صحيفة التغيير السودانية:
2024-09-30@17:50:05 GMT

صراع التيارات بهدف سلطة أم تغيير..؟

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

صراع التيارات بهدف سلطة أم تغيير..؟

صراع التيارات بهدف سلطة أم تغيير..؟

زين العابدين صالح عبد الرحمن

معلوم في الفكر السياسي؛ أن نتائج وأثر الصراع السياسي في أي مجتمع محكوم بفاعلية ودور الطبقة الوسطى الاستناري في المجتمع، باعتبار أن الطبقة الوسطى تنشأ وتتوسع عندما تكون هناك هياكل وبناء طبقي في المجتمع، الأمر الذي يمكن الطبقة الوسطى أن تلعب دوراً مهماً ومؤثراً في قيادة التغيير.

وبما أن الطبقة الوسطى برز دورها الاستناري تاريخياً في أوروبا واستطاعت أن تحدث تغييراً كبيراً على نظم كانت تسيطر عليها طبقة الإقطاع، وهي نظم سياسية مغلقة يقودها أبناء هذه الطبقة الإقطاعية، إلى نظم ديمقراطية مفتوحة لكل أبناء الوطن. أدت إلى اتساع قاعدة المشاركة، الأمر الذي وسع من الوعي الشعبي، حيث أًصبح الناس يستوعبون ما هي الواجبات التي يجب أن يؤدونها، وما هي الحقوق التي يجب أن يحصلون عليها، وكان ذلك بفضل الإنتاج المعرفي والثقافي للطبقة الوسطى باعتبارها طبقة استنارة منتجة للأفكار التي تقود بها عملية التغيير. حتى الآن تظل الطبقة الوسطى تحفظ حالة التوازن في الدول الديمقراطية.

إن الإشكالية التي تعيق عملية الديمقراطية في السودان، تتمحور في عاملين اساسيين.. الأول ضعف الطبقة الوسطى وضعف دورها الاستناري، وأيضاً دورها في الإنتاج الفكري.

توقفت قوة دفع هذه الطبقة في المجتمع السوداني منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث تراجع دورها الريادي، وكانت تأخذ صفة الريادية لتركيزها على القضايا الكبرى في حل الأزمات، والتي تتعلق بالوطن والمواطن، وبدأ يتراجع دورها في المجتمع بسبب طول فترات الأنظمة الشمولية، والتي ساهمت في تآكل الثقافة الديمقراطية، مما جعلها تعاني حالة من الضعف. وكان قد بدأ ظهور الثقافة الديمقراطية في السودان عندما تخرجت الأجيال الأولى للتعليم الحديث في السودان، الذي مكنهم من الإطلاع على تيارات الفكر في العالم، ومتابعة التطورات السياسية في العديد من المجتمعات. العامل الثاني طول فترات الحكم الشمولي الذي أضعف الأحزاب السياسية التي كانت تقود عميلة التغيير في المجتمع، وكانت هذه الأحزاب قادرة أن تتجاوز خلافاتها من خلال حوارات مفتوحة بينها، هذه الضعف في الأحزاب كان له أثر كبير على نوعية القيادات السياسية، حيث تراجعت الأجندة الوطنية لصالح الأجندة الحزبية والرغبات الشخصية، كان لابد أن يكون له أثر سالب في عملية أي تغيير.

كانت القيادات من قبل تجاوب على الأسئلة المطروحة من قبل المجتمع، وكانت أيضاً تعدلها بهدف أن يجيب عليها المجتمع باعتبار أن الوعي ينشأ من خلال المتقابلات المعرفية وليس الوقوف ضدها، المقابلات هي التي تنتج الحوار الإيجابي، عندما يشعر كل جانب أنه قادر على الإسهام فيه، والذي يعجز يبحث عن طرق لوقف مرور تيارات الهواء النقي.

إن حالة الضعف الاقتصادي التي شهدها السودان، منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي، أدت إلى نزوح العديد من المواطنين في الأقاليم إلى المدن وخاصة العاصمة، وهؤلاء النازحون كانوا منتجين في أقاليمهم ويدعمون الدخل القومي، ونزوحهم جعلهم يعيشون على هامش المدن، ويعملون في أعمال هامشية غير منتجة، كل ذلك أثر في الدخل القومي وانعكس سلباً على مستوى معيشة المواطن وخاصةً الطبقة الوسطى، الأمر الذي أضعفها وأضعف دورها في عملية الاستنارة، خاصةً الأحزاب؛ حيث لا تجد أي إنتاج معرفي وثقافي للأحزاب يمكن أن يسهم في الوعي الشعبي، يساعد على تأسيس ثقافة ديمقراطية تقود لوعي يدفع بعملية التحول الديمقراطي.

إن الصراع الدائر حتى الآن هو صراع حول السلطة؛ كل يحاول أن يقنع الآخر أنه يمثل الثورة؛ ويجب على الأخرين أن يقدموا لهم فروض الطاعة والولاء، والغريب في الأمر أن أي رأي آخر غير مطلوب، لأنه متهم أنه رأي يخالف شعارات الثورة، هذه المسألة ليست محصورة فقط وسط عضوية الأحزاب، أيضاً تمددت وسط المثقفين وقادة الرأي، الأمر الذي أغلق منافذ الحوار. رغم أن التاريخ السياسي للشعوب والتغييرات التي حدثت لها تؤكد أن عمليات التغيير دائماً تواجه تحديات من قبل القوى المحافظة والقوى التي تعتقد أن التغيير يؤثر سلباً على مصالحها الخاصة، والطمأنة لهؤلاء دائماً تأتي من دعاة التغيير حتى يزيلوا كل الحواجز التي تعترض طريق التغيير.

إن صراع التيارات السياسية في السودان غير مبني على الأفكار إنما على شعارات فوقية لا تلامس الواقع، وحتى رؤى التغيير ليست مطروحة للحوار، بل هي رؤى وجدت لكي يلتزم بها الآخرون رغم شعارات الديمقراطية المرفوعة. وفي الثقافة السياسية؛ معلوم أن الحوار هو أنجع وسيلة لإبعاد أدوات العنف عن الساحة السياسية، وهو وحده الذي يجعل العقل أداة للتفاهم و حل المعضلات.

إن الخلافات، والانقسامات التي تشهد الساحة السياسية السودانية، والتي أدت للحرب، وتشريد الملايين من المواطنين من دورهم، يجب الوقوف عندها ودراستها والتعامل معها بعقل مفتوح، إذا كان الهدف فعلاً هو عملية التحول الديمقراطي.

الساحة الآن تنقسم إلى قوى الحرية والتغيير “المركزي” ومعها بعض الحركات ومجموعة من القوى المدنية… وقوى الحرية “الديمقراطي” ومعها بعض الحركات وقوى مدنية أيضاً، تحالف الجذريين الحزب الشيوعي وعدد من القوى المدنية… الإسلاميين وهم ليس مجموعة واحدة متعددي الانتماءات.. وأيضاً قوى أخرى بأسماء مختلفة لها رؤى مغايرة للآخرين… إضافة للقوات المسلحة.. ميليشيا الدعم وعدد من الحركات.. كل هذا الكم من التحالفات المختلفة فكرياً هي في حاجة لهندسة فكرية. بمعنى الحاجة لقيادات سياسية منتجة للأفكار.. باعتبار أن الفكر هو الأداة الناجعة والفاعلة في عملية التغيير، وإرساء القواعد لعملية التحول الديمقراطي.

السؤال الذي يجب أن تجاوب عليه النخب السياسية، وأيضاً صانعي الرأي: كيف الاستفادة من هذا الكم المتنوع، والمتعدد الأفكار والتوجهات، وتحويله من الإتجاه السالب الذي يؤدي إلى الاحتراب، إلى حوار منتج للثقافة الديمقراطية ويحترام الرأي الأخر، وفي ذات الوقت منتج للثقافة الديمقراطية التي تعبد طريق عملية التحول الديمقراطي…؟

هو سؤال واحد ولكنه صعب لتخوف البعض من ردة فعل الآخرين.. الإجابة عليه تحدد مسار العمل وتفرق بين السلبي والإيجابي. هل هناك أداة إعلامية لها اتساع في الأفق يجعلها تسهم في حوار يجمع تيارات مناهضة لبعضها البعض. إنها عملية ليست باليسر لأن حدة الاستقطاب تجعل هناك العديد من الفزاعات التي تحول دون الفعل. لكنه الوطن الذي يجب دفع الضريبة من أجله. والتجربة تبدأ متعثرة أولاً، لكنها حتماً سوف تجد الدعم من القوى التي تؤمن بعملية التحول الديمقراطي دون “منٍّ أو أذى” ثم يدلف إليها الباقون. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

الوسومالحرية والتغيير الحزب الشيوعي السودان الطبقة الوسطى القوات المسلحة تحالف قوى التغيير الجذري زين العابدين صالح عبد الرحمن صراع السلطة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحرية والتغيير الحزب الشيوعي السودان الطبقة الوسطى القوات المسلحة صراع السلطة الطبقة الوسطى فی السودان الأمر الذی فی المجتمع

إقرأ أيضاً:

حكومة التغيير والبناء تنعي استشهاد حسن نصر الله

قال تعالى:

(مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) صدق الله العظيم

تُعرب حكومة التغيير والبناء اليمنية عن خالص التعازي والمواساة لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وشعبنا اليمني العزيز، وجميع قادة وكوادر حزب الله والشعب اللبناني الشقيق، وقادة وشعوب محور المقاومة، والأمة العربية الإسلامية وأحرار العالم، في استشهاد الأخ المجاهد القائد الإسلامي الكبير أمين عام حزب الله، سماحة السيد حسن نصر الله، الذي كان رمزاً من رموز الجهاد والمقاومة وصاحب رؤية وفعل استراتيجيين في مواجهة التحديات، والذي أحرز انتصارات عظيمة في مواجهة أعداء الأمة، كان لها الأثر الكبير في إعلاء راية الإسلام.

إننا نهنئ الأمة العربية والإسلامية بالنصر الشخصي الذي أحرزه القائد الشهيد، حيث كان له دور بارز في تعزيز محور الجهاد والمقاومة ودعم قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

لقد قدّم القائد الشهيد، السيد حسن نصر الله، حياته في سبيل الله، وكرّس جهوده للدفاع عن حقوق شعبه وتحرير أرضه ووطنه، والدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم، فتوج عطاءه و جهاده بخير ختام، وهو الشهادة في سبيل الله تعالى، بعد مسيرة طويلة حافلة بالجهاد والعطاء والإسهام الكبير في إقامة بنيان الحركة الإسلامية.

نؤكد في هذا السياق على استمرار مسيرته الجهادية، فالدفاع عن القضايا العادلة سيستمر، والنصر قادم بإذن الله سبحانه وتعالى، وندعو جميع الأحرار في العالم إلى مواصلة العمل من أجل تحقيق العدالة، ومعاقبة العدو الإسرائيلي وشريكه العدو الأمريكي.

وختاماً، نؤكد أن دماء القادة الشهداء لن تذهب سدى بإذن الله تعالى، وأن العدو الإسرائيلي لن يحقق شيئاً من آماله بعمليته الجبانة، فالمقاومة لن تُكسر والروح الجهادية للإخوة المجاهدين في لبنان وفي كل جبهات الإسناد ستقوى وستكبر، وسيظل إخوتنا المجاهدون في حزب الله النموذج المعاصر الأرقى في ميدان القتال وساحة النزال، ونؤكد أن أحرار اليمن سيواصلون السير على درب الجهاد دفاعًا عن وطنهم وأرضهم وأمتهم وانتصاراً للمظلومين في فلسطين ولبنان بعطاء غير محدود في سبيل الحق سبحانه وتعالى، في معركتهم الكبيرة "الفتح الموعود والجهاد المقدس".

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الشهيد العظيم بواسع رحمته، وأن يُلهم أسرته وأهله ومحبيه والجميع الصبر والسلوان، وأن يبارك جهود المقاومة ويجمع شمل الأحرار في سبيل تحقيق الأهداف النبيلة.

وصلى الله وسلم على خاتم الأنبياء محمد وآله الطاهرين

مقالات مشابهة

  • فوضى السفر في إسرائيل.. شركات الطيران تتلقى ضربة جديدة
  • ما الذي يعنيه نتنياهو ب”تغيير واقع الشرق الأوسط”؟
  • وزير الطيران يلتقي عددا من مسؤولي شركات البالون الطائر لمناقشة أوجه التعاون
  • دعاء زهران: القيادة السياسية قادرة على اتخاذ القرارات التي تحمي وتحافظ على أمن مصر القومي
  • وزير المالية لممثلي المجتمع التجاري والصناعي: نمد إليكم «يد الثقة والشراكة والمساندة» بحلول عملية توفر حلولا متكاملة للتحديات الضريبية
  • نداء مهم لشباب ونساء العراق!
  • وزير الخارجية يبحث مع المدير القطري لمنظمة “هانديكاب الدولي” المشاريع التي تنفذها في اليمن
  • بعد صراع داخلي.. دانا احمد مجيد منسق عام لحركة التغيير بالوكالة
  • أمل الحناوي: إسرائيل تمارس الشعوذة السياسية وتنشر شرورها بالمنطقة
  • حكومة التغيير والبناء تنعي استشهاد حسن نصر الله