في 14 مايو عام 1948، اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بقيام دولة إسرائيل، بعد احتلالها للأراضي الفلسطينية، ومنذ ذلك الوقت لم تنقطع يد الدعم الأمريكي لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وما تقوم به سواء في منطقة الشرق الأوسط أو أي منطقة أخرى، متفقاً مع القانون الدولي أو مختلفاً معه، آخره ما تنفذه إسرائيل حالياً في قطاع غزة من عمليات وُصفت بـ «إبادة جماعية»، حتى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن ذلك صراحة في زيارته الأخيرة لتل أبيب، بأن واشنطن اعترفت بإسرائيل دولة، ولو لم يكن هناك إسرائيل لاخترعت الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل.

علاقة اللوبي اليهودي بالولايات المتحدة الأمريكية 

أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار دعم الولايات المتحدة لإسرائيل يتمثل في سيطرة ما يطلق عليه اللوبي اليهودي على أركان الاقتصاد الأمريكي، فيوضح الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن إسرائيل تمثل سوقاً للصادرات الأمريكية فأكثر من 25% من الصادرات الأمريكية توجه لإسرائيل، رغم قلة عدد سكانها مقارنةً بالدول الأخرى، وهو ما يطلق عليه القيم المشتركة بين الشعبين، وفكرة تبنى الديمقراطية حتى لو في جوانبها الشكلية.

هناك سمات مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة، بحسب ما رواه «سلامة» لـ«الوطن»، أهمها الانتخابات الأمريكية التي يعتمد عليها كثير من الرؤساء في الإدارات الأمريكية، فأحد الأسباب المهمة لدعم الإدارة الحالية للرئيس الأمريكي جو بادين لما تقوم به إسرائيل حالياً لأنه تاريخياً نسبة تأييد اليهود للرئيس الديمقراطي «مُرشح الحزب الديمقراطي» من سنة 1948 حتى وقتنا هذا بلغت حوالي 71% سواء في شكل تصويت أو الترويج للحملات الانتخابية.

وصف أستاذ العلوم السياسية هذ النسبة بالـ «كبيرة» ويعول عليها في أي تنافس انتخابي وذلك سبب استمرار الدعم المطلق لإسرائيل، أيضاً هناك ما يُسمى بـ «العين العوراء»، فالإدارة الأمريكية لا تنظر لإسرائيل على أنها كيان غاصب ومحتل بل ولاية إضافية للولايات المتحدة الأمريكية واجب عليها توفير الحماية لها.

تحالف المركب العسكري الصناعي

سر آخر وهو أن اللوبي اليهودي، وفق «سلامة»، له شركات كبرى في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة ما يُسمى بـ «تحالف المركب العسكري الصناعي» الذي يسيطر عليه اللوبي وينتج أسلحة متنوعة حتى لو مُحرمة دولياً، يتعهد أصحابه بتحمل تكاليف الحملات الانتخابية مقابل السماح لهم تجريب هذه الأسلحة والترويج لها.

لم يأت دعم اللوبي اليهودي للحزب الديمقراطي الأمريكي من فراغ، فبحسب أستاذ العلوم السياسية، تتفق قيم الحزب الديمقراطي مع اللوبي اليهودي وهي قيم مرتبطة بالمجتمع الأمريكي، فهو الحزب الأكثر مرونة، عن الحزب الجمهوري الأكثر انضباطاً، لذا يصل اللوبي إلى أعلى المناصب في الدولة.

فسر هذا الدعم، الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قائلاً: «هناك دور بنيوي لإسرائيل تقوم به حمايةً للمصالح الأمريكية فمنذ نشأتها ولهذا السبب منذ اللحظة الأولى والدعم الأمريكي المطلق لها لم يتغير يوم بل هو في تزايد مستمر»، حيث تُعتبر إسرائيل جسم غريب في المنطقة العربية وأي موجه للتحرر في الوطن العربي سواء أيام الاستعمار أو أي سياسة تحريرية لا تأتي على هوى الولايات المتحدة الأمريكمية تسلط إسرائل قوة جائزة للعمل ضد هذه الموجات. 

تواجه قوات الاحتلال الإسرائيلي أي سياسية معادية للولايات المتحدة الأمريكية، بحسب ما رواه أستاذ العلوم السياسية لـ «الوطن»، كما أن ضمن أسباب الدعم اللوبي الصهيوني ذو النفوذ في الولايات المتحدة الأمريكية ومعروف قدرته في التأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية بوصول المرشح المفضله لديه للسلطة، وإن لم يؤثر فيها لديه بدائل في الكونجرس الأمريكي عن طريق دعم المرشحين المفضلين لديه ومطالبتهم بدعم.

الكونجرس الأمريكي

وهنا فإن الكونجرس الأمريكي يقدم دعم لا محدود لقوات الاحتلال الإسرائيلي، منها كما ذكر الدكتور أحمد يوسف، الدعم الاقتصادي حيث تعتبر إسرائيل الأولى في الحصول على المساعدات الأمريكية رغم ارتفاع مستوى المعيشة فيها لدرجة لا تقارن بمعظم الدول الأخرى، وإقرار الكونجرس الأمريكي بالموافقة على 12 مليار دولار مساعدات.

نوع أخر في الدعم، كشف عنه أستاذ العلوم السياسية، وهو دعم دبلوماسي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لمساندة جرائم الاحتلال التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة، فالولايات المتحدة لم تدين مجلس الأمن لعدم إقرار وقف إطلاق النار في غزة.

سر أخر، كشف عنه الدكتور نجاح الريس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بني سويف، عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل يتمثل في رأس المال الإسرائيلي، موضحاً أن اللوبي الصهيوني له تأثير كبير ويحتل أماكن مرموقة وقريبة من مراكز اتخاذ القرار في الولايات المتحدة الأمريكية لذا هو مؤثر في القرار الأمريكي. 

جهات صنع القرار في واشنطن

قدّم صلاح وهبة، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، عدة شواهد على الدعم المطلق والذي يأتي انطلاقًا من العلاقات الاستراتيجية التي تربط البلدين والتحالف القوي بينهما على مختلف الأصعدة، في مقدمتها أن الولايات المتحدة كانت أول دولة تعترف بإسرائيل بعد احتلالها الأراضي الفلسطينية في 14 مايو عام 1948، بالإضافة إلى التزام واشنطن بضمان أمن تل أبيب منذ سنوات طويلة.

أيضاً تلعب جماعات الضغط اليهودية داخل الولايات المتحدة دورًا محوريًا في تطوير هذا التحالف الاستراتيجي، وفق ما رواه «وهبة» لـ «الوطن»، والحفاظ عليه نظرًا لأنها تملك شبكة علاقات واسعة ومؤثرة مع مختلف جهات صنع القرار في واشنطن لرسم السياسات الأمريكية على جميع المستويات بما يحقق صالح إسرائيل، فضلًا عن امتلاك هذه الجماعات دورًا ملحوظًا في التأثير على الرأي العام الأمريكي وهو ما يمكن ملاحظته في الجولات الانتخابية الأمريكية من خلال سعي المرشحين على تأييد هذه الجماعات للفوز بالمنصب.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية الدعم الأمريكي قوات الاحتلال الولایات المتحدة الأمریکیة أستاذ العلوم السیاسیة الکونجرس الأمریکی اللوبی الیهودی

إقرأ أيضاً:

شولتس يرفض المقترح الأمريكي الإسرائيلي بشأن غزة: فضيحة والتهجير غير مقبول

هاجم المستشار الألماني، أولاف شولتس، المقترح الأمريكي الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، في الوقت الذي أشار استطلاع رأي أمريكي داخلي إلى رفض مواطنين الولايات المتحدة الأمريكية سيطرة البلاد على قطاع غزة.

فضيحة سياسية

وأوضح المستشار الألماني بحسب صحيفة «دي فيلت» الألمانية، أن المقترح الأمريكي الإسرائيلي لتحويل قطاع غزة إلى ريفيرا الشرق الأوسط «فضيحة ومصطلح فظيع للغاية»، مشددا على أن تهجير سكان غزة غير مقبول، ويتعارض مع القانون الدولي.

الأمريكيون يرفضون سيطرة البلاد على غزة

في سياق مواز، كشف استطلاع لشبكة «سي بي إس» الأمريكية أن47 % من الأمريكيين يرون أن سيطرة الولايات المتحدة على غزة فكرة سيئة و13% يرونها جيدة، وخرجت تصريحات بالتزامن مع لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب مطلع الشهر الجاري، تشير فيه إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تسيطر على قطاع غزة لإعادة إعماره لكن يجب تهجير الفلسطينيين حتى يتم فعل ذلك، وبعدها إعادتهم مجددا.

رفض عربي موحد للمقترح الأمريكي الإسرائيلي

ورفضت الدول العربية المقترح الأمريكي إذ اجتمع وزراء خارجية العرب في مصر ووقع على بيان الرفض وزراء خارجية كل من مصر والأردن والإمارات والسعودية وقطر، في الوقت الذي دعت فيه القاهرة إلى «إعادة إعمار غزة بشكل سريع دون تهجير سكانها»، وسط رفض أوروبي أيضا لتهجير الفلسطينيين والتمسك بحل الدولتين لإحلال السلام بمنطقة الشرق الأوسط.

مقالات مشابهة

  • شهيد فلسطيني وإصابة آخر بقصف للاحتلال الإسرائيلي على رفح
  • الجاسر‬⁩: تجربة سامي الجابر مدربا للهلال فشلت لهذه الأسباب.. فيديو
  • المعادن النادرة في أوكرانيا.. هل تُصبح بوابة لضمان الدعم الأمريكي؟
  • وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة تقدر دور مصر كوسيط في غزة
  • مايك هاكابي مرشح ترامب لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل
  • إيران تدين المخطط الأمريكي الإسرائيلي الذي يهدف إلى تهجير سكان غزة قسرا
  • وزير الخارجية الإيراني: ندين المخطط الأمريكي الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين
  • شولتس يرفض المقترح الأمريكي الإسرائيلي بشأن غزة: فضيحة والتهجير غير مقبول
  • ترامب يجدد رغبته في ضم كندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. ما السبب؟
  • أستاذ قانون: حديث الولايات المتحدة عن حقوق الإنسان مجرد شعارات