اقطعوا النفط والغاز فوراً يتوقف العدوان على غزة

لن يتحمل العالم موجة تضخم جديدة يشعلها قطع مصادر الطاقة الأساسية عنه.

السيناريو سبق وأن تمت تجربته وأثبت نجاحاً منقطع النظير، ولنا في عام 1973 عبرة.

الفرصة متاحة أمام العرب لإعادة كتابة التاريخ بل وصناعته بقرار واحد وهو قطع النفط والغاز عن أسواق العالم.

لم تظهر مواقف جادة تشير إلى أن العرب والدول الإسلامية المصدرة للنفط ماضية في استخدام هذا السلاح الفاعل، كل ما رشح هو موقفان خجولان!

* * *

إذا كان الحكام العرب صادقين في مساندة القضية الفلسطينية ورافضين حقا العدوان الإسرائيلي الإجرامي على غزة، فعليهم فورا وقف صادرات النفط والغاز، وقطع تدفق الطاقة بلا تردد عن أسواق العالم، ومعها وقف واردات سلع ومنتجات الدول الداعمة للاحتلال.

هنا تتوقف الحرب على غزة فورا ويتوقف جيش الاحتلال عن ارتكاب المزيد من المجازر بحق أطفال ونساء وعجائز قطاع غزة، لأن العالم ليس في حمل اندلاع موجة تضخم جديدة ناتجة هذه المرة عن حدوث قفزات في أسعار النفط والغاز والمنتجات البترولية من بنزين وسولار.

وليس في مقدوره تحمل أسعار نفط تتجاوز 100 دولار، وربما أكثر وفق تحذيرات صادرة عن البنك الدولي، والذي حذر يوم الأربعاء من أن "أسعار النفط قد ترتفع إلى أكثر من 157 دولارا للبرميل إذا تصاعد الصراع في الشرق الأوسط.

ومن الممكن أن تؤدي الحرب طويلة الأمد في المنطقة إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار الطاقة والأغذية، بعد عام واحد فقط من ارتفاع الأسعار بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا".

طبعاً، القرار ليس سهلا من وجهة نظر تلك الحكومات والأنظمة، لأنه سيجري الحديث وقتها عن ضرورة مراعاة المصالح الاقتصادية العليا للدول، وعن احترام الصفقات والتعاقدات والالتزامات التصديرية، وعن مخاطر قطع صادرات النفط على أسواق الصرف وإيرادات الدولة، لكن حماية الأمن القومي العربي ودعم القضية الفلسطينية تفوق تلك الاعتبارات.

كما أن ، ففي ذلك العام تم استخدام النفط سلاحا سياسيا ضد الاحتلال الإسرائيلي والدعم الغربي القوي له في مواجهة مصر وسورية ولبنان، وتم فرض حظر نفطي عربي على الغرب لأول مرة.

وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول، قرر الزعماء العرب حظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل، بهدف بلورة سياسة عربية موحدة إزاء القضايا القومية المشتركة الكبرى، والضغط على المجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.

وفرض سلاح النفط نفسه وبقوة في المفاوضات الجارية بعد انتهاء حرب أكتوبر. وكتبت يوم 15 أكتوبر الماضي مقالا تحت عنوان "ماذا لو قطع العرب صادرات النفط والغاز؟"، قلت فيه إن العرب إذا ما أرادوا أن يضعوا حدا لحرب دولة الاحتلال الإسرائيلي الإجرامية على غزة، فلا بد من قطع صادرات النفط والغاز. وعددت وقتها أهمية تلك الخطوة، خاصة مع قوة العرب في سوق النفط العالمية من حيث الإنتاج والتصدير والاحتياطيات المؤكدة.

إلا أنه ومنذ ذلك الوقت لم تظهر مواقف جادة تشير إلى أن العرب والدول الإسلامية المصدرة للنفط ماضية في استخدام هذا السلاح الفاعل، كل ما رشح هو موقفان خجولان، الأول صادر من ليبيا حيث هددت الدول الغربية الداعمة لحرب إسرائيل على غزة بإيقاف صادرات النفط والغاز الليبي إلى أسواقها حتى وقف العدوان على القطاع، وطالب مجلسا النواب والدولة الليبيان بوقف تصدير النفط الليبي إلى الدول الداعمة للعدوان الإسرائيلي، وطرد سفراء هذه الدول من ليبيا.

وقال الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بلحق في بيان الأربعاء: "نطالب الحكومة بوقف صادرات النفط والغاز إلى الدول الداعمة لإسرائيل في حال لم تتوقف المجازر الإسرائيلية". والثاني صادر عن إيران، فقد دعا المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي إلى وقف صادرات النفط والغذاء إلى دولة الاحتلال، قائلا: "ما يجب على الحكومات الإسلامية أن تصر عليه هو ضرورة وقف قصف غزة فوراً وإغلاق طرق تصدير النفط والسلع للكيان الصهيوني".

وسبق أن طالب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي التي عُقدت في السعودية، قبل أسبوعين، بـ"فرض حظر فوري وكامل على النظام الصهيوني من قبل الدول الإسلامية، وتطبيق حظر نفطي على النظام".

لكن على أرض الواقع لا نجد خطوات ملموسة في ملف قطع الغاز والنفط عن الغرب، ما يعني استمرار التواطؤ على غزة وترك شعبها للإسرائيليين، كل ما نجده هو خروج هؤلاء القادة بتصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، منها المطالبة بوقف الحرب وفتح المعابر لوصول المساعدات، والتأكيد على أن دولة الاحتلال تخطت الخط الأحمر. إنما أن تأخذ هذه القيادات خطوات عملية وتقطع تصدير النفط والغاز، فهذا لن يحدث حتى الآن.

الفرصة متاحة أمام العرب لإعادة كتابة التاريخ بل وصناعته بقرار واحد وهو قطع النفط والغاز عن أسواق العالم، هنا تدخل دول العالم في أزمة كبيرة خاصة ونحن على أبواب الشتاء، وأوروبا وغيرها من دول العالم بحاجة شديدة إلى كميات كبيرة من مشتقات الطاقة، فهل يفعلها الحكام العرب، ليس من باب إرضاء الرأي العام الغاضب والشعوب المحتقنة، فهذا أمر لا يعنيهم، ولكن من باب تبييض صفحاتهم في التاريخ.

*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: النفط الغاز طوفان الأقصى العدوان على غزة الحكام العرب أسواق العالم الدول الداعمة تصدیر النفط على غزة

إقرأ أيضاً:

روسيا تتصدر وهذا موقف العراق.. أكثر 10 دول حرقًا للغاز حول العالم

الاقتصاد نيوز - متابعة

تُظهر قائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم نجاحَ العراق والجزائر في تسجيل تراجع، لكنهما ما زالتا ضمن الدول المتصدرة، في حين كانت السعودية الأقل حرقًا في هذه القائمة، كما أنها ثاني أقل الدول المنتجة للنفط من حيث كثافة حرق الغاز لكل برميل، بعد النرويج.

وبحسب بيانات حديثة حصلت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، ارتفع حرق الغاز عالميًا إلى 148 مليار متر مكعب في عام 2023، مقابل 139 مليار متر مكعب خلال 2022، أي بمقدار زيادة 9 مليارات متر مكعب.

وتسببت زيادة كمية حرق الغاز -حرق الغاز المصاحب لأنشطة استخراج النفط- العام الماضي في إضافة انبعاثات جديدة تُقدَّر بـ23 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

ويأتي 75% من إجمالي حرق الغاز عالميًا من الـ9 دول الأوائل في القائمة -أي باستثناء السعودية- تمثّل 46% من إنتاج النفط العالمي، في حين كان يمكن استعمال ذلك الغاز في تحسين وصول الطاقة بالدول الأكثر فقرًا عالميًا؛ إذ تكفي الكمية المحروقة لمضاعفة توليد الكهرباء في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

روسيا

ارتفعت كمية حرق الغاز في روسيا، خلال العام الماضي، بمقدار 2.9 مليار متر مكعب، لتظل على رأس قائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم.

وسجّلت كمية حرق الغاز في روسيا نحو 28.4 مليار متر مكعب خلال عام 2023، مقابل 25.5 مليار متر مكعب في 2022، رغم تراجع إنتاج النفط في البلاد، وفق تقرير حديث صادر عن البنك الدولي.

وأرجع البنك الدولي ارتفاع كمية حرق الغاز في البلاد إلى إعطائها الأولوية لإنتاج النفط دون ضخ استثمارات لاستعادة واستعمال الغاز المصاحب، بالإضافة إلى تدهور حالة منشآت النفط والغاز لنقص المعدّات واضطراب سلاسل التوريد، بسبب الحرب القائمة مع أوكرانيا.

إيران

سجّلت إيران أكبر زيادة في كمية حرق الغاز عالميًا، خلال العام الماضي، بلغت 3.2 مليار متر مكعب، على أساس سنوي، لتحلّ في المركز الثاني بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم.

وسجّلت كمية حرق الغاز في إيران العام الماضي نحو 20.4 مليار متر مكعب، مقابل 17.2 مليار متر مكعب في عام 2022، وسط ارتفاع إنتاج النفط بنسبة 10%.

وارتفعت كثافة حرق الغاز لبرميل النفط الخام الإيراني العام الماضي إلى 15.4 متر مكعب، مقابل 14.3 متر مكعب للبرميل في عام 2022، وهو أعلى رقم سجّلته البلاد منذ بدء تقديرات حرق الغاز المستندة إلى الأقمار الصناعية في عام 2012.

العراق

نجح العراق في خفض كمية حرق الغاز خلال 2023، بمقدار 200 مليون متر مكعب، ولكنه ظل بالمركز الثالث في قائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم.

وتراجع حرق الغاز في العراق إلى 17.7 مليار متر مكعب خلال 2023، مقابل 17.9 مليار متر مكعب في عام 2022، وفق البيانات التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.

ويسعى العراق إلى التوقف عن حرق الغاز بنهاية العقد الحالي من خلال مرحلتين، الأولى مدتها نحو 3 سنوات، والمرحلة الثانية 5 سنوات، واستعماله في زيادة إنتاجها من ذلك الوقود الأحفوري الذي يشكّل المزيج الرئيس لتوليد الكهرباء في البلاد.

وأشارت تصريحات حكومية العام الماضي (2023) إلى أن خسائر بغداد من عدم وقف حرق الغاز المصاحب لعمليات النفط وصلت إلى 12 مليار دولار سنويًا.

الولايات المتحدة

ارتفعت كمية حرق الغاز في الولايات المتحدة خلال 2023 على أساس سنوي بمقدار 1.6 مليار متر مكعب، لتحلّ في الترتيب الرابع بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم.

وزادت كمية حرق الغاز في أميركا إلى 9.6 مليار متر مكعب خلال العام الماضي، مقابل 8 مليارات متر مكعب في العام السابق له، نتيجة ارتفاع إنتاج النفط بنسبة 9%.

ومع ارتفاع إنتاج النفط الأميركي، زادت كثافة حرق الغاز للبرميل إلى مترَين مكعبين في عام 2023، مقابل 1.8 مترًا مكعبًا للبرميل خلال 2022.

وكانت غالبية الزيادة في أحجام وكثافة حرق الغاز خلال العام الماضي، في مناطق النفط الصخري، خاصة حوض برميان وإيغل فورد.

فنزويلا

تراجعت كمية حرق الغاز في فنزويلا على أساس سنوي خلال العام الماضي بمقدار 300 مليون متر مكعب، وهو الانخفاض للعام الثالث على التوالي.

وانخفضت كمية حرق الغاز في البلاد إلى 8.3 مليار متر مكعب خلال 2023، مقابل 8.6 مليار متر مكعب في 2022، لتأتي خامسةً بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم.

وجاء الانخفاض على الرغم من ارتفاع إنتاج النفط في فنزويلا، لكن تقرير البنك الدولي دعا إلى تنفيذ تدابير لاستعادة واستعمال الغاز المصاحب، محذّرًا من أن ارتفاع إنتاج الخام سيؤدي في النهاية لزيادة حرق الغاز.

دول عربية أخرى ضمن القائمة

جاءت الجزائر في المركز السادس بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم، ونجحت في خفض كمية حرق الغاز خلال 2023 إلى 8.2 مليار متر مكعب، مقابل 8.6 مليار متر مكعب، أي بمقدار انخفاض 400 مليون متر مكعب.

وسابعًا، حلّت ليبيا في القائمة مع ارتفاع كمية حرق الغاز خلال العام الماضي إلى 6.8 مليار متر مكعب، مقابل 5.4 مليار متر مكعب خلال 2022.

وتلتها في الترتيب بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم دولة نيجيريا، بكمية حرق للغاز ارتفعت إلى 5.8 مليار متر مكعب في 2023، مقابل 5.3 مليار متر مكعب خلال العام السابق له.

وفي المركز التاسع جاءت المكسيك، بكمية حرق للغاز تراجعت إلى 5.5 مليار متر مكعب، مقابل 5.7 مليار متر مكعب في عام 2022.

بينما حلّت السعودية في المركز الأخير بقائمة أكثر 10 دول حرقًا للغاز في العالم، رغم ارتفاع كمية حرق الغاز العام الماضي إلى 2.5 مليار متر مكعب، مقابل 1.9 مليار متر مكعب في 2022.

وانخفضت كثافة حرق الغاز في السعودية 0.70 متر مكعب لكل برميل في عام 2023، لتكون أقل دول العالم المنتجة للنفط في كثافة الحرق بعد النرويج (0.19 متر مكعب لكل برميل).

ويُشار إلى أن السعودية تعمل على تطوير المرحلة الثالثة من مشروع توسعة شبكة الغاز الرئيسة، الذي يسهم في نقل الغاز المصاحب المنبعث خلال إنتاج النفط بدلًا من حرقه، ما يؤدي إلى إزالة 100 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وجعل المملكة ثاني أقل الدول عالميًا في كثافة الانبعاثات بأعمال استكشاف وإنتاج النفط.

مقالات مشابهة

  • المبادئ الخمسة للتعايش السلمي.. صمودٌ رغم الأزمات
  • حان الوقت ليراجع العالم الإسلامي نفسه
  • شركة أمريكية عملاقة تحصل على تراخيص التنقيب عن النفط والغاز بسواحل آسفي وسيدي إفني
  • الموقف اليمني بقيادته الشجاعة أربك حساباتهم
  • صناعة المكانة الدولية.. الإمارات نموذجاً
  • على المفكرين والفلاسفة انتشال العالم من الضياع!
  • عوراء وكبش فداء
  • روسيا تتصدر وهذا موقف العراق.. أكثر 10 دول حرقًا للغاز حول العالم
  • تجار الموت.. صادرات الاحتلال من الأسلحة تغذي الصراعات الدموية في العالم
  • السعودية تعلن اكتشاف حقول ومكامن للنفط والغاز