برلين- لا تزال الحرب الإسرائيلية على غزة تتصدر "أجندات" النقاش العام في أوروبا وفي ألمانيا على وجه الخصوص، مع تزايد الحملات الشعبية للتضامن مع غزة، في مقابل إجراءات حكومية تحاول كبح جماح الموجة الشعبية التي تتزايد كل يوم.

وفي ظل هذا المشهد يرتفع خطاب سياسي متطرف داخل بعض الحكومات الأوروبية، يستهدف حركة التضامن الجماهيرية مع فلسطين.

ففي خطاب مثير للجدل، نشرت الوزارة الفدرالية الألمانية للشؤون الاقتصادية وحماية المناخ، على حسابها على منصة إكس، تسجيلا مصورا من 10 دقائق ظهر فيه روبرت هابيك، نائب المستشار الألماني، متحدثا باللغة الألمانية مع ترجمة للإنجليزية والعبرية والعربية.

يبدأ هابيك بسرد ما يشبه المسلّمات في السياسة الألمانية تجاه تل أبيب، مؤكدا الدعم الألماني المطلق لإسرائيل في حربها الحالية ضد قطاع غزة، التي راح ضحيتها أكثر من 9000 مدني حتى الآن، وقد قوبل الخطاب بمواقف مؤيدة ومعارضة.

فقد طالب الصحفي البريطاني، بول ماسون، بمواقف مشابهة في دول أوروبية أخرى، ووصف الخطاب بعلامة فارقة على طريق ظهور "الديمقراطية المتشددة".

بينما يرى "البروفسور" في جامعة كينغز كوليج أندرياس كريغ، أن هذا الخطاب متعجرف ويفرد المجتمعات المسلمة على أنها المشكلة، ويثير رهاب الإسلام، ويذكر الفلسطينيين المضطهدين فقط بشكل عابر.


أمن إسرائيل

بدأ هابيك حديثه بتأكيد العلاقة الخاصة بين ألمانيا وإسرائيل، وذكّر بأن "أمن إسرائيل جزء من مبادئ سياسية، أو مصلحة وطنية لألمانيا".

وقد ادعى هابيك أن "معاداة السامية ظهرت في مظاهرات وتصريحات"، في إشارة للحراك الشعبي التضامني مع غزة. وأضاف أن معاداة السامية تجلّت "في هجمات على متاجر يهودية، وفي تهديدات".

وبينما بدا المسؤول الألماني متأسفا على كون "التضامن مع إسرائيل يكون هشا في أحيان كثيرة"، مقارنة بالتضامن مع حوادث أخرى، فإنه يؤكد أن "وضع الأمور في سياق لا يجب أن يؤدي إلى التساهل معها".

واتهم المسؤول الألماني في خطابه حرفيا "بعض المظاهرات الإسلامية في برلين ومدن أخرى في ألمانيا" بمعاداة السامية، وعدّها غير مقبولة، وتتطلب ردا سياسيا حازما.

وكان الغريب في الخطاب مطالبة المسلمين بشكل خاص في ألمانيا، بأن عليهم الآن تقديم الحماية نفسها عندما يتعرض أفراد يهود لاعتداءات، مقارنة بالحماية التي تقدمها حكومته للمسلمين من العنف اليميني المتطرف، وفقا للخطاب.

الالتزام بالقواعد

وطالب هابيك من يعيش في ألمانيا من المسلمين "الالتزام بقواعد هذا البلد"، وقد بدا مقلقا في خطابه للمسلمين توجهه إليهم بلغة تمزج بين النذير والوعيد، مهددا بإجراءات قانونية بحقهم في حالة مخالفة تلك القواعد، في إشارة تعكس حجم الضغط الذي تتعرض له الجالية المسلمة في ألمانيا.

وأكد نائب المستشار الألماني أنه في ضوء تلك القواعد، فإن "حرق الأعلام الإسرائيلية يُعدّ جريمة جنائية"، مهددا أن من يحمل الجنسية الألمانية عليه تحمل نتائج هذه الأفعال، ومن لا يحمل الجنسية الألمانية فهو معرض لفقدان حقه في الإقامة، ومن لا يملك إقامة فهو عرضة للترحيل من البلاد.

وقد أطلق على هذه الأفعال اسم "معاداة السامية الإسلامية" قبل أن يحاول موازنة كلامه في إشارة غير مركزة على التطرف اليميني ضد المسلمين.

وللمفارقة أن هابيك استخدم النموذج الروسي الأوكراني للتدليل على سردية ألمانيا والغرب الداعمة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، في وقت يستخدم المتضامنون مع فلسطين موقف الغرب الداعم لأوكرانيا ضد الاحتلال الروسي، كأكثر مظاهر الازدواجية الغربية صراحة.

وقد أشار الخطاب إلى موقف اليسار الألماني، موضحا أن معاداة السامية مقلقة في بعض أوساط اليسار السياسي وبعض الناشطين الشباب، ومعدا أن مناهضة الاستعمار يجب ألا تؤدي إلى معاداة السامية، مطالبا بإعادة النظر في حججهم وعدم الوثوق بسردية "المقاومة الكبرى"، كما وصفها.

وحمّل المسؤول الحكومي الألماني حماس وحدها "كونها جماعة إرهابية تسعى للقتل" حسب وصفه، مسؤولية ما يجري.


حظر المظاهرات

وأكد هابيك أن المظاهرات التي تنتقد إسرائيل مسموحة، ولا أحد يمنع الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، إلا أن بلاده تمنع العنف ضد اليهود، أو الدعوة لذلك، دون أن يؤكد أن المظاهرات التي مُنعت كانت قد دعت لذلك فعلا أو لا.

وفي هذا السياق نفى ناشطون في ألمانيا أن تكون المظاهرات دعت إلى مثل هذه الأعمال، وأكد ماجد الزير، الرئيس التنفيذي للمجلس الفلسطيني الأوروبي للعلاقات السياسية، والمقيم في برلين، أن المظاهرات التي طالبوا بتنظيمها كانت سلمية ومتوافقة مع الحقوق الدستورية، والمعايير القانونية المطلوبة.

وأشار ماجد الزير إلى أن المنع كان تعسفيا وتحت "افتراضات مصطنعة" في كون هذه المظاهرات قد تؤدي إلى حوادث من ذلك النوع، نافيا تسجيل أي مخالفة من منظمي المظاهرات التضامنية مع فلسطين في ألمانيا في السابق، ومؤكدا عدم تبني أي شكل من أشكال معاداة السامية، الذي ادعاه خطاب نائب المستشار الألماني.


دوافع سياسية

ويقرّ هابيك بأحوال الفقر والبؤس والموت في غزة ومعاناة المدنيين في الضفة الغربية، مشيرا إلى فظاعته، ولكن دون أي تلميح إلى وجود مسؤولية إسرائيلية عن هذه الفظاعة.

وفي معرض حديثه عن ضرورة التزام إسرائيل بالقانون الدولي، انتقل مباشرة للحديث عن أولئك الذين يقللون من شأن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رافضا التشكيك في "الحقائق"، ومؤكدا "وحشية" حماس.

في ختام نقاطه يحلل هابيك أن هجوم حماس كانت دوافعه سياسية، انطلاقا من التقارب الذي حصل بين دول عربية وإسرائيل في الفترة الأخيرة، في إشارة إلى اتفاقات التطبيع الإسرائيلية مع دول عربية وإسلامية. وأن حماس أرادت تخريب التعايش السلمي واحتمال حل الدولتين، على حد قوله.

وأكد أن هجمات حماس كانت دوافعها سياسية، انطلاقا من التقارب الذي حصل بين دول عربية وإسرائيل، وأنها كانت تهدف إلى منع إحلال السلام.

يذكر أن عددا من الناشطين السلميين تعرضوا للاعتقال من الشرطة الألمانية خلال الأيام الماضية، بينما توجه ناشطون ومؤسسات من الجالية الفلسطينية إلى القضاء، من أجل التصدي للمحاولات الحكومية لمنع مظاهر التضامن مع غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: معاداة السامیة فی ألمانیا فی إشارة

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء الكندي يصف نفسه بـالصهيوني (شاهد)

وصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، نفسه بأنه "صهيوني"، معتبرا أنه لا يجب على أي أحد في كندا أن يخشى من نعت نفسه بهذا المصطلح.

وقال ترودو في كلمة له خلال "المنتدى الوطني لمكافحة معاداة السامية" في العاصمة أوتاوا، الخميس، إن "التجاهل المتزايد والمثير للقلق، أو حتى تبرير تصاعد معاداة السامية، ليس أمرا طبيعيا".

❞ أنا صهيوني❝

❞لا ينبغي لأحد في كندا أن يخشى تسمية نفسه صهيونيا❝

????️ ⁠كلمة لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بالمنتدى الوطني لمكافحة معاداة السامية في أوتاوا
https://t.co/ootc0kcjYQ pic.twitter.com/aYk7BMVv2Q — Anadolu العربية (@aa_arabic) March 7, 2025
وادعى رئيس الوزراء الكندي أن هناك "زيادة في معاداة السامية" منذ السابع من تشرين الأول /أكتوبر عام 2023، وهو تاريخ بدء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

واعتبر ترودو أن "استخدام مصطلح الصهيونية بشكل متزايد كإهانة، على الرغم من أنه ببساطة يعني الإيمان بحق الشعب اليهودي، مثل جميع الشعوب، في تقرير مصيره، ليس أمرا طبيعيا".


وتابع ترودو واصفا نفسه بأنه صهيوني، وثم قال إنه "لا ينبغي لأحد في كندا أن يخشى وصف نفسه بأنه صهيوني"، حسب تعبيره.

وكان الاحتلال الإسرائيلي ارتكب إبادة جماعية على مدى نحو 15 شهرا بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 160 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى اختفاء أكثر من 14 ألف شخص.

ويأتي حديث ترودو على وقع دخول اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في كانون الثاني/ يناير الماضي في قطاع غزة يومه الـ48 على التوالي، إلا أن الجمود في المفاوضات ما زال قائما، وذلك بسبب تعنت الاحتلال، ورفضه الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق.

مقالات مشابهة

  • عون بحث وسفير لبنان في الامارات اوضاع الجالية اللبنانية
  • اضرابات تشل المطارات الألمانية وتلغي 3400 رحلة جوية
  • أحمد علي سليمان: المرأة المسلمة كانت دائمًا ركيزة أساسية في نهضة الأمة
  • صدور الموافقة السامية على تجديد عضوية اثنين من أعضاء هيئة المركز الوطني للوثائق والمحفوظات وتعيين عضو ثالث
  • فرنسا.. عشرات الآلاف يشاركون في مظاهرات يوم المرأة العالمي
  • مخاض جديد لثورة عارمة في مواجهة منابع التجويع
  • رئيس الوزراء الكندي يصف نفسه بـالصهيوني (شاهد)
  • ترامب يلغي تمويلًا بقيمة 400 مليون دولار لجامعة كولومبيا بسبب مضايقات الطلاب اليهود
  • معاداة المسلمين قاسم مشترك بين إسرائيل واليمين في أوروبا
  • تأخير وإلغاء رحلات من المغرب نحو ألمانيا بسبب إضرابات بالمطارات الألمانية