حذرن من الانعكاسات المترتبة.. مختصات لـ(البلاد): نشر غسيل الخلافات الزوجية يهدم القيم
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
جدة – ياسر خليل
حذرت اخصائيات اجتماعيات من تناول قضايا الخلافات الزوجية كإظهار الفرحة بحصول الطلاق أو إبراز عيوب الزوجين وغير ذلك على منصات التواصل الاجتماعي، وأكدن أنه يترتب على كل ذلك انعكاسات سلبية تجسّد هدم الاجتماعية.
بداية تقول الاخصائية الاجتماعية خلود الحمد: “شاهدنا موخراً عدة قصص لم تكن تُنشر على الملأ في مواقع التواصل الاجتماعي، تروى كأنها قصص بطولية من قبل طرفين يُفترض كان يجمعهما سقف واحد، ويأكلان في طبق واحد، وينامان على سرير واحد، وبعض الحالات يربطهم أبناء، لم تكن علاقة عادية كانت علاقة جسد وروح علاقة مقدسة للأسف سُردت على الملأ بهدف إظهار بطولة الطرف المتحدث أنه من ترك الطرف الآخر، أو لجلب مشاهدات من قبل المشاهير، فغابت الخصوصية وهُتكت القدسية في العلاقة الزوجية، ونُقل وتربى الجيل القادم على أن الزواج ماهو إلا وسيلة للوصول لغاية، وأن الزواج سلسلة من الفضائح والمشاكل والبطولات الزائفة بأني من هجرت الآخر”.
وتضيف خلود: “نحن في منزلق خطير جداً في تغيير مفهوم الزواج الذي ينتج عنه الأسرة والمجتمع للأسف، إذ سينشأ الأبناء على عدم الخصوصية ، وعدم الوعي بقدسية الزواج والأسرة والمودة والرحمة
يُجرد ذلك الفعل الإنسان من الأخلاقيات والمروءة لحفظ أسرار الزوجين واحترام العشرة”.
وتؤكد خلود أن تدمير مفاهيم الأسرة ما هي إلا مسلسل من المشاكل والخلع والخيانات وحرب بين أهل الزوج والزوجة إلى مالا نهاية، وأخيراً تبسيط مفهوم الطلاق وأنه خيار أول لكل مشكلة مما سيؤدي لهدم المجتمع ونشر التفكك ويُصبح خلل بالتربية ، لذلك نرجو نشر الوعي والبت بإتخاذ قرار عدم نشر الخصوصية والحياة الأسرية على مواقع التواصل.
من جانبها، تقول الأخصائية الاجتماعية هلا العصيمي: “تزدهر وسائل التواصل الاجتماعي بنشر اللحظات السعيدة واللمحات المختارة من حياة الأشخاص، ولكن هل نحن نرى الصورة الكاملة؟ يمكن أن يؤدي تصورنا الخاطئ للحياة الزوجية في وسائل التواصل الاجتماعي إلى صورة سيئة للواقع، ففي هذا العالم الافتراضي، نجد أنفسنا نقارن حياتنا بحياة الآخرين، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى شعور الحسد والإحباط والضغط لمطابقة مستوى السعادة والنجاح الذي يعرضه الآخرون، ولكن ما ننساه هو أن هذه المنشورات لا تعكس دائمًا الحقيقة الكاملة، فالمقارنة الاجتماعية السلبية أو الخوف من الضياع هي فكرة أن شخصًا آخر يقضي وقتًا أفضل أو أكثر نجاحًا منك، وهنا الخطر الكامن على صحة العلاقة”.
وتشير هلا إلى أنه عندما نعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي في خلق فكرة عن الحياة الزوجية، ندفع أنفسنا للوقوع في فخ المقارنة والتشكيك ، وننسى أن الصورة التي نراها هي اختيارية وتمثيلية، وربما تخفي الصعاب والتحديات التي يواجهها الأزواج الآخرون لذا من المهم أن نتذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست بديلاً عن الاتصال الفعلي والتفاعل الواقعي بين الأزواج إنها مجرد أداة تسهل التواصل، ولكنها لا تستطيع بناء العلاقات والتواصل العميق والمتبادل الذي يتطلبه زواج ناجح.
وخلصت هلا إلى القول: “أرى بأن من الضروري تحديد القواعد الأساسية للتواصل الصحيح مع الشريك، واستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بحذر ووعي لأنها مبنية على الواقع الافتراضي الذي بطبيعته غير قادر على دعم الأنشطة المطلوبة لإنجاح العلاقة، ولا تدعها تؤثر سلبًا على زواج الفرد وحياته العائلية”.
وفي السياق تقول الاخصائية الاجتماعية دلال العطاوي: “أصبحنا نشهد اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي الحديث عن المشكلات الزوجية من قبل مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي أو المختصين أو الأزواج ، والبعض منهم يميل لطرح العلاجات والارشادات والأساليب الصحيحة لعلاج العديد من الخلافات الاسرية بهدف إنشاء منظومة أسرية قيمة تساهم بالنهوض في المجتمع والارتقاء به”.
وتواصل دلال: “بينما نرى في جهة أخرى، بأن هناك بعض من الأشخاص أو مؤثري في مواقع التواصل الاجتماعي يظهر بمقطع فيديو ليشجع وينادي بعدم الزواج، ويؤكد أن الزواج تجربة فاشله ومشروع غير ناجح ومساهم بالتأثير على الحالة النفسية والعاطفية والمادية بشكل سلبي، مع التأكيد والعمل على غرس الأفكار بأن الراحة النفسية تتولد وتنمي في الانسان كلما كان بمفرده ولا يتحمل أعباء شريك الحياة والأبناء، ويتطرق عن ايجابيات الحرية والاكتفاء بالنفس والاستقلالية”.
وتمضي دلال بقولها: “ومن الأشكال الأخرى التي يقوم بها بعض مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي هو نقل تجربته الزوجية الفاشلة بشكل سلبي ومتحدثاً عن رأيه بالزواج بناء على تجربته، و غير مدرك أن آرائه غير المسؤوله والمدروسة ،ستساهم بالسلب على الكثير من الأشخاص و الملايين المتابعين له من أطفال ونساء ورجال في خلق قناعات غير سويه ونشر الاضطرابات النفسية والأسرية، بالاعتقاد أن الإنسان سيخرج من دائرة الراحة وسيضطر الى تحمل العديد من المشكلات التي ليس له غنى عنها أثناء الارتباط أو الزواج، ولا شك أن تلك الشعارات المروّج لها في مواقع التواصل الاجتماعي ،هي أحد اهم العوامل المساهمة في جعل الشباب يرفضون الزواج لوجود قناعات دخيلة تنادي بأمور تخالف الفطره البشرية التي تعتبر الإنسان كائن إجتماعي ينمو ويزدهر بوجود الأسرة والأقارب، بينما ما يتم الترويج له في العالم الإفتراضي بأن النجاحات والحياة الجميلة تتحقق كلما استقل بنفسه وابتعد عن الزواج”.
وتنهي دلال حديثها بقولها: “يتطلب الأمر أن يتم العمل لمواجهة هذه الأفكار المغلوطة والمنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي بأن يتم تكثيف الورش التوعوية عن أهمية الزواج والترابط الأسري، والعمل على تكّثيف الحلقات النقاشية عن تلك الأمور للمساهمة في الحدّ من المفاهيم المنشوره والخاطئة حول الزواج”.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الخلافات الزوجية فی مواقع التواصل الاجتماعی وسائل التواصل الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
وسائل التواصل الاجتماعي والعلوم الزائفة
إحدى السلبيات التي أظهرتها شبكات التواصل الاجتماعي وتوفر المعلومة على نطاق واسع، هو أنها منصات نشر ما بات يسمى بالعلوم الزائفة أو (pseudo science) التي طالت جميع المجالات بما فـيها المجال الصحي الذي انتشرت فـيه الكثير من الادعاءات التي ليس لها أساس علمي وتدعي قدرة بعض الممارسات على الشفاء من الأمراض المستعصية التي عجز عنها الأطباء، وكانت النتيجة أن كثيرًا من الناس فقدت حياتها، أو تعرضت لمضاعفات خطيرة نتيجة التوقف عن زيارة الأطباء.
وفـي مجال الثقافة المالية أتلقى شخصيًا على الدوام استفسارات حول طرق سريعة ومضمونة لكسب المال لم ينزل الله بها من سلطان، وتفشل كل المحاولات لإقناعهم بعدم جدواها، لأجدهم يتركونني ويذهبون لغيري ممن لديه الاستعداد للاستماع لهم وتزويدهم بما يريدون سماعه من طرق تنتمي أغلبها لما بات يسمى بعلوم الطاقة التي تدخل فـيها كثير من طرق الشعوذة بصبغة علمية، ومصطلحات يعجز العقل عن فهمها، فميزة هذه العلوم أنها تخاطب العاطفة وتدّعي بأنها تستند إلى أسس علمية بينما هي فـي الواقع خالية من المصداقية والتجربة العلمية الرصينة، وتنتشر هذه العلوم تحت غطاء من المغالطات والمفاهيم المغلوطة التي تستغل جهل البعض أو حاجتهم لإجابات بسيطة لقضايا معقدة.
المشكلة أن كثيرًا من المتعلمين والمثقفـين يقعون ضحايا العلوم الزائفة ويروجون لها مما يضفـي نوعًا من المصداقية عليها، خاصة أن هذه العلوم تعتمد على تجارب شخصية عوضًا عن الدراسات الموسعة مما يجعلها أقرب للتصديق لأن المرء منا يطمئن أكثر للتجارب الشخصية، ولهذا عندما تطرح على أحدهم فكرة يبادر بالسؤال: لكن هل جربتها؟ عملًا بالمثل القائل اسأل مجرب ولا تسأل طبيب.
لهذا نحتاج للحد من انتشار العلوم الزائفة إلى قوانين صارمة بدأت بعض الدول بتبنيها، لأن أضرارها لا تعود فقط على الفرد لكنها تعيق تنفـيذ السياسات، فهي لم تعد مجرد معلومات خاطئة بل ظاهرة تنتشر بسرعة فـي المجتمعات الحديثة، مسببة ضررًا فادحًا على مستوى الفرد والمجتمع، فضلًا عن التوعية المكثفة فـي هذا المجال.