الجزيرة:
2024-07-03@21:02:04 GMT

مآلات المشهد السياسي في المنطقة بعد الحرب على غزة

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

مآلات المشهد السياسي في المنطقة بعد الحرب على غزة

توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإعادة تشكيل الشرق الأوسط بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس– في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وتشير تصريحات نتنياهو إلى أن إسرائيل تريد استغلال التأييد والدعم الأميركي والغربي إلى أقصى قدر ممكن بما يحفظ ويعظّم مكتسباتها من الحرب.

أحداث السابع من أكتوبر لها ما بعدها إذ سوف تعيد تشكيل الشرق الأوسط مستقبلا، وفقا لقواعد الصراع بين المشاريع الكبرى في المنطقة، المشروع الأميركي الغربي الإسرائيلي، والمشروع الإيراني والمشروع التركي.

نوعية العملية

ذات التخطيط الذي استخدمه الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات في حرب السادس من أكتوبر من عام 1973 في يوم الغفران أو يوم كيبور" يوم التطهر من الذنوب"، باغتت القوات المصرية الجيش الإسرائيلي وحققت انتصارا كبيرا استعادت به الأرض المصرية المحتلة.

وبذات أيام الغفران كررت حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ذات الهجوم النوعي المباغت على المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية في غلاف غزة.

وتأتي نوعية هذه العملية للمقاومة من عدة أوجه:

حجم الخسارة الكبيرة التي لحقت بإسرائيل: فهي ثاني أكبر خسارة تلحق بالقوات الإسرائيلية بعد حرب عام 73، إذ قتلت المقاومة الفلسطينية أكثر من 1400 وأصابت أكثر من 5132 آخرين، وأسرت ما يزيد على 250 جلهم من العسكريين وبعضهم ضباط في رتب مرتفعة في الجيش. عملية المقاومة ضربت الهجرات اليهودية في مقتل: إذ إن وعود الأمن والرفاه والعيش الرغيد التي تروج للمهاجرين لإسرائيل قد تبددت بعد العملية فلا أمن بعد نجاح المقاومة في اقتحام المستوطنات والمواقع العسكرية بهذه الطريقة التي شاهدها كل العالم. العملية شكّلت ضربة كبيرة لصورة إسرائيل الاستخباراتية: بعد أن باغتت العملية إسرائيل دون أي تسريب أو توقع مسبق فكانت العملية شاهدا على فشل ذريع للاستخبارات الإسرائيلية. العملية أظهرت هشاشة إسرائيل العسكرية فالدولة التي تقدم نفسها للتطبيع مع الأنظمة العربية بالتفوق الأمني والعسكري أظهرت أنها عاجزة عن حماية نفسها وأنها عندما شعرت بالخطر الحقيقي لجأت للحليف الغربي ليحميها في المنطقة، فمن كان يقدم نفسه أنه الحامي للمنطقة والأنظمة الحليفة اليوم يطلب الحماية من أميركا والغرب. العملية أعادت الثقة بفكرة المقاومة وجدواها في مسيرة التحرير الفلسطيني، هذه الثقة التي انهارت بسبب حرب النكسة وتكريس فكرة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر على مدار أكثر من نصف قرن، وخاصة بعد أن فشل خيار التسوية الذي اتبعته السلطة الفلسطينية على مدار 30 عاما في تحقيق أي شيء يذكر للفلسطينيين. سيناريوهات الحرب الحالية

السيناريو الأول:

انتصار إسرائيلي ساحق على المقاومة الفلسطينية: الانتصار الذي تريده إسرائيل هو اجتثاث حماس نهائيا وجعل غزة منزوعة السلاح واسترداد الأسرى، وأي حديث عن بقاء حماس أو بقاء السلاح في غزة والتفاوض على الأسرى يعني بالنسبة لإسرائيل هزيمة منكرة، الانتصار الذي تريده إسرائيل هو انتصار صفري وأن الخصم يجب أن يستسلم وينتهي تماما وهذا هو الهدف الإسرائيلي والأميركي المعلن.

هذا الهدف له ما يدعمه وما يخدم تحققه على الأرض من وجود ضوء أخضر أميركي وغربي باستخدام القوة ضد غزة دون أي خطوط حمراء، والجسر الجوي من الأسلحة الأميركية المتطورة، وبوارج الردع التي تمنع توسع الحرب في المنطقة، والدعم المالي الكبير الذي يقدمه الغرب لإسرائيل حتى بلغ في آخر مطالبات الرئيس الأميركي جو بايدن للكونغرس بالموافقة على تخصيص 14 مليار دولار دعما عسكريا لإسرائيل.

ويقف خلف ذلك، ماكينة إعلامية غربية متعاطفة وداعمة لإسرائيل، ظروف لن تتركها القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية دون السعي لإنهاء حماس والمقاومة وسلاح غزة للأبد، فهذه فرصة لن تتكرر لإسرائيل من وجهة نظر القيادة الإسرائيلية.

 السيناريو الثاني:

بقاء المقاومة وقيادة المقاومة وسلاح المقاومة وبقاء الأسرى تحت يد المقاومة سواء كانوا أحياء أو أمواتا، فمجرد بقاء المقاومة سواء كان ذلك مع خسائر برية إسرائيلية أو دون خسائر إسرائيلية سيمثل فشلا وهزيمة للحملة الإسرائيلية، فكل ما هو دون اجتثاث المقاومة وسلاحها هو انتصار فلسطيني.

هذا السيناريو له ما يدعمه بالتجارب السابقة في حروب إسرائيل البرية فحرب 2006 في لبنان فاجأت الجميع وصمد حزب الله، وخضعت إسرائيل بالنهاية لصفقة تبادل الأسرى وتكبدت خسائر لم تكن تتوقعها.

ويمكن تكرار النموذج اللبناني في الحرب البرية على غزة، ولكن هذا يعتمد على مقدار ما أعدته المقاومة الفلسطينية للحرب البرية، وهذا ما سوف تحكم عليه الأسابيع الأولى للحرب البرية.

ما بعد الحرب

في حال تحقق لإسرائيل السيناريو الأول وحققت نصرا ساحقا واستطاعت احتلال غزة مرة أخرى وإنهاء وجود المقاومة ونزع سلاحها فإن المشهد العسكري والسياسي لصالح إسرائيل في المنطقة سيكون على الشكل التالي:

خروج نتنياهو منتصرا من الحرب فهذا يعني تشديد قبضة اليمين الإسرائيلي على مقاليد الحكم في أي انتخابات مقبلة ولسنوات طويلة. سوف يعمد نتنياهو إلى استثمار الانتصار والسعي لحرب أخرى وتكرار ذات الانتصار في جنوب لبنان على حزب الله مستفيدا من الدعم الغربي والأميركي اللامحدود، وخاصة بعد أن دخل جنوب لبنان في الحرب ولو بشكل محدود حتى الآن. تثبيت وتعميق إسرائيل سياسة قوة الردع وسياسة إدارة التوحش العسكري التي انتهجتها في حروبها مع الجيوش العربية وحركات المقاومة الفلسطينية على مدار تاريخ القضية الفلسطينية. إضعاف أي فرصة لأي انتفاضة فلسطينية ثالثة في الضفة الغربية، والذهاب إلى الخطة الأهم لدى اليمين الإسرائيلي بالتقسيم المكاني للمسجد الأقصى وتوسيع التقسيم الزماني للمتشددين اليهود وتسريع خطة تهويد المسجد الأقصى. انتصار إسرائيل سوف يعني تسليم غزة للسلطة الفلسطينية على الغالب والعمل بشكل متسارع على تنفيذ بنود صفقة القرن بالقوة وبفرض الأمر الواقع، وذلك بضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية التي تستحوذ على أكثر من 43% من أراضي الضفة لإسرائيل وإقامة حكم ذاتي فلسطيني بكنتونات جغرافية غير متصلة مع العمل على البدء بسياسة التهجير الناعم. وكشفت دراسة مسربة الخطة الإسرائيلية في توطين مليوني فلسطيني في مصر بقيمة 8 مليارات دولار لبناء مدن للفلسطينيين في سيناء ودفع تعويضات قد تصل إلى 30 مليار دولار للدولة المصرية على أن يتم تجريف غزة بالكامل وبناء مستوطنات إسرائيلية عليها. تراجع المشروع الإيراني في المنطقة وتراجع ما يسمى محور المقاومة وتقدم وتفوق المشروع الأميركي الغربي الإسرائيلي، وهذا يعني تسارع دوران عجلة التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني لتصبح إسرائيل القوة الكبرى في المنطقة، وإعادة المشروع التركي إلى مربع التفاهمات مع المشروع الأميركي الإسرائيلي لا مناكفته ومنافسته.

أما في حال تحقق انتصار للمقاومة وهنا أقصد بالانتصار "بقاء المقاومة وسلاحها في غزة والتفاوض على الأسرى"، فإن المشهد السياسي في المنطقة سيكون مختلفا تماما وعلى النحو التالي:

انتصار المقاومة يعني تجذير حماس لتكون القوة الأولى في القضية الفلسطينية وعلى المجتمع الدولي وإسرائيل أن يتعاملا معها كاللاعب الأهم في تقرير مصير القضية الفلسطينية وتراجع دور السلطة الفلسطينية التي أصبحت هيكلا بلا مضمون ولا محتوى. تراجع اليمين الإسرائيلي وانتهاء الحياة السياسية لنتنياهو وحمل الولايات المتحدة الأميركية والتيار الأقل يمينية في إسرائيل على إعادة التعامل مع الرواية والسردية والتصور الأردني الذي ما زال متمسكا ومدافعا عن خيار المبادرة العربية بحل الدولتين وإعادة إنتاج فكرة إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود السابع من يونيو/حزيران لعام 67 بإقامة دولة فلسطينية على كامل أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وغزة والغور الأردني. إعادة ترتيب الشرق الأوسط وصعود أقوى لإيران في كثير من ملفات المنطقة، مما سوف يخلق تفاهمات عربية إيرانية وتمدد التيار المناوئ للمشروع الأميركي، مع احتمال تقارب تركي إيراني أكبر تدعمه روسيا، تقارب سيعزز مكانة ونفوذ روسيا في المنطقة. ارتياح أكبر لدول الطوق وخصوصا الأردن ومصر وذلك بالتخلص من مشروع التهجير وإن كانت تلك الدول تقبل استفادة الإسلام السياسي مرحليا كعرض من أعراض انتصار المقاومة في غزة مع قدرتها على إبقاء الإسلام السياسي تحت السيطرة والإضعاف بمقابل التخلص من هاجس التهجير وإعادة التوطين في مصر والأردن بما يمثله من تهديد إستراتيجي للأمن القومي لبلدان الطوق. انحسار موجة التطبيع العربي الإسرائيلي حيث إن التطبيع كان محمولا بدافعية التفوق العسكري والأمني الإسرائيلي، فالخسارة الإسرائيلية سوف تظهر قوة إسرائيل بحجمها الحقيقي بعيدا عمّا تروجه إسرائيل عن نفسها كحليف قوي ومتفوق أمنيا وعسكريا، يمكن التعاون معه من قبل الدول العربية في مواجهة المشروع الإيراني. حرب مختلفة

نتائج الحرب لا أحد يستطيع التكهن بها، فالدعم الأميركي الغربي لإسرائيل غير محدود ولا مشروط ولم يوضع له سقف زمني ولا يوجد ضغط شعبي غربي حتى الآن يكفي لوقفه، مما يجعل هذه الحرب مختلفة تماما عن مثيلاتها منذ عام 2008 وحتى عام 2023 على غزة.

وفي الوقت ذاته فإن قوة المقاومة البرية لا أحد يستطيع تقديرها حيث إن حماس تنظيم شديد السرية وحجم السلاح ونوعيته الذي تدفق إليها لا يستطيع أحد تقديره، مما يجعل كل احتمالات الحرب مفتوحة.

من المؤكد أن ما قبل السابع من أكتوبر لا يشبه ما بعده، وأننا مقبلون على أحداث وتطورات سياسية كبيرة تجعل كل الأطراف المتأثرة بالقضية الفلسطينية يقظة ومتوجسة ومتخوفة ولا تريد أن يكون حل القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل على حسابها.

كل ما جرى حتى الآن في الحرب الإسرائيلية والقصف الجوي لا يغير شيئا على الأرض وأن نتائج الحرب البرية وحدها هي من سيعيد تشكيل المنطقة وتقوية محاور وإضعاف أخرى وتقدم مشاريع وتراجع أخرى. الحرب البرية لطوفان الأقصى قد تكون الحدث الأكبر في القرن الحادي والعشرين في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة السابع من أکتوبر الشرق الأوسط فی المنطقة أکثر من

إقرأ أيضاً:

NYT: المقاومة في الضفة الغربية تسعى إلى محاكاة حماس في غزة

تتشبه بعض الأماكن في مدينتي طولكرم وجنين، مع مدينة غزة من خلال أعلام حركة حماس الخضراء ولافتات تخليد ذكرى الشهداء من المباني، وقد تعرض العديد منها لأضرار بالغة خلال الاقتحامات الإسرائيلية والغارات الجوية.

وجاء في  تقرير مصور لصحيفة "نيويورك تايمز" في أن "الأزقة تبقى شبه مظلمة بشكل دائم، ومغطاة بقماش مشمع من النايلون الأسود لإخفاء المقاومين الفلسطينيين من المسيّرات الإسرائيلية التي تحلق فوقهم".

ونقل التقرير تصريحات لقائد محلي ضمن هؤلاء المقاومين الشباب، وهو محمد جابر، 25 عاما، في أحد تلك الأزقة المتربة والمحطمة، وقال فيها إنه "أحد أكثر الرجال المطلوبين في إسرائيل، وأنه هو ورفاقه حولوا ولاءاتهم من حركة فتح، التي تهيمن على الضفة الغربية المحتلة من إسرائيل، إلى حركات مثل حماس والجهاد الإسلامي، منذ أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر".


وكانت مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية، مثل تلك الموجودة في طولكرم، مركزا للمقاومة لسنوات عديدة، حيث تصدى المقاتلون للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي المتزايد باستمرار.

وجاء في التقرير أن "المقاومين مثل جابر يريدون طرد الإسرائيليين من الضفة الغربية، التي احتلتها إسرائيل بعد حرب عام 1967، ويريد البعض، مثل حماس، طرد الإسرائيليين من المنطقة بالكامل".

وأضاف "يتم تصنيع المزيد من الأسلحة والمتفجرات في الضفة الغربية، وفقا لكل من المقاتلين أنفسهم ومسؤولين عسكريين إسرائيليين، ويقولون إن السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها فتح، والتي تدير أجزاء من الضفة الغربية، تخسر الأرض لصالح الفصائل الفلسطينية الأكثر تطرفا، التي تقاتل إسرائيل بنشاط وتكتسب المزيد من الدعم من إيران في شكل أموال وأسلحة مهربة إلى المنطقة".

وأكد التقرير أن "فتح تعترف بحق إسرائيل في الوجود وتتعاون مع جيشها، لكن بعض المسلحين المنتمين لها، ويشكلون جزءا من كتائب شهداء الأقصى التي لعبت دورا حاسما في الانتفاضة الثانية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ولم يحترموا قط السلطة الفلسطينية وتسوياتها مع إسرائيل والاحتلال، وقد أعلن البعض، مثل جابر، ببساطة عن ولاءهم الجديد للفصائل الإسلامية".

 ويتولى جابر، المعروف على نطاق واسع باسمه الحركي أبو شجاع، قيادة الفرع المحلي لحركة الجهاد الإسلامي، الذي ينشط في مخيم طولكرم، كما أنه يقود مجموعة من كافة الفصائل المسلحة في تلك المنطقة، بما في ذلك كتائب شهداء الأقصى هناك، والتي تعرف باسم الكتيبة. 

وقال إنه "تحول من فتح، لأن الجهاد الإسلامي وحماس هما اللذان ينقلان القتال إلى "إسرائيل" لإنهاء الاحتلال وإنشاء فلسطين بقوة السلاح".

وقد اكتسب جابر "نوعا من المكانة الدينية في الربيع عندما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتله خلال غارة على مخيم طولكرم، وبعد ثلاثة أيام، خرج حيا في جنازة فلسطينيين آخرين قتلوا خلال تلك الغارة نفسها، وسط صيحات فرح من سكان المخيم".

وقالت الصحيفة "التقينا في زقاق جرفته الجرافات الإسرائيلية فحولته إلى طريق ترابي، قبل أن نختبئ في باب أحد المتاجر لتجنب أن ترصدنا المسيّرات. وكان جابر نحيلا وملتحيا، ويرتدي قميصا أسود من ماركة هيوغو بوس ويحمل مسدسا من طراز سيج سوير على وركه، وكان يراقبه ستة من الحراس الشخصيين. وكان بعضهم مسلحا ببنادق M16 وM4 مع مخازن كاملة ومناظير بصرية".

وأضافت "كان اليوم حارا للغاية، وكان الغبار يغطي كل شيء، ويتراكم في طبقات على أوراق الأشجار القليلة. وقد تعرضت المنطقة لأضرار جسيمة بسبب غارات من مسيّرات إسرائيلية وجرافات مدرعة، والتي مزقت أميالا عديدة من الرصف فيما قال الجيش إنه محاولة للكشف عن القنابل المزروعة على الطريق والمتفجرات الأخرى".


وذكرت "كان الجو خانقا، ممزوجا بالحذر، حيث كان المراقبون والحراس الشخصيون يبحثون عن جنود إسرائيليين متخفين، يصلون أحيانا وهم يرتدون زي عمال المدينة أو جامعي القمامة أو البائعين الذين يدفعون عربات الفاكهة والخضروات".

واعتبرت أنه وحتى قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كانت "إسرائيل تكافح التهديد المتزايد الذي يشكله المقاتلون الفلسطينيون مثل جابر في مخيمات اللاجئين في بلدات ومدن شمال الضفة الغربية، مثل طولكرم وجنين ونابلس. وكانت الجماعات المسلحة تقيم موطئ قدم لها في المخيمات، التي أقيمت في الأصل للاجئين من الحرب العربية الإسرائيلية التي دارت رحاها بين عامي 1948 و1949، لكنها أصبحت فيما بعد مستوطنات حضرية فقيرة".

وفي الأشهر التي سبقت حرب غزة، كانت القوات الإسرائيلية تداهم مخيمات الضفة الغربية لاجتثاث الأسلحة، والعثور على مصانع المتفجرات، واعتقال أو قتل قادة مثل جابر، لقد حدث توغل إسرائيلي كبير في جنين قبل عام تقريبا، من بين عمليات أخرى.

وأشارت إلى أن "السلطة الفلسطينية والشرطة ولم تعد تسيطر على مخيمات اللاجئين هذه، حيث يهدد المسلحون بإطلاق النار على الضباط إذا حاولوا الدخول، بحسب المسلحين ومسؤولين عسكريين إسرائيليين ومسؤولين فلسطينيين، بمن فيهم محافظ جنين كمال أبو الرُّب".

وتهدف الإجراءات الإسرائيلية إلى مكافحة ما "وصفه أحد كبار الضباط العسكريين الإسرائيليين بالبنية التحتية الإرهابية – مراكز القيادة ومختبرات المتفجرات والمرافق تحت الأرض – التي كان المسلحون يحاولون تأسيسها هناك بمساعدة الأموال والأسلحة الإيرانية".

وأشار الضابط إلى أنه في العامين الماضيين، أصبحت "مخيمات الضفة الغربية ملاذات آمنة، لأن السلطة الفلسطينية لم تعد تعمل هناك. وطلب الضابط عدم الكشف عن هويته وفقا للقواعد العسكرية الإسرائيلية".

ويقول السكان إنه عندما يهاجم الجيش الإسرائيلي طولكرم أو جنين، فإن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تبقى في ثكناتها في وسط المدينة ولا تواجهها.

وعلى الرغم من إصرار  جابر على عدم وجود حرب مع السلطة الفلسطينية، إلا أنه أدان أولئك "الذين يحملون أسلحة ويقفون أمام إسرائيل ولا يفعلون شيئا".

وقال: "تحرير أراضينا هو ديننا. هذا ليس صراعي، بل صراع الشعب، حرب من أجل الأرض والحرية والكرامة".

يوم الأحد، أدت غارة جوية إسرائيلية بمسيّرة على منزل في المخيم إلى استشهاد قريب له، سعيد جابر، 25 عاما، وهو ناشط مطلوب انتقل أيضا من فتح إلى الجهاد الإسلامي.

ولا ينكر أبو الرُّب بقاء القوات الأمنية التابعة للسلطة خارج مخيمات اللاجئين، لكنه يلقي باللوم على "إسرائيل"، قائلا: "إذا لم تأت إسرائيل، فلن تكون هناك مشاكل، إسرائيل تعمل باستمرار على خلق الانقسامات بيننا، لأنهم إذا قتلوا الناس فيمكنهم الاستيلاء على الأرض". 

وقال إن "إسرائيل هي التي تسبب الفوضى، وتدخل مخيمات اللاجئين لدينا دون سبب، وتقتل شبابنا، لإضعاف السلطة الفلسطينية. والتأكد من أن الناس يفقدون احترامهم لحكومتهم".

وأوضحت الصحيفة "في أزقة مخيم فقير آخر للاجئين في طولكرم، ظهر شاب يرتدي ملابس سوداء عصرية مع شعارات شركتي North Face وUnder Armour.  وقال وهو يبلغ من العمر 18 عاما إنه أصيب عدة مرات ولم يعرّف عن نفسه إلا باسم قتيبة، وهو اسمه الحركي، تكريما لجنرال عربي منذ أكثر من 1000 عام، وهو ينتمي إلى حركة حماس التي تنتشر في معسكره".


ولدى قتيبة ندبة طويلة أسفل ذراعه اليسرى، وندبة أخرى على بطنه، وكان يرتدي رقعة سوداء فوق عينه اليسرى، التي قال إنه فقدها في غارة من مسيّرة في 19 كانون الأول/ ديسمبر. 

وقال إن جروحه السابقة جاءت في أيار/ مايو 2023 عندما دخل جنود إسرائيليون يرتدون زي عمال المدينة إلى المخيم، مضيفا أنه "أصيب بجروح بالغة في تلك الغارة التي قتل خلالها اثنان آخران. وأكد أقاربه في وقت لاحق روايته، لكن لم يتسن التأكد منها مباشرة من السلطات الإسرائيلية".

وذكرت الصحيفة أن "قتيبة كان يحمل بندقية M16 مزودة بمنظار، وهو أحد سلاحين قال إنه سرقهما خلال هجوم في أيار/ مايو على بات حيفر، وهي قرية إسرائيلية متاخمة للضفة الغربية، لقد صدم هذا الهجوم العديد من الإسرائيليين، وبدا أنه يجعل الجزء الهادئ من إسرائيل أقل أمانا، مما ينذر بمزيد من التحركات العسكرية لمواجهة المقاتلين الفلسطينيين.".

وقال قتيبة: "لا يأتيكم أحد ويطلب منكم الانضمام إلى المقاومة. ماذا يوجد لنا هنا على أي حال؟ نحن نعيش في سجن"، مضيفا أنه وأصدقاؤه تعلموا بعض الدروس من غزة.

وأكد "أننا نرى الإسرائيليين يقتلون نساءنا وأطفالنا الأبرياء. خطتهم هي تنفيذ إبادة جماعية هنا بعد ذلك". وغزة على الأقل "ستشجع المزيد في الضفة الغربية على المقاومة".

وفرك قتيبة حذاءه الرياضي الأسود على الرصيف المكسور في الزقاق، وقال توجد قنبلة هنا. عندما يأتي الإسرائيليون".

ويعمل الحراس الشخصيون والمقاتلون المتمركزون على مداخل المخيم في نوبات عمل. وهم يحملون أجهزة اتصال لاسلكية للتحذير من الغارات الإسرائيلية ومن أي شخص غريب قد يخاطر بالتجول في المكان.

وأوضحت الصحيفة أن "معظم هؤلاء المقاتلين، مثل حسن (35 عاما)، قضوا فترات في السجون الإسرائيلية، وحسن لديه ثلاث بنات لكنه لا يريد أن يناقشهن أو يناقش مستقبلهن أو اسم عائلته، بل يريد فقط مهمته".

وأضافت "كان في الزقاق أيضا أيهم سروجي، 15 عاما، من مواليد مخيم اللاجئين، وهو ليس عضوا في أي جماعة مسلحة ويقول إنه جيد في المدرسة، عندما لا يتم إلغاؤها بسبب العنف".

وسألت الصحيفة أحد المتواجدين حول "هل يريد أن يصبح مدرسا ويساعد شعبه بهذه الطريقة؟  فأجاب: أصبح مدرسا؟ لا يوجد شيء من هذا القبيل هنا. ماذا رأيت في حياتي سوى جنود إسرائيليين يقتحمون مخيمي؟".

وعندما سئل عن أحلامه قال: "أريد أن أرى الشاطئ. لم يسبق لي أن رأيت شاطئا في حياتي".

وأضاف: "أحلم برؤية القدس محررة. الإسرائيليون يعيشون في أرضنا ويستمتعون بها، ونريد أن نجبرهم على الخروج مما سرقوه، انظروا ماذا نستيقظ عليه. هل ترى حتى الرصيف؟ أحيانا أحلم برصيف ممهد".

مقالات مشابهة

  • مقتل قائد بالكتيبة 75 الإسرائيلية بصاروخ مضاد للدبابات في غزة
  • معضلة إسرائيل القادمة.. من يدير قطاع ​​غزة بعد الحرب؟
  • خبير: ما يدور في كواليس المشهد الإسرائيلي الحالي "أزمة ثقة" بين قيادات الجيش ونتنياهو (فيديو)
  • NYT: المقاومة في الضفة الغربية تسعى إلى محاكاة حماس في غزة
  • التصنيع في زمن الحرب..المقاومة تصنع المعجزات
  • بواسل المقاومة الفلسطينية يمطرون مستوطنات الاحتلال بالصواريخ
  • سموتريتش: مستوطنة جديدة مقابل كل اعتراف بالدولة الفلسطينية
  • سموتريتش: الحكم العسكري الحل الوحيد لاحتلال غزة ومنع عودة حماس
  • أبرز الوجهات التي يفرّ إليها الإسرائيليون منذ بداية الحرب علي غزة
  • ماذا يعني انتقال إسرائيل إلى امرحلة الثالثة من الحرب على غزة؟