فادح هو ذلك الشعور، قادح لكل دوافع الانكسار والحزن والانهيار، مرهق للعقل موجع للقلب، مُربك لليقين، مزلزل للضمير مدغدغ لاطلاق قرينك الشرير، جالِب المُر، قفص للحُر، ليس له وجه إلا ذلك المُقبِض الذي لا يسُر، فهو مُحبط للأمل، مُثبط للعمل، مولِد للألم، هادم للملذات ومُفرِق الضحكات، ولا يجيد إلا رَسم الدمعات… إنه شعور الظلم الذي يدمِر الذات.
والظُلم درجات ولا شك أن مهما بدا أنه يلقي البشر في غياهب المتاهات إلا أن العدل يوماً آت آت… لكن ليلة المظلوم بألف مما تعدون، ونهاره ليل طويل إن كنتم لا تعلمون، وكثرة الظُلم تعلم القسية وترفع عن الحياة صبغة القُدسية، والعدل إذا ظن البعض أنه مات فأن ما بقي من العُمر لا قيمة له يمكنك أن تعده فات، وربما المشاهد المتعاقبة من الوحشية واللا إنسانية التي أدمت قلب الحجر عما يحدث للبشر بسبب ما تتعرض له غزة الصامدة كانت الدافع وراء ذلك السيل من الأسئلة التي تفجرت في رأسي، فهل مرت بك أيضاً! أم أنت من مررت بها! فتلك اللحظة في العُمر من الصعب أن تَمر مرور الكِرام دون ثرثرة اللئام من أفكارنا التي تأبى أن ترقد بسلام!
لا… ليس هذا ما أعنيه، وإن ذهب ظنك لتلك النوعية من المُسائلة، سأجيبك فورا لا أنا ولا أنت أهلاً لتلك المسألة فمن نحن لنسائل ربنا! ولا يذهب خيالك لتتصور أن ما يشغلني هو تلك الأسئلة الوجودية التي ليست بالفلسفية ولا بالدينية على شاكلة لماذا يا الله! ما ذنب الأطفال يا إلهي! أين العدل يا مولاى! ألم يكفي الأمهات رهقاً يا رحمن! معجزاتك يا من شققت البحر! لا يعجزك أن تعجزهم وإن تطلب الأمر سحر! يارب الكاف والنون نحرهم سهل عليك فلم أنت بتاركهم يمكرون!
ليس ذلك ما يشغلني فعلى قسوة الواقع إلا أن نقطة نوره هي وضوحه، وإذا تجبر نتنياهو فبلغ من الظُلم مداه فليتذكر شارون الذي قضى ثماني سنوات معلقاً بين الحياة والموت في غيبوبة كالإعجوبة، لذا فنهاية نتنياهو ستليق به بلا شك، فما يحدث في غزة ظُلم بين وليس بأمر هين، ذبحت الأخلاق في جباليا وانتحرت القيم تحت أنقاض مستشفى المعمداني، ومات الضمير مع نفاذ الكيماوي في المستشفى التركي، وقتلت الإنسانية على أبواب المدارس والجوامع والكنائس وعربات الإسعاف التي قصفت دون خشية.
غزة مظلومة ومقهورة ولكن كرامتها مصونة، أما الظالم جبار ووحشي وقاس ولكنه ضعيف فوراء الصواريخ يتوارى الخسيس، فالمحتل لم يكتفي بخنق القطاع، ولا بممارسة اللا إنسانية بوجه مكشوف مدعوماً بدول عظمى بما تعنيه الكلمة، ولكنها عظمى في دمويتها وقسوتها، ويكفي أن نستشهد بقول وزير الخرجية الأمريكي انتوني بلينكن في أثناء زيارته للقدس الذي ادعى في تعبير يدل على الانحطاط الأخلاقي أنه جاء "لتخفيف العدوان على المدنيين"، وكأنه يتحدث عن ممارسة الصيد على سواحل الأطلسي وليس حصد أرواح العُزل بلا وازع ولا ضمير، يا له من عالم منحط بشكل خطير!
المحتل يعتمد على مدى صمود آلته، أما غزة فهي تراهن على صمود أهلها، وهي باقية لآخر نقطة دماء فلسطينية طاهرة، فتلك المعركة محسومة والظالم والمظلوم واضحان كالليل والنهار، والظلم في غزة عِزة، والعالم البائس الذي يشاهد في صمت ويشارك بدعم إزدواجية المعايير القبيحة يقتسم مع إسرائيل نصيبها من النذالة والخسة، لذا ليست تلك التساؤلات ما تشغلني، لأن عدالة الخالق القادمة تُطمئِن قلبي، فهل عرفت ما يحيرني!
سؤال بسيط لدرجة التعقيد أطاح بما بقي من قلبي الذي يتبعثر لأشلاء مع كل نشرة إخبارية، إذا كان الظُلم البين هو موضع للجدل ومن يناصر المظلوم لم ينجو من نيران قصف المتجبرون فها هي مِصر الباسلة تتلقى طعنات الغدر من كل صوب وجهة، وسهام التشكيك تطاردها في كل طريق تمضي فيه من أجل نصرة الجار القاطِن في أطراف الدار والقابع في قلبها ويشغل شرقها، كل المحاولات تم ممارستها لتحيد عن السبيل ولكنها ماضية وفي دروب الحق ثابتة، تعلن للجميع أنها غير مبالية إلا بمساندة الضعيف ومساعدة المستجير، فما بالنا نحن كأفراد في حياتنا اليومية التي تعج بالمتناقضات الخفية، فهل نحن ظالمون أم مظلومون!
مع تلك الموجة العاتية على مواقع التواصل الاجتماعي من لغة المظلومية والتشدق بالحقوق الإنسانية، فهل راجعنا أنفسنا وحاولنا منع الظلم في أبسط صوره اليومية! تلك الممارسات المتكررة بلا تفكير وكأنها حق لا يحتاج للتبرير، فهل الظلم هو فقط عندما يتجسد في صورة أشلاء وشهداء ودماء!
الكذب ظلم، والاستغلال ظلم، والنفاق ظلم… اللهو بمشاعر الآخرين، وأيضاً اللعب على مشاعرهم ظُلم، أحادية الاستفادة في أي علاقة زواج أو عمل أو صداقة، وعدم احترام الوعد والعبث بالعهد ظُلم، كسر إشارة المرور، انعدام لياقة المارون في حياتك وكأن حياتك مشاع للمتطفلين، القاء القمامة في قارعة الطريق، وحساب العاطل والعامل بنفس الميزان دون تمييز كلها ممارسات ظالمة… الحقد والغِل والحسد خطيئة، والحكم على الآخرين بالمظهر دون الالتفات للجوهر خطأ لا يغتفر.
انتهاك الخصوصية بحجة ده أقرب الناس ليا، التمترس وراء الشاشات وقذف المحصنات والقاء التهم على الناس جزاف كلها ظُلم مُبيت النية، الرشوة باسم الشاي والتهرب الضريبي بحجة الرزق يحب الخفية كلها ظلمات مخفية، الواسطة والوساطة كليهما سلاح يقتل بريئا لا ظهر له إلا اجتهاده وكَدُه فهذا ظُلم ظلوم، أن يتولى جاهل ويجهل عالم ويصبح الدين غية للسلطة الدنيوية كل ذلك من أبواب الظُلم الغبية، أن ترد باباً في وجه سائل ولو كل ما تملكه كلمة طيبة فهي كافية، أن تقضب وجهك أمام ابتسامة رقيقة وتتهرب من التواجد في لحظة فارقة ودقيقة وتتناسى كل ما كان يوماً لحظات صادقة وصديقة هو ظلم فالظلم له ألف باب وطريقة.
قديماً قالوا حكمة إذا تذكرت قدرتك على الناس فتذكر قدرة الله عليك، فمهما أوتيت من قوة وسطوة لا تنسى أن هناك رب له سلطة قادِر ينجي من تداعيت عليه بقدرتك…
أصرف قلباً أحبك بالحسنى وصن المشاعِر والعِشرة، ولا تستكثر ما بيد الناس ولا تكن كالوسواس الخناس، ولا تستهين بالفتنة وادعاء الحكمة كلها ممارسات ظالمة، التكبر والغرور مبلغ الظلم، أن توأد حلماً وتحفر بيدك قبر أمنيات الآخرين فأنت ظالم ظامئ يقتات على أبسط ما يملكه إنسان وهو الحق في حلم يستمد منه الأمان، فأسوء سارق هو من يسرق الحلم والابتسامة والثقة.
أن تترك الأسئلة مستعرة في قلب لم يكِن لك إلا المحبة وتضن عليه بالإجابات وأنت تملكها من أشد أنواع الظلم، التجاهل والتعالي وعدم التفاني وأن تكون ذلك الأناني ظُلم، الرسائل الساخرة المُقنَعة بالهزار أسوء قرار، الفرار من ميدان الحب والحرب يجعلك من الأشرار ويماثل أن تنزع الرضا عن من ارتضى، كونك ابن عاق أو أب أو أم دفع الأبناء فاتورة تصرفاتهم فقد ظلمت ذويك ونفسك.
أن تبقى بينما المنطق والكرامة تستدعي أن ترحل فلقد بطشت بذاتك، أن تتحمل فوق قدرتك وتستمر وتسمح للآخرين أن يستنزفوا طاقتك هو فعل تستحق عليه وجعك وصرخاتك.
والآن هل أيقنت أن المحتل ظالم واضح بينما داخل كل مِنا ظالِم مستتر، وأن ظُلم نفسك كظلم الناس سواسية، ودور الضحية لا يلعبه أبداً ضحايا حقيقيون من يقبل أدائه هم حفنة من المدعون!
انتصر للعدل بأن تستنكر الظلم وتستنصر للمظلوم وإن كان نفسك، والظلم ظلمات فهو كالطلقات التي سترتد ولو بعد حين في صدرك، الظُلم حي لا يموت وهو أطول عمراً من صاحبه فأعمل لما تتمنى أن يُصاحبك يوم ينقطع العمل وينفض المولد وينشغل الولد، وإذا لم نستطع أن نمارس دوراً إقليميًا في احياء العدل فيمكن أن نقيمه إنسانياً ونعدل كفة الظُلم المائلة في تفاصيلنا اليومية ربما نحقق العدل في مقاديرنا الحياتية، وإن لم ندركه فأقل حق لأنفسنا وللناس وللإنسانية ألا نتركه.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
بين البشرى والإنذار.. تفسير الأحلام من خلال الحروف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
الرغبة في فهم معاني الأحلام غريزة قديمة، وقد اجتهد العلماء، وعلى رأسهم ابن سيرين، في تقديم تفسيرات للأحلام تسهم في تهدئة النفوس، حيث تتنوع الرموز وتتباين دلالاتها بحسب السياق والموقف، فكثيرون منا يستيقظون في حيرة من أحلامهم، يتساءلون إن كانت رؤاهم حقيقية أم مجرد أوهام، وإن كانت تبشر بخير أو تحمل إنذارا، هذه التفسيرات تتيح فهماً أعمق لمعاني الأحلام، وقد لا تكون كل الرؤى قابلة للتفسير العام، لكنها تُعد دليلاً لبعض الرموز التي يمكن أن تطمئن القلوب وتوضح مسار الحالمين
“البوابة نيوز” تقدم بعض الرموز الشائعة في الأحلام التي تبدأ بحرفي "الطاء" و"الظاء" ومعانيها.
أولاً: أحلام تبدأ بحرف الطاء
- الطاسة: تشير رؤية الطاسة إلى المرأة الصالحة أو الولد، كما تدل على الخادم الصالح الذي يقدم يد العون للرائي.
-الطاووس: يفسر الطاووس غالباً بالمرأة الأجنبية الجميلة أو الثروة، وإذا رأى الشخص نفسه يأكل لحم الطاووس، فقد يكون ذلك دلالة على قرب وفاة زوجته، بينما يشير امتلاك ريش الطاووس إلى الحصول على المال.
- الطباخ: يرمز الطباخ إلى الأفراح والأوقات السعيدة، خصوصاً إذا كان طباخاً في الأسواق، ويرتبط الطبخ برغبة الرائي في تحقيق الاستقرار في حياته.
- الطبيب: ترمز رؤية الطبيب إلى الشفاء إن كان الرائي مريضاً، أما إذا كان الشخص بصحة جيدة، فقد يشير ذلك إلى قرب إصابته بمرض بسيط، وإذا رأى شخص نفسه طبيباً، فهذا يعني أنه سيحقق منصباً مرموقاً.
- الطعام: يحمل الطعام دلالات كثيرة، فقد يعني الصبر، وإذا كان الطعام لذيذاً وطيباً في الحلم فقد يشير إلى الفرج القريب، أما الطعام الحامض فقد يدل على الألم.
ثانياً: أحلام تبدأ بحرف الظاء
- الظلم: رؤية الظلم في الحلم قد تحمل تحذيراً من الله، حيث يرى العلماء أن رؤية الظلم تسبق دماراً وشيكاً أو عاقبة سلبية للرائي، بينما تدل رؤية المظلوم على النصر.
-الظرف: يرتبط الظرف غالباً بمعاني الود والسرور، وقد يرمز إلى السعادة القريبة.
- الظمأ: يرتبط الظمأ بتوقف الحال أو شعور الرائي بالحاجة أو الفقر، وقد يعكس أيضاً اشتياقاً لأحد الغائبين.