كيف تستهدف حماس محاصرة إسرائيل في ورطة بغزة؟
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
تحليل "رويترز": قال مصدران مقربان من قيادة حركة حماس إن الحركة استعدت لحرب طويلة وممتدة في قطاع غزة وتعتقد أنها قادرة على عرقلة التقدم الإسرائيلي لفترة كافية لإجبار عدوها اللدود على الموافقة على وقف إطلاق النار.
وقال المصدران اللذان رفضا الكشف عن هويتيها بسبب حساسية الوضع إن حماس، التي تدير قطاع غزة، عكفت على تخزين الأسلحة والصواريخ والمواد الغذائية والإمدادات الطبية.
وقال المصدران إنه في نهاية المطاف، تعتقد حماس أن الضغط الدولي على إسرائيل لإنهاء الحصار، مع تزايد الخسائر في صفوف المدنيين، يمكن أن يفرض وقف إطلاق نار والتوصل إلى تسوية في التفاوض من شأنها خروج الجماعة المسلحة بتنازل ملموس مثل إطلاق سراح آلاف السجناء الفلسطينيين مقابل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.
وأشار أربعة مسؤولين من حماس ومسؤول إقليمي ومصدر مطلع على نهج التفكير في البيت الأبيض إلى أن الحركة أوضحت للولايات المتحدة وإسرائيل خلال مفاوضات غير مباشرة بشأن الرهائن توسطت فيها قطر أنها تريد فرض مثل هذا الإفراج عن السجناء مقابل إطلاق سراح الرهائن.
وعلى المدى الأطول، قالت حماس إنها تريد إنهاء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 17 عاما على غزة، فضلا عن وقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي وما يراها الفلسطينيون تصرفات قاسية من قوات الأمن الإسرائيلية في المسجد الأقصى.
ودعا خبراء من الأمم المتحدة الخميس إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، قائلين إن الفلسطينيين هناك يواجهون "خطر إبادة جماعية جسيما". ويرى الكثير من الخبراء أن هناك أزمة آخذة في التصاعد، مع عدم وجود جولة نهاية واضحة في الأفق لأي من الجانبين.
وقال مروان المعشر الذي سبق أن شغل منصبي وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء في الأردن ويعمل حاليا في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي "مهمة تدمير حماس لن تكون سهلة المنال".
وأضاف "لن يكون هناك حل عسكري لهذا الصراع. نمر بأوقات صعبة. وهذه الحرب لن تكون قصيرة".
وتنشر إسرائيل قوة جوية ساحقة منذ هجوم السابع من أكتوبر، الذي شهد خروج مسلحي حماس من قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل 1400 إسرائيلي واحتجاز 239 رهينة.
وتجاوز عدد القتلى في غزة تسعة آلاف شخص، ويؤجج كل يوم من أعمال العنف احتجاجات في أنحاء العالم بسبب محنة أكثر من مليوني نسمة في غزة محاصرين في القطاع الصغير، والكثير منهم بلا ماء أو طعام أو كهرباء. وأصابت الضربات الجوية الإسرائيلية مخيما مكتظا للاجئين في غزة يوم الثلاثاء، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن خمسين فلسطينيا وأحد قادة حماس.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقضاء على حماس ورفض الدعوات لوقف إطلاق النار. ويقول مسؤولون إسرائيليون إنهم ليسوا لديهم أي تصور لما قد ينتظرهم، ويتهمون المسلحين بالاختباء خلف المدنيين.
وقال داني دانون السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة والعضو السابق في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست إن البلاد استعدت "لحرب طويلة ومؤلمة".
وقال لرويترز: "نعلم أننا سننتصر في النهاية وأننا سنهزم حماس... السؤال سيكون ما هو الثمن.. علينا أن نكون حذرين للغاية وندرك أن المناورة في منطقة حضرية أمر معقد للغاية".
وقالت الولايات المتحدة إن الوقت الحالي ليس هو الوقت المناسب لوقف إطلاق النار بشكل عام، لكنها تقول إن وقف الأعمال القتالية ضروري لتوصيل المساعدات الإنسانية.
حماس "مستعدة بالكامل"
وقال أديب زيادة، وهو فلسطيني خبير في الشؤون الدولية بجامعة قطر وشارك في دراسات بشأن حماس، إن الحركة لا بد وأن تكون لديها خطة أطول في الأمد لمتابعة هجومها على إسرائيل.
وقال لرويترز: "أولئك الذين نفذوا هجوم السابع من أكتوبر بهذا المستوى من الكفاءة، هذا المستوى من الخبرة والدقة والقوة، لابد وأنهم مستعدون لمعركة طويلة الأمد. لا يمكن لحماس أن تدخل في مثل هذا الهجوم دون أن تكون مستعدة بشكل كامل ومعبأة لمواجهة النتيجة".
وقال المصدر المطلع على نهج التفكير في البيت الأبيض، والذي طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية، إن واشنطن تتوقع أن تحاول حماس استدراج القوات الإسرائيلية إلى معركة في شوارع غزة وتكبيدها خسائر عسكرية فادحة بما يكفي لإضعاف التأييد الشعبي الإسرائيلي لصراع طويل الأمد.
وأضاف أن مع ذلك، أكد المسؤولون الإسرائيليون لنظرائهم الأمريكيين أنهم مستعدون لمواجهة تكتيكات حرب العصابات لدى حماس وكذلك تحمل الانتقادات الدولية للهجمات الإسرائيلية. كما قال إن السؤال ما إذا كانت إسرائيل قادرة على القضاء على حماس أو مجرد إضعاف قوتها بشدة يظل قائما.
وتقول مصادر في حماس إن عدد مقاتليها يبلغ نحو 40 ألفا. ويمكنهم التحرك في أنحاء القطاع باستخدام شبكة واسعة من الأنفاق المحصنة، التي يبلغ طولها مئات الكيلومترات ويصل عمقها إلى 80 مترا تم بناؤها على مدار سنوات كثيرة.
وشوهد مسلحون في غزة يوم الخميس وهم يخرجون من الأنفاق لإطلاق النار على دبابات، ثم يختفون مرة أخرى في شبكة الأنفاق، وفقا لسكان ومقاطع فيديو.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن جنودا من وحدة ياهالوم، وهي وحدة قوات خاصة من سلاح الهندسة القتالية الإسرائيلي، تعمل مع وحدات أخرى على كشف الأنفاق وإخلائها وتدميرها في ما وصفه متحدث بأنه "معركة معقدة" في غزة.
وخاضت حماس سلسلة من الحروب في مواجهة إسرائيل في العقود القليلة الماضية، وقال علي بركة رئيس دائرة العلاقات الوطنية لحماس والمقيم في بيروت إن الحركة طورت وعززت قدراتها العسكرية على مر السنين.
وقال "السلاح عندنا هو أمن قومي ليس أي أحد يعرف ماذا يوجد لدينا، نحن لازم في كل حرب نفاجئهم بشيء جديد. نحن نشتغل على أن يكون الصاروخ دقيق وفتاك، ونحن نطور في الصواريخ التي لدينا".
وأضاف أنه في حرب غزة عام 2008، كان الحد الأقصى لمدى صواريخ حماس هو 40 كيلومترا، لكن ذلك ارتفع إلى 230 كيلومترا بحلول صراع عام 2021.
وقال مسؤول مقرب من جماعة حزب الله اللبنانية المتحالفة مع حماس إن القوة القتالية للحركة الفلسطينية المسلحة ظلت سليمة إلى حد كبير بعد أسابيع من القصف. ولدى حزب الله غرفة عمليات عسكرية مشتركة في لبنان مع حماس وفصائل متحالفة أخرى.
وقبلت حركة حماس ضمن وثيقة تعرف بميثاق عام 2017 لأول مرة بدولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967.
وقال أسامة حمدان القيادي في حماس والمقيم في لبنان إن هجوم السابع من أكتوبر والحرب على غزة سيضعان القضية الفلسطينية على الخارطة من جديد.
وأضاف لرويترز: "هذه فرصة لنا لنقول لهم نحن نستطيع أن نصنع قدرنا بأيدينا، نحن نستطيع أن نرتب أوراق المنطقة كما نريد، وكما يحمي مصالحنا".
واكتسبت حماس المزيد من القوة بعد أن وصل اتفاق أوسلو للسلام الذي تم التوصل إليه عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود إلى طريق مسدود. وفاز نتنياهو بالسلطة للمرة الأولى في 1996. وقال مفاوضون فلسطينيون وأمريكيون إن رفض حكومته على مر السنين وقف بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة يقوض الجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية منفصلة. ونفى مسؤولون إسرائيليون في الماضي أن تكون المستوطنات عقبة أمام السلام، واتخذ ائتلاف نتنياهو اليميني المتطرف الحالي موقفا أكثر تشددا ضد التنازل عن الأراضي المحتلة.
وكانت هناك مبادرة سلام عربية، تحظى بدعم دولي واسع النطاق وإجماع عربي، مطروحة على الطاولة منذ عام 2002. وتعرض الخطة على إسرائيل معاهدات سلام مع علاقات دبلوماسية كاملة مقابل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.
وبدلا من ذلك، اختار نتنياهو أن تنشئ إسرائيل تحالفا مع دول عربية بشكل منفرد. والتحالف مكون من مصر والأردن، اللذين وقعا مع إسرائيل معاهدتي سلام عامي 1979 و1994، بالإضافة إلى الإمارات والبحرين والسودان والمغرب. وقبل هجوم حماس في السابع من أكتوبر، كانت تجري محادثات بوساطة أمريكية مع السعودية للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي تاريخي يشكل جبهة موحدة ضد إيران، لكن هذه العملية تم تعليقها منذ ذلك الحين.
وقال المعشر إن هجوم حماس بدد أي إمكانية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط دون التعامل مع الفلسطينيين.
وأضاف "من الواضح اليوم أنه بدون السلام مع الفلسطينيين لن يكون هناك سلام في المنطقة".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السابع من أکتوبر وقف إطلاق النار إن الحرکة حماس إن فی غزة
إقرأ أيضاً:
ماذا قال القائد الجديد للجيش الإسرائيلي في أول تصريح له؟
القدس المحتلة - رويترز
أدى قائد جديد للجيش الإسرائيلي اليمين اليوم الأربعاء في وقت يزيد فيه الخلاف بشأن وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة خطر عودة المعارك دون التوصل إلى اتفاق لإعادة بقية الرهائن المحتجزين في القطاع.
إيال زامير الذي تقاعد بعد 28 عاما برتبة ميجر جنرال تمت ترقيته إلى رتبة لفتنانت جنرال قبل أن يتولى منصب رئيس هيئة أركان الجيش رسميا خلفا للجنرال هيرتسي هاليفي الذي استقال بسبب الكارثة الأمنية التي سمحت بوقوع هجوم السابع من أكتوبر 2023 بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال "المهمة الموكلة إلي واضحة، وهي قيادة الجيش الإسرائيلي إلى النصر".
وتوقف القتال في قطاع غزة منذ يناير كانون الثاني بموجب اتفاق بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة تم خلال مرحلته الأولى تبادل 33 رهينة إسرائيلي وخمسة تايلانديين مقابل نحو ألفي سجين ومعتقل فلسطيني.
كما توقفت حرب موازية في جنوب لبنان كانت قد اندلعت بعد أن شن حزب الله المدعوم من إيران ضربات صاروخية على إسرائيل عقب هجوم أكتوبر تشرين الأول، وذلك من خلال اتفاق منفصل لوقف إطلاق النار.
لكن وزراء ومسؤولين إسرائيليين هددوا باستئناف القتال حال عدم التوصل إلى اتفاق بشأن إعادة الرهائن المتبقين وعددهم 59.
وانسحبت القوات الإسرائيلية من بعض مواقعها في قطاع غزة لكن لم تبدأ بعد المحادثات الهادفة إلى الاتفاق على إطلاق سراح باقي الرهائن والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية قبل إنهاء الحرب.
وتدعو إسرائيل إلى تمديد وقف إطلاق النار حتى بعد عطلة عيد الفصح اليهودي في أبريل نيسان للسماح بالإفراج عن الرهائن المتبقين، في حين تصر حماس على المضي قدما في المحادثات بشأن إنهاء الحرب بشكل دائم قبل الموافقة على الإفراج عن المزيد من الرهائن.
يأتي تعيين زامير رئيسا لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي بالتزامن مع سلسلة من التحقيقات الرسمية في إخفاقات سمحت لآلاف المسلحين بقيادة حماس باقتحام بلدات إسرائيلية في غلاف قطاع غزة. وتقول إحصاءات إسرائيلية إن الهجوم أدى إلى مقتل 1200 واحتجاز 251 رهينة في واحدة من أكبر الكوارث العسكرية والأمنية في تاريخ إسرائيل.
وقاد هاليفي الجيش خلال الحملة الإسرائيلية على قطاع غزة التي قتلت ما يزيد عن 48 ألف فلسطيني ودمرت معظم القطاع وأجبرت معظم السكان على الاحتماء في الخيام أو المباني التي تعرضت للقصف.
لكن في يناير كانون الثاني بعد وقت قصير من الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة، أعلن هاليفي أنه سيتنحى عن منصبه ويتحمل المسؤولية عن الرد العسكري المتخبط وغير المنسق على هجوم أكتوبر تشرين الأول.
وأقر الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) بأن إخفاقاتهما سمحت بوقوع الهجوم، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرفض حتى الآن إجراء تحقيق أكثر شمولا ينظر في مسؤولية حكومته.
وسيتعين على قائد الجيش الجديد أيضا الرد على اتهامات هيئات دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، بأن القوات الإسرائيلية ارتكبت جرائم حرب أثناء الحملة العسكرية في غزة.
وترفض إسرائيل هذه الاتهامات التي تقول إنها مدفوعة بالعداء السياسي تجاه دولة إسرائيل، لكنها وجهت اتهامات لبعض جنود الاحتياط بارتكاب انتهاكات خطيرة بحق معتقلين.
وتقول إسرائيل إن حماس، التي اتهمتها هيئات الأمم المتحدة أيضا بجرائم حرب، ارتكبت فظائع متعددة خلال هجوم أكتوبر تشرين الأول وأساءت معاملة الرهائن الإسرائيليين في غزة بشكل خطير. وتنفي حماس هذه الاتهامات.