هاشم شرف الدين
لطالما تميّز سماحة السيد حسن نصرالله ببراعته في ممارسة الحرب النفسية ضد العدو الإسرائيلي، أما اليوم فقد استهدف العدو الأمريكي أيضا بخطاب عكس قدرته الفائقة على هز قلوب العدوين اللدودين.
إنني أجزم بأنه حطّم معنوياتهما ونسف أهدافهما وتمكّن من توجيه الرأي العام لديهما وفق هدفه الاستراتيجي بحربه النفسية.
لقد كان كالبحار الشجاع الذي يقود بارجةً قوية يطلق مِن عليها كلماتٍ كالصواريخ، لا يبالي باضطراب الأمواج من حوله، يتقدم بثبات وثقة ويلقي شباكاً من العبارات البليغة يرعب بها الأعداء ويؤكد لهم: شباكنا التي أعددناها تنتظر أساطيلكم.
لقد لعب على أوتار التخويف – صراحةً وغموضا – ببراعة فائقة، فملأ قلوب الأعداء رعبا ونقلهم من حالة الغطرسة والاستعلاء إلى أعماق الشك والتردد والقلق.
لقد شعرت أن خطابه جعل العجزة قادة الأعداء كالأشجار الخاوية التي تنثني وتتكسّر أمام هبوب العاصفة، فهو بدّد ادعاءاتهم بشأن الحفاظ على حقوق الإنسان وفضح تزييفهم للحقائق وكشف أقنعتهم فأبدى إنسانيتهم المزيفة، ووضع بفرشاة كلماته لطخةً من السواد على أعينهم تعيق رؤيتهم.
لقد تلاعب بهم بمهارة فائقة وأحدث تأثيرات قوية ومدمرة، فقد كانت كلماته صواريخ مجنحة تنطلق من منصة قلبه الشجاع واحدا تلو الآخر تصيب أهدافها بدقة في نفسيات الأعداء فيستنفرون مراكزهم البحثية لتأمل معانيها وتفسيراتها المتعددة بغية فك شيفرات احتمالاتها المفتوحة.
ومثله فعل سماحة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه المهم عقب عملية طوفان الأقصى المباركة.
إننا في محور الجهاد والمقاومة بهذين القائدين الشجاعين الحكيمين الماهرين المتميزين في الحروب العسكرية والنفسية قوةٌ لا يمكن تجاهلها، لذا فنحن ممتنون لسماحتيهما، فهما يربكان الأعداء حدّ تجهيزهم وتهيئتهم للهزيمة، ويحققان النصر بالسلاح وبالكلمات، ويحققان الاستقرار النفسي في صفوفنا.
لقد كان خطابا هذين السيدين الجليلين عاصفة هائجة تحطم معاقل الأعداء، فاضا بقيم الدين والعروبة تضامناً مع شعب فلسطين المظلوم. لقد بدّدا ظلمة الصمت العربي المخزي، فبديا نجمين لامعين يشعان بالأمل والإلهام للأمة التي تعاني وتنشد النصر والأمان.
نحبكما يا قائدينا المجاهدين العظيمين، ونحب جهادكما الحربي والنفسي، فصواريخكما تُحرك الجبال وتهز الأرض، وكلماتكما أسلحة فتاكةٌ في حروب العقول والقلوب تهز نفسيات العدو وتزيد في قوتنا الداخلية.
إننا نتحدى الصعاب ونتجاوز التوقعات بفضل الله تعالى وإلهامكما وقدرتكما على تحفيزنا وتوجيهنا نحو النجاح، فلكما منا ولاؤنا الكامل، نحن الذين نثق بقدرتكما على قيادتنا نحو النجاح والتفوق.
شكرا لكما على إتقان فنون الحرب العسكرية والنفسية.
شكراً لكما على تحويل الأزمات إلى فرص وتقوية الروح المعنوية الفردية والجمعية.
شكرا لكما فأنتما تجعلانا نؤمن بقوتنا ونتحدى الظروف، وتفتحان لنا آفاقا جديدة من التفكير.
شكرا لكما فأنتما تجعلان الانتصار الكامل أقرب بالبندقية والكلمات..
ولا وفّق الله من يخذلكما..
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس| "أبنائي الأعزاء.. شكراً".. دراما إنسانية خلدها الزمن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص، حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ، كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التليفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.
من "ليالي الحلمية" إلى "بوابة الحلواني"، ومن "هند والدكتور نعمان" إلى "رحلة السيد أبو العلا البشري"، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة. لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.
رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث اجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية. واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.
إذا كنت من عشاق الدراما العائلية التي تترك أثرًا عميقًا في القلوب، فلا بد أنك تتذكر مسلسل "أبنائي الأعزاء.. شكراً"، أحد أبرز الأعمال التي جسدت المشاعر الأسرية ببساطة وعفوية، هذا المسلسل لم يكن مجرد قصة تُحكى، بل كان مرآة تعكس واقع الكثير من العائلات المصرية والعربية وهى الأب الذي منح كل شيء ولم ينتظر شيئًا.
"أبنائي الأعزاء.. شكراً" ليس مجرد مسلسل، بل هو تجربة إنسانية عميقة جعلتنا نعيد التفكير في علاقاتنا الأسرية، ونتساءل: هل نحن نمنح آباءنا الحب والتقدير الذي يستحقونه، أم أننا مشغولون عنهم كما كان أبناء عبد الحميد؟
دارت أحداث المسلسل حول شخصية عبد الحميد، الرجل الطيب المكافح الذي أفنى حياته في تربية أبنائه الأربعة وضحى بالكثير من أجلهم. ورغم تفانيه، إلا أن الأبناء عندما كبروا وتغيرت اهتماماتهم وانشغلوا بحياتهم الخاصة، بدأ يشعر بالغربة بينهم. تتوالى الأحداث ليواجه عبد الحميد مواقف صعبة تجعله يدرك أن العطاء بلا مقابل قد لا يكون دائمًا محل تقدير، لكنه يظل متمسكًا بحبه لأبنائه دون انتظار الشكر أو العرفان.
المسلسل يعكس التحولات الاجتماعية وتأثيرها على الأسرة، كما يطرح تساؤلًا مهمًا و هو هل تربية الأبناء تعني فقط توفير الحياة الكريمة، أم أنها تمتد إلى بناء جسور المودة والتفاهم التي تمنع جحود الأبناء مستقبلاً؟
حقق "أبنائي الأعزاء.. شكراً" نجاحًا ضخمًا عند عرضه، وظل محفورًا في ذاكرة الجمهور كواحد من أكثر الأعمال تأثيرًا في الدراما المصرية. بساطة القصة وصدق الأداء جعلت المشاهدين يتفاعلون مع الأحداث وكأنها جزء من حياتهم، خاصة أن المسلسل حمل مواقف مؤثرة وعاطفية مست قلوب الجميع.
كما اشتهرت عبارة "شكراً" التي كان يرددها الأب عبد الحميد بمرارة كلما خذله أحد أبنائه، وأصبحت أيقونة ترددها الأجيال حتى اليوم عند الشعور بالجحود أو النكران.
المسلسل تأليف محمد جلال عبد القوي، وإخراج إبراهيم الشقنقيري، ومن بطولة الفنان الكوميدى الراحل عبد المنعم مدبولي.