علماء وباحثون : المعجم التّاريخيّ للّغة العربيّة مادّة خصبة لمختلف مجالات المعرفة
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
الشارقة في 4 نوفمبر / وام / أكد علماء وباحثون أن المعجم التاريخي للغة العربية الذي صدر بإشراف مجمع اللغة العربية في الشارقة سيكون بداية مزيد من العمل والبحث ومرجعا يمكن للباحثين الاعتماد عليه كمادة لغوية خصبة لاستخراج عدة معاجم مثل "معجم المصطلحات وشواهدها" و"معجم المتلازمات وشواهدها".. وغيرها من المعاجم الفرعية التي تخدم العلماء والمتخصّصين.
جاء ذلك في ندوة نظمها "مجمع اللغة العربية في الشارقة" خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب الـ42 بعنوان "ماذا بعد إنجاز المعجم التاريخي.. طرق الاستفادة والتوظيف" شارك بها الدكتور إمحمد صافي المستغانمي الأمين العامّ لمجمع اللغة العربية في الشارقة، والدكتور إيميل يعقوب الأستاذ الجامعي خبير المعجميّات من لبنان، والدكتور محمد بكري الحاج رئيس مجمع اللّغة العربية في السودان.
وقال الدكتور المستغانمي إن المعجم التاريخي للغة العربية يؤرخ لكل ألفاظ اللغة العربية .. قد تسقط كلمات ومداخل وبعض الجذور لكن بشكل عامّ هو معجم موسوعي شامل يعنى بتاريخ الكلمات في اللغة وفيما لا تتبع القواميس الأخرى منهجًا معينًا وضع علماء اتحاد المجامع اللغوية منهجًا محددًا لمعجم يقوم على ترتيب الأفعال والأسماء في الجذر الواحد.
وأوضح أن المعاجم الأخرى لم تهتمّ بمتى كتب الفعل وسياقه ومن نطق به وفي أي عصر ورد وهل استمرّ في العصور التالية أم لا أما المعجم التاريخي للغة العربية فيتتبع اللفظ في عصور ما قبل الإسلام والإسلام والعصر الأموي وعصر الدول والإمارات والعصر الحديث ويتتبع تطوره عبر العصور.
وأكد الدكتور المستغانمي أن التحديات كانت كثيرة وأهمها التمويل وشدد على الدور الرئيسي لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي كان يحلم منذ وقت مبكر بإصدار المعجم وقام بتمويله ورعايته ومتابعته حتى صدوره.
وأشار إلى أن المعجم ساهم في إعداده 500 أكاديميٍّ من 27 دولة و 16 مجمعًا ومئات من المحرّرين والخبراء والمقرّرين انصبّت جهودهم في الشارقة حيث تمّت المراجعة اللغوية والتدقيق اللغوي والطباعة.
وأوضح أن المعجم ـ الذي يتكون من 120 مجلدًا ـ يشكّل مادّة لغويّة خصبة يمكن للباحثين الاستفادة منها في استخراج عدّة معاجم مثل "معجم المصطلحات وشواهدها" و"معجم المتلازمات وشواهدها".. وغيرها من المعاجم الفرعية التي تخدم العلماء والمتخصّصين.
بدوره حدّد الدكتور إيميل يعقوب عشر مزايا للمعجم التاريخي للغة العربية وقال إنه تميّز بسرعة الإنجاز التي لم يُسبق إليها وتفرّد بمفهوم جديد للمعجم التاريخي وكان الأصحّ تقسيمًا للعصور اللغوية في تتبّعه لمصدر الكلمة عبر التاريخ والأفضل ترتيبًا في مشتقات الجذور والأصحّ منهجًا في إثبات الأسماء المشتقّة القياسيّة والأفضل فهمًا للمعجم التاريخي والأوسع تناولًا للمصطلحات والأكثر استقصاءً لمداخل الجذور والأكثر حجمًا وثروة وغنى.
من جانبه أكّد الدكتور محمد بكري الحاج أن المعجم لم يعتمد على النقل من المعاجم الأخرى واستعرض بعض التحدّيات التي واجهت المشروع وأكبرها التمويل وقال إن مشروع المعجم توقف في 2008 عندما كان تحت إشراف المجامع اللغوية العربية لكن صاحب السمو حاكم الشارقة قرّر في 2017 أن يتصدّى لهذا العمل إنفاقًا وتمويلًا وإشرافًا ومتابعة حتى صدر إضافة إلى تحديات أخرى مثل استقرار المنهج الذي لم يتحقق إلا في 2018 حيث تمّ تدريب الباحثين والكادر الفني وتأهيل فريق موزع على 13 مجمّعًا ومركزًا بحثيًّا في العالم العربي.
عاصم الخولي/ بتول كشواني
المصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: التاریخی للغة العربیة المعجم التاریخی اللغة العربیة العربیة فی فی الشارقة مجمع ا
إقرأ أيضاً:
سيرة الفلسفة الوضعية (12)
د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي
المرحلة الثالثة - الفلسفة الوضعية
الشيخ: لا وقت الآن لمناقشة الظاهر والباطن والا طال النقاش بنا دهراً. بيد أنه واضح أنكم لا تؤمنون بطريقتنا؟
- صمت...
- الصمت جواب، فهل تؤمنون بطريقة أخرى؟
- لنا في الحياة سبيل آخر غير الطرق!
- إجابة مفجعة، ترى ماذا تأخذون على طريقتنا؟
- هل يتسع يا سيدي صدرك لصراحتنا؟
- انه أوسع مما تتصور.
- الحياة في حارتنا معاناة أليمة، انها صحراء مخيفة مليئة بالأكاذيب. صغار المريدين، وهم الكثرة الغالبة، حفاة خانعون.
- انهم راضون، والرضا مطلب روحي مضنون به على غير أهله.
- لا يملكون حيال قوتكم الا الرضا والا ماتوا جوعاً، ولكن لا شك في أنهم يمرون حيارى بهذا البيت الكبير الغارق في الرفاهية.
ما هي طبيعة المعرفة؟
... بالنسبة للوضعية: تتضمن المعرفة فرضيات مثبتة ومبرهنه، يمكن الاعتراف بها على أنها حقائق أو أنها قوانين. ففعل أو سلوك المعرفة هو مرجع نهائي، لا يمكن اختزاله في أي شيء آخر. لذلك، لا يوجد كائن يستطيع تفسير ذلك أو تعريفه. ويمكن للأشخاص الإشارة إليه مجرد إشارة بطريقة غير مباشرة فقط.
ويمكن السيطرة على الطبيعة الحقيقية للمعرفة بواسطتها هي نفسها فقط وبذاتها فقط وليس بأي شيء آخر دونها أو غيرها. وعلى الناس أن يميزوا فعل المعرفة أو سلوكها نفسه عن جميع البيانات والأفعال المجاورة، لإصلاح ذواتنا الروحية بشكل إيجابي، على مثل هذه البيانات، مثل الحكم والإقناع.
ولتعزيز قبضتهم على جوهر المعرفة، ومشاهدتها بوضوح تام، ينبغي عليهم، محاولة التعرف على سماتها المميزة. ومع ذلك، ينبغي عليهم أن يتجنبوا خطأ الفكر القائل بأن التخوف من السمات والخصائص المعينة للمعرفة يمكن أن يسيطر مباشرة على المرجع أو المصدر نفسه. ومن ناحية أخرى، يمكن معرفة هذه الميزات بناءً على اتصال حي وبديهي مع فعل المعرفة وسلوكها.
أما إذا نظروا إلينا كبشر، فإن الدور الأساسي الذي تلعبه المعرفة في حياتنا سوف يلتصق بنا تماماً. فكل رغباتنا وكل كفاحاتنا، وكل حبنا وكل كرهنا، وكل أفراحنا وكل أحزاننا، كلها نعم كلها تحمل راية المعرفة وتشير اليها. إنهم يؤمنون بالوعي وبالرغبة، وبالسعي، وبالمحبة، والمعرفة بهم وفهمهم وادراكهم.
عادة ما تكون المعرفة هي اعتقاد صحيح ومبرر جداً. وكان قد وصف أفلاطون المعرفة بدقة يحسد عليها، حين قال عنها بأنها "إيمان أو اعتقاد صحيح او حقيقي مبرر ومبرهن". وبشكل مختلف، المعرفة هي معرفة أو إدراك أو فهم لشخص ما أو لشيء ما، مثل الحقائق أو مثل المعلومات أو مثل الأوصاف أو مثل المهارات التي يتم اكتسابها من خلال الخبرات أو من خلال واسطة التعليم، أي من خلال الإدراك أو الاكتشاف أو التعلم.
عند مقارنة المعرفة بالحكمة، فإن المعرفة هي جمع الحقائق والمعلومات، والحكمة هي التوليف والتركيب -الجمع- للمعرفة والخبرات في رؤى تعمق معرفة المرء بالارتباطات وبمعنى الحياة. يمكن أن تشير المعرفة إلى المعرفة النظرية أو العملية لقضية ما. ويمكن أن تكون ضمنيةً (غير معلنة) أو صريحةً (واضحة)؛ ويمكن أن تكون أكثر أو أقل رسمية أو منهجية.
الفلسفة الوضعية بين الموضوعية والذاتية
تشير ديرفن Dervin)) (1977) إلى أن كلا الفلسفتين لهما أن تتعايشان معاً. وتميز ديرفن بين المعلومات الموضوعية (المعلومات A) والمعلومات الذاتية -الشخصية- (المعلومات B)، قائلة بأن المعلومات [A] هي المعلومات التي تصف الواقع، التركيب الفطري أو هي نمط الواقع، البيانات كما هي بدون تحريف وبدون تجميل.
أما المعلومات [B] فهي أفكار أو مؤلفات أو صور ينسبها الناس إلى الواقع. وبالمعنى الأكثر عمومية، تشير المعلومات [A] إلى الواقع الخارجي؛ والمعلومات [B] تشير إلى الواقع الداخلي.
وتتبع الفلسفة الوضعية نظرية المعرفة، والتي هي بدورها تحاول توضيح وتفسير وتوقع "ماذا يحدث في العالم الاجتماعي؟". مع التركيز على الانتظام (كأن يحدث شيء ما أو ظاهرة ما بانتظام وبتكرار وترتيب) وعلى الروابط السببية بين المكونات المكونة لهذه الظاهرة.
يعتقد الباحث الوضعي أن أي باحث في العلوم الاجتماعية يمكن أن يكون موضوعياً محايداً، ويقوم بإجراء تحقيقاته ودراساته كمراقب أو كمشاهد خارجي، لذلك يمكنه التحقيق في أو دراسة الأجزاء المجمعة لظاهرة اجتماعية ما في سبيل معرفة الكل. أي أنه يسعى إلى الانتظام والي الارتباطات السببية لتحديد العالم الاجتماعي والتنبؤ به.
الفلسفة الوضعية أو "الفلسفة الإيجابية" -كما يحلو للبعض تسميتها-، هي السائدة جداً في العلم. وهي تفترض أن العلم يقيس كمياً الحقائق المستقلة فيما يتعلق بواقع أو بوجود وحيد يمكن فهمه ويمكن استيعابه.
وبكلمات مختلفة، البيانات وتحليلها خالية من القيمة أو مجردة، والبيانات لا تتغير لأنها تكون تحت عين المشاهد أو تكون خاضعة لعملية المراقبة. أي أن الباحثين والدارسين يرون الكرة الأرضية أو الواقع أو الوجود من خلال "مرآة ذات اتجاه واحد".
ومن الناحية المعرفية، هناك فرق ملحوظ وظاهر بين النظام الوضعي والنظام الطبيعي. في حين أن الأول هو موضوعي في الأساس، نجد الثاني أو الأخير ذاتي في الأساس.
بشكل عام، الفلسفة الوضعية تعارض أو تختلف كليةً مع الميتافيزيقيا. فبحسب الفلسفة الوضعية، فإن الغرض من المعرفة هو مجرد وصف الظواهر التي يمر بها الناس ويرونها. وهدف العلم هو فقط التمسك بما يمكن للناس رؤيته ويمكنهم تقييمه وفهمه. ومعرفة أي شيء يتجاوز ذلك أو يكون ما وراء ذلك، قد يتبناه الوضعي، غير ممكن ولا شك في استحالته أو باليقين كله نقول بأنه مستحيل.
وعلى هذا النحو، فإن الوضعيين يبقون أنفسهم خارج العالم؛ الذي يقومون هم بدراسته وبتحليله. ولكننا، وفي المقابل، نجد الباحثين ضمن النماذج الأخرى يقرون بضرورة المشاركة في الحياة الواقعية إلى حد ما، من أجل فهم خصائصها وميزاتها الناشئة وإيصالها وتوصيلها للأخرين بشكل أفضل وبصورة جلية.
ووفقاً لنظرية المعرفة الوضعية، فإن العلم هو السبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة ولمعرفة كنهها والغوص في أعماقها، ولمعرفة العالم بشكل كافٍ بحيث يمكن التنبؤ به، وكذلك التحكم فيه وتسييره. فالعالم حتمي، ويعمل بموجب قوانين (السببية) "السبب والنتيجة" التي يمكن تمييزها إذا طبقنا الطريقة الوحيدة للأسلوب العلمي.
لذلك، فإن العلم هو في الأساس شأن ميكانيكي أو فقير العاطفة خاليها أو لا يميل عاطفياً انحيازياً في الفلسفة الوضعية، أي العلم دائماً وأبداً موضوعي ومحايد لدرجة متناهية في هذه الفلسفة.
ويتم استخدام نهج استنتاجي لفرضية النظريات القابلة للاختبار، تلك المستمدة من نتائج الدراسات. قد نتعلم ونعرف أن الطريقة لا تتناسب أبداً مع الحقائق بشكل سليم ومنطقي، وبالتالي يجب مراجعة العملية للتنبؤ بالواقع وتوقعه بشكل أفضل ومثالي. ويرى الوضعيين في التجريبية، الفكرة التي تمت تجربتها، محاولة للتمييز بين القوانين الطبيعية من خلال المعالجات المباشرة والمراقبة.
... وللسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...
bakoor501@yahoo.com