صدى البلد:
2024-07-31@12:37:42 GMT

عبد السلام فاروق يكتب: مصير غزة أم مصير إسرائيل ؟!

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

فى أقل من شهر انعكست الصورة فى فلسطين المحتلة وتبدلت تماماً..
نتنياهو يهرب للأمام فى طريقه لشن حرب شاملة لا لشئ إلا لإنقاذ نفسه من مشنقة نصبها ضده الرأى العام الإسرائيلى..والاقتصاد الإسرائيلى ينزف نزيفا هائلاً غير مسبوق.. والمستوطنون باتوا بين نازح فى فنادق امتلأت حد التخمة وبين هارب فى طائرات تحمل أثرياءهم مع ما خف وزنه وغلا ثمنه.

. والحديث يجرى فى أروقة صناع القرار في إسرائيل عن حرب طويلة قد تمتد لشهور ..فماذا سيكون مصير إسرائيل بعد حرب ممتدة كتلك الحرب؟!
حصاد ليالي القتال!
المدنيون الفلسطينيون فى شمال غزة سقطوا شهداء بالآلاف كأول ضحايا لردة الفعل الهمجية لعملية طوفان الأقصى التى أسقطت هيبة جيش الاحتلال الإسرائيلي سقوطاً مدوياً..مناطق وأحياء بأكملها تمت تسويتها بالأرض فى مشهد مفزع لم يكن كافياً للضمير العالمى أن يستيقظ ويقف مع الأبرياء من أهالى غزة!
 الآليات والمدرعات الإسرائيلية تم حشد المئات منها لحصار غزة من كافة الجهات تمهيداً لغزو برى مرتقب، وقد تم استدعاء عشرات الآلاف من جيش الاحتياط ليبلغ عدد المشاركين فى الحرب البرية على غزة ما يقارب ثلاثمائة ألف جندى، أى ما يعادل تعداد الجيش الروسي فى حربه على أوكرانيا!
 ورغم هذا فإن كفة الانتصار الميدانى باعتراف الإسرائيليين أنفسهم تميل لصالح المقاومة الفلسطينية التى صنعت معجزات خارقة بكل المقاييس.. آخرها كان ما حدث من تدمير عدد من الدبابات والمدرعات فى المحاولة الثالثة الفاشلة لاقتحام غزة من الشمال والشرق، وقبل ذلك ما حدث فى زيكيم وتم التعتيم على آثاره من الإعلام الإسرائيلي..
 أولى محاولات الاقتحام البرى جاءت من الجنوب الشرقى قرب خان يونس، فى مهمة استطلاعية لدبابة وجرافة تم استهدافهما فى الأمتار الأولى من التحرك ليبادر جنود الاحتلال الإسرائيلي بالفرار سريعاً وتفشل المهمة. ثم جاءت محاولة ثانية للتموضع بشارع صلاح الدين لكنها لم تستمر طويلا ، كما ذكر المستشار السابق للبنتاجون مؤكدأً أن تلك القوة منيت بخسائر كبيرة ولم يتحدث عنها أحد لا فى الإعلام الصهيونى ولا الغربي! 
أما المحاولة الثالثة فكانت الأكبر حجماً والأكثر عتاداً وعدة..حيث تحركت فرقة إسرائيلية فجراً على عدة محاور شمال غزة وشرقها وكانت مكونة من بضع وثلاثين دبابة ومركبة مدرعة، ولم تتقدم تلك القوة سوى عشرات الأمتار قبل أن يتم استهدافها، ليهرب من استطاع الفرار ويموت من يموت، ولتحصل المقاومة على ما حصلت عليه من ذخائر وأسلحة وأسرى من الجنود والضباط والقادة!
خسائر إسرائيل وأمريكا
 بعض التقديرات وصلت بأعداد الضحايا الفلسطينيين نتيجة القصف الإسرائيلي الهمجى المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد عن 10000 شهيد ثلثهم من الأطفال..لكن ماذا عما خسرته إسرائيل؟!
 علمنا أن الجيش الإسرائيلي قد نال حظه من سقوط الهيبة وفقدانه للصورة الذهنية التى رسمها الإعلام كذباً عن مدى قوته وقدراته القتالية.. وقد حدث هذا فى اليوم الأول لعملية طوفان الأقصي.. ثم توالت الضربات والرشقات الصاروخية على عدة مدن إسرائيلية فى مقدمتها تل أبيب وعسقلان وسديروت.. ولعل أقوى ضربة أفزعت الكيان ما حدث من استهداف صواريخ المقاومة لمنطقة مفاعل ديمونة النووى وما تمثله تلك الضربة من خطورة كبيرة..لكن كل تلك الضربات لم تحقق سوى نسبة ضئيلة مما منيت به إسرائيل من خسائر، بينما خسائرها الأكبر جاءت من القتال على الأرض..
 أول وأهم تلك الخسائر العدد الكبير للأسري من الجنود والضباط والمستوطنين، والذى يزداد مع كل احتكاك مباشر أو أى قتال وجهاً لوجه..والواضح أن المقاومة تجيد استخدام ورقة الأسرى استخداماً بارعاً كما رأينا من تحريره لعدد محدود منهم، وظهورهم إعلامياً يمتدحون المقاومة ويظهرونها فى صورة الأبطال والنبلاء.. ثم تأتى الضربة الثانية التى تمثلت فى شلل عملية التطبيع مع إسرائيل فى منطقة الشرق الأوسط، وكأن كل المليارات التى أنفقها الكيان وكل الجهود الدبلوماسية والسياسية على مدى عقود كلها تبددت كالهباء المنثور فى أيام ..أما أقوى وأهم الضربات تمثلت فيما حدث من انقسام داخلى فى إسرائيل لا على المستوى الشعبي والمجتمعى وحده ، بل وعلى أعلى مستويات القيادة وصناعة القرار، لدرجة أن يشاع أن التردد فى اتخاذ قرار الهجوم البري أحد مظاهر هذا الانقسام.
 لكن تعالوا بنا نحسب خسائر الاحتلال الإسرائيلى بلغة الأرقام..لقد خسرت إسرائيل خلال ثلاثة أسابيع منذ بدء عملية طوفان الأقصى ما يزيد عن 10 مليارات دولار، بعضها بسبب التدمير المباشر للآليات والمبانى التى دمرتها صواريخ المقاومة، وبعضها الآخر فى العمليات الحربية المباشرة واستدعاء الاحتياطى والتعبئة العامة والطلعات الجوية المكثفة وفقدان الذخائر..لكن الأهم من هذا وذاك ما حدث فى إسرائيل من توقف تام للأنشطة الاقتصادية الكبري وفى  مقدمتها السياحة بسبب إلغاء كل الحجوزات والرحلات القادمة من خارج إسرائيل لتصبح الحركة الوحيدة للطيران هى من إسرائيل إلى خارجها..ونتيجة لهذا هبطت البورصة فى إسرائيل لأدنى مستوى لها منذ عقود لتخسر نحو 33مليار دولار، ولتنهار عملة الشيكل انهياراً غير مسبوق.. وهو ما دفع مؤسسات التصنيف الاقتصادى لخفض توقعاتها بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي.. وكل هذا أفضى لشلل تام فى الحياة اليومية للمستوطنين لدرجة عودة التعليم من المنزل والتعليم عن بعد كما كان يحدث أيام كورونا!
 الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً نالت حظاً من تلك الخسائر، ولعل أهمها ما حدث من استهداف القواعد الأمريكية فى العراق وسوريا ، ليبلغ إجمالى عدد الهجمات ضد تلك القواعد ما يزيد عن 15 هجمة..كل ذلك أثر تأثيراً سلبياً كبيراً على وضع البيت الأبيض لدرجة إحداث انقسام فى الرأى داخل الكونجرس.. وهو ما قد يكون له أكبر الأثر فى نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة فى أمريكا!
نحو الهاوية!
 كل خبراء البنتاجون السابقين والحاليين حذروا إسرائيل من أن عملية الاقتحام البري لغزة ستكون وبالاً على جيش الاحتلال، وأن خسائر إسرائيل ستتضاعف نتيجة هذا الغزو..لكن يبدو أن صناع القرار فى إسرائيل لديهم رأى آخر..
 ثمة جبهات عديدة تنفتح على مصراعيها ضد إسرائيل..الجبهة الأكبر فى جنوب لبنان، والمناوشات تدور رحاها منذ مدة بين حزب الله وبين قواعد جيش إسرائيل، لكنها لم ترقَ بعد إلى حد القتال أو الاقتحام..ثم أن هناك مخاوف من قيام عدة بؤر جديدة للمقاومة فى الضفة الغربية والقدس، وثمة إرهاصات لها اليوم.. ولعل القرار الذى تم اتخاذه فى الأمم المتحدة بالإجماع لوقف إطلاق النار فى فلسطين المحتلة يكون له دور فى تهدئة الأوضاع بدلاً من توسيع نطاق الاقتتال..إلا أن ردود الفعل الإسرائيلية تسير عكس التيار ، وترمى بالقرار الدولى عرض الحائط، فى إصرار غريب على التمادى فى الإجرام ..وأغلب الظن أن المبرر وراء كل هذا ليس فقط القضاء على المقاومة الفلسطينيةكما أعلنت إسرائيل وإنما للإبقاء على الحكومة الإسرائيلية الحالية  برئاسة نتنياهو أطول وقت ممكن!!
 والذى يبدو فى الأفق أن الرأى العام العالمى يزداد يوماً بعد يوم احتقاناً ضد إسرائيل، ودعماً للقضية الفلسطينية بما يشير إلى أن مآلات الأمور لن تكون أبداً فى صالح إسرائيل..حتى لو استطاعت السيطرة على المقاومة وتحجيم قدراتها كما تأمل..فإن الانقسام الداخلى فى إسرائيل يشي بالتصدع ، وأحلام إسرائيل فى التطبيع مع الدول العربية تحولت إلى كوابيس.
 كل السيناريوهات التى وضعها المحللون كنهاية لتلك الحرب القائمة بين المحتل وبين المقاومة الفلسطينية تشير بشكل جازم أن إسرائيل تسير بخطوات متسارعة نحو هاوية سحيقة.. ومهما كان ما سيحدث فإن حلم تحرير الأقصى يبدو الآن أقرب كثيراً مما كنا نظن.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فى إسرائیل ما حدث من

إقرأ أيضاً:

سماسرة الأسلحة الفاسدة في حرب ١٩٤٨ ( ٢/٢ ).. !!

في المقال السابق أمر النائب العام بالتحقيق في قضية الأسلحة الفاسدة فصدرت ثلاثة مراسيم بمثابة عقاب للمعارضين على استنكارهم صفقات الأسلحة الفاسدة كان أولها إلغاء عضوية جميع الأعضاء المعارضين الذين تم تعيينهم في عهد وزارة "حسين سِرِّي". والمرسوم الثاني يقضي بتعيين أعضاء جُدُد من صنائع الوزارة والقَصْر. و كان المرسوم الثالث يقضي بإسقاط رئاسة "محمد حسين هيكل" لمجلس الشيوخ وتعيين "على زكى العرابي".

كما دافع وزير الدفاع وقتئذ "مصطفى نصْرَتْ" عن تلك الصفقات في بيان بمجلس الشيوخ فقال: "وصلني مناقضات ديوان المحاسبة والتي استند إليها مُقدِّم الاستجواب بعد مدة قصيرة من تَولِّي وزارة الحربية فكان من الطبيعي أن أتَقصَّى الحقائق واتضح لي أن بعض الأفراد والجِهات أملت عليها مصالحُها الخاصة إثارة الشكوك في أعمال التوريدات التي أثارت مناقضات ديوان المحاسبة وأن هذه التوريدات لا غُبار عليها".

نَقَلَتْ مجلة (روزاليوسف ) وكان يرأس تحريرها "إحسان عبد القدوس" أخبار تلك الصفقات إلى قُرَّائها ونَجَحَت في إثارة الرأي العام بمقالاتِها الخطيرة عن فساد الأسلحة مما اضطر وزير الحَربيِّة "مصطفى نَصْرَت" إلى إبلاغ النائب العام للتحقيق في التُهَم المنسوبة لرجال الجيش وما نَشَرتْه المجلة في عددها ١٤٩ الصادر٢٠ يونيو ١٩٥٠.

تولَّى النائب العام "محمود عزمي" التحقيقات التي تناولَت اشتراك الملك "فاروق" وبعض رجال حاشيته في عملية توريد الأسلحة الفاسدة وأصدر أمراً بالقبض على "أدمون جهلان" حين مجيئه إلى مصر (السمسار الأول للصفقات المُحرَّمة وهو من يقوم بإيداع نصيب الملك من تجارة الأسلحة في البنك البلجيكي والدولي)، ولكن هذا الأمر لم يُنَفَّذ واحتمى "جهلان" بالقصر وظل طليقاً بل وسُمِح له بالعودة إلى أوروبا بدعوى أنه أمين صندوق الرحلة المَلَكية وتبيَّن أنه جاء لأخْذ بعض الأوراق التي تُثْبِتُ اشتراك "فاروق" في صفقات الأسلحة، وتَبيَّن من التحقيقات:

* وجود أسلحة فاسدة أرسلَها سماسرة السلاح من المصريين والأجانب والملك نفسه وبعض أفراد حاشيته إلى الجيش في فلسطين وحقَّقوا من ورائها أرباحاً طائلة.

* هذه الأسلحة بعضُها تَم تجميعهُ من مُخَلَّفات الحرب العالمية الثانية الموجودة بالصحراء الغربية ولم تكن صالحة للاستعمال.

* شملت الأسلحة دبابات إنجليزية تُباع خُردَة في المزاد العَلَني بمعسكرات الانجليز بمنطقة القناة قام بشرائها بعض ضباط الجيش ذهبوا مرتدين ملابس مدنية.

* كما قام أحد سماسرة السِّلاح بتوريد قنابل يدوية إيطالية الصنع فاسدة.

* تَدَخَّل فاروق في تحقيقات النيابة لمَنع استمرار الإجراءات ضِد شُركائه ورجاله وانتهى التحقيق بحفْظ القضية بالنسبة لرجال الحاشية فكان تدخُّله في سير العدالة دليلاً على اشتراكه شخصياً في تلك الصفقات المُخْزية فاشتدت كراهية الشعب له وتحوَّلَت إلى سُخطٍ عارم انفجر وعصف بعرشه بانتفاض حركة الضباط الأحرار والتي باركها الشعب فكانت ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢.

*

مقالات مشابهة

  • أبرز ردود الأفعال العربية والدولية على اغتيال هنية
  • بعد الغارة الإسرائيلية.. تضارب معلومات بشأن مصير القائد الكبير في حزب الله
  • التلاوى والسلام الملتوى
  • النائب أحمد عبدالجواد: القيادة السياسية بنت قوة مصر إقليميًا ودوليًا
  • تركيا تحذر نتنياهو من مصير هتلر
  • أحمد الشيخ يكتب: شهادة عدم الإلتباس التجاري.. بين هيئة الاستثمار ووزارة الاستثمار
  • بعد التهديد بـ"صدام حسين".. تركيا تحذر نتنياهو من مصير هتلر
  • عاجل: أول رد إسرائيلي على أردوغان بعدما هدد إسرائيل بالتدخل عسكريًا بفلسطين: ينتظرك مصير صدام حسين
  • سماسرة الأسلحة الفاسدة في حرب ١٩٤٨ ( ٢/٢ ).. !!
  • جنبلاط للجزيرة: إسرائيل لن تقضي على المقاومة