شهدت مكتبة الفيوم العامة، ندوة أدبية، نظمها قسم الثقافة العامة بفرع ثقافة الفيوم، لمناقشة المجموعة القصصية ''أنفاس مستعملة''، للكاتبة غادة صلاح الدين. 

  جاء ذلك ضمن البرامج الثقافية للهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة عمرو البسيوني، وتحت إشراف إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي برئاسة لاميس الشرنوبي.

  

  شارك بالندوة الدكتور محمد دياب غزاوي أستاذ البلاغة والنقد الأدبي بكلية الآداب، والدكتور بيومي محمد طاحون أستاذ مساعد الأدب العربي بكلية دار العلوم جامعة الفيوم، والدكتور عمر صوفي، الأديب عصام الزهيري، وأدار اللقاء الأديب أحمد طوسون، بحضور الأديبة غادة صلاح الدين عضو لجنة التذوق الفني والأدبي باتحاد كتاب مصر، وشهدت الندوة حضور الدكتور كرم العجماوي خبير لغة الإشارة، لترجمة الندوة، لضيوفها من ذوي القدرات الخاصة، إلى جانب نخبة من القامات الأدبية والنقدية. 

  في بداية الندوة أشاد الأديب أحمد طوسون بالتفاعل، والانفتاح على مناقشة أعمال أدبية لأدباء من خارج الفيوم، وبدأ الدكتور محمد دياب غزاوي حديثه موضحا أنه وجد نفسه متسقا مع كل القضايا الاجتماعية، والواقعية التي تطرحها المحموعة القصصية، وأشاد بعبقرية النهايات التي تكسر أفق التوقع، وتمنع الملل، ويشارك القارئ في كتابتها ووضعها، كما أن الكتابة داخل المحموعة متقنة، ذات سرد ممتع وخيال محلق، ولغة آسرة وعبارات سهلة، وتحدث أيضا عنوان المجموعة القصصية ''أنفاس مستعملة''، وأنه عنوان دال وموجع، كما أن المجموعة القصصية لديها القدرة على الكتابة عن الأنثى من منظور نسائي، وليس من منظور نسوي متحيز، حيث تجول الكاتبة عبر ست وعشرين قصة تضمها المجموعة، بين ثنائيات متصارعة، بين الذاتي والموضوعي، الفردي والجماعي، العقل والقلب، الواقع والمستقبل، الرجل والمرأة، الواقعية والرومانسية. 

  واستهل الدكتور بيومي طاحون حديثه، بالإشادة بالعنوان بأنه مثير، ويطرح عددا من التساؤلات، يجعلك تقفز داخل المتن الحكائي لتتعرف كيف تكون الأنفاس المستعملة، مؤكدا أن الكاتبة تميزت بجداريات سردية مدهشة ممزوجة بالأفكار في مسارها الواقعي والحياتي، ترصد العلاقات الاجتماعية، حيث تكشف النزعات العبثية، وصراعات الحياة، والقيم والمصير الإنساني، وتوظيف تقنيات الضمير والزمن والمكان، كما ساهمت المجموعة في كشف المسكوت عنه وفق رؤية إبداعية متميزة في لقطات سريعة، وانفعالات حصرية لما يحدث في الواقع والنفس، مشيرا أن الكاتبة استطاعت تطويع المادة القصصية، وصناعة الحوار، وتوظيف المنولوجات، لإبراز الجوانب الداخلية للشخصية.  

 المجموعة القصصية" أنفاس مستعملة" تعالج المشكلات الصغيرة في الحياة اليومية  

  تحدث الدكتور عمر صوفي عن كتابة المجموعة بشفافية، ولغة بسيطة، تتفرع ما بين القضايا العامة، والمشكلات الصغيرة في الحياة اليومية، لكن مجمل قصصها تدور في الشأن النسائي، فهي أقرب إلى الأدب النسائي، كما تلتحم القصص مع تفاصيل الحياة اليومية، والتغيرات المجتمعية المتلاحقة التي تسود بعض الأسر والشخصيات، ويوجه سلوكها، وتوظف الكاتبة في بعض قصصها لغة شاعرية، مما يحول النص إلى متعة جمالية، وأشار إلى افتقاد معظم القصص إلى عنصر الدهشة، والتأثير الانفعالي في المتلقي، وطرح تساؤلا: لماذا تقع المرأة عند التأليف في فخ الأدب النسائي، وأنه يجب أن يقترب الكاتب من أعماق النفس البشرية ولا يكتفي فقط بردود الفعل وملامح السلوك الظاهر.  

 وأوضح الأديب عصام الزهيري أن اهتمام الكاتبة في مجموعتها القصصية ''أنفاس مستعملة''، كان منصبا في المقام الأول على الشكل الفني، وتحديدا استخدام تكنيك المفارقة، لكن هذا التركيز العالي الذي نجحت الكاتبة من خلاله في صياغة حبكة قصص المجموعة في صياغة شعرية مدهشة يؤدي عادة إلى تركيز أقل على مستوى التواصل مع العمق الفني للشكل القصصي، ومستوى التواصل مع أعماق الواقع والشخصية القصصية، وأضاف أن الكاتبة اعتمدت على مفارقة مسافة نفسية، دون أن يختبر القارئ عمق الشعور النفسي الناتج عن هذه المسافة.  

  وأضاف ''الزهيري'' أن إخلاص الكاتبة لصياغات الشكل القصصي، هو ما يجعل القراءة مكتفية بالحكم من الخارج أحكاما ذات طبيعة أخلاقية، أو وعظية لا علاقة لها بعمق العمل القصصي، واختتم كلمته بأنه من الواضح أننا أمام كاتبة متمرسة في صياغة الشكل القصصي، وفي انتظار أن تستخدم خبرتها وأدواتها الفنية بتمامها في تحقيق تواصل فني أعمق مع الشكل القصصي من جهة، ومع واقع شخصيات وأحداث قصصها من الجهة الأخرى.  

 وفي تعقيب للأديب أحمد طوسون، أكد أن هناك فكرة مبتكرة في إحدى قصص المجموعة وهي ''السيجارة مازالت في جيبي''، والتي تدور حول الزوج الذي يجمع أعقاب السجائر في جيبه خوفا من سخط زوجته، لكنها لم تتعمق في السرد، مما ولد فراغات سردية وهذه مسألة متكررة في عدد من القصص.   

وفي كلمتها، رحبت الكاتبة غادة صلاح الدين بالآراء والمداخلات كافة، مؤكدة أنها تتقبل النقد وتتعلم منه، وأوضحت أن في مجموعتها القصصية، قصصا حقيقية لمستها علي أرض الواقع، مشيرة إلى أن اختيارها لاسم المجموعة والغلاف، معبرين عن أفكار المجموعة، وأن القصص لا تحمل نهايات، بهدف تفاعل أكثر من القارئ، ثم استعرضت بعضا من سطور قصة ''أنفاس مستعملة'' النص الرئيس لتلك المجموعة. 

  أعقب ذلك مداخلات للحضور ومنهم؛ الأديب نادي جاد، الشعراء محمد شاكر، محمود جمعة، عبير العطار، وفاء علي، محمود يحيي، والكاتب سامي حنا.   ''أنفاس مستعملة''، مجموعة قصصية صادرة عن دار المفكر العربي، عام 2022، تقع في مائة وست عشرة صفحة، وتتكون من ست وعشرين قصة، من أبرزهم ''السيجارة مازالت في جيبي، الفجر القادم، العشاء الأخير، بلاغ كاذب، حرف ناقص، البرهان، ألف مبروك''، وتناقش المجموعة قضايا متعددة منها اختلاف الثقافات، الانحرافات والاضطرابات النفسية، رصد لفكرة الجشع، والانخداع بالمظاهر والتستر وراء الدين. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أنفاس مستعملة الفيوم المجموعة القصصية بوابة الوفد جريدة الوفد المجموعة القصصیة

إقرأ أيضاً:

دار الأوبرا المصرية.. هل تعود لعرشها مع الدكتور علاء عبد السلام؟

لطالما كانت دار الأوبرا المصرية أيقونة للفن الرفيع ومنارة ثقافية ليس لمصر وحدها بل للعالم العربي بأسره، ولكن، كما تذبل زهرة إذا جُففت منابعها، شهدت الأوبرا خلال السنوات الأخيرة حالة من التراجع اللافت، نتيجة ضعف في الإدارة، وغياب للرؤية الفنية، وإهمال لروح المكان الذي صنع أمجاد الثقافة والفن، اليوم، ومع صعود الدكتور علاء عبد السلام إلى سدة رئاستها، تعود الأسئلة الملحة إلى الواجهة: هل يستطيع أن يعيد للأوبرا مجدها الغابر؟ وهل ينجح في بث الحياة في جسدها المتعب؟

في السنوات الأخيرة، كانت الأوبرا تسير بلا بوصلة، تجارب ضعيفة، مواسم فنية باهتة، ندرة العروض الكبرى، وتراجع الحضور الجماهيري، حتى كادت الهوية التي بنتها الأوبرا منذ نشأتها عام 1988 أن تبهت.

لم يكن الخلل في قلة الإمكانيات فقط، بل في اختيارات قيادات تفتقر للرؤية والخبرة الفنية الحقيقية، غاب التخطيط بعيد المدى، وتراجعت قدرة الأوبرا على اجتذاب كبار الفنانين محليًا ودوليًا، تحولت بعض فعالياتها إلى مجرد نشاط روتيني بلا روح، وتراجعت ثقة الجمهور النخبوي الذي لطالما اعتبر الأوبرا معبده الثقافي المقدس.

تولي الدكتور علاء عبد السلام رئاسة دار الأوبرا المصرية حمل في طياته آمالًا كبرى، الرجل ليس غريبًا عن الدار، بل هو أحد أبنائها الذين تربوا على خشبتها وأدركوا منذ البداية قدسية الفن وعمق رسالته.

عبد السلام، الذي يتمتع بسجل فني وإداري مميز، جاء محملاً برؤية إصلاحية واضحة: استعادة الريادة الفنية للأوبرا، رفع مستوى العروض، تعزيز الحضور الدولي، والأهم، إعادة بناء الثقة بين الدار وجمهورها، خطواته الأولى تؤكد أنه لا يبحث عن حلول تجميلية مؤقتة، بل يسعى لتجديد عميق يبدأ من جوهر العمل الفني والإداري معًا.

من أبرز أولوياته علاء عبد السلام، تطوير برامج العروض لتواكب الأذواق الرفيعة دون الانسلاخ عن الحداثة، إعادة ضخ دماء جديدة عبر اكتشاف ودعم المواهب الشابة، استعادة الفرق العالمية الكبرى لإحياء ليالي الأوبرا بمستوى دولي، الاهتمام بالبنية التحتية الفنية والإدارية، بما يليق بمكانة الأوبرا كصرح ثقافي عريق.

لن تكون مهمة الدكتور علاء عبد السلام سهلة، فالتغيير في مؤسسة ثقيلة وعريقة مثل الأوبرا يحتاج إلى: مواجهة البيروقراطية المتجذرة، تحديث آليات الإدارة والتسويق الثقافي، خلق شراكات دولية فاعلة ترفع اسم الأوبرا في المحافل العالمية، استعادة الجمهور المتخصص الذي هجر بعض الفعاليات لفقدانها الجودة.

إنه صراع بين التغيير والحفاظ على الأصالة، بين التجديد واحترام التقاليد الفنية العريقة، فعيون المثقفين، والفنانين، وعشاق الأوبرا، اليوم، تتطلع إلى خطوات الدكتور علاء عبد السلام بشغف وحذر، الكل يأمل أن تنفض دار الأوبرا المصرية عنها غبار الإهمال، وتعود قبلة للفن الراقي كما كانت، بل أقوى وأكثر إشراقًا.

طباعة شارك دار الأوبرا المصرية منارة ثقافية علاء عبد السلام برامج العروض تجارب ضعيفة

مقالات مشابهة

  • افتتاح معرض ثقافة المخطوطات من نَزْوَى إلى غوتا
  • الموت يغيّب الأديب العراقي رجب الشيخ
  • أنفاس السياسة تتسارع: هل يستعيد الحلبوسي عرش النواب؟
  • سيارات سيدان مستعملة بـ 250 ألف جنيه
  • ضبط المتهمين بالتشاجر بسبب زيوت مستعملة فى الجيزة
  • ثقافة الغربية تكرم اسم الدكتور نبيل فاروق في مؤتمر اليوم الواحد الأدبي
  • دار الأوبرا المصرية.. هل تعود لعرشها مع الدكتور علاء عبد السلام؟
  • زيارة البرهان إلى مصر: محاولة لالتقاط أنفاس السياسة وسط ركام الحرب
  • خبيرتان: السرد القصصي لبناء جيل يتمتع بالصلابة النفسية
  • تعاون بين هيئة الصحفيين و”ثقافة وفنون جدة”