لجريدة عمان:
2024-10-01@00:22:09 GMT

نوافذ: مقابلة باسم يوسف

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

في السابع عشر من أكتوبر الماضي عندما استضاف المذيع البريطاني الشهير بيرس مورجان عبر الأقمار الصناعية الممثل ومقدم البرامج المصري الساخر باسم يوسف في إطار تظاهُرِه - أي مورجان- بمنح مساحة في برنامجه « «Piers Morgan Uncensored(بيرس مورجان بدون رقابة) للرأي الآخر غير المؤيِّد لإسرائيل، لم يتوقع أن تُصبح هذه المقابلة التي استغرقت حوالي نصف ساعة المقابلةَ الأكثر مُشاهَدة في تاريخ برنامجه، إذْ تجاوز عدد مشاهديها حتى الآن عشرين مليون مشاهدة.

كان هذا محفِّزًا لمورجان لمنح الفنان المصري حلقة أخرى خاصة به وحده، ووجهًا لوجه، بثت مساء الأربعاء الماضي. وقد اعترف المذيع البريطاني في مستهلّ هذه الحلقة الجديدة باندهاشه من ذلك الإقبال العالمي الكبير على مشاهدة الحوار الأول بينهما، ولا يخفى علينا هنا أن السبب - وكما شرحه باسم يوسف - هو أنه لسنوات طويلة، كان الإعلام الغربي في تغطيته لأخبار وأحداث الشرق الأوسط - ولا يزال - منحازًا - إلا فيما ندر- لوجهة نظر واحدة هي وجهة النظر الإسرائيلية مهما كانت كاذبة أو ملأى بالافتراءات، وأن هذا كان يضلل المُشاهِد الغربي من جهة، ويسبب إحباطًا كبيرًا للعرب والمسلمين ومؤيدي القضية الفلسطينية العادلة من جهة أخرى، ولأنه -أي باسم- ركّز بشكل ساخر على بعض النقاط التي لا يُتَطرَّق إليها عادة في الإعلام الغربي فقد شعر المشاهد الأوروبي والأمريكي بأنه يتعرف للمرة الأولى على هذه القضية، فيما أحسّ المشاهد العربي والمُسلِم أنه ظهر أخيرًا من يوصِل صوته ويعبّر عنه.

بدا لي وأنا أتابع المقابلة الجديدة أن السبب الحقيقي لها هو رغبة مورجان في حذف الهزيمة النكراء التي حاقت به في الحوار الأول قبل ثلاثة أسابيع من ذاكرة مشاهديه، ليس فقط لأنه صرّح بذلك في بدايتها عندما أخبر ضيفه أنه جاء هذه المرة وهو أكثر استعدادا لمناقشة باسم والردّ عليه وعلى ردوده الساخرة التي تندرج في إطار الكوميديا السوداء، ولكن أيضًا لأنه أعاد تقريبًا طرح نفس الأسئلة «الكليشيهية» التي سبق أن طرحها في الحوار الأول؛ من قبيل: هل تؤيد «إرهاب» حماس؟ وماذا على إسرائيل أن تفعل لتحمي نفسها من هذا «الفصيل الإرهابي»؟ مضيفًا إليها أسئلة منحازة جديدة من عينة: لماذا لا تحلّ مصر والأردن هذه القضية بقبولهما توطين الفلسطينيين؟ هذا عدا إعادته الاستشهاد من جديد بكذبة قطع حماس لرؤوس الأطفال الإسرائيليين وتشكيكه في كون إسرائيل هي التي قصفت مستشفى المعمداني وعدد ضحايا هذا القصف من المدنيين، على اعتبار أن الأرقام صادرة من وزارة الصحة الفلسطينية التي هي «حماس»!

ولكن الفنان المصري نجح هذه المرة أيضًا في الرد المقنع على جميع هذه الأسئلة باستفاضة أوضحت مدى إلمامه بتاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومتابعته للأحداث في السنوات الأخيرة، مستهلًّا هذا كله بلقطة رمزية لقيتْ صدى كبيرًا لدى المشاهدين العرب حين قدم هدية من زوجته (الفلسطينية) لمورجان، هي عبارة عن قنينة زيت من الضفة الغربية واصفًا إياه بأنه أفضل زيت على الإطلاق، متحدثًا أثناء ذلك عن شجرة الزيتون الفلسطينية التي «تستطيع البقاء لنحو ستمائة عام، ويورّثها الفلسطينيون عبر الأجيال، فهي بمثابة التراث العائلي للفلسطينيين».

في معرض إجابته عن سؤال: هل تدين «إرهاب» حماس؟ قال باسم يوسف إنه «لا فائدة على الإطلاق من إدانة حماس أو إسرائيل» وأوضح أن هذه الإدانات لن تحلّ القضية، ولا تعدو كونها تصريحات يُدلَى بها للعبور من نقاط التفتيش الأخلاقية، ثم يذهب هؤلاء المُدِينون في كل الاتجاهات تاركين وراءهم القضية بلا حل. أما عن سؤال: لماذا لا توطّن مصر والأردن الفلسطينيين ما داموا متعاطفين معهم؟ فقد أكد باسم يوسف أن هذا بالضبط ما تُريده إسرائيل، ولكنه لا يحلّ المشكلة بل يمكن أن يُشعِل حربًا عالميةً ثالثة، لأن «هؤلاء هم الفلسطينيون وهذه أرضهم» مستنكِرًا الطلب منهم تركها لمحتلّ، ثم شنّ هجومًا مباغتًا على مورجان قائلًا إن أوروبا بها أربع وأربعون دولة، فلماذا لا تستقبل هي الإسرائيليين؟ ولماذا لا تستقبلهم أمريكا التي بها خمسون ولاية، في فلوريدا مثلا؟ وفي واحدة من أجمل دقائق اللقاء قال باسم: «أسمع دائمًا أن العرب كانوا يُمنحون الكثير من فرص السلام، وهذا غير صحيح. بل إنه على مر التاريخ لم تتنازل إسرائيل عن شِبر واحد بالسلام، في حرب أكتوبر 1973 أعادت سيناء بالحرب، وفي عام 2006 خرجت من جنوب لبنان بالحرب، وحتى فك الارتباط عن غزة لم يُقدم عليه الإسرائيليون لأنهم طيبو القلوب بل لأنهم تكبدوا الكثير من القتلى، بل إن اتفاق أوسلو الذي نال عنه رابين جائزة نوبل للسلام، ما كانوا سيوقعونه لولا الانتفاضة الفلسطينية. لقد كانت الرسالة التي دأبت إسرائيل على إرسالها للعرب أنني لن أعطيكم أي شيء بالسلام، وسيكون عليكم القتال لتحصلوا على ما تريدون».

وذكّر يوسف مُضيفه أن بنيامين نتانياهو -رئيس وزراء إسرائيل- تفاخر في 2001 بأنه هو من خرّب عملية السلام، وأن رابين - الفائز بجائزة نوبل للسلام- هو نفسه صاحب سياسة تكسير عظام الأطفال الفلسطينيين!

كان مورجان هادئا طوال الوقت، لكنه لم يستطع الخروج من أسر النظرة الغربية الضيقة للصراع، وأسئلته المنحازة لم تتغير عن اللقاء الأول، وربما الأمر الوحيد الذي اتفق فيه مع ضيفه هو انتقاد نتانياهو الذي قال عنه إنه يخاف من السلام، وهنا أحاله الفنان المصري على الفور إلى كتاب المؤرخ الإسرائيلي موشيه تسيمرمان «الخوف من السلام.. المأزق الإسرائيلي» ليقول: إن الإسرائيليين كلهم يخافون من السلام وليس فقط نتنياهو، ذلك أنهم لم يروا طوال تاريخ «دولتهم» إلا الحرب، ويعتقدون بجدية أن السلام لا يمكن التوصل إليه إلا إذا عاش الفلسطينيون تحت السيطرة الإسرائيلية!

لم يوفر باسم يوسف حتى أمريكا التي يحمل جنسيتها من انتقاداته، ساردًا أنه جاء إليها باحثًا عن حرية التعبير فوجد أن فيها من يفقد وظيفته لمجرد أنه مارس حريته في الكلام، وانتقد تعامل الإعلام الغربي مع الضيوف الفلسطينيين الخالي من أي مهنية أو حس بالتعاطف الإنساني، وأضاف أنه حتى الذكاء الاصطناعي مُبرمَجٌ على الانحياز، إذْ عندما سأل تطبيق «تشات جي بي تي» إن كان يحق للإسرائيليين أن يعيشوا أحرارا؟ كانت الإجابة: «نعم»، وحين طرح السؤال ذاته عن الفلسطينيين كانت إجابة الذكاء الاصطناعي: «إنها مسألة حساسة ومعقدة»!

حصدت هذه المقابلة حتى كتابة هذه السطور أكثر من ثمانية ملايين مُشاهدة في أقل من يومين، وهي مرشحة لتحطيم رقم سابقتها، ذلك لأنها واحدة من المقابلات النادرة في الإعلام الغربي التي قدمتْ تحليلًا مختلفًا للقضية الفلسطينية.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإعلام الغربی باسم یوسف

إقرأ أيضاً:

أمريكا تكشف نوع القنابل التي استخدمتها إسرائيل لاغتيال نصر الله

كشف عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي أن القنابل التي استخدمتها إسرائيل بالغارات التي أسفرت عن اغتيال أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله كانت قنابل موجهة أمريكية الصنع من طراز"مارك 84".

الأمن القومي بالبيت الأبيض: دعم أمريكا لأمن إسرائيل صلب ولن يتغير رئيس إيران: أمريكا لا يمكنها التنصل من التواطؤ مع الاحتلال في عملية اغتيال نصر الله


وبحسب “روسيا اليوم”، قال مارك كيلي رئيس لجنة الشؤون الجوية الفرعية التابعة للجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ خلال مقابلة مع شبكة "إن بي سي" اليوم الأحد في أول تصريح أمريكي عن نوع السلاح المستخدم في الهجوم: "استخدمت إسرائيل القنبلة (مارك 84) زنة ألفي رطل (900 كيلوغرام)".
وأضاف كيلي: "نرصد تزايد استخدام الذخائر الموجهة، ذخائر الهجوم المباشر المشترك، ونواصل توفير هذه الأسلحة.. تلك القنبلة التي تزن ألفي رطل والتي استخدمت لتصفية نصر الله هي قنبلة من طراز (مارك 84)".
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قالت إن "طائرات من السرب 69 أسقطت نحو 85 قنبلة خارقة للتحصينات، تزن الواحدة منها طنا، في عملية اغتيال نصر الله".

ونعى "حزب الله" اللبناني أمس السبت أمينه العام حسن نصر الله الذي أعلنت إسرائيل عن اغتياله خلال غازة عنيفة استهدفت يوم الجمعة الماضي الضاحية الجنوبية في بيروت.

وحسب مصادر طبية وأمنية، لم يتم العثور على أي إصابات في جثمان نصر الله، التي أعلن اليوم الأحد عن انتشاله من تحت الأنقاض بمكان اغتياله، ويبدو أن الوفاة كانت جراء قوة الانفجار.
يذكر أن القنبلة "إم كيه 84" (MK84) وتعرف أيضا بـ"مارك 84"، سميت بـ"المطرقة" للضرر الشديد الذي تلحقه إثر انفجارها.

وتزن القنبلة حوالي ألفي رطل (900 كيلوغرام تقريبا) وهي قنبلة موجهة لها رأس حربية متفجرة، قادرة على إحداث حفرة عرضها 15 مترا وعمقها 11 مترا، وتخترق حتى 38 سم من المعدن أو 3.3 مترا من الخرسانة.
وسبق للقوات الجوية الإسرائيلية استخدام قنابل من هذا النوع في الهجوم على المفاعل النووي العراقي في 7 يونيو 1981.
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • توقيف رجل بالسويد حطم نوافذ في السفارة المغربية
  • صحف خليجية: حل القضية الفلسطينية مفتاح بناء السلام بالمنطقة
  • إسرائيل تغتال 4 من القيادات الفلسطينية في لبنان
  • إسرائيل تغتال 3 من الجبهة الشعبية الفلسطينية بلبنان
  • أمريكا تكشف نوع القنابل التي استخدمتها إسرائيل لاغتيال نصر الله
  • كاتب كندي: نداءات السلام التي أطلقها المؤيدون الغربيون لإسرائيل تمثيلية ساخرة
  • لشكر: خطاب القضية الفلسطينية يجب أن يكون عقلانيا وكفى من مخاطبة النخاع الشوكي بالحماس وباللاءات التي تسقط!
  • مفكران عراقيان: معرض الرياض الدولي للكتاب من أهم نوافذ الثقافة العربية
  • إسرائيل: إسبارطة الصهيونية وأوهام السلام
  • عاجل - ما المناطق التي استهدفتها إسرائيل في ضاحية بيروت اليوم؟