قال المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يخرج من هذه الحرب أضعف مما كان عليه، مشيرا إلى قلقه تجاه المجتمع الإسرائيلي اليهودي غير المستعد لتغيير موقفه تجاه فلسطين والشعب الفلسطيني.

وأضاف بابيه -في لقائه مع الجزيرة- أن التوقعات بشأن الجدل السياسي داخل إسرائيل أو الصراع داخلها هو أن كل ما رأيناه قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول سيظل موجودا حتى نهاية الحرب.


ويقول بابيه إن هناك صراعا سيستمر بين "دولة يهوذا" أي دولة الاحتلال التي تريد أن تكون إسرائيل أكثر تدينا وتعصبا وثيوقراطية، وبين "دولة إسرائيل" أي الإسرائيليين الأكثر علمانية كإيهود براك مثلا، التي يعتبرها البعض أكثر ديمقراطية.

ويستدرك قائلا إن هاتين الدولتين (نموذج "دولة يهوذا"، ونموذج "دولة تل أبيب") ليستا ديمقراطيتين عندما ما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، بينما الديمقراطية الممكنة في حالة "دولة إسرائيل" تكون فقط بالنسبة لليهود وليس تجاه الفلسطينيين.

ويفسر صاحب كتاب "الفلسطينيون المنسيون: تاريخ الفلسطينيين في إسرائيل" (جامعة ييل 2011) قائلا "أظن أن الصراع الداخلي اليهودي الإسرائيلي سيستمر، من المؤكد أن نتنياهو سينهي هذه الحرب أضعف بكثير مما كان سابقا، ولكن يجب أن نتذكر أنه لا تزال لديه قاعدة قوية داخل إسرائيل التي ربما لا تزال داعمة له وقد يخسر الانتخابات المقبلة وربما قد يعود مجددا، فليس هناك شيء مؤكد بالنسبة لهذا الرجل".

ويستدرك قائلا "لكن أساس المشكلة ليس نتنياهو، المشكلة هي أنه لدينا مجتمع يهودي إسرائيلي ليس مستعدا أن يغير موقفه تجاه فلسطين والفلسطينيين وهذا مقلق جدا".

لا يمكننا أن نتوقع التغيير من الداخل ما نحن بحاجة إليه كما قلت سابقا وسأردده مرارا وتكرارا نحن بحاجة إلى ضغط قوي من المنطقة ومن المجتمع الدولي إذا كنا نريد حقا أن ننهي معاناة الاحتلال والاستعمار

ويتابع -الأكاديمي الذي ترك التدريس في جامعة حيفا عام 2006 بسبب آرائه- قائلا "من أجل تغيير هذه الحقيقة لا يمكننا أن نتوقع التغيير من الداخل ما نحن بحاجة إليه كما قلت سابقا وسأردده مرارا وتكرارا نحن بحاجة إلى ضغط قوي من المنطقة ومن المجتمع الدولي إذا كنا نريد حقا أن ننهي معاناة الاحتلال والاستعمار".

 

"لهذا أدعم الفلسطينيين"

ومع الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة، كتب المؤرخ الإسرائيلي مقالا لموقع "وقائع فلسطين" (فلسطين كرونيكل) بعنوان "أصدقائي الإسرائيليين: لهذا أدعم فلسطين"، قائلا إن على المرء أن يشعر بالخوف من سياسات إسرائيل الاستعمارية ضد الفلسطينيين حتى إذا كان مواطنا يهوديا في إسرائيل.

واعتبر مدير المركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية في جامعة إكستر البريطانية -في مقاله المنشور بالإنجليزية والفرنسية- أن الصورة الأشمل في المواجهة هي قصة شعب مستعمر يناضل للبقاء، خاصة في وقت انتخاب حكومة تريد تعجيل عملية القضاء على الشعب الفلسطيني ولا تعترف به، وهو ما جعل حماس تتحرك بسرعة أيضا.

عملية حماس اعتبرها الإسرائيليون -حتى الليبراليون منهم- صك غفران لجميع الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني منذ النكبة، واعتبروها أيضا تفويضا مطلقا لإكمال الإبادة الجماعية ضد سكان غزة

وأشار صاحب كتاب "بيروقراطية الشر: تاريخ الاحتلال الإسرائيلي" (أوكسفورد 2012) أن عملية حماس اعتبرها الإسرائيليون -حتى الليبراليون منهم- صك غفران لجميع الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني منذ النكبة، واعتبروها أيضا تفويضا مطلقا لإكمال الإبادة الجماعية ضد سكان غزة.

ويضع المؤرخ الإسرائيلي المواجهة الأخيرة في سياق تاريخي أوسع، مشيرا إلى أنه منذ 1967 سُجن مليون فلسطيني مرة واحدة على الأقل خلال حياتهم مع ما يشمله ذلك من انتهاكات وتعذيب، وفرضت إسرائيل منذ 2007 حصارا محكما على غزة، واستمرت عمليات قتل الأطفال في "الضفة الغربية المحتلة".

هذا العنف الإسرائيلي ليس جديدا فهو الوجه الدائم للصهيونية منذ تأسيس إسرائيل

ويعتبر صاحب كتاب "التطهير العرقي لفلسطين" (2006) أن هذا العنف الإسرائيلي ليس جديدا فهو الوجه الدائم للصهيونية منذ تأسيس إسرائيل، ولذا فإن الحكومة الإسرائيلية ليس بمقدورها لعب دور الضحية، خاصة أن قطاعات كبيرة من المجتمع المدني الغربي لا يمكن خداعها بسهولة بهذا النفاق الذي تجلى في المقارنة مع حالة أوكرانيا.

البديل يتمثل في فلسطين منزوعة الصهيونية ومحررة وديمقراطية من النهر إلى البحر، فلسطين تستقبل اللاجئين وتبني مجتمعا لا يميز بين أفراده على أساس الثقافة أو الدين أو العرق

ويرى بابيه أن القوة غير قادرة على الحل، بالمقابل فإن البديل يتمثل في فلسطين منزوعة الصهيونية ومحررة وديمقراطية من النهر إلى البحر، فلسطين تستقبل اللاجئين وتبني مجتمعا لا يميز بين أفراده على أساس الثقافة أو الدين أو العرق، وتصحح سيئات الماضي مثل سرقة الممتلكات وإنكار الحقوق، وهو ما سيبشر بعصر جديد لمنطقة الشرق الأوسط بأسرها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: نحن بحاجة

إقرأ أيضاً:

الجولاني يعلق على التصعيد الإسرائيلي ويؤكد أهمية بناء دولة مستقرة في سوريا

 


في حديثه الأخير، أكد قائد هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع المعروف بـ "أبو محمد الجولاني"، أن التصعيد الإسرائيلي في سوريا قد تجاوز الحدود وأصبح يشكل تهديدًا جديًا للأمن الإقليمي.

وأشار الجولاني إلى أن الحجج الإسرائيلية التي تروجها تل أبيب لتبرير تجاوزاتها الأخيرة باتت واهية وغير مقبولة.

وعلى الرغم من التحديات الأمنية والسياسية، شدد الجولاني على أهمية التركيز على بناء الدولة السورية بعد سنوات من الحرب والصراعات المدمرة.

التصعيد الإسرائيلي

في تصريحات قوية، اعتبر الجولاني أن إسرائيل قد تجاوزت خطوط الاشتباك في سوريا بشكل غير مبرر، مما يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي ويدفع نحو تصعيد محتمل.

وأوضح أن هذا التصعيد يهدد الاستقرار في المنطقة ويقوض أي فرصة للسلام، وأكد الجولاني أن سوريا، بعد سنوات من الحرب المدمرة، لا تحتمل المزيد من التوترات العسكرية، داعيًا إلى التزام الجميع بضبط الأوضاع والحد من التصعيد.

الدور الدولي وأهمية الحلول الدبلوماسية

جاء في تصريحات الجولاني أن الحلول العسكرية لم تعد مجدية في حل القضايا العالقة في المنطقة.

وأكد أن المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤولياته في وضع حد للتصعيد الإسرائيلي، وأن الحلول الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لضمان الاستقرار في سوريا والمنطقة ككل.

ودعا الجولاني إلى ضرورة الالتزام بسيادة سوريا واحترامها من قبل جميع الأطراف.

البناء الداخلي والتحول من عقلية الثورة

على الصعيد الداخلي، أكد الجولاني أن سوريا بحاجة ماسة إلى التحول من "عقلية الثورة" إلى مرحلة بناء الدولة.

وأشار إلى أن الهيئة تعمل على تلبية احتياجات الشعب السوري الأساسية، بما في ذلك توفير الغذاء والموارد التي كان النظام السوري يمنع وصولها إلى المواطنين.

كما شدد على ضرورة إعادة بناء المؤسسات القانونية والإدارية التي من شأنها أن تضمن استقرار البلاد في المستقبل.

الدمار الممنهج

وأشار الجولاني إلى أن النظام السوري لم يبنِ دولة حقيقية، بل حول البلاد إلى "مزرعة" استغلها لصالح فئة معينة، مؤكدًا أن حجم الفساد والسرقات في مؤسسات الدولة بلغ مستويات غير مسبوقة.

وأوضح أن القطاع الزراعي والصناعي في البلاد قد تعرض لتدمير ممنهج، مع تراجع حاد في قدرة النظام على توفير الخدمات الأساسية للسوريين.

العلاقات مع روسيا وإيران

وفيما يتعلق بالعلاقات مع روسيا، أشار الجولاني إلى أن الطيران الروسي كان يركز على استهداف الأهداف المدنية في سوريا، مما دفع الهيئة إلى محاولة تجنب استفزاز الروس وتقديم فرصة لهم لإعادة تقييم علاقاتهم مع الهيئة.

وفيما يتعلق بإيران، أكد الجولاني أن الهيئة تمكنت من إنهاء الوجود الإيراني في المناطق التي تسيطر عليها، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الهيئة لا تكن العداء للشعب الإيراني.

مقالات مشابهة

  • خبير: الاحتلال الإسرائيلي يمارس الإبادة بحق الفلسطينيين دون مراعاة للقوانين الدولية
  • بيان لوزارة الزراعة بشأن الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي جراء العدوان الإسرائيليّ
  • 25 نائبا بريطانيا يطالبون بوقف تزويد دولة الاحتلال الإسرائيلي بالسلاح
  • لقاءات سرية بين إسرائيل والأردن لمناقشة تداعيات سقوط الأسد ومنع جهود إيصال السلاح الى الفلسطينيين
  • الإمارات تدين قرار إسرائيل توسيع الاستيطان في الجولان المحتلة
  • الرئيس السابق لاستخبارات النواب الأمريكي: أدعم ترامب لنزع تسييس الـ CIA
  • اللواء هشام حلبي: إسرائيل دمرت 80% من قدرات الجيش السوري
  • ‏إسرائيل تعلن أنها ستغلق سفارتها في دبلن بسبب السياسات المعادية التي تنتهجها الحكومة الأيرلندية
  • الدقة في التعامل مع الحقائق جوهر طرح المؤرخ يا د. عبد الله على إبراهيم
  • الجولاني يعلق على التصعيد الإسرائيلي ويؤكد أهمية بناء دولة مستقرة في سوريا