لجريدة عمان:
2024-12-30@21:36:12 GMT

نوافذ: مقابلة باسم يوسف

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

في السابع عشر من أكتوبر الماضي عندما استضاف المذيع البريطاني الشهير بيرس مورجان عبر الأقمار الصناعية الممثل ومقدم البرامج المصري الساخر باسم يوسف في إطار تظاهُرِه - أي مورجان- بمنح مساحة في برنامجه « «Piers Morgan Uncensored(بيرس مورجان بدون رقابة) للرأي الآخر غير المؤيِّد لإسرائيل، لم يتوقع أن تُصبح هذه المقابلة التي استغرقت حوالي نصف ساعة المقابلةَ الأكثر مُشاهَدة في تاريخ برنامجه، إذْ تجاوز عدد مشاهديها حتى الآن عشرين مليون مشاهدة.

كان هذا محفِّزًا لمورجان لمنح الفنان المصري حلقة أخرى خاصة به وحده، ووجهًا لوجه، بثت مساء الأربعاء الماضي. وقد اعترف المذيع البريطاني في مستهلّ هذه الحلقة الجديدة باندهاشه من ذلك الإقبال العالمي الكبير على مشاهدة الحوار الأول بينهما، ولا يخفى علينا هنا أن السبب - وكما شرحه باسم يوسف - هو أنه لسنوات طويلة، كان الإعلام الغربي في تغطيته لأخبار وأحداث الشرق الأوسط - ولا يزال - منحازًا - إلا فيما ندر- لوجهة نظر واحدة هي وجهة النظر الإسرائيلية مهما كانت كاذبة أو ملأى بالافتراءات، وأن هذا كان يضلل المُشاهِد الغربي من جهة، ويسبب إحباطًا كبيرًا للعرب والمسلمين ومؤيدي القضية الفلسطينية العادلة من جهة أخرى، ولأنه -أي باسم- ركّز بشكل ساخر على بعض النقاط التي لا يُتَطرَّق إليها عادة في الإعلام الغربي فقد شعر المشاهد الأوروبي والأمريكي بأنه يتعرف للمرة الأولى على هذه القضية، فيما أحسّ المشاهد العربي والمُسلِم أنه ظهر أخيرًا من يوصِل صوته ويعبّر عنه.

بدا لي وأنا أتابع المقابلة الجديدة أن السبب الحقيقي لها هو رغبة مورجان في حذف الهزيمة النكراء التي حاقت به في الحوار الأول قبل ثلاثة أسابيع من ذاكرة مشاهديه، ليس فقط لأنه صرّح بذلك في بدايتها عندما أخبر ضيفه أنه جاء هذه المرة وهو أكثر استعدادا لمناقشة باسم والردّ عليه وعلى ردوده الساخرة التي تندرج في إطار الكوميديا السوداء، ولكن أيضًا لأنه أعاد تقريبًا طرح نفس الأسئلة «الكليشيهية» التي سبق أن طرحها في الحوار الأول؛ من قبيل: هل تؤيد «إرهاب» حماس؟ وماذا على إسرائيل أن تفعل لتحمي نفسها من هذا «الفصيل الإرهابي»؟ مضيفًا إليها أسئلة منحازة جديدة من عينة: لماذا لا تحلّ مصر والأردن هذه القضية بقبولهما توطين الفلسطينيين؟ هذا عدا إعادته الاستشهاد من جديد بكذبة قطع حماس لرؤوس الأطفال الإسرائيليين وتشكيكه في كون إسرائيل هي التي قصفت مستشفى المعمداني وعدد ضحايا هذا القصف من المدنيين، على اعتبار أن الأرقام صادرة من وزارة الصحة الفلسطينية التي هي «حماس»!

ولكن الفنان المصري نجح هذه المرة أيضًا في الرد المقنع على جميع هذه الأسئلة باستفاضة أوضحت مدى إلمامه بتاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومتابعته للأحداث في السنوات الأخيرة، مستهلًّا هذا كله بلقطة رمزية لقيتْ صدى كبيرًا لدى المشاهدين العرب حين قدم هدية من زوجته (الفلسطينية) لمورجان، هي عبارة عن قنينة زيت من الضفة الغربية واصفًا إياه بأنه أفضل زيت على الإطلاق، متحدثًا أثناء ذلك عن شجرة الزيتون الفلسطينية التي «تستطيع البقاء لنحو ستمائة عام، ويورّثها الفلسطينيون عبر الأجيال، فهي بمثابة التراث العائلي للفلسطينيين».

في معرض إجابته عن سؤال: هل تدين «إرهاب» حماس؟ قال باسم يوسف إنه «لا فائدة على الإطلاق من إدانة حماس أو إسرائيل» وأوضح أن هذه الإدانات لن تحلّ القضية، ولا تعدو كونها تصريحات يُدلَى بها للعبور من نقاط التفتيش الأخلاقية، ثم يذهب هؤلاء المُدِينون في كل الاتجاهات تاركين وراءهم القضية بلا حل. أما عن سؤال: لماذا لا توطّن مصر والأردن الفلسطينيين ما داموا متعاطفين معهم؟ فقد أكد باسم يوسف أن هذا بالضبط ما تُريده إسرائيل، ولكنه لا يحلّ المشكلة بل يمكن أن يُشعِل حربًا عالميةً ثالثة، لأن «هؤلاء هم الفلسطينيون وهذه أرضهم» مستنكِرًا الطلب منهم تركها لمحتلّ، ثم شنّ هجومًا مباغتًا على مورجان قائلًا إن أوروبا بها أربع وأربعون دولة، فلماذا لا تستقبل هي الإسرائيليين؟ ولماذا لا تستقبلهم أمريكا التي بها خمسون ولاية، في فلوريدا مثلا؟ وفي واحدة من أجمل دقائق اللقاء قال باسم: «أسمع دائمًا أن العرب كانوا يُمنحون الكثير من فرص السلام، وهذا غير صحيح. بل إنه على مر التاريخ لم تتنازل إسرائيل عن شِبر واحد بالسلام، في حرب أكتوبر 1973 أعادت سيناء بالحرب، وفي عام 2006 خرجت من جنوب لبنان بالحرب، وحتى فك الارتباط عن غزة لم يُقدم عليه الإسرائيليون لأنهم طيبو القلوب بل لأنهم تكبدوا الكثير من القتلى، بل إن اتفاق أوسلو الذي نال عنه رابين جائزة نوبل للسلام، ما كانوا سيوقعونه لولا الانتفاضة الفلسطينية. لقد كانت الرسالة التي دأبت إسرائيل على إرسالها للعرب أنني لن أعطيكم أي شيء بالسلام، وسيكون عليكم القتال لتحصلوا على ما تريدون».

وذكّر يوسف مُضيفه أن بنيامين نتانياهو -رئيس وزراء إسرائيل- تفاخر في 2001 بأنه هو من خرّب عملية السلام، وأن رابين - الفائز بجائزة نوبل للسلام- هو نفسه صاحب سياسة تكسير عظام الأطفال الفلسطينيين!

كان مورجان هادئا طوال الوقت، لكنه لم يستطع الخروج من أسر النظرة الغربية الضيقة للصراع، وأسئلته المنحازة لم تتغير عن اللقاء الأول، وربما الأمر الوحيد الذي اتفق فيه مع ضيفه هو انتقاد نتانياهو الذي قال عنه إنه يخاف من السلام، وهنا أحاله الفنان المصري على الفور إلى كتاب المؤرخ الإسرائيلي موشيه تسيمرمان «الخوف من السلام.. المأزق الإسرائيلي» ليقول: إن الإسرائيليين كلهم يخافون من السلام وليس فقط نتنياهو، ذلك أنهم لم يروا طوال تاريخ «دولتهم» إلا الحرب، ويعتقدون بجدية أن السلام لا يمكن التوصل إليه إلا إذا عاش الفلسطينيون تحت السيطرة الإسرائيلية!

لم يوفر باسم يوسف حتى أمريكا التي يحمل جنسيتها من انتقاداته، ساردًا أنه جاء إليها باحثًا عن حرية التعبير فوجد أن فيها من يفقد وظيفته لمجرد أنه مارس حريته في الكلام، وانتقد تعامل الإعلام الغربي مع الضيوف الفلسطينيين الخالي من أي مهنية أو حس بالتعاطف الإنساني، وأضاف أنه حتى الذكاء الاصطناعي مُبرمَجٌ على الانحياز، إذْ عندما سأل تطبيق «تشات جي بي تي» إن كان يحق للإسرائيليين أن يعيشوا أحرارا؟ كانت الإجابة: «نعم»، وحين طرح السؤال ذاته عن الفلسطينيين كانت إجابة الذكاء الاصطناعي: «إنها مسألة حساسة ومعقدة»!

حصدت هذه المقابلة حتى كتابة هذه السطور أكثر من ثمانية ملايين مُشاهدة في أقل من يومين، وهي مرشحة لتحطيم رقم سابقتها، ذلك لأنها واحدة من المقابلات النادرة في الإعلام الغربي التي قدمتْ تحليلًا مختلفًا للقضية الفلسطينية.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإعلام الغربی باسم یوسف

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تحذر اليونيفيل من خطر العمل في "الطيبة" بجنوب لبنان

قالت نائبة مدير المكتب الإعلامي للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، كانديس أرديل، إن القوات الإسرائيلية أبلغتهم أن سلامة جنود حفظ السلام لا يمكن ضمانها، في محيط قرية الطيبة بجنوب لبنان.

ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام، اليوم الأحد، عن أرديل قولها إن "قوات الدفاع الإسرائيلية أبلغت اليونيفيل أن سلامة حفظة السلام لا يمكن ضمانها في محيط منطقة الطيبة، وعلى الدوريات تجنب هذه المنطقة".
وأكدت أرديل أن "سلامة جنود حفظ السلام تشكل أولوية قصوى، ولن نقوم بأي شيء يعرضهم لأي خطر غير ضروري".

إسرائيل تخطف لبنانياً يعمل مع "يونيفيل" - موقع 24خطفت القوات الإسرائيلية، اليوم الخميس، مواطناً لبنانياً خلال توجهه إلى عمله في مركز الكتيبة الاندونيسية التابعة للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان "يونيفيل".

كما ذكّرت قوات الدفاع الإسرائيلية بالتزاماتها بموجب القرار 1701 لضمان سلامة قوات حفظ السلام، وضمان حرية حركتهم في جميع أنحاء منطقة عمليات اليونيفيل، في جنوب لبنان.
ودخل قرار وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ فجر 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتخرق إسرائيل الاتفاق منذ سريانه بشكل يومي.

مقالات مشابهة

  • أسبوعٌ بلا نوم في “إسرائيل”!
  • الخارجية الفلسطينية: تفاخر إسرائيل بتدمير جباليا استخفاف بالشرعية الدولية
  • الناطق باسم أجهزة السلطة ينسحب من مقابلة بعد مشاركة والدة الصحفية الصباغ (شاهد)‏
  • محلل سياسي: مصر الدولة الوحيدة التي تقف عقبة أمام حلم دولة إسرائيل الكبرى
  • طالبان تحظر بناء نوافذ البيوت المطلة على أماكن جلوس النساء
  • إسرائيل تحذر اليونيفيل من خطر العمل في "الطيبة" بجنوب لبنان
  • الخارجية الفلسطينية: إسرائيل تستغل فشل مجلس الأمن الدولي
  • أفضلية التسمية باسمٍ من أسماء النبي عليه السلام
  • عاجل | الناطق باسم أجهزة الأمن الفلسطينية: نفحص ما تم تداوله من مقاطع مصورة ذات علاقة بسلوك بعض أفراد الأمن ضد مدنيين
  • سوريا.. محافظ دمشق يوضح بعد ضجة تداول تصريح له عن السلام مع إسرائيل