يمانيون – متابعات
يثبت اليمن حضوره العملي المتميز في معركة “طُوفان الأقصى” التاريخية، بصورةٍ أكدت على الانخراطِ الكامل والمستمر وبكل الخيارات المتاحة في إطار التنسيق مع أطراف المقاومة؛ ليوضح من خلال ذلك ملامح معادلة تأريخية ذات إسهام ثابت وكبير على مسار الصراع حتى نهايته، الأمر الذي يمثل اقتحامًا لمرحلة جديدة ترتبط فيها كُـلّ الاعتبارات السياسية والعسكرية والأمنية بصورة مباشرة بالأهداف الكبرى لهذا الصراع الذي لم يعد هناك شك في أنه يشكِّلُ جوهرَ كُـلّ الصراعات الجزئية الأُخرى في المنطقة.

اليمن كجبهة عسكرية ثابتة في الصراع مع الصهاينة:

بعد يوم من الإعلان الرسمي عن إطلاق دفعات كبيرة من الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية على كيان العدوّ في ثلاث عمليات نوعية وغير مسبوقة في تأريخ الصراع، أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن عملية رابعة، مساء الأربعاء، بدفعة كبيرة من الطائرات المسيرة “وصلت إلى أهدافها” في عمق الكيان الصهيوني، مؤكّـدة أنها “ستستمر في تنفيذ عملياتها العسكرية؛ دعمًا ونُصرةً لمظلومية الشعب الفلسطيني” بحسب العميد يحيى سريع.

الفارقُ الزمني القصير في بين الإعلانَينِ كشف أمرًا هامًّا وهو أن دخول اليمن عسكريًّا على خط معركة “طُوفان الأقصى” لم يكن مُجَـرّد تحَرّك عشوائي وشكلي، بل مسارًا قتاليًّا ثابتًا يجعل من القوات المسلحة اليمنية “فصيلًا” جديدًا من فصائل المقاومة التي تشتبك مع العدوّ الإسرائيلي بصورة مُستمرّة في هذه الحرب؛ وهو ما يعني أن عنوان “توسع رقعة الصراع” الذي ظل العدوّ وحلفاؤه يعبرون بشكل صريح عن قلقهم منه قد أصبح أمرًا واقعًا.

بعبارة أُخرى: لقد ثبّت اليمن وبشكل عملي واستثنائي ملامِحَ المعادلة التي حاول العدوّ تجاهلها وإزاحتها عن المشهد، وهي معادلة أن “غزة ليست وحدها”، والتي تشكل تحولًا تاريخيًّا في مسار الصراع بأكمله؛ لأَنَّها تعني أن كُـلّ مواجهة مع المقاومة الفلسطينية من الآن وحتى زوال إسرائيل ستكون دائماً شأنًا إقليميًّا على المستوى العسكري والأمني والسياسي، ولن يبقى الأمر بعد الآن مقتصرًا على الأصداء الإعلامية والتضامن البسيط.

واتِّخاذُ قرار تثبيت هذه المعادلة وتدشينُ بُعدِها الإقليمي الأوسع (مستوى ما بعد الطوق المجاور لفلسطين) من خلال تنفيذ الضربات والتأكيد الرسمي على مواصلتها، هو خطوةٌ تأريخية كبيرة اتخذتها القيادةُ الثورية الوطنية ممثلةً بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي؛ لأَنَّ هذا القرارَ أصبح الآن وبشكل عملي جُزءًا من التوجُّـهِ العسكري والسياسي العام لليمن؛ وهو تطوَّرٌ لافتٌ جِـدًّا، بالنظر إلى حجم “العواقب” التي يعمل الأمريكيون والغربيون منذ عقود على جعلها حاجزًا منيعًا ومرعبًا أمام أية خطوات عربية وإسلامية أبسط بكثير من إطلاق الصواريخ والطائرات المسيَّرة.

هذا أَيْـضاً ما أكّـده العديد من المراقبين حول العالم والذين نقلت عنهم وسائل إعلام غربية خلال الأيّام القليلة الماضية ما يشبه إجماعًا على أن الضربات اليمنية ضد الكيان الصهيوني وجّهت رسالة واضحة بأن هناك قوة إقليمية جديدة باتت منخرطة في الصراع.

ووفقًا لذلك، فَـإنَّ الضرباتِ التي وجّهتها القوات المسلحة اليمنية والتي ستوجّـهها مع استمرار المعركة، تمثل مسارًا مستقبليًّا ترتبط فيه الأهداف التحرّرية للسياسية الوطنية داخليا وخارجيا؛ الأمر الذي يعني بكلمات واضحة أن أية آمال كان الأعداء ما زالوا يغذُّونها حول تحجيم دور اليمن وإبقاء قراراته وخياراته مقيدة وتحت السيطرة، أصبحت الآن وَهْمًا خالصًا لا فائدة من التعويل عليه، بل إنه قد يودي بأصحابه إلى مواجهة نتائج غير مرغوبة، إذ أصبح من الواضح الآن أن اليمن الجديد المشتبك مع إسرائيل لا يمكن خداعه أَو جره نحو أية مساومات.

والحقيقة أن قرارَ قصف الكيان الصهيوني لم يكن طارئًا على السياسة العامة لصنعاء وقيادتها الثورية، والأمر الوحيد المفاجئ في هذا القرار (بالنسبة للعدو طبعا) هو امتلاك القدرات المادية والأسلحة، وهذا الانسجام بين القرار التاريخي والتوجّـه العام، يجبر الأعداء على إعادة النظر تجاه اليمن وتجاه ما تصدره قيادته من تأكيدات وتحذيرات ومواقف على كافة المستويات؛ إذ بات جليًّا أن هذه القوة الجديدة التي تنسجمُ قراراتُها مع توجّـهاتها الرسمية والشعبيّة، مستعدة لمواجهة أية تحديات قد يضعُها الآخرون في طريق تحقيق الأهداف التحرّرية.

الضرباتُ اليمنية تضعُ العدوَّ أمام سيناريوهات مرعبة:

أَمَّا على مستوى التأثير المباشر للضربات اليمنية ضد الكيان الصهيوني، فبالرغم من التكتم الشديد الذي يحاول الاحتلال أن يفرضه على تلك الضربات، ومحاولاته للتقليل منها عبر ادِّعاء “اعتراضها” بالكامل، فَـإنَّ وسائل إعلام ووكالات أنباء غربية ركزت أكّـدت بشكل كبير على ما تمثله هذه الضربات من خطر على القدرات الدفاعية للعدو؛ لأَنَّها تستنزف هذه القدرات وتشتت جهود وانتباه “إسرائيل” وهو ما يعني بوضوح أنها تخفف الضغط على الجبهات الأُخرى وفي مقدمتها غزة، وهو هدف رئيسي وأَسَاسي لدخولِ اليمن على خط المعركة.

مع ذلك، فَـإنَّ التقارير الغربية نقلت عن الكثير من الخبراء والمحللين أن خطر العمليات اليمنية لا يقتصر على استنزاف وتشتيت القدرات الدفاعية للعدو، بل يهدّد بانهيارها في حال تصاعدت وتيرة الصراع وتكثّـفت الهجمات على الكيان الصهيوني من مختلف الأطراف المنخرطة في المعركة، وهذا سيناريو لم يكن أحدٌ يتحدث عنه من هذه الزاوية التفصيلية قبل إعلان القوات المسلحة عن استهداف كيان العدوّ؛ لأَنَّ الغرب كان لا يزال يعتبر توسع رقعة الصراع فرضية غير كاملة (متجاهلًا أن مؤشرات توسعه قد بدأت منذ اليوم الثاني أصلًا).

بعبارة أُخرى لقد دفع دخول اليمن الرسمي على خَطِّ المعركةِ العدوَّ والغربَ إلى البدء بالتعاطي بشكل أكثر واقعية مع سيناريوهات التصعيد وعنوان “الحرب الإقليمية” كما لو أن الضرباتِ اليمنية مَثَّلَت نموذجًا ملموسًا لمستقبل الذي كان العدوّ يؤمل أن يكون مُجَـرّد احتمالات لا أكثر، وهذا لا شك أصبح الآن ضمن كُـلّ حسابات العدوّ المتعلقة بالصراع، مهما حاول عدم الإفصاح عن ذلك.

المصدر : المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الکیان الصهیونی القوات المسلحة مسار ا

إقرأ أيضاً:

وكالة الأنباء اليمنية سبأ تختتم الدورة العسكرية “طوفان الأقصى” لمنتسبيها

الثورة نت|

اختتمت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) اليوم ، بصنعاء الدورة العسكرية “طوفان الأقصى”، التي نظمتها الوكالة لـ 60 كادرًا من منتسبيها.

هدفت الدورة في 13 يومًا، إلى إكساب المشاركين من مختلف الإدارات العامة بالوكالة، معارف حول المهارات العسكرية القتالية واستخدام مختلف أنواع الأسلحة، والتكتيكات العسكرية، في إطار جهود التعبئة والجاهزية والاستعداد لمواجهة أي تصعيد ضد اليمن ونصرة قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وفي الاختتام، بارك نائب رئيس مجلس إدارة الوكالة – نائب رئيس التحرير ، محمد عبدالقدوس الشرعي، لكافة أبناء الشعب اليمني الحرّ، والأمة الإسلامية الانتصار التاريخي العظيم، الذي منَّ الله به على الشعب الفلسطيني، ومجاهديه الأشاوس في قطاع غزة، بعد 15 شهراً من الإبادة الجماعية، والعدوان الصهيوني بشراكةٍ أمريكية، وبتواطؤ أذنابهم وأدواتهم ومرتزقتهم على امتداد خارطة العالم العربي والإسلامي.

وقال “نستذكر في هذه المناسبة ونحن نعيش في أجواء الذكرى السنوية لاستشهاد شهيد القرآن السيد حسين بدرالدين الحوثي، حجم المؤامرات الكبرى على الأمّة باستهداف رموزها وأعلام هداها عليهم السلام”.

وأضاف “ولعل الجميع يُدرك مدى خطورة مؤامرات العدوّ على أمّتنا الإسلامية، وما كشفته الأحداث الجارية من تكالب شُذّاذ الآفاق، دُعاة الإنسانية الزائفة، على المستضعفين من أبناء الأمّة، وعلى كل صوتٍ حُرّ يقف في وجه طغاة الاستكبار”.

ولفت الشرعي، إلى ما تمثله دورات “طوفان الأقصى” للجانب الرسمي، من أهمية في صقل مهارات المشاركين وتزويدهم بالمعارف العسكرية والثقافية والقتالية، في إطار معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدّس” التي أطلقها السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، نُصرةً ودعماً ومساندةً لأبناء الشعب الفلسطيني، وفي إطار تكامل الموقف الرسمي والشعبي.

واعتبر إقامة الدورة جزءاً مهمًا من دورات “طوفان الأقصى” بما تهدف إليه من تعزيز الجاهزية للدفاع عن الوطن وإفشال مخططات العدوّ، وخطوة حيوية لاكتساب المهارات القتالية اللازمة لمواجهة تربّص العدوّ وأدواته.

وأشار إلى أن الدورة تجلّت برفع وعي المشاركين بقضايا الأمّة وعلى رأسها القضية المركزية فلسطين، فضلاً عن تعزيز الهوية الإيمانية والوطنية، وجهوزية المشاركين للدفاع عن الوطن وسيادته.

وأوضح نائب رئيس مجلس إدارة وكالة سبأ، أن الدورة، تأتي استجابة لأمر الله في الاستعداد لجهاد اليهود وعملائهم عملًا بقوله تعالى:” وأعدّوا لهم ما استطعتم”، وتلبية لدعوة السيد القائد باكتساب الجانب الرسمي والشعبي للخبرات العسكرية في مسار معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” تصدّياً للعدوّ المتربّص بالشعب اليمني والأمة وبما يفرضه من تحديّات واعتداءات، وترجمة عملية لتوجيهات القيادة السياسية وانعكاساً صادقاً لارتباط وتكامل الموقف الرسمي والشعبي الثابت دعماً للصمود الفلسطيني، رغم ما يتعرّض له اليمن من استهدافٍ رخيص من قوى الاستكبار وأدواتهم.

وقال “إن الثقة بالله والتوكل عليه كانت وما تزال وستبقى منطلقاً إيمانياً أساسياً وراسخاً في موقف الشعب اليمني وتحمّله المسؤولية الإيمانية والإنسانية والأخلاقية أمام كل المؤامرات والتحديات والأخطار المحدقة بالأمّة”.

وأفاد الشرعي، بأن مميزات الموقف اليمني تجلّت كما أكدها السيد القائد في ثلاثيةٍ لم يسبق إليها أي شعبٍ بدءاً من الانطلاقة الإيمانية والتوجه القرآني للشعب اليمني وارتقائه للشعور بالمسئولية، مروراً بتكامل الاتجاهين الرسمي والشعبي وبسقوفٍ عالية، وصولاً إلى الموقف العمليّ الجهادي بتحركه الشامل في كل المجالات.

وأكد أهمية استكمال تأهيل جميع الكوادر الإعلامية، من خلال دورات متقدمة لتعزيز القدرات المكتسبة، وذلك ضمن خطة متكاملة لتطوير الكفاءة والجاهزية، واتساع الوعي بما تتطلّبه المرحلة الحالية من تعزيز الجهود في التعبئة الإعلامية لإفشال مخططات العدوّ، واستيعاب طُرق مواجهة الأخطار المحدقة بالأمة.

وعدّ مثل هذه الدورة العسكرية رسالة للعدو الأمريكي والصهيوني وأدواتهما باستعداد أبناء اليمن بصورة عامة لدعم القوات المسلحة في مواجهة أعداء الأمة، مشيرًا إلى أن الدورة تعكس الحرص على إعداد كوادر قادرة على مواجهة التحديات، سواء في الميدان أو في الإعلام، وتعزيز جهود مواجهة المخططات العدوانية.

كما أكد نائب رئيس مجلس إدارة وكالة سبأ ضرورة استشعار المشاركين لمسؤوليتهم الإعلامية كلاً من موقعه في التصدي لمؤامرات أعداء الأمّة، والوعي بالحروب الإعلامية للعدوّ ومواجهته من منطلقاتٍ إيمانية وبثقافةٍ قرآنية تُفشل مخططاته، وتعزّز من وعي الأمّة.

ودعا الإعلاميين والناشطين المشاركين في الدورات العسكرية التأهيلية وغيرها إلى صناعة جبهة وعي متكاملة لمواجهة إعلام العدو الصهيوني، الأمريكي ومواجهة تضليلاته وكشف مخططاته وأهدافه التآمرية وفضح جرائمه وإحباط تحركات مشروعه في المنطقة.

وحث الشرعي الجميع على مواجهة حملات وأكاذيب العدو بالمزيد من الوعي، واستشعار أهمية الدور الإعلامي في التصدي للأدوار السلبية التي يتبناها ويعمل عليها الشيطان الأكبر عبر أبواقه، وما يبثّه مرتزقة العدو من أباطيل وتثبيط للهمم في مواجهة الخطر المحدق بالأمة الإسلامية.

وأشاد بتفاعل المشاركين في الدورة، والاهتمام بتطوير الكفاءة والجاهزية لمواجهة أي تصعيد للعدوّ ضد الشعب اليمني والأمة، منوهًا بجهود القائمين على تنظيم وإنجاح أنشطة هذه الدورة التأهيلية.

وأعرب عن أمله في اضطلاع الجميع بمسؤولياتهم في توعية وتثقيف محيطهم الاجتماعي والتواصلي، وتشجيعهم على الالتحاق بمثل هذه الدورات، واستزادة الوعي بمخططات أعداء الوطن والأُمَّة، وإفشال سعيهم لاختراق الصفوف، وإثارة الفتن والنعرات الطائفية، وزعزعة الأمن والاستقرار.

وكان مدير عام الترجمة سمير القديمي، أشار في كلمة عن المشاركين في دورة “طوفان الأقصى”، إلى ما تمثله الدورة العسكرية من فرصة لاكتساب الكوادر الإعلامية بالوكالة المهارات العسكرية اللازمة التي تؤهلهم لخوض أي معركة قادمة مع العدو الصهيوني المدعوم أمريكيًا وبريطانياً.

واستعرض ما تضمنته الدورة من محاور نوعية، ساهمت في اكتساب المهارات العسكرية القتالية، والتدريب على مختلف أنواع الأسلحة والآليات، معربًا عن الأمل في أن يستفيد المشاركون من هذه الدورة ونقلها إلى المحيط المجتمعي.

مقالات مشابهة

  • شاهد | مشاهد تسليم الأسرى الصهاينة تعزيز لصورة النصر وتكريس لهزيمة العدو
  • عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
  • وكالة الأنباء اليمنية سبأ تختتم الدورة العسكرية “طوفان الأقصى” لمنتسبيها
  • صنعاء تطالب الامم المتحدة والمنظمات الدولية باحترام القوانين اليمنية 
  • تدشين المسابقة العلمية الثالثة بين طلبة الجامعات اليمنية
  • الإماء في الإسلام: مرآة الصراع بين الحرية والتقاليد وموروث الجاهلية الذي يثقل كاهل الإسلام
  • يديعوت أحرونوت: اليمن يشكّل تهديداً متصاعداً على الكيان الصهيوني
  • يديعوت احرنوت : اليمن بات خطرا على الكيان الصهيوني
  • نيوزيلندا تضع شروطًا على دخول الصهاينة لأراضيها
  • عشرات المستوطنين الصهاينة يدنسون المسجد الأقصى المبارك