل ظروف صعبة للغاية.
وتستعد اليونيسيف لتتبع نفس النهج مع موظفيها الفلسطينيين الثلاثة عشر، وتخطط منظمة الصحة العالمية للقيام بنفس الشيء مع حوالي عشرة موظفين فلسطينيين إضافيين.
أجرى برنامج الأغذية العالمي اجتماعات سريا مع الموظفين المتضررين، وأمرهم بالعودة إلى غزة قبل نهاية العام، مما يعني فعليًا إنهاء ترتيبات العمل عن بعد.