صداقة بنكهة العداوة.. تاريخ العلاقات التركية الإسرائيلية
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
شهدت العلاقات بين تركيا وإسرائيل أزمات على مدى العقود الماضية
عندما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في البيت التركي (تورك أفهي) في نيويورك في الـ 20 من سبتمبر/ أيلول الماضي، قال نتنياهو: "إن تشابه ربطتي عنقنا دليل على تحسن علاقاتنا الثنائية". وظهر الاثنان بشكل ودي أمام الكاميرات في جو من الدعابة.
هذه الصورة التي ظهرت قبل بضعة أسابيع واعتبرت نقطة تحول في العلاقة التركية الإسرائيلية تبدو اليوم وكأنها من الماضي. إذ في الأيام الأخيرة، استبدل أردوغان النكات أمام الكاميرات بتصريحات مختلفة بشكل كلي قائلا إن "حماس حركة تحرر وليست منظمة إرهابية". ووصف "إسرائيل بأنها دولة محتلة" وذهب الرئيس التركي أبعد من ذلك، بقوله: "سنقول للعالم أجمع إن إسرائيل مجرمة حرب"، جاء كلام أردوغان هذا أمام تجمع مؤيد للفلسطينيين في إسطنبول الأسبوع الماضي.
يذكر أن حركة حماس هي جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
وبعد مزاعم أردوغان واتهاماته هذه، استدعت إسرائيل دبلوماسييها من تركيا، بهدف "إعادة تقييم" العلاقة، حسبما أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين. وبحسب الأوساط الدبلوماسية في أنقرة، من المتوقع أن يتم قريباً إعلان السفير التركي في تل أبيب "شخصاً غير مرغوب فيه". ولم تعلق إسرائيل حتى الآن على هذا الأمر.
في هذا السياق يوضح غابرييل هاريتوس، محلل شؤون الشرق الأوسط في المؤسسةُ اليونانية للسياسةِ الأوروبيةِ والخارجية (ELIAMEP)، والباحث أيضاً في معهد بن غوريون في إسرائيل، في مقابلة مع DW قائلاً إن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر يعلق حالياً على الحرب فقط، وإن "استدعاء الدبلوماسيين يتحدث عن نفسه بنفسه".
استبدل أردوغان النكات والابتسامة مع نتنياهو أمام الكاميرات بتصريحات مختلفة بشكل كلي ضد إسرائيل
"دور الوسيط لم يكن واقعياً على الإطلاق"
المجتمع الإسرائيلي لديه غضب واضح ضد تركيا، كما يوضح، هاريتوس. واليوم، يُنظر إلى تركيا هنا على أنها حليف لمنظمة إرهابية تمثل "نسخة جديدة من تنظيم الدولة الإسلامية" ويتابع هاريتوس أن "أردوغان لم يكن محبوبا هنا على أي حال. والآن أصبح أكثر من ذلك".
خلال الأيام الأولى للأزمة قدمت تركيا نفسها كوسيط، لكن دون جدوى. بعد ذلك، وقفت أنقرة بشكل واضح إلى جانب حماس. ويؤكد السفير الفخري، صافاك غوك ترك، الذي عمل لسنوات في قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية التركية، أنه كان واضحا منذ البداية أن تركيا لا يمكنها سوى لعب دور محدود في إيجاد حل.
ويرجع ذلك جزئياً إلى الروابط الأيديولوجية بين حزب العدالة والتنمية الحاكم و حماس. لكنه يرى أن موقف الحكومة التركية يجب أن يُفهم في المقام الأول من خلال سياستها الداخلية: "فربما رأت أنه يتعين عليها إرضاء قاعدتها" التي غالبيتها من الناخبين المسلمين المحافظين.
بعد العديد من الأزمات والخلافات خلال السنوات الماضية، بدأت آخر محاولة للتقارب بين هذين البلدين في عام 2021 عندما أعلن البلدان إعادة تبادل السفراء، خلالل زيارة الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، إلى تركيا.
عن هذا يضيف هاريتوس بالقول إن "قرار أردوغان كان فتح صفحة جديدة مع إسرائيل، بالإضافة إلى الأمل في إمكانية إيجاد مصالح مشتركة في قطاع الطاقة". ورغم عدم وجود تأكيد رسمي من الجانب الإسرائيلي، أعلن أردوغان في نيويورك بعد لقائه مع نتنياهو أنه سيتم إجراء عمليات حفر مشتركة شرق البحر الأبيض المتوسط وأن وزيري الطاقة في البلدين سيجتمعان في نوفمبر/ تشرين الثاني من أجل بحث المشاريع المشتركة بين البلدين. ولكن بات من الصعب الآن توقع عقد مثل هذا الاجتماع.
آخر محاولة للتقارب بين تركيا وإسرائيل كانت في عام 2021.
الاقتصاد في مأمن من الأزمة؟
رغم من الأزمات السياسية العديدة في الماضي، فإن العلاقات الاقتصادية الثنائية بين إسرائيلوتركيا لم تتأثر، بل إنها تحسنت حتى في أوقات الأزمات. وزاد حجم التجارة ستة أضعاف خلال 20 عاماً الماضية من حكم حزب العدالة والتنمية بين عامي 2002 و2022 - من 1,41 مليار إلى 8,91 مليار دولار أمريكي. وتعتبر إسرائيل من بين أهم شركاء تركيا التجاريين. كما زار عدد قياسي بلغ حوالي 700 ألف سائح إسرائيلي تركيا في عام 2022.
ويقول السفير السابق والمدير الحالي لمركز أبحاث التجارة في مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية التركية (TEPAV)، بوزكورت أران، إنه لا يزال من المتوقع أن تتجاوز العلاقات الاقتصادية الجيدة الأزمة السياسية الحالية. ويشرح توقعاته بالقول إن البلدين يحتاجان إلى بعضهما البعض: "رجال الأعمال من كلا البلدين يعرفون بعضهم البعض منذ فترة طويلة ويثقون ببعضهم". من جانبه أيضاً، لا يتوقع هاريتوس تدهور العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل، ويقول "على العكس من ذلك: نهاية الرومانسية السياسية يشير إلى بداية زواج تجاري بين البلدين".
تجمع الآلاف في ميناء اسطنبول رافعين الأعلام التركية والفلسطينية لاستقبال سفينة مرمرة لدى عودتها من قبالة شواطئ غزة عام 2010
تذبذب العلاقات
في عام 1949، كانت تركيا أول دولة إسلامية تعترف بدولة إسرائيل. وكان مؤسس إسرائيل، ديفيد بن غوريون، يحمل الجنسية العثمانية أيضا ويتحدث اللغة التركية، حيث درس القانون في إسطنبول. وقبل وقت قصير من وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002، كانت التجارة والسياحة مزدهرة في كلا الاتجاهين وكان التعاون الدفاعي في ازدياد. على سبيل المثال، تدرب الطيارون الإسرائيليون في المجال الجوي التركي وقام الفنيون الإسرائيليون بتحديث الطائرات الحربية التركية.
ولكن العلاقات بين البلدين تضررت بشدة عندما اعتقلت البحرية الإسرائيلية، في الـ 31 من مايو /آيار عام 2010، السفينة التركية "مافي مرمرة"، التي كانت تحمل مساعدات إلى قطاع غزة. وقُتل تسعة نشطاء أتراك على متن السفينة. وعلى إثر ذلك سحبت تركيا سفيرها من إسرائيل. واعتذر نتنياهو لأردوغان عام 2013 وعرض على أنقرة 20 مليون دولار كتعويض. ووقعت أزمات أخرى منذ ذلك الحين، بما في ذلك عندما اعترف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لإسرائيل.
"على تركيا استعادة الثقة"
وفي تقدير آران، فإن موقف تركيا الحالي تجاه إسرائيل سيكون له تأثير أكبر على المدى الطويل. وأوضح الدبلوماسي السابق: "تصريحات أردوغان بشأن حماس سيكون لها بالطبع تأثير. ليس فقط على العلاقات مع إسرائيل، ولكن أيضاً على العلاقات مع الغرب. إذ لا يمكن غض الطرف عن ذلك". وهذا الموقف يضر بصورة تركيا السياسية على مستوى العالم. ويتعين على الحكومة الآن إستعادة الثقة في السياسة الخارجية: "الثقة بضاعة ثمينة. من السهل خسارتها ولكن من الصعب استعادتها".
ويؤكد هاريتوس أن مستقبل العلاقات الثنائية لن يصبح واضحاً إلا بعد الحرب: "إن الأجندة الوحيدة للسياسة الإسرائيلية هي الفوز في هذه الحرب وتدمير حماس. فقط بعد الحرب سوف تتذكر إسرائيل أي الحكومات كانت صديقة لها وأيها لم تكن كذلك".
بوراك أنفيرين / إ.م
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: العلاقات الإسرائيلية التركية تصريحات أردوغان بشأن إسرائيل حزب العدالة والتنمية التركي التعاون الدفاعي العلاقات الإسرائيلية التركية تصريحات أردوغان بشأن إسرائيل حزب العدالة والتنمية التركي التعاون الدفاعي فی عام
إقرأ أيضاً:
المدير العام للخطوط الجوية التركية بلال أكشي: يسعدنا أن نستأنف رحلاتنا بعد انقطاعٍ إلى دمشق التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين وهذه العودة تسهم بخدمة سوريا وشعبها وشعوب المنطقة
2025-01-23Rwanسابق دخان: العلاقات السورية التركية لها جذور ضاربة ونثمن هذه الخطوة كبداية لعودة العلاقات الثنائية، وعودة الرحلات الجوية ستعيد الأمل للشعب السوري في الخارج ليعود إلى بلده بكرامة انظر ايضاًدخان: العلاقات السورية التركية لها جذور ضاربة ونثمن هذه الخطوة كبداية لعودة العلاقات الثنائية، وعودة الرحلات الجوية ستعيد الأمل للشعب السوري في الخارج ليعود إلى بلده بكرامة
آخر الأخبار 2025-01-23معاون وزير الخارجية أحمد دخان خلال مؤتمر صحفي بمناسبة عودة الخطوط الجوية التركية الى سوريا: نرحب بأولى رحلات الخطوط التركية إلى دمشق بعد انقطاع طويل ونشكر الشعب والحكومة التركية على وقوفها إلى جانب الشعب السوري وثورته 2025-01-23القائد الشرع يلتقي وفداً من جمهورية بيلاروسيا 2025-01-23القادري: إلغاء العمل بنظام تحديد مركز العمل لضمان الالتزام بالقوانين 2025-01-23وصول أول طائرة ركاب تركية إلى مطار دمشق الدولي بعد انقطاع دام نحو 13 عاماً 2025-01-23بعد توقف 13 عاماً… انطلاق أول رحلة جوية من تركيا إلى سوريا 2025-01-23تركيا تجدد دعمها لسوريا في ضمان سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها 2025-01-23وصول طائرتي مساعدات قطرية وسعودية إلى مطار دمشق الدولي 2025-01-23التعليم العالي تعدل التقويم الجامعي للتعليم المفتوح… وبدء الامتحانات 16 آذار القادم 2025-01-23وزارة الإعلام تدين اغتيال مصور سانا إبراهيم عجاج 2025-01-22جلسة حوارية لعدد من الإعلاميين مع وزير الدفاع
صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل الخارجية تعلن برنامج اختبارات المرحلة الرابعة في مسابقتها لتعيين عاملين دبلوماسيين 2024-12-05 الخارجية تعلن أسماء المقبولين للاشتراك في المرحلة الرابعة في مسابقتها لتعيين عاملين دبلوماسيين 2024-12-03حدث في مثل هذا اليوم 2024-12-077 كانون الأول-اليوم العالمي للطيران المدني 2024-12-066 كانون الأول 2004- اقتحام القنصلية الأمريكية في جدة بالمملكة العربية السعودية 2024-12-05 5 كانون الأول – اليوم الوطني في تايلاند 2024-12-033 كانون الأول 1621- عالم الفلك الإيطالي جاليليو جاليلي يخترع التلسكوب الخاص به 2024-12-022 كانون الأول- اليوم الوطني في الإمارات العربية المتحدة 2024-12-011 كانون الأول 1942 – إمبراطور اليابان هيروهيتو يوقع على قرار إعلان الحرب على الولايات المتحدة
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |