أدانت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، جرائم الإبادة الجماعية التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلية في قطاع غزة وما يترتب عليها من فظائع إنسانية غير مسبوقة لا تزال مستمرة وتدخل يومها الثامن والعشرين على التوالي، بغطاء وتشجيع ومساعدة أميركية وأوروبية مباشرة، بما يقوض قواعد القانون الدولي الإنساني.

 

وعبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق، عن مخاوف جدية من واقع المتابعة لوقائع الهجوم العسكري اليومي الذي تنفذه قوات الاحتلال بدون توقف تقريبًا، بأن ما يجري يتجاوز الفعل الانتقامي الجماعي، وهو أمر مجرّم في القانون الدولي الإنساني على خلفية الهجمات المسلحة التي نفذتها فصائل فلسطينية في 7 أكتوبر الماضي.

 

 

وأكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن ما تنفذه قوات الاحتلال حالياً هو حملة عسكرية شاملة، وإذا تم ربطها بالتصريحات الصادرة عن مسؤولين اسرائيليين بما فيهم رئيس الوزراء "بنيامين نتياهيو" ووزير الدفاع "يوئاف جالانت"، يمكن الاستنتاج أن هناك نية لارتكاب جريمة الإبادة، وهي جريمة ضد الانسانية، وربما جريمة الإبادة الجماعية. 

 

الانتهاكات الإسرائيلية في حق المدنيين في غزة

 

وتناول بيان المنظمة، العديد من الانتهاكات الإسرائيلية في حق المدنيين في غزة، والتي رصدت أن الغالبية العظمى من هذه الهجمات استهدفت المدنيين والأعيان المدنية، باستباحة غير مسبوقة، حيث أن الغارات تجاوزت استهداف بناية سكنية على رؤوس ساكنيها، وباتت تدمر أحياء ومربعات سكنية كاملة تضم عشرات المنازل وتدمرها بالكامل على رؤوس قاطنيها دون أي اعتبار لمئات السكان فيها، بما ينتهك بشكل صارخ مبدأي الضرورة والتناسب.

 

ومن أبرز الأمثلة سلسلة غارات نفذها الطيران الحربي الإسرائيلي مساء 30 أكتوبر استهدفت بعدد من الصواريخ والقنابل حيًّا سكنيًّا، في مخيم جباليا، ما أدى لتدمير 20 منزلاً على الأقل بالكامل، على رؤوس قاطنيها، وإلحاق دمار بعشرات المنازل المأهولة الأخرى، ما أدى لاستشهاد 150 فلسطينيا وإصابة 200 آخرين، مع وجود مئات المفقودين تحت الأنقاض. 

 

ومساء اليوم ذاته، عادت طائرات الاحتلال تقصف تجمعًا آخر في المخيم نفسه ما أدى لاستشهاد 20 فلسطينيا. وتكرر قصف التجمعات السكنية في المخيم نفسه مسببًا دمارًا هائلاً ومخلفا المزيد من الضحايا في اليومين التاليين، ووفق وزارة الصحة بغزة، فإن عدد الشهداء والجرحى والمفقودين في هذه الغارات تجاوز ألف فلسطيني.

 

 

ووفق المتابعة، وبناء على ما تعلنه البيانات الرسمية لقوات الاحتلال فإنها تشن يوميًا بين 250-450 غارة عبر إلقاء أطنان من المقذوفات والصواريخ وبراميل المتفجرات، أغلبها تستهدف التجمعات السكنية والبنى التحتية، وهو ما أدى إلى إلحاق دمار بـأكثر من 200 ألف وحدة سكنية منها 35 ألف وحدة سكنية دمرت بالكامل، حسب إحصاءات أولية غير نهائية نشرها المكتب الإعلامي الحكومي.

 

ويتركز جزء كبير من هذه الوحدات السكنية المدمرة داخل المخيمات الفلسطينية المكتظة، ويقطنها لاجئون فلسطينيون، وجدوا أنفسهم يتعرضون مرة إضافية للتهجير والتشرد الذي عانوه مرارا وتكرارًا هم وأهاليهم منذ عام النكبة 1948. 

 

كما تعرضت 214 مدرسة لأضرار متفاوتة بفعل الهجوم العسكري المستمر، منها 45 مدرسة خرجت عن الخدمة، وتضرر 164 مسجداً، من بينها 54 مسجداً دمر بالكامل، عدا عن استهداف 3 كنائس، وفق المكتب الإعلامي الحكومي.

 

وبدأت قوات الاحتلال الهجوم البري  بتاريخ 26 أكتوبر2023 وتوسع في29 من الشهر ذاته، وذلك عبر ثلاثة محاور هم شمال غزة، وشمال غرب غزة، وجنوب شرق غزة، تحت غطاء ناري كثف وتدمير واسع للمنازل، ووسط اشتباكات عنيفة مع فصائل المقاومة، ونجم عن الهجوم البري قطع طرق صلاح الدين لتفصل مدينة غزة وشمالها عن وسط القطاع،  ما أعاق تنقل السكان المدنيين والمركبات، حيث استهدفت قوات الاحتلال العديد من المركبات بما فيها سيارات الإسعاف وأوقعت شهداء وإصابات في صفوفها.

 

ووفق آخر حصيلة معلنة لوزارة الصحة في غزة مساء يوم 2 نوفمبر فقد أسفر الهجوم  الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر الماضي، عن استشهاد 9,061 فلسطينيا، من بينهم 3,760 طفلا و2,326 سيدة، بالإضافة إلى إصابة نحو 23 ألف فلسطيني بجروح مختلفة، 70% منهم من الأطفال والنساء.

 

وبين الشهداء الفلسطينيين 40 صحفيا وعاملا في قطاع الصحافة و18 ضابط من الدفاع المدني، وعشرات من العاملين في مؤسسات الإغاثة الدولية.

 

 كما تلقت الوزارة 2,060 بلاغا عن مفقودين منهم 1,150 طفلاً مازالوا تحت الأنقاض، وينذر بقاؤهم تحت الأنقاض مع صعوبة انتشالهم لضعف الإمكانات والقصف المتكرر بخطر انتشار الأوبئة.

 

وبالنظر إلى الأعداد المحدودة للأشخاص الذين أعلنت إسرائيل رسميا عن استشهادهم من النشطاء وحتى السياسيين، فإن هذا يدلل على أن الغالبية العظمى من الضحايا هم المدنيين الذين استشهدوا في عمليات قتل جماعية.

 

وتؤكد المعطيات التي وثقتها طواقم المنظمة أن بين الجرحى مئات الحالات الخطيرة، والمصابة بحالات بتر، وكذلك حروق بالغة جدًا، وتواجه الطواقم الطبية صعوبات بالغة في التعامل معها، فيما سمح لأعداد محدودة منها بالسفر إلى مصر 71 جريحًا بعد نحو ثلاثة أسابيع من بدء الهجوم العسكري.

 

 وحسب معطيات وزارة الصحة، فإن الهجوم العسكري أدى إلى استشهاد 135 من العاملين في الكادر الصحي وتدمير 25 سيارة إسعاف وخروجها عن الخدمة، وجرى استهداف 100 مؤسسة صحية، وإخراج 16 مستشفى، من أصل 35 مستشفى، و32 مركز رعاية أولية عن الخدمة جراء الاستهداف أو عدم إدخال الوقود، وينذر ذلك بكارثة صحية تهدد حياة آلاف المرضى والجرحى.

 

وكان بين المستشفيات التي أعلنت توقفها عن العمل مستشفى الصداقة التركي، وهى المستشفى الوحيد المخصص لمرضى السرطان والذي يضم آلاف المرضى، وأعلن مساء 2 نوفيمبر 2023 عن وفاة 4 منهم نتيجة هذه التداعيات وفق وزارة الصحة.

 

وتسبب الهجوم العسكري بأكبر حالة نزوح جماعية خلال أيام محددة طالت 1.5 مليون نسمة بواقع 65% من سكان قطاع غزة، نتيجة تهديدات الإخلاء الإسرائيلية وكذلك القصف المتكرر، في حين نزح مئات الآلاف منهم أكثر من مرة نتيجة القصف الذي يلاحقهم من مكان آخر، هذا بقاء خطر التهجير خارج القطاع قائما، إذ تروج له بعض الأوساط الإسرائيلية.

 

وتسبب كل ذلك بواقع إنساني خطير نتيجة هشاشة وضعف الخدمات المقدمة للنازحين، ففي شمال غزة ومدينة غزة، هناك العديد من مراكز الإيواء غير الرسمية، وتفتقر إلى أي خدمات ويواجه النازحون فيها أوضاعًا في غاية السوء مع النقص الحاد في الإمدادات الغذائية والمياه. كما تعرضت بعض هذه المراكز ومحيطها لقصف متكرر، ما تسبب بسقوط العديد من الضحايا.

 

كما أن مراكز الإيواء الرسمية التي تديرها الأونروا، أو المنازل التي لجأ إليها مئات آلاف السكان جنوب وادي غزة، لم تكن أحسن حالاً، فقد قصفت قوات الاحتلال الحربية عشرات المنازل ومراكز الإيواء وقتلت السكان داخلها، تكريسًا لحقيقة أنه لم يعد هناك أي مكان آمن في قطاع غزة بأكمله.

 

ويكاد ما يجري يكون غير مسبوق في الحالة في فلسطين، حيث يجوع شعب أمام مسمع ومرأى العالم، ويعاني مئات الآلاف صعوبات في الحصول على رغيف الخبز، حيث يضطر السكان المدنيون إلى الانتظار لأكثر من 6 ساعات على الأقل أمام المخابز القليلة التي ما زالت تعمل بعد أن تعطل أغلبها إما نتيجة القصف أو نتيجة عدم وجود وقود أو كهرباء أو عدم وجود الطحين، فيما قصفت المزيد من التجمعات قرب هذه المخابز في إطار حرب التجويع اللا إنسانية.

 

كما يعاني مئات الآلاف من الفلسطينيين صعوبات بالغة في الحصول على مياه الشرب فضلا عن الحصول على المياه للنظافة الشخصية، ويضطرون لشرب مياه ملوثة، وينذر ذلك بأمراض صحية خطيرة.

 

وبالتزامن مع الانتهاكات الفظيعة في قطاع غزة، صعّدت قوات الاحتلال من جرائمها وانتهاكاتها في الضفة الغربية على شكل أعمال انتقامية بأسلوب العصابات الإرهابية وليس جيش دولة. ونتيجة هذه الاعتداءات ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين إلى 130 فلسطينيا، من بينهم 40 طفلا، الذين استشهدوا منذ 7 أكتوبر حنى 1 نوفمبر، إلى جانب إصابة أكثر من 2,100 آخرين، منهم 40 حالتهم حرجة.

 

كما ارتفع عدد المعتقلين في حملات الاعتقال الجماعي التي طالت كل المكونات المجتمعية إلى 1,900 فلسطينيا، مع توارد شهادات مروعة عن عمليات التنكيل والتعذيب اللاإنساني الذي يتعرض لها هؤلاء وسط صمت مطبق من المجتمع الدولي يصل إلى حد التواطؤ في كل ما يجري.

ونفذ المستوطنون مئات الهجمات وأعمال العنف برعاية وحماية من قوات الاحتلال والحكومة الإسرائيلية، وتسببوا بتهجير المئات، حيث اضطروا لإخلاء مساكنهم بشكل قسري من التجمعات السكانية في الجنوب الفلسطيني ومناطق شمال الخليل. 

 

تؤكد المؤسسات الحقوقية الفلسطينية أن جريمة الإبادة الجماعية الجارية، وشبح التهجير الجماعي إلى خارج قطاع غزة، الذي تردده أوساط إسرائيلية يتطلب تدخلاً فورياً لوقف الهجوم العسكري، ومنع أي محاولة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، ووضع حد للجرائم  التي تقترفها إسرائيل.

 

وأكدت المؤسسات الحقوقية أن هذا التدخل يجب أن يكون مصحوباً بدخول الوقود والمساعدات الإنسانية، بما في ذلك المياه والغذاء والإمدادات الطبية، دون أي معيقات، ليتم توزيعها في جميع أنحاء قطاع غزة للتخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية المستمرة الناجمة عن سياسات العقاب الجماعي الإسرائيلية ضد السكان المدنيين في غزة. 

 

كذلك يتعين على الدول الأطراف الثالثة الضغط على إسرائيل للسماح بالنقل الفوري وغير المشروط للمرضى من غزة لتلقي العلاج الطبي خارج القطاع، بما في ذلك العلاج المنقذ للحياة، لا سميا أن سلطات الاحتلال منعت نقل الجرحى من شمال غزة ومدينة غزة بعد فصلهما عن وسط القطاع.

 

وتؤكد المؤسسات موقفها بأن هذه الجرائم والفظائع يجب أن تنتهي فوراً وأن لا تتكرر، وأن على المجتمع الدولي ضمان تفكيك نظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وعلى اسرائيل الإنسحاب فوراً ودون قيد أو شروط من الأرض الفلسطينية المحتلة، وذلك بشكل يمكّن الفلسطينيين من أن يمارسوا حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير بشكل كامل.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الانسان مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية جرائم الإبادة الجماعية الاحتلال الإسرائيلية قطاع غزة المنظمة العربية لحقوق الإنسان الإبادة الجماعیة الهجوم العسکری جریمة الإبادة قوات الاحتلال العدید من قطاع غزة فی قطاع بما فی ما أدى فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأورومتوسطي: آلاف جثامين شهود جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية تحت الأنقاض في غزة

غزة - صفا

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوم السبت، إن تقديراته تفيد بوجود أكثر من 10 آلاف فلسطيني وفلسطينية في عداد المفقودين تحت الأنقاض في قطاع غزة، مشيرًا إلى أنه لا سبيل للعثور عليهم بفعل تعذر انتشالهم أو إعادة دفن رفاتهم بكرامة، بما يشكل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي، في وقت يغيب فيه أي تحرك إنساني دولي للمساعدة في انتشالهم.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي، أن عائلات ضحايا الهجمات العسكرية المميتة والمدمرة التي تشنها "إسرائيل" ضد المدنيين على نحو مباشر وعشوائي، خلال هجومها الذي يقترب من شهره العاشر، يواجهون تحديات هائلة في انتشال الجثامين، وبخاصة في ظل عدم توفر المعدات والآلات الثقيلة لطواقم الدفاع المدني وتعطلها بسبب صعوبة العمل وتشغيلها دون توقف، بالإضافة إلى استهداف وتدمير جيش الاحتلال هذه الآليات والمعدات على نحو مباشر ومنهجي، ومنع إدخال أي معدات وآليات أخرى من خارج قطاع غزة. 

ووثق الأورومتوسطي أنماطًا متكررة للنهج الإسرائيلي القائم على منع وعرقلة انتشال الضحايا والمفقودين من تحت أنقاض الأعيان المدنية المدمر، بما في ذلك المنازل والمباني، بما يشمل تكرار استهداف طواقم الدفاع المدني وفرق الإنقاذ والعوائل التي تحاول انتشال جثث الضحايا، ومنع إدخال الوقود اللازم لعمل ما تبقى من مركبات وآليات ثقيلة، ومنع إدخال المعدات، بالإضافة إلى تعمد استخدام أسلحة ذات قدرات تدميرية هائلة تخلف أطنانًا من الركام يصعب إزالتها وانتشال الجثامين من تحتها.

وأفادت السيدة "مريم عماد" (19 عامًا)، لفريق الأورومتوسطي بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت يوم 7 ديسمبر/كانون أول 2023 منزلين لعائلتها في خان يونس جنوبي قطاع غزة، وكان فيهما 36 فردًا/ منهم والداها واثنان من إخوانها، أحدهما طفل، والبقية هم جدها وأعمامها وزوجاتهم وأبناؤهم. 

وأضافت "بقينا أكثر من 42 يومًا لا نعرف شيئًا عن مصير كل هؤلاء، وبعدها علمنا أن جميعهم استشهدوا تحت الأنقاض جراء القصف الإسرائيلي. وعندما انسحبت القوات الإسرائيلية مطلع نيسان/أبريل الماضي، ذهبت أنا الناجية الوحيدة من عائلتي مع خالي وعمي لمحاولة انتشال الجثامين لكن لم نستطيع أن نخرج أحدًا منهم".

وتابعت "ثم جاء الدفاع المدني في اليوم التالي وتمكن من استخراج عدد قليل من الجثامين، والبقية بقوا تحت الأنقاض، وحرمنا حتى من دفنهم حتى الآن، لعدم توفر معدات ملائمة، وما يزال مطلبنا أن يتم انتشالهم رغم إدراكي أنهم تحللوا بعد كل هذه الأشهر، لكن نريد دفن ما تبقى منهم بشكل لائق".

وأفاد "وسام السكني" لفريق الأورومتوسطي، بأن طائرات حربية إسرائيلية قصف منزل عائلته في 22 نوفمبر/تشرين ثانٍ 2023، والمكون من خمسة منازل في منطقة مشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد اثنين من أطفاله مع حوالي 45 شخصًا قتلوا في الحادثة.

وذكر "السكني" أنهم على مدار أسابيع من سعيهم لاستخراج الضحايا، فإنه ما يزال 15 منهم تحت الأنقاض، في الوقت الذي يعوق فيه الحجم الهائل من الركام والأنقاض وغياب المعدات وتكرار القصف على المنطقة انتشالهم.

أما "أحمد البهنساوي" فأفاد للأورومتوسطي بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت منزلهم يوم 31 أكتوبر/تشرين أول 2023، ضمن حزام ناري استهدف مربعًا سكنيًّا يضم حوالي 40 منزلًا في "حارة السنايدة" في مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة. 

وأوضح "البهنساوي" أن جميع أفراد أسرته البالغ عددهم 18 فردًا مع حوالي 400 شخصًا استشهدوا في الهجوم الإسرائيلي الواسع، مشيرًا إلى أنه على مدار أسابيع تم استخراج العشرات من الجثث، لكن ظل حوالي 50 شخصًا تحت الأنقاض يتعذر انتشالهم لعدم توفر المعدات وحجم الدمار الكبير. 

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أن غالبية جثامين الضحايا المنتشلة في الهجمات العسكرية الإسرائيلية كانت إما في الشوارع أو في بنايات بسيطة من طابق واحد أو طابقين، في حين تبقى هناك صعوبات جسيمة في انتشال جثامين الشهداء من أسفل المباني متعددة الطوابق، في ظل اعتماد فرق الدفاع المدني والإنقاذ على معدات متهالكة ومطارق يدوية وأجهزة بدائية في عملية البحث عن الجثامين تحت عشرات آلاف الأطنان من الأنقاض، مما يعرقل فعالية العمل واستمراريته.

وأكد ضرورة الضغط على "إسرائيل" للالتزام بواجباتها القانونية وإدخال بواقر ومعدات خاصة وكميات كافية من الوقود، نظرًا للحاجة الهائلة، والبدء في إزالة الأنقاض والبحث عن الجثامين والوصول إليها وانتشالها وفق إجراءات خاصة للتعرف على أصحابها ودفنهم في مقابر مخصصة، وبالتالي وقف الانتهاك الحاصل لكرامة الضحايا، وكفالة حقهم وحق ذويهم في دفنهم باحترام وبشكل لائق، وطبقًا لشعائر دينهم.

ونبه الأورومتوسطي إلى أن النهج الإسرائيلي في منع وعرقلة انتشال الضحايا يمثل سببًا رئيسًا في انتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة في قطاع غزة، في وقت تحللت الغالبية العظمى للجثث بالفعل لتضيف المزيد من المخاطر على الصحة العامة للمدنيين، والمتدهورة أصلا جراء تدمير "إسرائيل" للبنية التحتية المدنية الحيوية، وقطعها لإمدادات الوقود الضرورية لمعالجة مياه الصرف الصحي وعدم القدرة على التخلص من النفايات، والاضطرار إلى استهلاك المياه الملوثة، مما يعرض صحة ورفاهية أكثر من مليوني فلسطيني وفلسطينية، نحو نصفهم من الأطفال، للخطر.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن منع وعرقلة انتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض يشكل انتهاكًا صارخًا ومركّبًا لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبخاصة تلك المرتبطة بحقوق جميع الأشخاص بعدم التعرض للاختفاء القسري، وفتح التحقيقات والانتصاف والجبر، وكذلك الحقوق الأخيرة والمتعلقة بالمعاملة الكريمة لجسد الميت ودفنه ومعاملة رفاته باحترام، ويضاف إلى ذلك أن بقاء آلاف الضحايا في عداد المفقودين يشكل جريمة إضافية بحق عائلاتهم الذين يعانون من العذاب النفسي الشديد بما يشكل ركنًا آخر من أركان جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين في القطاع.

كما أكد أن منع انتشال الجثامين ينتهك كذلك قرارات محكمة العدل الدولية بشأن ضرورة وقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة وحماية المدنيين، كونه يتضمن كذلك إخفاءً متعمدًا للأدلة المرتبطة بجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزة.

وشدد على أن بقاء هذا العدد الكبير من الضحايا تحت الأنقاض وفشل جهود استخراج الجثث على مدار أشهر يثبت تعمد "إسرائيل" استخدام أنواع مختلفة من القنابل والذخائر وقوة تدميرية غير متناسبة ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، في انتهاك لقواعد الحماية للمدنيين وممتلكاتهم من مخاطر الحرب، والتي يوفرها القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب.

وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مطالبته بضرورة وجود تحرك سريع لانتشال الجثامين في كافة مناطق قطاع غزة، وإدخال المعدات اللازمة والطواقم المتخصصة والسماح لها بالعمل بشكل آمن، محذرًا من أن استمرار بقائها بالشكل الحالي ينذر بنشر المزيد من الأوبئة وستكون له تداعيات خطيرة جدًا على الصحة العامة، والتي بدأت تلمس منذ عدة أشهر مع تسجيل متكرر لإصابات ووفيات بالأمراض المعدية، بالإضافة إلى تعريض الصحة البيئية للقطاع على المدى الطويل للخطر الشديد وتدمير البيئة بما يصل حد الإبادة البيئية، وجعل قطاع غزة في نهاية المطاف مكانًا غير صالح للحياة والسكن.

وأعاد الأورومتوسطي التأكيد على وجوب إلزام "إسرائيل" بقواعد القانون الدولي التي تنص على ضرورة احترام جثامين الشهداء وعدم سلبها وحمايتها أثناء النزاعات المسلحة، وضرورة اتخاذ أطراف النزاع كل الإجراءات الممكنة لمنع سلب الشهداء والموتى كرامتهم وتشويه جثامينهم وتأمين الدفن اللائق لهم، فضلا عن ضرورة الضغط الدولي على "إسرائيل" لوقف هجماتها العسكرية فورًا بحق المدنيين في قطاع غزة ومحاسبتها على كل الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها لمنع الإفلات من العقاب.

مقالات مشابهة

  • 16 شهيدًا و75 جريحًا بمجزرة للاحتلال في مخيم النصيرات وسط القطاع
  • البرلمان العربي يؤكد مواصلة مساعيه لإيقاف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني
  • الأورومتوسطي: آلاف جثامين شهود جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية تحت الأنقاض في غزة
  • أدانت الاعتداءات الإسرائيلية على سورية… الجامعة العربية تطالب بوقف حرب الإبادة في غزة
  • أكثر من 38 ألف شهيد حصيلة الإبادة الجماعية الصهيونية على غزة
  • انطلاق أعمال الاجتماع الطارئ للجامعة العربية لبحث سياسة مواجهة جرائم الاحتلال
  • أكثر من 38 ألف شهيد حصيلة الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة
  • انطلاق أعمال الاجتماع الطارئ للجامعة العربية لبحث جرائم الاحتلال
  • العكلوك: الاحتلال يستهدف التوسع الاستيطاني وتقويض صلاحيات الحكومة الفلسطينيه
  • حرب غزة والغرب.. ماذا تبقى من شعارات حقوق الإنسان؟!