العلاقات الكويتية العراقية.. تعاون وصراع!
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"إن الكويت، رغم ما عانته من احتلال للأرض وتدمير للثروة بغير حق، قد تجاوزت خطايا الماضي، وتعالت على جراحها، آملةً أن يركن الطرف الآخر إلى الحق، وأن يتوقف عن ترديد ما لا طائل وراءه، وأن يلتزم بالثوابت القائمة على احترام سيادة الدول وإرادة شعوبها". عبد الله يوسف الغنيم.
********
صدر عن منشورات "ذات السلاسل" في الكويت، الطبعة الأولى من كتاب: "العلاقات الكويتية العراقية بين التعاون والصراع"، لمؤلفه محمد مرزوق الشبو، والكتاب من 414 صفحة، ويتضمن 6 محاور، واستند بها المؤلف على 58 مرجعًا ومصدرا عربيًا، و 15 من المؤلفات والدراسات باللغة الإنجليزية، و28 من الدوريات والمجلات العلمية العربية، إضافة إلى الخاتمة، وكلمة أخيرة، واحتوى الكتاب عددًا لا بأس به من الأوراق والوثائق؛ حيث ضمنها في فصل الملاحق بنهاية الكتاب؛ إذ ضمت 32 صفحة احتوت على عدد من الأوراق والوثائق المُهمة الدالة والمكملة للفهم العام لموضوع الكتاب.
من الأمور التي أعطت الكتاب أهمية ووثوقا أن أ.د عبد الله يوسف الغنيم قد كتب تصدير الكتاب؛ إذ أثنى على مادته العلمية، واعتبره إضافة طيبة للمكتبة الكويتية.
قرأت الكتاب الذي قد يُعد وثيقة علمية تاريخية تعطي فكرة متكاملة، وانطباعًا وافيًا عمّا حدث في تفصيلات الحالة الكويتية العراقية وما آلت إليه ظروف العلاقة من تذبذبات، وخطوط متعرجة، وتطورات استثنائية، أكثر منه كتاب سياسي تاريخي قانوني (أقصد عن القانون الدولي)؛ حيث تأخذ العلاقات بين البلدين حالة خاصة في العلاقات البينية الدولية، بسبب ظروف سياسية/ أمنية غاية في التعقيد، وشابها كثير من الجدل، خاصة بعد الغزو الذي تعرضت له دولة الكويت من العراق، وردود الفعل التي تفاعلت معها الساحات السياسية؛ بل والثقافية والاجتماعية عطفا على الاقتصادية ولا شك، وفي العالم أجمع، وما تسبب به من تفكيك المفكك في العلاقات العربية / العربية، كذلك لا ننسى أن للغزو بصمة لا تخفى في إقامة مؤتمر مدريد بعد معركة تحرير الكويت بفترة ليست طويلة بين العرب والصهاينة.
مثل ما سبق يكون عرضة لإغراء الكتابة، وطباعة النسخ للحديث عمّا جرى، لكننا كنا أحوج للكتابة العلمية الأكاديمية التي تقوم وتنشر وتصوب وتعرض ما جرى بوجهة نظر موثوقة ومعلومات واضحة، دون زيادة ولا نقصان، ولا حياد سلبيًا.
من يقرأ الكتاب يتصور أنه يقرأ كتابًا لتاريخ الكويت؛ إذ يبدأ في المحور الأول بالمتغير الجغرافي والتاريخي للجزيرة العربية من القرن السادس عشر إلى سنة 1913م، ومنظومة الحكم في الكويت منذ عام 1752م، وصولا إلى اتفاقية الحماية البريطانية 1899م؛ حيث ذكر المؤلف عنها في صفحة 49: "اعتبرت لحظة مفصلية وهامة في تاريخ الكويت الحديث، وبهذه المعاهدة ستنتفي رسميًا أية صلة رسمية أو اسمية أو شرفية للعثمانيين في الكويت".
مما لفتني في الكتاب خاصة في الصفحة 260: "إن توقيت الغزو العراقي أتى بشكل مريب؛ فالوضع العربي قبيل الغزو كان قاب قوسين أو أدنى نحو الالتئام والوفاق، فرجوع مصر للمشاركة في القمم العربية سبق عملية الاحتلال العراقي بفترة قليلة، فقد حدثت المقاطعة العربية لمصر بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل 1979م، وبدأ الجو العربي يهدأ مع مختلف الدول العربية، فشاركت مصر في مؤتمر القمة الإسلامي في الكويت في 26 و29 يناير 1987م".
في الكتاب عرض مفصل لمسيرة العلاقات الكويتية العراقية منذ بدايتها قبل استقلال البلدين، وحتى بعد الاستقلال، وتضمن الكتاب تقارير مفصلة عما جرى في الغزو العراقي للكويت، وحيثيات جديرة بالتوثيق، وتفصيلات يحتاجها الباحثون. ولم يعبأ المؤلف لتراكمات العديد من الملفات، بل وضع كل ما من شأنه يهم الحدث في مكانه وبترتيب يتناسق مع سياق الأحداث، وهنا أنبه إلى أهمية ذلك؛ نظرًا لحساسية الأمر والاحتياج لتوثيقه وفق نظرة أكاديمية تتسق بالموضوعية، قبل أن تكون سياسية قد تحمل فكرا مناقضا للموضوعية.
من خلال ما قرأته في الكتاب القيِّم، أعتقد أنه يستحق أن يوجَد في مكتبات الجامعات وأقسام التاريخ والعلوم السياسية، ويمثل وثيقة تاريخية / سياسية مُهمة لا غنى عنها لأي باحث أو مهتم، لا سيما والعلاقات الدولية في تجدد دائم، وثابتها هو التغيير، لذلك التوثيق الموضوعي الذي يقدم المعلومة والتحليل والدراسة وفق الأسس العلمية أصبح هو ما تصبو إليه نفوس البحاثة والمهتمين، لو تلاحظ الآن ومع اكتساح وسائل التواصل وكثرة مؤرخي القص واللصق، وممن يأخذ المعلومة لمجرد أخذها ونشرها بدون تدقيق أو تمحيص، أصبحنا في حاجة ماسة لوجود مؤلفات تكتسب مصداقية وثقة وعليها بعد الله الاتكال في حزم الرأي، وتقدير الموقف بناء على معلومة لا تشوبها شائبة، أو يخدشها ظن.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هيئة الكتاب تصدر «الخيال عند ابن عربي» لـ سليمان العطار
أصدرت وزارة الثقافة، متمثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «الخيال عند ابن عربي» النظرية والمجالات، للدكتور سليمان العطار، ومن تحرير وتقديم قحطان الفرج الله.
العطار في هذا الكتاب لم ينظر لابن عربي بعده شاعرًا، وهو ليس كذلك، غهو فيلسوف غزير الإنتاج عميق الفكر، وهو في مقدمة فلاسفة الإسلام الذين تركوا أثرًا واضحًا ما زال يتفاعل حتى يومنا هذا في محافل الدرس الأكاديمي وخارجه.
مدخل العطار لطرح نظريته في الخلق الإبداعي ينطلق من تسليط مجهر البحث العلمي نحو أدوات الخلق التي تجعل من النص المتولد من الخيال خلقًا منفصلًا قابلًا لحالات الموت والولادة والتطور والتجديد غير قابل للفناء أو العدم.
وناقش العطار في هذا الكتاب الفريد، حضرة الخيال التي لا يعتريها وهم الوهم، سواء كان عند الإنسان بمفهومه الضيق وهو الآدمي أو بمفهومه الواسع وهو العالم، فإن خياله يخلو من الوهم ويعلو على التقليد في النظر إلى الأشياء.. فالعقل يخطئ أي يقع في الوهم، ويخيل له الخيال دون أن يدري أن هذا حق، لأن الخيال لا يخطئ، وهذا هو التخييل، الوهم قوة من قوى النفس يرمز لها ابن عربي بالشيطان.
ويقول العطار في تقديمه للكتاب: «علينا أن نوقظ الوعي بالنهضة حتى تتجاوز طور التشبث بالبقاء إلى طور صنع المستقبل، وهذه اليقظة لبناتها الأولى هي إحياء الفكر الخالد الذي تجاوزنا به العصور الوسيطة على درب النهضة والحداثة قبل أن تعرفهما أوروبا، ومن الطريف أن معظم هذا الفكر كان نابعًا من الأندلس، هذا البرزخ الذي أطل علينا دائما، كما أطل بنا على الجهة الأخرى على الغرب، ويبدو أن الأندلس كانت القاع الذي يترسب فيه الناتج الأخير لكل تفاعل كيماوي عربي، هذه الملاحظة المثيرة، تستحق الاهتمام من الدارسين لخط سير الحضارة والفنون والأدب في تاريخ العرب في طوره الإسلامي الوسيط».