تبرهن مصر كل يوم منذ تجدد الصراع بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل داخل قطاع غزة قبل 28 يوما، على قوة دورها وكلمتها فيما يتعلق بالدفاع عن القضية الفلسطينية ودعم الأشقاء، وأنه لا حل للأزمة داخل القطاع إلا من خلال مصر، وهذا يظهر في كم الاتصالات الدولية والإقليمية والمشاورات التي تقوم بها مع الشركاء كافة.

دور مصر في غزة

واستقبل الرئيس   عبد الفتاح السيسي، السبت، "سيندي ماكين" المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي بحضور السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وتناول اللقاء الملفات الإقليمية وعلى رأسها تطورات الأوضاع في قطاع غزة.

ووجهت المديرة التنفيذية الشكر لمصر على الدور القيادي المحوري الذي تقوم به لتقديم الدعم لأهالي القطاع، سواء من خلال الدعم المصري المباشر، أو عن طريق تنسيق المساعدات المقدمة من الأطراف الدولية، بما فيها برنامج الغذاء العالمي والمنظمات الأممية الأخرى ذات الصلة.

وشدد الرئيس السيسي على قلق مصر البالغ من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية بالقطاع، مستعرضاً الجهود المكثفة التي تقوم بها مصر على مدار الساعة لضمان إدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات، بما يلبي الاحتياجات الحقيقية لأهالي القطاع، مع استمرار المساعي المصرية مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية للدفع في اتجاه الوقف الفوري لإطلاق النار، مؤكداً كذلك ضرورة إحياء المسار السياسي استناداً إلى حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقاً للمرجعيات الدولية المعتمدة.

من جانبه قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أحمد التايب، إن الضغط على المجتمع الدولي لمواصلة الجهود لإنهاء الأزمة الراهنة، يضع العالم أمام مسؤولياته، ويوضح الموقف الموحد للعرب تجاه الأزمة.

وأضاف التايب لـ "صدى البلد"، أن العرب مصممون على موقفهم فيما يخص رفضهم التام لاستهداف المدنيين في غز، ورفض التهجير القسري، وتصفية القضية على حساب الشعب الفلسطيني وشعوب دول المنطقة، أو تهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه.

وأشار المحلل السياسي، إلى اتفاق الدول العربية على ضرورة الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار، يكشف أن هناك اجماعا عربيا في وجه تقاعس الولايات المتحدة والغرب في حل الأزمة ودعمهم اللا محدود لإسرائيل ومنحها الوقت والضوء الأخضر لتنفيذ حرب إبادة ضد الفلسطينيين.

دعم قضية فلسطين

من جانبها أبرزت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية الجهود التي تقوم بها القاهرة جنبا إلى جنب مع واشنطن لتحقيق هدنة إنسانية يوقف فيها إطلاق النيران وفي نفس الوقت العمل على تطويق الصراع في قطاع غزة، حتى لا ينفلت إلى حرب إقليمية تزامنا مع وصول قدر اكبر من المساعدات الإنسانية لسكان غزة.

وقالت الصحيفة إنه منذ السابع من أكتوبر الجاري دخلت 410 شاحنات مساعدات إنسانية وإغاثية إلى غزة بفضل الجهود المصرية، منها 36 شاحنة دخلت غزة يوم  الجمعة.

ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن توم وايت مدير الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" قوله إن الموت جوعا كان هو القدر المحتم على سكان غزة لولا قوافل المساعدات الإنسانية القادمة من مصر والتي أبقت على رمق الحياة للفلسطينيين في قطاع غزة، وأمنت للفرد منهم رغيفين للخبز يوميا ووفرت لهم المياه الصالحة للشرب.

وحث المسئول الأممي إسرائيل على تسريع وتيرة إدخال المساعدات القادمة، منتقدا ما تفرضه إسرائيل من تعقيدات على جانبها لتلك المساعدات قبل الإفراج عنها.

السيسي أفسد مخطط إسرائيل.. حكاية مشروع غزة الكبرى وتأثيره على سيناء حطّم أحلامهم في سرقة سيناء .. السيسي يوجه لطمة قاسية للغرب وإسرائيل

على صعيد تطويق الصراع في غزة ومنع انفلاته إلى حرب إقليمية، أشار الصحيفة البريطانية إلى لقاء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال زيارته اليوم السبت للأردن مع مبعوثين عن عدد من البلدان العربية بينما لم تنطفئ بعد شرارة القتال الدائر في غزة بل وتصاعدت وتيرته، وذلك بعد أن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلبا أمريكيا بعمل "وقف إنساني" للقتال يمكن معه إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وأشارت الصحيفة إلى أن المساعدات القادمة من الجانب المصري برغم كثافتها إلا أن الجانب الإسرائيلي يخضعها بعد دخولها إلى الجانب الآخر لإجراءات تفتيشية دقيقة قبل السماح لها بالدخول إلى غزة، وقد برر مسئولون عسكريون إسرائيليون ذلك بأنه مشكلات لوجستية ناتجة عن غياب التنسيق بين المنظمات المعنية باستلام المساعدات الإنسانية.

زيارة بلينكن الأردن

وكشفت "فاينانشيال تايمز" عن أن وزير الخارجية الأمريكي يهدف من وراء لقائه مع الدبلوماسيين العرب في العاصمة الأردنية منع انفلات نطاق التصعيد العسكري في غزة إلى حرب إقليمية؛ حيث تعرضت المناطق الفلسطينية الليلة الماضية إلى قصف مدفعي وجوي إسرائيلي مركز طال شمال قطاع غزة، وذلك في وقت تتواصل فيه جهود أمريكية – مصرية لإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة، متابعة أن هناك اتصالات مكثفة تتم لوضع اشتراطات لإطلاق سراح من بيد حماس من محتجزين، إلا أن ذلك لم يسفر عن أي تقدم حقيقي في هذا الاتجاه، كما لم تتبد أية مؤشرات على قرب تحققه.

وكشف مسئول أمريكي للصحيفة عن استمرار الاتصالات المكثفة لتأمين إطلاق سراح 242 محتجزا لدى حماس مع كافة أطراف الأزمة بما في ذلك "اتصالات غير مباشرة مع حماس".

وقال المسؤول، إن مصر وقطر تقومان بدور رئيسي في تلك الاتصالات، مضيفاً أن إطلاق سراح المحتجزين الأمريكيين الذي تم في العشرين من أكتوبر الماضي وهما أم وابنتها كان مجرد اختبار لمدى فاعلية قنوات الاتصال الأمريكية لتحقيق هذا الهدف .

ووصف المسئول الأمريكي تلك الاتصالات بأنها كانت "مطولة وممتلئة بالتفاصيل وتنم عن إمكانية حدوث انفراجة على هذا الصعيد برغم انتفاء وجود أية ضمانة للنجاح"، متابعا: "أن حماس طلبت وقفا لإطلاق النار وتكثيف المساعدات للمدنيين بما في ذلك الوقود الداخل إلى غزة، والإفراج عن 6000 فلسطيني من سجون إسرائيل".

انتهاكات للقانون الدولي.. سامح شكري يضع بلينكن في الزاوية بسبب حرب غزة نريد حل الدولتين.. سامح شكري: إنهاء الصراع وإحياء السلام هدف مصري وعربي

وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أن نتنياهو قد أكد للجانب الأمريكي أنه لن يقبل "وقفا مؤقتا لإطلاق النار في غزة إلا في حالة إطلاق السراح غير المشروط لـ242 إسرائيليا تحتجزهم حماس وذلك خلال لقائه أمس مع وزير الخارجية الأمريكي في تل أبيب حيث طلب بلينكن من نتنياهو بذل المزيد من أجل حماية المدنيين الفلسطينيين .

وقالت الصحيفة إن طبيعة الاشتباكات التي شهدتها مناطق غزة خلال الساعات الماضية قد اتخذت منحى مغايرا، فبحسب الصحيفة اتسمت الاشتباكات بأنها تتم من "المسافة صفر" بين القوات الإسرائيلية وحماس، وفي المقابل استهدفت إسرائيل سيارات إسعاف كانت متجهة إلى مستشفى الشفاء وهو المكان الذي يتخذه آلاف الفلسطينيين ممن تهدمت مساكنهم "ملاذا قد يكون آمنا"، لكن الجانب الإسرائيلي يقول إن المستشفى تستخدمه عناصر حماس الذين أصيب العشرات منهم جراء هذا الاستهداف.

وتحملت مصر منذ 1948 أعباء عسكرية كبيرة بسبب حرص مصر حكومة وشعبا على حماية الشعب الفلسطيني من الهجوم الإسرائيلي خلال العقود الستة الماضية.

والثابت أن مصر لم تتقاعس عن ممارسة دورها تجاه القضية الفلسطينية فقد قدمت أكثر من 100 ألف شهيد و200 ألف جريح خلال حروبها مع إسرائيل من أجل فلسطين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة إسرائيل القضية الفلسطينية الرئيس عبدالفتاح السيسي برنامج الغذاء العالمي وزير الخارجية الامريكي حماس المساعدات الإنسانیة فاینانشیال تایمز لإطلاق النار قطاع غزة إلى غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

الإسلام السياسي وحرب غزة.. التأثيرات الإقليمية وتحولات المستقبل

النظر إلى وضع المقاومة الفلسطينية في غزة من منظور "الإسلام السياسي" يعد زاوية مثيرة للاهتمام في التحليل، ولكن بشرط واحد، هو التعامل مع مفهوم "الإسلام السياسي" – الذي قد يشكل مصدرًا لسوء فهم خطير – بأكبر قدر من الحذر، سواء تعلق الأمر بالمنتديات العربية أو بالعالم الغربي.

ففي فرنسا حيث أعيش، كما هو الحال في وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية المهيمنة (وهي نفس الشيء تقريبًا)، لم يعد "الإسلام السياسي" مصطلحًا صالحًا لتحديد جزء معين من المشهد السياسي الفلسطيني أو العربي، بل أصبح – بشكل حصري – عبارة سلبية وتجريمية، لا تساعد بأي حال من الأحوال على أخذ فكرة عن التنوع أو حتى خصوصية موضوعه.

إنها تسمية يمكن أن تطلق على أي مواطن مسلم لا يقبل التنكر لانتمائه الديني، ويتبنى موقفًا يميل إلى المعارضة، وهي اليوم تسمية تمييزية تستهدف الغالبية العظمى من المسلمين في فرنسا، ويُوصم بها بانتظام مثقفون ونشطاء حقوق الإنسان من أمثال المحامي رفيق شكات ومؤسس "التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا" المنحل مروان محمد.

أما المواطنون المسلمون الوحيدون الذين تعتبرهم "محاكم الإعلام" موالين للجمهورية، فهم تقريبًا أولئك الذين تخلوا عن عقيدتهم، أو من هم على استعداد لانتقاد 95% من إخوانهم في الدين.

إضافة إلى ذلك، يؤدي كل موقف يميل لصالح الحقوق الفلسطينية إلى التهمة السيئة السمعة: "معاداة السامية"، مع أن فرنسا منقسمة منذ عقود بشأن معاداة السامية؛ بسبب قضية دريفوس الشهيرة (وهو ضابط يهودي اتُهم خطأً بالخيانة في نهاية القرن 19)، والمفارقة هي أن هذا اليمين الذي غذى أشد الاتهامات العنصرية في ذلك الوقت، والذي يدعي اليوم أنه المدافع عن اليهود، أصبح يتهم اليسار الذي دافع عن دريفوس، بأنه غيّر موقفه.

وما كشفته مأساة غزة من الانجراف في الغرب يشبه بشكل غريب ما أصبح متعارفًا عليه في إسرائيل منذ وصول حلفاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من المستوطنين إلى السلطة، ويبدو أنّ واجهة الصهيونية "المقبولة سياسيًا"، والتي طالما أخفت سياسة استعمارية مبتذلة تحت ستار "العلمانية والديمقراطية"، قد أفسحت المجال لمعجم وخطاب الأصولية الدينية "الأكثر تعنتًا"، لتفتح بذلك باب المواجهة مع الآخر.

ولذلك، لا تعترف إسرائيل بوجود نزاع على الأرض مع الفلسطينيين، بل تعتبر نفسها "شعب الأنوار" الذي يقاتل "شعب الظلمات".

وكانت أوروبا والولايات المتحدة قد قامتا ببناء واجهة "مقبولة سياسيًا" هي الأخرى في أعقاب الحرب العالمية الثانية والحقبة الاستعمارية، ونجحت لبعض الوقت في إخفاء خطابها الحربي والاستعماري تحت غطاء من النزعة العالمية والإنسانية واحترام القانون الدولي، ولكن هذه الواجهة بدأت تتحطم هي الأخرى لتفسح المجال لخطاب عنصري وطائفي يتكشّف يومًا بعد يوم وبشكل علني، مع الدعم أحادي الجانب لأسوأ ما تفعله إسرائيل.

أما بالنسبة للمنتديات السياسية العربية والإسلامية في الشرق الأوسط والمغرب العربي، فتعود صعوبة التفكير فيما يتعلق بالإسلام السياسي بشكل خاص إلى عدم دقة هذا المفهوم، لأن الإسلام السياسي حاضر اليوم في سجلات متنوعة في جميع المجالات السياسية العربية.

أما إذا كان الأمر مجرد تقييم لتطور توازن القوى بين المعارضين والأنظمة الاستبدادية، فيمكننا القول إن وضع الأنظمة لم يتم تعزيزه بأي حال من الأحوال. وسيكون من الصعب الدفاع عن موقف القادة الذين يشاركون (مثل الغربيين والإسرائيليين) في "الحرب على الإسلام السياسي" ويرتبطون بعلاقات مع إسرائيل، لأن حالة التنصل الشعبي من الموجة الإسرائيلية الجديدة من الجرائم عميقة جدًا.

وحتى لو أدت إستراتيجية حماس إلى تقويض شعبيتها، وهو ما لم يظهر عليه دليل حتى الآن، فمن الصعب تصور جيل سياسي يعتمد رفض ما كان يشكل قوته، ولا نعني هنا عضوية حماس في دائرة الإسلام السياسي، بل مرونتها والروح القتالية في مقاومة الاحتلال، وهي أمور تشاطرها فيها كافة أطياف القوى الفلسطينية، حتى إن وزيرًا أردنيًا قال مؤخرًا: إن "حماس فكرة، ولا يمكن تدمير فكرة بالقنابل".

ويمكننا، مع الحذر الشديد، ودون الحكم مسبقًا على التطورات الداخلية في كافة تشكيلات المشهد السياسي العربي، أن نستنتج أن القوى التي تحمل اسم "الإسلام السياسي"، لم تمت في المشهد الإقليمي والدولي في الشرق الأوسط والمغرب العربي، وهي مرتبطة بشكل وثيق بمقاومة الشعب الفلسطيني وبالعداء المنهجي والانتقادات الموجهة للغرب وحلفائه من العرب.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • روسيا ترد على تصريحات ترامب بشأن الأزمة الأوكرانية
  • الإسلام السياسي وحرب غزة.. التأثيرات الإقليمية وتحولات المستقبل
  • وفد حقوقي يشيد بجهود مصر لتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين
  • أكاديمي إسرائيلي يستعرض تاريخ الصراع مع حماس.. لن ترفع الراية البيضاء
  • وكالة: إسرائيل تمدد السماح بالتعاون مع البنوك الفلسطينية
  • "اليونيسيف": أكثر من 96% من سكان قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي
  • إسرائيل تمدد فترة التعاون بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية
  • إسرائيل تمدد فترة سماح للتعاون بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية
  • رويترز: إسرائيل تمدد فترة سماح تتيح التعاون بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية
  • الصراع الأمريكي على الإخلاص لإسرائيل