لماذا تدعم دول أمريكا اللاتينية فلسطين؟
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
اتخذت عدة دول في أمريكا اللاتينية ردود فعل قوية ضد الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، رداً على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وقطعت بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل احتجاجاً على سقوط ضحايا من المدنيين في غزة، واستدعت كولومبيا سفيرها لدى إسرائيل، وكذلك فعلت تشيلي للسبب نفسه، فما الذي يجعل دول أمريكا اللاتينية تفعل ما لم يفعله العرب تجاه غزة؟
قطع علاقات وسحب سفراءأعلنت بوليفيا، الثلاثاء الماضي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، بسبب ما وصفتها بـ "جرائم حرب ضد الإنسانية" في قطاع غزة.
وقال نائب وزير الخارجية البوليفي، فريدي ماماني، في مؤتمر صحافي: "قررت بوليفيا قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل"، مضيفاً أن "بوليفيا تدين الأعمال العدوانية الإسرائيلية في قطاع غزة، وتعتبرها تهديداً للسلام والاستقرار الدوليين".
وفي اليوم التالي، اتهمت إسرائيل بوليفيا "بالاستسلام للإرهاب ونظام آية الله في إيران"، في إشارة إلى حركة حماس الفلسطينية والنظام الإيراني الداعم لها، وقللت من أهمية الخطوة، وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان لها، إن العلاقات بين الدولتين كانت "فارغة من أي مضمون" على أية حال.
وسبق أن قطعت بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل عام 2009، في ظل حكومة الرئيس اليساري إيفو موراليس، احتجاجاً على هجماتها على قطاع غزة.
وبعد ساعات من قطع بوليفيا علاقاتها مع إسرائيل، استدعت كولومبيا سفيرها لدى إسرائيل للتشاور بسبب التصعيد المستمر في القطاع المحاصر.
وكتب الرئيس الكولومبي، غوستابو بيترو، في رسالة على موقع إكس (تويتر) يوم الثلاثاء: "قررت استدعاء سفيرنا لدى إسرائيل.. إذا لم توقف إسرائيل المذبحة التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني فلن نتمكن من البقاء هناك".
واستدعت حكومة تشيلي سفيرها أيضاً، يوم الثلاثاء، بعد ما وصفتها بأنها "انتهاكات إسرائيلية للقانون الإنساني الدولي" جراء هجماتها على قطاع غزة، وقالت وزارة الخارجية في بيان: "تدين تشيلي بشدة وتراقب بقلق بالغ هذه العمليات العسكرية".
كما دعت إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس، والسماح بعبور المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، وقالت وزارة الخارجية في تشيلي، في بيان منفصل، إنها تدفع من أجل تطبيق حل الدولتين لإنهاء الصراع.
بعد #بوليفيا.. تشيلي وكولومبيا تستدعيان سفيريهما في #إسرائيل https://t.co/thBTKdB76H
— 24.ae (@20fourMedia) November 1, 2023كما دعت دول أخرى في أمريكا اللاتينية، من بينها البرازيل والمكسيك، إلى وقف إطلاق النار، وقال الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الجمعة الماضية، إن "ما يحدث الآن هو جنون من رئيس وزراء إسرائيل الذي يريد محو قطاع غزة"، وأضاف "أن ترتكب حماس عملاً إرهابياً ضد إسرائيل لا يعني أن على إسرائيل أن تقتل ملايين الأبرياء".
كما أدانت فنزويلا "جرائم الإبادة الجماعية" التي ترتكبها القوات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وجددت دعوتها للتوصل إلى وقف فوريٍ لإطلاق النار، والبحث عن حلول فورية استناداً لقرارات الأمم المتحدة من أجل إحلال السلام.
ما خلفيات تلك المواقف؟ويقول صحافي برازيلي من أصول عربية يقيم في ولاية ساوباولو، عبدالرحمن أبوحسنة: "إن شعوب أمريكا اللاتينية ممزوجة من شعوب أصلية وشعوب مهاجرين، وكلاهما تعرض لحروب استعمارية أو حروب أهلية أو اضطهاد، كما أن دول أمريكا اللاتينية بشكل عام متعاطفة مع كل القضايا الإنسانية".
ويضيف: "في البداية أدانت دول أمريكا اللاتينية هجوم حماس باعتباره عملاً تخريبياً غير مقبول من الحكومات أو الشعوب، لكن بعد قصف إسرائيل للأحياء السكنية والمستشفيات وسقوط نحو 9000 قتيل وأكثر من 20 ألف مصاب تبدلت النظرة، لأن ما يحدث أمر بشع من الناحية الإنسانية، ومع استمرار الحرب اتضح أن إسرائيل لا تنتقم من حماس، بل تنتقم من المدنيين وتقصف مستشفيات وكنائس ومساجد ومبان سكنية، ولأن الشعوب هنا حرة نجدهم يؤيدون الفقراء والمضطهدين ومن يتعرضون للظلم، الذي ذاقوه هم في الماضي القريب".
#إسرائيل ترفض "هدنة" إنسانية وتواصل هجومها على #غزة https://t.co/1I2cHMclcN
— 24.ae (@20fourMedia) November 4, 2023 صعود الأحزاب اليساريةويرى الباحث في العلاقات الدولية ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بالقاهرة، جمال عبد الجواد، أن صعود الأحزاب اليسارية في هذه الدول له دور مهم في موقفها من الصراع.
ويقول: "كل هذه الدول تحكمها حكومات يسارية نجحت في الانتخابات الأخيرة، أصبح اليسار العالمي ذا موقف قوي متعاطف ومؤيد للحق الفلسطيني"، ويضيف: "بينما صعدت أحزاب يمينية مؤخراً في أوروبا، صعدت أخرى يسارية في أمريكا اللاتينية.. وعلى الرغم من أن إسرائيل نجحت على مدار فترة ليست بالقصيرة في تسويق مزاعمها بين اليسار العالمي -حين حكمتها أحزاب يسارية مثل حزب العمل– وكان اليسار متعاطفاً مع قضية اليهود باعتبارها قضية تحرر، إلا أن الأمر قد تبدل الآن".
ويتابع: "انحرفت إسرائيل نحو حكومات يمينية متطرفة، وأصبح اليسار العالمي الجديد ينظر إليها باعتبارها جزء من ظاهرة الاستعمار، الذي تراه أمريكا اللاتينية سبباً في إفقار واضطهاد شعوب العالم الثالث والسكان الأصليين".
وتمثل قضية استعادة السكان الأصليين لحقوقهم أساساً في الفكر اليساري، لأن الشعوب الأصلية في دول أمريكا اللاتينية تعرضت لمحاولات الإبادة، وهذا يتشابه بدرجة ما مع القضية الفلسطينية وفقاً لـ عبدالجواد.
بسبب حرب #غزة.. #هندوراس تستدعي سفيرها من #إسرائيل والأخيرة تنتقد https://t.co/sNU832lOWh
— 24.ae (@20fourMedia) November 4, 2023 جاليات عربية كبيرةعلى مدار عقود، حدثت موجات هجرة كبيرة من دول الشام العربية إلى أمريكا اللاتينية، ويقول عبدالرحمن أبوحسنة، إنه "في دولة مثل تشيلي يوجد نحو 500 ألف مواطن على الأقل من أصل فلسطيني، وتوجد شوارع سُميت على أسماء مدن فلسطينية وفريق كرة قدم يحمل اسم فلسطين.. كما يوجد فلسطينيون بشكل كبير ومؤثر، يشغل بعضهم مناصب حكومية ووظائف مهمة في البلديات".
وينطبق هذا الوجود أيضاً على البرازيل التي "توجد فيها مدينة (فلوريانابوليس) جنوبي البلاد، والتي سُميت تيمناً بمدينة نابلس الفلسطينية وبها جالية عربية وفلسطينية قوية، وتوجد جالية لبنانية ضخمة في ولاية ساوباولو كذلك".
بُعد المسافةالقاعدة الأساسية هي أنه كلما بعدت الدولة عن مركز الصراع، كلما أعطاها ذلك مزيداً من حرية الحركة.
هذا ما يلخصه جمال عبدالجواد، فدول أمريكا اللاتينية لديها ميزة، وهي أنها تقع على بعد آلاف الأميال من الحرب الدائرة في غزة، وبذلك لا تمثل الحرب عليها أي ضغط عسكري أو اقتصادي أو غيره، على خلاف الدول المرتبطة مباشرة بالصراع والمتاخمة لحدوده.
ويقول: "وضع مصر على سبيل المثال بالغ الدقة والتعقيد، وعليها أن تتصرف بحذر لأنها متاخمة لبؤرة النار المشتعلة في غزة، والأمر يتطلب منها ما هو أكبر من مجرد اتخاذ موقف".
ويلعب الوضع الاقتصادي أيضاً دوراً في حرية الحركة تلك، لأنه "كلما كان لدى الدولة فائض اقتصادي كبير، وكانت أقل اعتماداً على القروض والمساعدات الخارجية زادت حريتها في الحركة".
#الأردن.. اجتماع عربي أمريكي يبحث وقف الحرب في #غزة https://t.co/umivQOPigM
— 24.ae (@20fourMedia) November 3, 2023 ما جدوى هذه المواقف على الأرض؟وبالتأكيد هذه الموقف لها جدوى، يضيف عبدالجواد، "لسنوات طويلة كسبت إسرائيل العرب ليس فقط في معارك السلاح على الأرض، وإنما أيضاً كسبت تعاطف الرأي العام العالمي، الآن ينعدل الميزان تدريجياً، والرأي العام العالمي يتعاطف تدريجياُ مع الفلسطينيين ويمثل ضغطاً على إسرائيل".
ويتابع قائلاً: "بالطبع لن يعيد ذلك وحده الحق الفلسطيني، لكنه مفيد جداً في هذا الاتجاه ومن ثم ينبغي تعزيزه والبناء عليه، لا بد من التواصل مع الرأي العام العالمي والأحزاب اليسارية المؤيدة للحق الفلسطيني، في أماكن مختلفة من العالم وخاصة في أمريكا اللاتينية، لتعزيز مواقفها وتشجيعها لأن ذلك سيخدم القضية الفلسطينية على المدى الطويل".
ويرى أبوحسنة أن الصوت القادم من أمريكا اللاتينية "قد يلعب دوراً في تحجيم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجعل إسرائيل منعزلة في هذا العمل، وإذا استمر العدوان في الأيام القادمة سيكون هناك مواقف أقوى من هذه الدول".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل أمريكا إسرائيل غزة أمريكا اللاتينية الدبلوماسیة مع إسرائیل دول أمریکا اللاتینیة فی أمریکا اللاتینیة على قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
تمديد حالة الطوارئ في إسرائيل.. لماذا وافق الكنيست الإسرائيلي عليه؟
صدق الكنيست الإسرائيلي اليوم، على توصية بتمديد حالة الطوارئ في إسرائيل لمدة عام إضافي، وفق ما أفادت به «القاهرة الإخبارية» نقلا عن صحيفة معاريف الإسرائيلية، والتي ذكرت أنّ التمديد يسري حتى 15 ديسمبر 2025، على خلفية الأحداث التي وقعت في 7 أكتوبر 2023.
تفاصيل قرار الكنيست الإسرائيليوبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإنّ 29 عضوًا في الكنيست الإسرئيلي أيدوا الاقتراح، مقابل 7 عارضوه وامتنع 2 عن التصويت، وأوضحت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أنّه يحق للحكومة الإسرائيلية في حالة الطوارئ وضع أنظمة طوارئ وتجاوز تشريعات الكنيست، وتكون صالحة فقط في وقت إعلان حالة الطوارئ.
وأعلنت إسرائيل حالة الطوارئ المدنية يوم 7 أكتوبر 2023، في ضوء العملية العسكرية التي شنتها الفصائل الفلسطينية في إسرائيل، كما صدّقت الهيئة العامة للكنيست على قانون زيادة العجز في القراءة الثانية والثالثة، بسبب إنفاق الدولة على الأمن خلال الحرب. وأيد 62 عضوا في الكنيست الاقتراح مقابل 52 عارضوه، بحسب الصحيفة.
وبموجب القانون، لن يتجاوز معدل العجز الإجمالي لعام 2024 نسبة 7.7% من الناتج القومي الإجمالي، وسيزيد الإنفاق الحكومي المسموح به بنسبة 17.8% مقارنة بالعام الماضي.