دعم أمريكي مطلق للاحتلال الإسرائيلي سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.. لهذه الأسباب
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
في 14 مايو عام 1948، اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بقيام دولة إسرائيل، بعد احتلالها للأراضي الفلسطينية، ومنذ ذلك الوقت لم تنقطع يد الدعم الأمريكي لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وما تقوم به سواء في منطقة الشرق الأوسط أو أي منطقة أخرى، متفقاً مع القانون الدولي أو مختلفاً معه، آخره ما تنفذه إسرائيل حالياً في قطاع غزة من عمليات وُصفت بـ «إبادة جماعية»، حتى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن ذلك صراحة في زيارته الأخيرة لتل أبيب، بأن واشنطن اعترفت بإسرائيل دولة، ولو لم يكن هناك إسرائيل لاخترعت الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل.
أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار دعم الولايات المتحدة لإسرائيل يتمثل في سيطرة ما يطلق عليه اللوبي اليهودي على أركان الاقتصاد الأمريكي، فيوضح الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن إسرائيل تمثل سوقاً للصادرات الأمريكية فأكثر من 25% من الصادرات الأمريكية توجه لإسرائيل، رغم قلة عدد سكانها مقارنةً بالدول الأخرى، وهو ما يطلق عليه القيم المشتركة بين الشعبين، وفكرة تبنى الديمقراطية حتى لو في جوانبها الشكلية.
هناك سمات مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة، بحسب ما رواه «سلامة» لـ«الوطن»، أهمها الانتخابات الأمريكية التي يعتمد عليها كثير من الرؤساء في الإدارات الأمريكية، فأحد الأسباب المهمة لدعم الإدارة الحالية للرئيس الأمريكي جو بادين لما تقوم به إسرائيل حالياً لأنه تاريخياً نسبة تأييد اليهود للرئيس الديمقراطي «مُرشح الحزب الديمقراطي» من سنة 1948 حتى وقتنا هذا بلغت حوالي 71% سواء في شكل تصويت أو الترويج للحملات الانتخابية.
وصف أستاذ العلوم السياسية هذ النسبة بالـ «كبيرة» ويعول عليها في أي تنافس انتخابي وذلك سبب استمرار الدعم المطلق لإسرائيل، أيضاً هناك ما يُسمى بـ «العين العوراء»، فالإدارة الأمريكية لا تنظر لإسرائيل على أنها كيان غاصب ومحتل بل ولاية إضافية للولايات المتحدة الأمريكية واجب عليها توفير الحماية لها.
تحالف المركب العسكري الصناعيسر آخر وهو أن اللوبي اليهودي، وفق «سلامة»، له شركات كبرى في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة ما يُسمى بـ «تحالف المركب العسكري الصناعي» الذي يسيطر عليه اللوبي وينتج أسلحة متنوعة حتى لو مُحرمة دولياً، يتعهد أصحابه بتحمل تكاليف الحملات الانتخابية مقابل السماح لهم تجريب هذه الأسلحة والترويج لها.
لم يأت دعم اللوبي اليهودي للحزب الديمقراطي الأمريكي من فراغ، فبحسب أستاذ العلوم السياسية، تتفق قيم الحزب الديمقراطي مع اللوبي اليهودي وهي قيم مرتبطة بالمجتمع الأمريكي، فهو الحزب الأكثر مرونة، عن الحزب الجمهوري الأكثر انضباطاً، لذا يصل اللوبي إلى أعلى المناصب في الدولة.
فسر هذا الدعم، الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قائلاً: «هناك دور بنيوي لإسرائيل تقوم به حمايةً للمصالح الأمريكية فمنذ نشأتها ولهذا السبب منذ اللحظة الأولى والدعم الأمريكي المطلق لها لم يتغير يوم بل هو في تزايد مستمر»، حيث تُعتبر إسرائيل جسم غريب في المنطقة العربية وأي موجه للتحرر في الوطن العربي سواء أيام الاستعمار أو أي سياسة تحريرية لا تأتي على هوى الولايات المتحدة الأمريكمية تسلط إسرائل قوة جائزة للعمل ضد هذه الموجات.
تواجه قوات الاحتلال الإسرائيلي أي سياسية معادية للولايات المتحدة الأمريكية، بحسب ما رواه أستاذ العلوم السياسية لـ «الوطن»، كما أن ضمن أسباب الدعم اللوبي الصهيوني ذو النفوذ في الولايات المتحدة الأمريكية ومعروف قدرته في التأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية بوصول المرشح المفضله لديه للسلطة، وإن لم يؤثر فيها لديه بدائل في الكونجرس الأمريكي عن طريق دعم المرشحين المفضلين لديه ومطالبتهم بدعم.
الكونجرس الأمريكيوهنا فإن الكونجرس الأمريكي يقدم دعم لا محدود لقوات الاحتلال الإسرائيلي، منها كما ذكر الدكتور أحمد يوسف، الدعم الاقتصادي حيث تعتبر إسرائيل الأولى في الحصول على المساعدات الأمريكية رغم ارتفاع مستوى المعيشة فيها لدرجة لا تقارن بمعظم الدول الأخرى، وإقرار الكونجرس الأمريكي بالموافقة على 12 مليار دولار مساعدات.
نوع أخر في الدعم، كشف عنه أستاذ العلوم السياسية، وهو دعم دبلوماسي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لمساندة جرائم الاحتلال التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة، فالولايات المتحدة لم تدين مجلس الأمن لعدم إقرار وقف إطلاق النار في غزة.
سر أخر، كشف عنه الدكتور نجاح الريس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بني سويف، عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل يتمثل في رأس المال الإسرائيلي، موضحاً أن اللوبي الصهيوني له تأثير كبير ويحتل أماكن مرموقة وقريبة من مراكز اتخاذ القرار في الولايات المتحدة الأمريكية لذا هو مؤثر في القرار الأمريكي.
جهات صنع القرار في واشنطنقدّم صلاح وهبة، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، عدة شواهد على الدعم المطلق والذي يأتي انطلاقًا من العلاقات الاستراتيجية التي تربط البلدين والتحالف القوي بينهما على مختلف الأصعدة، في مقدمتها أن الولايات المتحدة كانت أول دولة تعترف بإسرائيل بعد احتلالها الأراضي الفلسطينية في 14 مايو عام 1948، بالإضافة إلى التزام واشنطن بضمان أمن تل أبيب منذ سنوات طويلة.
أيضاً تلعب جماعات الضغط اليهودية داخل الولايات المتحدة دورًا محوريًا في تطوير هذا التحالف الاستراتيجي، وفق ما رواه «وهبة» لـ «الوطن»، والحفاظ عليه نظرًا لأنها تملك شبكة علاقات واسعة ومؤثرة مع مختلف جهات صنع القرار في واشنطن لرسم السياسات الأمريكية على جميع المستويات بما يحقق صالح إسرائيل، فضلًا عن امتلاك هذه الجماعات دورًا ملحوظًا في التأثير على الرأي العام الأمريكي وهو ما يمكن ملاحظته في الجولات الانتخابية الأمريكية من خلال سعي المرشحين على تأييد هذه الجماعات للفوز بالمنصب.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية الدعم الأمريكي قوات الاحتلال الولایات المتحدة الأمریکیة أستاذ العلوم السیاسیة الکونجرس الأمریکی اللوبی الیهودی
إقرأ أيضاً:
تركيا وحماس.. هل تحل أنقرة عقدة التوازن بين الدعم وتجنب الضغط الأمريكي؟
أعادت التقارير حول انتقال مكتب حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى تركيا تسليط الضوء على العلاقات المتقدمة بين الجانبين، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول الدور المحتمل لأنقرة في ظل تعليق قطر للوساطة في المفاوضات الرامية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، فضلا عن الخيط الرفيع الذي يتبعه الجانب التركي لتجنب أي ضغوطات غربية.
وقبل أيام، قالت مصادر في وزارة الخارجية التركية ردا على تقارير إسرائيلية حول انتقال مزعوم للمكتب السياسي لحماس إلى تركيا، إن "أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس يزورون تركيا من وقت لآخر".
وأضافت المصادر، بحسب وكالة الأناضول، أن "الادعاءات التي تشير إلى أن المكتب السياسي لحركة حماس انتقل إلى تركيا لا تعكس الحقيقة".
من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن "قادة حماس ليسوا في الدوحة الآن"، مضيفا في إطار حديث عن التقارير حول إغلاق مكتب حماس في العاصمة القطرية أنه "في حال صدر قرار بإغلاق المكتب فسيصدر بشكل رسمي، لكن ذلك لم يحدث".
موقف تركيا من حماس
تحافظ تركيا على علاقة وطيدة مع حركة حماس، حيث رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرارا وتكرار بعد السابع من أكتوبر وصف الحركة الفلسطينية بأنها "منظمة إرهابية"، مشيرا إلى أنها حركة تحرر وطني. كما شبهها بحركة التحرر التركية التي نشطت من أجل استقلال تركيا إبان انهيار الدولة العثمانية.
والتقى أردوغان بالعديد من قادة حماس بشكل علني في إسطنبول بالتزامن مع العدوان على قطاع غزة، بما في ذلك رئيس مكتبها السياسي السابق إسماعيل هنية، الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي خلال زيارة كان يجريها إلى العاصمة الإيرانية طهران، نهاية شهر تموز /يوليو الماضي.
ورغم الدعم التركي المعلن لحركة حماس والقضية الفلسطينية مواقفها الحادة ضد الاحتلال، فإن هذه العلاقة الوطيدة بين الجانبين لم تصل إلى مستوى يضع أنقرة في مواجهة مباشرة مع البيت الأبيض الذي يتجهز لاستقبال إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والتي برز فيها أسماء عديدة داعمة للاحتلال الإسرائيلي بقوة، حسب محللين.
ويلفت الكاتب التركي طه آكيول، إلى أن "أنقرة ترى أن استضافة حماس بشكل رسمي قد لا تكون مناسبة لموقعها في المنطقة"، مضيفا أن "تركيا لا تصنف الحركة كمنظمة إرهابية، لكنها تدرك أن مثل هذه الخطوة قد تثير حساسيات دولية، خاصة في ظل ضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل".
هذا الحذر التركي يتجلى في محاولات أنقرة المستمرة للتأكيد على أن تواصلها مع حماس يتم في إطار العلاقات الدبلوماسية والسياسية، دون تجاوز الخطوط التي قد تُفقدها دور الوسيط الإقليمي المحتمل الذي تسعى إليه.
وفي حين سارعت أنقرة إلى نفي صحة التقارير المشار إليها، سارعت الولايات المتحدة بدورها إلى تحذير تركيا من مغبة اتخاذ قرار بشأن استضافة مكتب حماس السياسي على أراضيها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، "سنوضح للحكومة التركية أن الأمور لم يعد بإمكانها أن تستمر كما كانت من قبل مع حماس".
وأضاف خلال مؤتمر صحفي، أن الولايات المتحدة "تعتقد بأنه يجب ألا يعيش زعماء منظمة إرهابية في راحة"، حسب تعبيره.
تعليقا على هذه النقطة، يشير المحلل التركي علي أسمر في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن تركيا تدرك حساسية هذا الملف، خاصة في ظل ارتباطها بالولايات المتحدة كعضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو".
ويقول إن من "غير الممكن لأنقرة تجاهل الضغوط الغربية، خصوصا مع الأزمات الاقتصادية التي تواجهها"، موضحا أن "فتح مكتب رسمي لحركة حماس قد يؤدي إلى زيادة التوتر مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو أمر لا تحتمله أنقرة في هذه المرحلة".
وبحسب أسمر، فإن "الوجود غير الرسمي لبعض قيادات حماس في تركيا لا يعني أن أنقرة تسعى لتصعيد العلاقة مع الحركة. بالعكس، هذا الوجود يتيح لأنقرة لعب دور الوسيط دون أن تظهر كطرف منحاز في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
الأبعاد الإقليمية والدولية
لطالما حاولت تركيا تقديم نفسها كوسيط في القضايا الإقليمية، خاصة في النزاعات الكبرى مثل الحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول /أكتوبر 2023.
ويرى أسمر أن استضافة حماس رسميا في تركيا قد تتعارض مع دور الوساطة الذي تطمح إليه أنقرة، ويتابع أن "تركيا قادرة على لعب دور الوسيط إذا حافظت على مسافة متوازنة من جميع الأطراف. وجود مكتب رسمي لحماس قد يجعلها طرفا صريحا في النزاع، مما يضعف من قدرتها على التوسط".
في الوقت نفسه، يشير إلى أن تركيا قد ترى في الوساطة لتحقيق تقدم في ملف حل الدولتين فرصة لتعزيز موقعها الإقليمي والدولي "لكن هذا يتطلب تنسيقا دقيقا مع الولايات المتحدة، التي تلعب دورا حاسما في أي تسوية سياسية”.
ورغم تعقيدات العلاقة بين تركيا وحماس، إلا أن أنقرة حافظت على دعمها للقضية الفلسطينية كجزء أساسي من سياستها الخارجية، حسب طه أكيول.
ويلفت آكيول في مقال نشره في موقع "قرار" الإخباري التركي، إلى أن "الدعم التركي للقضية الفلسطينية لا يعني التماهي الكامل مع حماس، إذ تدرك أنقرة أهمية الحفاظ على علاقتها مع الغرب، وبالتالي فهي تسعى لتحقيق التوازن بين دعمها للفلسطينيين وضمان عدم الإضرار بمصالحها الاستراتيجية".
ويتفق أسمر مع طرح آكيول إلى حد كبير، حيث يشدد على أن تركيا "لن تتخلى عن موقفها إزاء حماس، لكنها أيضا لن تسمح بأن تصبح هذه العلاقة عائقا أمام مصالحها الدولية".
"لذلك، تعمل تركيا على البقاء في موقف حذر، تسعى من خلاله إلى تحقيق توازن دقيق بين الأطراف"، يقول الباحث التركي.
وتأتي التقارير حول انتقال مكتب حماس إلى تركيا في وقت حساس تمر به العلاقات الدولية والإقليمية على وقع مخاوف من اتساع دائرة النار المشتعلة في الشرق الأوسط.
ومع صعود إدارة أمريكية جديدة قد تكون أكثر دعما للاحتلال الإسرائيلي، واستمرار الأزمة الاقتصادية الضاغطة على أنقرة التي تسعى في الوقت نفسه إلى وصول إلى توافق مع الولايات المتحدة يسمح لها بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في سوريا، تبدو الخيارات أمام تركيا إزاء حماس محدودة.
يرى طه آكيول أن "تركيا بحاجة إلى إعادة النظر في سياستها الإقليمية بمنطق عقلاني يأخذ بعين الاعتبار توازن القوى في المنطقة"، ويعتبر أن "الدعم غير المشروط لحماس قد يؤدي إلى نتائج عكسية، خاصة في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية”.
أما أسمر، فيرى أنه "من الممكن أن تلعب تركيا دورا أكبر في القضية الفلسطينية إذا ما حافظت على توازنها السياسي. الوساطة تتطلب الابتعاد عن الخطاب التصعيدي، والعمل على تقريب وجهات النظر بين الأطراف".