#المقاومة #الفلسطينية و #الجماهير #العربية: “أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض”

كتب م. #علي_أبوصعيليك

ما كان لهذه الإبادة التي تنفذها إسرائيل بقرار من الولايات المتحدة الأمريكية في قطاع غزة أن تتم لولا حالة الوهن والتخاذل العالمي غير المسبوق أمام النفوذ اليهودي الصهيوني الذي بات يسيطر على معظم المؤسسات الاقتصادية في العالم وبالتالي يتحكم في صناعة القرار الدولي!

لم يبق شيء إنساني إلا وقد تم قصفه والتعامل معه بوحشية، مستشفيات وسيارات إسعاف ومدارس تؤوي اللاجئين وبيوت مدنيين وصحفيين وأطفال ونساء وكبار السن، لا شيء يخرج من دائرة الاستهداف المباشر التي تنفذها الماكينة العسكرية لجيش الاحتلال، كل ذلك من أجل تحقيق تهجير شعب غزة نحو غزة في نكبة فلسطينية جديدة، ما هذا الهدف العظيم الذي هانت من أجله أرواح الأبرياء.

مقالات ذات صلة الخنساء في غزة 2023/11/04

مراحل احتلال اليهود لفلسطين تمر بفترة انتقالية رئيسية، نكبة جديدة، وأحد أسبابها ازدياد تأثير المقاومة الفلسطينية ونوعية أهدافها وزيادة الثقة الشعبية بها، لدرجة أن يتم تسخير كل العالم من أجل تصفية القضية الفلسطينية.

المقاومة الفلسطينية بشقيها التنظيمي والفردي أصبحت فعلاً بمفردها في مواجهة الكيان المحتل بكل مكوناته، وحتى الجماهير العربية أصبحت تكتفي بالدعاء وهي التي تم إفقارها وزيادة الأعباء عليها، والمظاهرات الضخمة التي تشهدها العواصم العربية لم تعد تشكل أكثر من دعم معنوي!

إن احتلال فلسطين هو محور القضايا في الشرق الأوسط بل وفي العالم ككل، ولن يصلح حال وظروف الدول العربية طالما استمر وجود الكيان اللقيط في المنطقة لأنه هو محراك الشر الذي يعيث فسادا في المنطقة العربية بأدواته المتنفذة ، وما أكثرها.

لذلك فإن الاستمرار في ترك المقاومة الفلسطينية لوحدها تواجه العدو المحتل وعملائه هو رهان خاسر على المنطقة برمتها، وستكون له انعكاسات مدمرة على الجميع، فالكيان المحتل يمثل داء السرطان في الجسم العربي ولن يكتفي بفلسطين، فالصهيونية لها مشروع توسعي في المنطقة وهذا لم يعد يخفى على أحد.

ولذلك فإننا في صراع لا يوجد فيه حياد، أو منطقة دافئة، بل هو لهيب سيصل الجميع، إذا لم تنتفض الجماهير العربية وتصنع الحدث بعد أن خذلت السياسة فلسطين.

إذا كان شباب العرب يتابعون استهداف شباب فلسطين المقاومين من خلف شاشات التلفاز أو وسائل التواصل، فإنه بلا شك سيكون هو الضحية القادمة رغم أنه عمليا قد تم استهدافه خصوصا في السنوات الأخيرة من خلال تضييق سبل العيش عليه وإغراقهم في الكثير من الأمور التافهة.

لا يوجد خيارات كثيرة أمام الجماهير العربية، وهي التي يجب أن تكون في خط المواجهة مع العدو المحتل، وهذا ليس مجرد كلام إنشائي، بل لا بد من إيجاد السبل لشحذ الهمم وتنسيق الجهود، خصوصا عند الشباب القياديين الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه قضايا أمتهم، والخروج من قوقعة الأزمات المعيشية التي ستستمر طالما استمر وجود “السرطان المحتل” في الجسم العربي.

من لا زال يعتقد بالدبلوماسية فهو ليس واهما فحسب، بل لا يفعل ذلك إلا المنتفعين ممن تضمن لهم أمريكا وليس شعوبهم استمراريتهم، ويبدو أن الدروس الكثيرة التي حصلت في آخر عقدين من الزمن لم تتم قراءتها جيدا.

لا جديد يذكر عندما نقول إن أمريكا هي رأس الفتنة، ومركز صناعة الشر في العالم، وتاريخها المعاصر مشبع بالإجرام في العراق وسوريا وغيرهما، وإفقار الدول العربية ونهب ثرواتها هي سياسة ثابتة لجميع رؤسائها.

ومما يجب الإشارة له، هو أن التيار الإسلامي الذي يحظى بالقاعدة الشعبية الأكبر في المنطقة العربية وهو ما يزيد من مسؤوليته في المشهد العربي، عليه أن يغير في تعامله مع القوى الشعبية الأخرى بحيث يعتمد الجميع مبدأ التكامل لا مبدأ الإقصاء.

لذلك من العبث أن تؤدي اختلاف الأيديولوجيات بين القوى الشعبية العربية لاستمرار أسباب الفرقة، ولا يجب أن تكون عائقاً طالما أننا نواجه عدوا ينظر لنا جميعا ك أعداء وأدوات، ويعمل على تحييد البعض بشكل مؤقت حتى يقضي على البعض الآخر كما حدث في القصة الشهيرة “أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض”

لا شك في أن فلسطين ولادة لرجال المقاومة وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ولا نؤمن بوجد طريق للتحرير غير المقاومة المسلحة، وهي اللغة الوحيدة التي ترهب العدو المحتل والمستوطنين، رحم الله الشهداء والمجد لمن سار على درب المقاومة.

كاتب أردني
aliabusaleek@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الفلسطينية الجماهير العربية المقاومة الفلسطینیة الجماهیر العربیة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

“التجربة التي وثبت بالعطاء ومهدت لولوج ايقونات فنية تخصصت بالإبداع وحده”

بقلم : سمير السعد ..

في العام 1956، وفي أزقة شعبية تتنفس البساطة والأصالة، ولد أبو الحسن صلاح مهدي، الذي شاءت الأقدار أن يسكن بجوار عميد المسرح الميساني، الراحل عيسى عبد الكريم. كانت حكايات هذا العميد الإبداعية تسري في أجواء الحي، وتسللت إلى خيال الطفل الذي بدأ يتأمل الصور المسرحية ويسكن عوالمها بعيونه الصغيرة.
كان أبو الحسن يؤمن بأن الله قد منح كل إنسان موهبة، تاركًا له حرية أن يبرزها أو يتركها ضامرة. جرّب كرة القدم والرسم، لكنه لم يجد نفسه فيهما. حتى جاءت اللحظة الحاسمة على مقاعد الدراسة المتوسطة، حينما اختاره المخرج مهدي حمدان للمشاركة في عمل مسرحي. كانت تلك اللحظة هي بداية الرحلة التي ما زالت مستمرة حتى اليوم، رحلة مليئة بالشغف والتجدد.
لم تكن تلك البداية إلا محطة أولى في مسيرته. تتلمذ على يد كبار المخرجين مثل رضا جابر، قاسم مشكل، فاضل سوداني، عبد الأمير كاظم، وعبد الجبار حسن، الذين فتحوا له أبواب الإبداع المسرحي. بدأ رحلته كممثل في مسرحيات مثل “فوانيس أمينة”، “محاكمة الرجل الذي لم يحارب”، و”بائع الدبس الفقير”، قبل أن ينتقل إلى أكاديمية الفنون الجميلة، حيث نهل من علم عمالقة المسرح العراقي مثل بدري حسون فريد، جاسم العبودي، سامي عبد الحميد، وحميد محمد جواد.
في الأكاديمية، تألق في أعمال مسرحية عالمية مثل “هاملت”، “مارا صاد”، و”الجبل المهزوم”، مؤكدًا أنه لا يمثل على خشبة المسرح فقط، بل يعيش الدور ويتنفسه.
بعد تخرجه، عاد إلى ميسان ليبدأ تجربة احترافية مليئة بالعطاء في قسم النشاط المدرسي. وكان أول أعماله الإخراجية “الكرماء” عام 1982، مسرحية أثارت جدلًا فكريًا وفنيًا واسعًا، ما رسّخ قناعته بأن المسرح الحقيقي هو الذي يثير الفكر ويدفع المشاهد للتساؤل والتفاعل. ومن هنا ولدت أعماله المتميزة، مثل “من سيرة المدعو حمد”، “لعبة الجد والهزل”، و”عبدول الوالي”.
تميز بإصراره على تقديم شخصياته بمستوى فني عالٍ، سواء من حيث الأداء أو التفاصيل الدقيقة، مثل الملابس والمكياج والإكسسوارات، ما جعله يستحق جوائز عديدة، أبرزها جائزة أفضل ممثل في مهرجان “ينابيع الشهادة” ببابل عن دوره في مسرحية “اللوح الثاني عشر” عام 2014.
لم يكتفِ بصناعة أعمال فنية مبهرة، بل كان دائم الحرص على تمهيد الطريق للأجيال الجديدة. ساهم في نشأة العديد من المبدعين الذين أصبحوا اليوم أعمدة في المشهد المسرحي العراقي، مثل ماجد درندش، علي صبيح، وأحمد شنيشل.
امال في مجال السينما، أثبت أنه وجه مميز يمتلك قدرة استثنائية على تجسيد الشخصيات. شارك في أفلام روائية مثل “ما بعد الحب” و”الأغنية”، وقدم أعمالًا توجيهية للقوات المسلحة خلال أصعب فترات العراق.
من أبرز التجارب المسرحية التي انفرد بها هي “تجربة القصب”، المستوحاة من طبيعة ميسان، التي تزينها نباتات القصب الذهبية. في مسرحية “المعمورة”، تأليفًا وإخراجًا، جعل القصب بطلًا رمزيًا يحمل رسالة العمل.
رغم سنواته الطويلة في المسرح والسينما، لا يزال أبو الحسن صلاح مستمرًا في العطاء. يكتب المقالات المتخصصة، يقيم الورش المسرحية، ويشارك في لجان تحكيم المهرجانات، مؤمنًا بأن الفن رسالة إنسانية لا تنضب.
هكذا، يواصل قطار رحلته، متجاوزًا الحدود الزمنية والعمرية، ليبقى رمزًا حيًا للإبداع والإيثار، وشاهدًا على أن المسرح يمكن أن يكون أكثر من مجرد خشبة؛ إنه حياة تنبض بالإنسانية.
أبو الحسن ، ذلك الفنان الذي لا يكف عن البحث والتجديد، ينظر إلى المسرح على أنه أكثر من مجرد وسيلة ترفيهية أو منصة لعرض الأفكار. المسرح بالنسبة له رسالة حياة، وساحة للإلهام والتأمل، ومساحة لتفجير القضايا الإنسانية التي تتجاوز حدود المكان والزمان.
في كل مرة يقف فيها على خشبة المسرح، أو يقدم نصًا جديدًا، يحمل في أعماقه هموم الإنسان وآماله. إنه يحرص دائمًا على أن يكون العمل المسرحي صادقًا ومؤثرًا، يجسد الواقع بروح الفن، ويثير في الجمهور مشاعر التساؤل والدهشة.
ما يميزه انه ليس فقط موهبه فذه ، بل إنسانيته العميقة. هو ذلك الفنان الذي يرى النجاح الحقيقي في بناء الآخرين. سواء كان مخرجًا، كاتبًا، أو ممثلًا، كان دائمًا معطاءً، يفتح أبواب الإبداع لمن حوله، ويمنح الفرصة لكل من يؤمن به.
لم يكن مجرد صانع للمسرح، بل كان أبًا وأخًا وصديقًا لكل من عمل معه. من خلال جهوده في تدريب الشباب، ورعاية المواهب الصاعدة، وضع حجر الأساس لجيل جديد من الفنانين العراقيين الذين حملوا شعلة المسرح إلى أفق جديد.
رغم تقدمه في العمر، فإن لا يعرف للراحة معنى. هو كالنهر المتدفق الذي يروي كل من يقترب منه. إرثه الفني يتجاوز أعماله المسرحية والسينمائية، ليشمل القيم الإنسانية التي زرعها في كل من تعامل معه.
يعرفه الجميع انه ليس مجرد اسم في تاريخ المسرح العراقي، بل هو قصة نضال وجمال، رمز للإبداع الذي لا ينضب، وصورة مشرقة للفن الإنساني. سيرته هي دعوة لكل من يؤمن بالفن، بأن يستمر في العطاء رغم كل الصعاب، وأن يجعل من الفن رسالة للحياة والحب.
في كل محطة من محطات حياته، أثبت أن الإبداع لا عمر له، وأن المسرح هو المساحة التي يعبر فيها الإنسان عن أعماق روحه، وينير بها طريق الآخرين. هذه المسيرة الممتدة، المليئة بالعطاء والإنجاز، هي شهادة حية على أن الفنان الحقيقي يعيش خالدًا في قلوب الناس وفي ذاكرة الأجيال.

اخيرا .. أبو الحسن صلاح مهدي هو أيقونة مسرحية وإنسانية نادرة، تعلمنا من خلاله أن الفن الحقيقي هو الذي يزرع الأمل في النفوس، ويترك بصمة لا تمحى في قلوب كل من يعايش تجربته. إنه ليس مجرد فنان، بل معلم للأجيال، وقصة تلهمنا جميعًا أن نجعل من حياتنا مسرحًا للجمال والإنسانية.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • صنع في تركيا: “أوكهان” المركبة البحرية التي تستعد لغزو الأسواق العالمية
  • ما الرسائل التي ارادت “صنعاء” ايصالها لـ”احتلال” و”الفلسطينيين” على السواء
  • شاهد مقطع فيديو للطيار الحربي الذي تمكن من إدخال صاروخ في نفق ضيق كان يتمركز تحته “الدعامة” وبسببه تم تحرير مدني
  • المقاومة الفلسطينية تبث مشاهد لقصف “غلاف غزة” بالصواريخ
  • الرشق: شروطنا التي طرحناها في بداية الحرب انتزعناها كلها وجثى المحتل على الركب
  • اللجنة الشعبية الاردنية لدعم المقاومة العربية تدين الحكم الصادر على الفلاحات
  • “الشهري” يكشف عن أهم العوامل التي تسبب نقص هرمون الذكورة.. فيديو
  • احتفالات في غزة على أصداء “القصف الإسرائيلي” الذي لم يتوقف بعد 
  • “التجربة التي وثبت بالعطاء ومهدت لولوج ايقونات فنية تخصصت بالإبداع وحده”
  • المرتضى يعلن تحرير الأسير “البحري” ويستنكر التعذيب الذي تعرض له في سجون “الإصلاح”