حماس من ذراع مقاومة إلى أركان دولة
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
راشد بن حميد الراشدي **
ما علمتنا إياه حماس والقسام خلال شهر من الاستبسال في الدفاع عن حق وطنهم المغتصب ووطن المسلمين المقدس وصمود الشجعان من أبناء تلك الأمة المسلمة، والتي اختارت وأعدت لنفسها طريق النصر والشهادة، والذي سيتذكره العالم أجمع، وسيكتبه التاريخ بأحرف من نور في مُقابل أمة ظالمة وجدت في قوتها طغيان على الضعفاء، ووجدت في مساندة الخبثاء والخائنين طريقًا للفتك بتلك الفئة المسلمة المنتصرة لدينها وعروبتها وشرفها وكرامتها ولتعلو كلمة الحق على الباطل بإذن الله.
القسام الغزاويون أصحاب الكرامة الشرفاء الأتقياء الأنقياء من باعوا أنفسهم لله رسموا طريق الحق لمستقبلهم وما يمليه عليهم دينهم وعقيدتهم نحو مرضاة الله، فجهزوا العدة والعتاد للجهاد رغم قلة عددهم، ورغم حجم عدوهم المزعوم بجنازيره المجنزرة وجيوشه المدججة التي لا تقهر فلم ترهبهم صور الغاشم التي رسمها لنفسه ولا دول التحالف معها، ولا تخلي أمتها عنها، فبقيت وحيدة تقارع الظلم والظالمين أمام عالم ليس له ضمير ولا حرية إلا من خلال ساداتهم اليهود الملعونين في السموات والأرض.
إن الإعداد الجيد لتلك الفئة المؤمنة هو أهم سبل نجاحها وصمودها، رغم ما نراه من سحق لكل شيء في غزة من البشر والشجر والصخر؛ فالتربية الحقة على دين الله هي أهم أركان النصر والتثبيت فلا ثبات إلا بالإيمان ولا نصر إلّا بعقيدة سليمة وثاني بواكير الصلاح في تلك الفئة المؤمنة توكلهم على الله في كل أمر، فلم يرهبهم عدوهم وجنده وعددهم وعتادهم، فكانت الثقة بالله منبعًا للبطولات والانتصارات، فكانت غزة لحمة واحدة صغيرهم وكبيرهم نحو هدف واحد ألا وهو الجهاد في سبيل الله والنصر المُبين على أعداء الله، فوفقهم الله لذلك رغم جراح الحرب وخذلان العالم لهم، كانوا عند النزال بواسل المجاهد منهم بألف ألف رجل والأم الثكلى فرحة بالشهادة والنصر لأبنائها فهم جميعًا عند الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فرحين بما آتاهم الله من فضله.
إنَّ ما سطرته المقاومة الباسلة من تنظيم هيكلي وتجهيز عسكري وخطط بالغة الدقة في التنفيذ وإعداد متميز لم تستطع أقوى دول العالم تحقيقه والوصول إليه يعتبر إعجازًا لكل محلل وخبير سياسي وعسكري فهي في جميع المجالات والجوانب قد أتقنت عملها، وجعلت العدو في حيرة من أمره يتخبط في أفعاله وكلماته وما يدور في ساحة الحرب اليوم وما يصلنا هو خير مثال على ذلك الإعداد المنظم حيث أبهروا العالم أجمع، فكان أساسه الإيمان بالله والتمسك بالإسلام الذي هزم الأحزاب، وسيهزم بإذن الله قريبا الأنجاس، ومن وَالَاهُم وسعى نحو تدميرهم والقضاء عليهم.
إنها دولة متكاملة الأركان تثبت يومًا بعد آخر بأفعالها أنها دولة مُنظَّمة، وليست ذراع مقاومة فقط، فما قدمته حماس وذراعها القسام من دروس سوف يبقى في ذاكرة التاريخ بأن لله جنودًا صدقوا ما عهدوا الله عليه، فعسى بنصر مبين يسطع على فلسطين الحرة الأبية، ويخزي الله الكافرين.
فتحية إجلال وإكبار لجنود الله في أرضه والنصر والتمكين قريب بإذن الله.
فاللهم انصر الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، فقد سقط القناع، وانكشفت سوءة العالم أجمع.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الحروب في 2023.. 56 صراعاً نشطاً يكلّف العالم 19 تريليون دولار
قدر معهد الاقتصاد والسلام بأن العنف وتوسع الصراعات، كلف الاقتصاد العالمي 19 تريليون دولار في عام 2023، أي ما يعادل 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بزيادة إجمالية قدرها 157 مليار دولار عن العام السابق 2022، فيما بلغ إجمالي الإنفاق على جهود بناء وحفظ السلام 49.6 مليار دولار.
ورصد المعهد الأسترالي في تقريره، 56 صراعاً في جميع أنحاء العالم، وهو أكبر عدد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتدهور الأوضاع السلمية في 97 دولة، وهو أكبر عدد رصده المعهد منذ إطلاقه لمؤشر السلام العالمي في عام 2008.
ويعتبر معهد الاقتصاد والسلام IEP، مؤسسة بحثية دولية، ويغطي 163 دولة ومنطقة مستقلة تمثل موطناً لـ 99.7% من سكان العالم.
ويُظهر التصنيف، الذي يعتمد على 23 مؤشراً، مجمعة في ثلاثة معايير (السلامة والأمن المجتمعيين؛ ومدى الصراع المحلي والدولي المستمر؛ ودرجة العسكرة)، أن 65 دولة سجلت تحسناً في مؤشر السلام، فيما أظهرت 97 دولة تدهوراً.
ويتم تعريف التأثير الاقتصادي العالمي للعنف على أنه الأموال التي يتم إنفاقها والتأثير الاقتصادي لاحتواء ومنع والتعامل مع عواقب العنف.
وفي المجمل، انخفض مؤشر السلام العالمي في عام 2023 بنسبة 0.56%. وهي المرة الثانية عشرة التي ينخفض فيها المتوسط، بانخفاض إجمالي قدره 4.5% منذ إطلاق المؤشر. وفي الوقت نفسه، ارتفع عدد اللاجئين والنازحين داخلياً إلى 95 مليوناً، مع وجود 16 دولة تضم 5% على الأقل من السكان إما لاجئين أو نازحين داخلياً.
ووجد مؤشر السلام العالمي، أن التأثير الإجمالي للعنف أعلى بنسبة 7.4% في عام 2023 مقارنة بعام 2008. وقد تم تسجيل تحسينات كبيرة بين عامي 2010 و2012، وبعد ذلك ارتفع التأثير بشكل مطرد. ومنذ عام 2008، سجلت 89 دولة تدهوراً في تأثير العنف على اقتصاداتها، في حين شهدت 74 دولة تحسناً.
الأقاليم الأكثر تضرراً
يشير التقرير أن هناك اختلافات إقليمية ملحوظة في التأثير الاقتصادي للعنف، إذ شهدت منطقة جنوب آسيا أكبر تدهور، في حين شهدت روسيا وأوراسيا أكبر تحسن. ويمكن أن يعزى التدهور في جنوب آسيا إلى ارتفاع خسائر الناتج المحلي الإجمالي والتكاليف المرتبطة بوفيات الصراع في باكستان.
وتعد منطقة أميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، المنطقة الثانية التي شهدت تحسناً في التأثير الاقتصادي للعنف. ويرجع هذا إلى انخفاض كبير قدره مليار دولار في التأثير الاقتصادي لجرائم القتل في السلفادور.
وتؤكد البيانات، الارتباط بين المجتمعات السلمية والنمو الاقتصادي والعملات الأقوى وزيادة الاستثمار الأجنبي. وكانت أيسلندا وإيرلندا والنمسا ونيوزيلندا وسنغافورة هي الدول الخمس الأكثر سلمية في عام 2023.
فيما كانت اليمن الدولة الأقل سلاماً في عام 2023، تليها السودان وجنوب السودان وأفغانستان وأوكرانيا. كما وجد المؤشر “عدم مساواة متزايد في السلام”، مع اتساع الفجوة بين الدول الأكثر سلاماً والأقل سلاماً أكثر من أي وقت مضى.
وقال التقرير إن الصراع في غزة كان له أيضاً تأثير سلبي على السلام العالمي، حيث سجلت إسرائيل وفلسطين أول ورابع أكبر تدهور في الترتيب على التوالي. وكانت الإكوادور والجابون وهايتي من بين الدول الأخرى التي شهدت انخفاضاً حاداً.
ووفق الاستطلاع، “حدثت أكبر الزيادات في التأثير الاقتصادي للعنف في فلسطين وإسرائيل، حيث زاد التأثير الإجمالي بنسبة 63% و40% على التوالي”. واجهت أوكرانيا وأفغانستان وكوريا الشمالية أعلى التكاليف الاقتصادية للعنف نسبة إلى ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2023، بنسبة 68.6% و53.2% و41.6% على التوالي.
ثاني أعلى حصيلة وفيات في 3 عقود
وفي المجمل، شهد العام الماضي 162 ألف حالة وفاة بسبب الصراعات والحروب، وهو ما يمثل ثاني أعلى حصيلة في ثلاثة عقود.
وكانت الحروب في أوكرانيا وغزة مسؤولة عن ما يقرب من 75% من هذه الوفيات، حيث كانت أوكرانيا وحدها مسؤولة عن أكثر من النصف (83 ألف حالة وفاة) بينما شهدت غزة ما لا يقل عن 33 ألف ضحية بحلول أبريل 2024.
وذكر التقرير أن هناك اتجاه مقلق آخر يتمثل في أن الصراعات أصبحت أكثر تدويلاً: حيث تشارك 92 دولة حالياً في صراعات خارجية بشكل أو بآخر، فيما كانت 33 دولة فقط خلال عام 2008.
وأنفقت دول العالم 8.4 تريليون دولار لاقتناء المعدات العسكرية في عام 2023. وعلى الصعيد العالمي، زاد التأثير الاقتصادي للإنفاق العسكري بنسبة 1.4% في عام 2023، أي ما يعادل 116.3 مليار دولار. وكان هناك زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري على مدى السنوات القليلة الماضية، مع التزام العديد من الدول الأوروبية بإنفاق المزيد في السنوات المقبلة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الصراع المستمر في أوكرانيا.
وبحسب الاستطلاع، فإن الإنفاق على الأمن الداخلي، شكل 30% من التأثير الاقتصادي العالمي للصراعات والحروب، وذلك بحوالي 5.4 تريليون دولار. ويشمل ذلك الإنفاق على الشرطة والنظام القضائي وتكاليف السجن. وانخفض الإنفاق على الأمن الخاص بنسبة 0.2% إلى 1.3 تريليون دولار.