تحليل لموقف أردوغان من غزة.. لم يستمع إليه الخارج فاستغله سياسيا في الداخل
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
قدم الكاتب التركي، سميح إيديز، كاتب عمود في نبض تركيا وموقع المونيتور، تحليلا أبرز من خلاله كيفية تخلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن لهجته الحذرة بشأن الصراع في غزة والعودة السريعة لموقفه المؤيد بقوة لحماس والمعادي لإسرائيل.
يأتي هذا التحول، من وجهة نظر الكاتب التركي، في الوقت الذي تحاول فيه تركيا تحسين العلاقات مع الدول الغربية والإقليمية الرئيسية لجذب رأس المال الأجنبي الذي تشتد الحاجة إليه للتغلب على أزمتها الاقتصادية الحادة.
في كلمته أمام المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية وصف أردوغان العملية الإسرائيلية الحالية في غزة بأنها "واحدة من أكثر الهجمات دموية وأكثرها وحشية في التاريخ".
قال: "حماس ليست منظمة إرهابية"، بل "مجموعة تحرير مجاهدة تكافح من أجل حماية شعبها وأراضيها". كما انتقد أردوغان الغرب بسبب دعمه غير المشروط للرد الإسرائيلي المستمر على الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر.
قال أردوغان: "لقد حان الوقت للتحدث علناً ضد تلك الجهات الحقيرة التي أدارت ظهرها للقتل الخسيس لمئات الأطفال والنساء". بعد ثلاثة أيام، كثف أردوغان، أثناء حديثه في تجمع حاشد مؤيد لغزة نظمه حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، من لهجة خطابه ضد الغرب.
قال أردوغان في إشارة إلى الحرب العالمية الثانية: بالأمس كانوا يتقاتلون، فقتلوا اليهود في غرف الغاز ومحووا المدن من على الخريطة بالقنابل الذرية. نرى نفس العقلية في غزة اليوم. وأضاف: تركيا ستعمل بشكل حثيث على إعلان إسرائيل مجرم حرب دوليا.
قبل هجوم حماس في أكتوبر، كان هناك حديث عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تركيا لمناقشة سبل تعميق العلاقات مرة أخرى. وكان هو وأردوغان التقيا لفترة وجيزة في سبتمبر خلال الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة.
يبدو الآن أن احتمال تطبيع تركيا مع إسرائيل قاتم في المستقبل المنظور، وكذلك أي فرصة لأن تلعب تركيا دور وساطة في الصراع بين حماس وإسرائيل كما عرضت في البداية.
في الوقت نفسه، أرسل 45 ممثلًا في الكونجرس الأمريكي، والعديد منهم أعضاء في التجمع المعارض لبيع طائرات F-16 لأنقرة، رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يدعون فيها إلى توبيخ تركيا.
جاء في الرسالة: نكتب إليكم لنحثكم بشدة على اتخاذ إجراءات حاسمة لمحاسبة الجمهورية التركية على دورها في دعم وتسهيل عمليات حماس.
يشير المحللون إلى أنه سيكون من الصعب أن يوافق الكونجرس على بيع طائرات F-16 في أي وقت قريب نظرًا للمناخ الحالي.
على الخلفية المذكورة أعلاه، فإن عروض أردوغان للعمل كوسيط ودعوات أنقرة لوقف إطلاق النار في غزة - وهو ما ستضمنه تركيا، من بين أمور أخرى - لم تلق آذاناً صماء بشكل مفاجئ.
بعد فشله في تأمين دور دولي في الحرب بين إسرائيل وحماس، يستخدم أردوغان الآن الأزمة سياسيا في الداخل، حيث ينتشر التعاطف مع الفلسطينيين وازدراء إسرائيل على نطاق واسع، كما يقول المحللون.
في خطابه أمام الحشد المؤيد لغزة، انتقد أردوغان خصومه السياسيين المحليين الذين يعتبرون هجوم حماس عملا إرهابيا.
قال: هناك سياسيون في بلدي.. من يقول إذا كان نتنياهو إرهابيا، فكذلك حماس. وقال أردوغان: على من يصوتون لهم أن يفكروا مليا.
ووفقا لخبير السياسة الخارجية بارسين ينانج، فإن أردوغان لديه جانب عملي، ولكن أيضا جانب أيديولوجي إسلامي.قال بارسين ينانج للمونيتور: "لكن القاسم المشترك هو انتهازيته". لم تحظ أي من مبادرات أردوغان الدولية بأي رد. ولذلك قرر استغلال هذه الفرصة لتسجيل النقاط المحلية.
من المقرر إجراء الانتخابات البلدية على مستوى البلاد في شهر مارس المقبل، ويريد أردوغان استعادة المدن الكبرى - بدءاً من أنقرة وإسطنبول وإزمير - التي خسرها أمام المعارضة في عام 2019. وإذا نجح، فسيتوج ذلك فوزه في الانتخابات الرئاسية.
وباختيار هذا المسار، يبدو أردوغان غير منزعج من الضرر الذي قد يلحقه بعلاقات تركيا مع الولايات المتحدة وأوروبا.
وقال ينانج: لا يفكر أردوغان أكثر من ستة أشهر في المستقبل. بحلول ذلك الوقت، ستكون الانتخابات قد انتهت، وسيكون الوضع بالنسبة لحماس قد تغير. ومن المرجح أن يتبنى الموقف الذي يعتقد أنه الأكثر واقعية في ذلك الوقت.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أردوغان غزة تركيا فی غزة
إقرأ أيضاً:
فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
تبرر إسرائيل وحلفاؤها كل ما قامت وتقوم به من تدمير في الأراضي الفلسطينية بحقها في الدفاع عن نفسها، ولكن بعض الخبراء القانونيين يجادلون بأنها لا تستطيع التذرع بهذا الحق تلقائيا، كما يُفهم في السياق القانوني.
وذكرت نشرة فوكس بأن إسرائيل، منذ دخول الاتفاق بينها وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيز التنفيذ، صعّدت غاراتها في الضفة الغربية، مما أدى إلى نزوح أكثر من 40 ألف فلسطيني، وبعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الهش أصلا، قطعت الكهرباء ومنعت دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بعد أكثر من عام من الحرب قتلت فيه أكثر من 61 ألف فلسطيني، ودمرت البنية التحتية للرعاية الصحية في القطاع، وشردت حوالي 90% من السكان.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست: هذه أوراق بيد أوروبا حال تعمق خلافها مع أميركاlist 2 of 2تايمز: ما قصة الثورة التي يريد ستارمر إطلاق شرارتها في بريطانيا؟end of listومع أن لكل دولة حسب القانون الدولي الحق في الدفاع عن النفس -كما تقول النشرة في تقرير بقلم مراسلها عبد الله فياض- فإن لهذا الحق الذي أصبح يتكرر منذ عقود، حدودا تربطه بهجوم مسلح من دولة أخرى، وهو ما ليس متوفرا في حالة إسرائيل التي هاجمتها حماس من أراضٍ تسيطر عليها.
وإذا كان البعض يجادل بأنه لم يكن أمام إسرائيل، من الناحية الأخلاقية، خيار سوى استخدام القوة لمحاسبة حماس على أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فإن هذه الحجج الأخلاقية لا تكفي، لأنه في النهاية لا شيء يمكن أن يُبرر أخلاقيا قتل عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء.
إعلان حجج قانونية مبهمةولأن القوانين هي التي تحكم العالم، يمكن لإسرائيل الرد بقوة متناسبة لاستعادة النظام، لكن شن حرب والادعاء القاطع بأنها دفاع عن النفس لا يستند إلى أساس قانوني ظاهريا، وادعاؤها لا يغير جوهريا كيفية تصرفها في قطاع غزة والضفة الغربية، ولن يضفي شرعية على جميع أفعالها خلال هذه الحرب، حسب النشرة.
وأشارت النشرة إلى أن الفهم العميق لمعنى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها سيساعد في توضيح ما إذا كانت حربها دفاعا عن النفس أو عدوانا، وإذا تبين أنها عدوان، فإن ذلك يجب أن يدفع حلفاءها إلى إعادة النظر في نوع الدعم السياسي الذي يقدمونه لها في مثل هذه الأوقات.
ويعتمد ادعاء إسرائيل بالدفاع عن النفس على حجج قانونية مبهمة، مع أن هناك إطارين قانونيين رئيسيين للنظر في حق الدفاع عن النفس، أولهما ميثاق الأمم المتحدة، وهو معاهدة ملزمة قانونا للدول الأعضاء، وثانيهما، القانون الإنساني الدولي الذي يُرسي قواعد السلوك المتعلقة بالنزاعات المسلحة.
وقالت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن حالة إسرائيل لا ينطبق عليها الحق في الدفاع عن النفس، لأنها لم تتعرض لهجوم من دولة أخرى، بل إن الهجوم شنته جماعة مسلحة داخل منطقة تسيطر عليها إسرائيل وتحتلها بشكل غير قانوني، لا يمكنها ادعاء الحق في الدفاع عن النفس.
وفي عام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا بشأن الجدار الذي كانت إسرائيل تبنيه حول الضفة الغربية، واعتبرت أن الحاجز غير قانوني، لأنه سيحمي من التهديدات القادمة من منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالفعل، مما يعني أنها لم تكن تتصرف كما زعمت، دفاعا عن النفس. وكتبت محكمة العدل الدولية "لا يمكن لإسرائيل بأي حال من الأحوال الاستناد إلى تلك القرارات لدعم ادعائها بممارسة حق الدفاع عن النفس".
إعلانوفي سياق هذا الرأي الاستشاري، يُمكن اعتبار أي إجراء يُتخذ لتعزيز أو إدامة قبضة إسرائيل العسكرية على الفلسطينيين امتدادا للاحتلال، وليس دفاعا عن النفس، وقال محامو جنوب أفريقيا إن "ما تفعله إسرائيل في غزة، تفعله في أراض خاضعة لسيطرتها"، واستنتجوا أن أفعالها تُعزز احتلالها، وبالتالي لا ينطبق عليها قانون الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة".
وقد كتب رئيس محكمة العدل الدولية عند إصداره رأي المحكمة الاستشاري، الذي قضى بعدم قانونية الاحتلال، أن "دولة إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة بأسرع وقت ممكن"، ولكن إسرائيل استمرت في بناء المستوطنات غير القانونية على الأراضي المحتلة، وحصار غزة، وفرض حكم عسكري على الفلسطينيين ينتهك حقوقهم الإنسانية.
وهذا -حسب النشرة- ما يجعل إسرائيل معتدية بموجب القانون الدولي، قبل وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وما دامت كذلك فلا يحق لها ادعاء حق الدفاع عن النفس، وتقول ألبانيز إن "استمرار احتلال ينتهك بشكل عميق لا رجعة فيه حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، يعد شكلا دائما ومستمرا من أشكال العدوان".
حجة إسرائيل
ورغم ذلك يجادل بعض الخبراء بأن مبرر إسرائيل للحرب يندرج ضمن الإطار القانوني الدولي، وذلك لأن السابع من أكتوبر/تشرين الأول يرقى إلى مستوى "هجوم مسلح"، وهو ما تنص عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ومن شأنه أن يُفعّل حق الدولة في الدفاع عن نفسها.
وقد أوضح إريك هاينز، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة أوكلاهوما، أسباب لجوء إسرائيل إلى الدفاع عن النفس في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بحجة أن حجم الهجوم وعدد الضحايا المدنيين، يُشكل "هجوما مسلحا" ويجعل الرد العسكري مبررا.
بيد أن المسألة لا تقف عند كون السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان هجوما مسلحا، إذ يرى أردي إمسيس، أستاذ القانون الدولي بجامعة كوينز، أن ذلك لا يبرر حق الدفاع عن النفس لأن ذلك الحق لا ينطبق داخل الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
إعلانوهذا يقود إلى الجزء الثاني من الأساس وراء حجة إسرائيل -كما تقول النشرة- وهي المقولة بأن غزة لم تكن تحت الاحتلال منذ أن سحبت إسرائيل مستوطناتها وجيشها من القطاع عام 2005، ومع ذلك، فإن هذا الوصف مرفوض على نطاق واسع من قبل جماعات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، وحتى وزارة الخارجية الأميركية تُدرج قطاع غزة في تعريفها للأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، كما أكدت محكمة العدل الدولية مجددا أن غزة، من وجهة نظر قانونية، تحت الاحتلال.
وتساءلت النشرة كيف يمكن لإسرائيل الرد قانونيا ما دام الاحتلال لا نهاية له في الأفق؟ لترد بأن هناك العديد من السبل القانونية التي يمكن لإسرائيل اتباعها مع ضرورة الالتزام بقانون الاحتلال، وهو فرع من القانون الإنساني الدولي، يحدد كيفية التعامل مع الهجمات الصادرة من الأراضي المحتلة.
والرد في هذه الحالة -كما تشير النشرة- يكون من خلال إنفاذ القانون، وذلك بالقمع المتناسب الذي تشنه الشرطة على مرتكبي العنف إذا لم ينتهك حقوق الناس، وكقوة احتلال، كان بإمكان إسرائيل استخدام "القوة الضرورية والمتناسبة لصد الهجوم، كما قال إمسيس، موضحا أنه لكي يكون أي استخدام للقوة قانونيا، "يجب أن يكون ضروريا ومتناسبا مقارنة بالقوة المستخدمة ضدها".
نهج انتقائيووصلت النشرة إلى أن إسرائيل يصعب عليها الادعاء بأن حربها على غزة كانت دفاعا عن النفس، أو حربا ضد حماس فقط، ناهيك عن كونها ردا مُتناسبا مع أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لأنها خلال عام، استخدمت التجويع الجماعي كسلاح في الحرب، ودفعت البنية التحتية للرعاية الصحية في غزة إلى الانهيار، وخلقت ظروفا مواتية لانتشار أمراض تمكن الوقاية منها، كما قتلت أكثر من 150 صحفيا.
كل هذا يعني أن إسرائيل، حتى لو استطاعت الادعاء بأنها بدأت الحرب دفاعا عن النفس، فإن أفعالها في الحرب نفسها لا يمكن اعتبارها قانونية، وقال كلايف بالدوين، كبير المستشارين القانونيين في المكتب القانوني والسياسي لمنظمة هيومن رايتس ووتش، "مهما كانت المبررات القانونية المحتملة لاستخدام القوة، يجب على جميع الأطراف دائما الامتثال لقانون النزاع المسلح ومعرفة أن جرائم الحرب لا يمكن تبريرها أبدا".
إعلان
هناك أيضا حقيقة مزعجة لإسرائيل وحلفائها عندما يجادلون بأن مبادئ الدفاع عن النفس تمنح إسرائيل ترخيصا لشن هذا النوع من الحرب في غزة، وهي أن للفلسطينيين، كشعب خاضع للاحتلال، الحق في المقاومة بموجب القانون الدولي، وذلك يشمل المقاومة المسلحة.
وخلصت النشرة إلى أن قبول كون إسرائيل تتصرف دفاعا عن النفس بدلا من كونها قوة احتلال تُوسّع سيطرتها العسكرية، يعني أن حلفاءها على استعداد لانتهاك القانون الدولي كلما كان ذلك مناسبا، وهذا النوع من النفاق نهج انتقائي في تحديد القوانين التي ينبغي تطبيقها على إسرائيل وتلك التي ينبغي تجاهلها، ولا بد أن تكون له عواقب عالمية، لأنه يقوض شرعية النظام القانوني الدولي، ويشجع إسرائيل ودولا أخرى على الاستمرار في انتهاك القوانين دون عقاب.