لا يبتعد بنيامين نتنياهو في فاشيَّته وتطرُّفه عن سلوك الوزير (إيتمار بن جفير) ومجموعات ما يُسمَّى «تدفيع الثمن»، وهي المجموعات الَّتي تستهدف منذ سنوات قرى أرياف الضفَّة الغربيَّة، من قطع الشجار، واعتداءات دائمة على أرزاق المواطنين الفلسطينيِّين وممتلكاتهم، وحتَّى إطلاق النَّار عَلَيْهم. لذلك لَمْ تكُنْ عمليَّات استهداف المَدنيِّين الفلسطينيِّين في القصف الجوِّي الَّذي طال كُلَّ بقعة على أرض قِطاع غزَّة بعد السَّابع من أكتوبر 2023، نتيجة «أخطاء جانبيَّة» بحسب التبريرات الأميركيَّة، بل كان وما زال «استهدافًا منهجيًّا ومدروسًا» لتدفيع المَدنيِّين الفلسطينيِّين وعموم المُجتمع الفلسطيني الثَّمن الباهظ؛ باعتباره من الوجهة «الإسرائيليَّة» حاضنة لمختلف فصائل العمل الفلسطيني، مهما كان شكْل المقاومة تقوم بها، حتَّى لو كانت بالمظاهرات ورمي الحجارة على دَوْريَّات جيش الاحتلال.
وفي هذا الموقف الهمجي «الإسرائيلي» تتباين الأمور بَيْنَ مختلف الأحزاب في دَولة الاحتلال داخل الحكومة وفي صفوف المعارضة، بَيْنَ مَن يريد استهداف المَدنيِّين الفلسطينيِّين وعموم النَّاس مباشرة ودُونَ رحمة، وبَيْنَ مَن يريد سياسة «الاستهداف النَّاري النَّاعم»، وبالتدريج تجنُّبًا من ردود الفعل الدوليَّة. وعلى تلك الخلفيَّة، مضافًا إليها الخشية من التسرُّع والتهوُّر، وإلقاء مسؤوليَّة التقصير الأمني كُلَّ طرفٍ على الآخر، نشأت «أزمة ثقة» بَيْنَ رئيس الحكومة نتنياهو، وبَيْنَ «الجيش الإسرائيلي» وقادة أذرع الأمن الثلاثة، الاستخبارات العسكريَّة (جهاز آمان)، والمخابرات الخارجيَّة (الموساد)، والأمن الداخلي (الشين بيت/الشاباك). ويرى بعض السَّاسة «الإسرائيليِّين» أنَّهم مقتنعون بأنَّ التركيز على موضوع «الأسرى الإسرائيليِّين» في قِطاع غزَّة، الَّذي يُطلق عَلَيْهم «إسرائيليًّا» ومن قِبَل الولايات المُتَّحدة وبعض الغرب مُسمَّى «الرهائن»، والَّذين يحمل قِسم مِنْهم جنسيَّات أجنبيَّة أوروبيَّة وأميركيَّة، وأنَّ التركيز عَلَيْهم يجِبُ أن يسبقَ أيَّ خطوة، بما في ذلك حتَّى مجرَّد التفكير بمغامرة الاجتياح البَرِّي. وأوردت صحيفة (معاريف) يوم الأحد 29/10/2023 خبرًا مفاده أنَّ منع نتنياهو عمليَّة عسكريَّة استباقيَّة ضدَّ حزب الله، وطالب وزير الأمن، يوآف جالانت، و»الجيش الإسرائيلي بشنِّها». وينفي نتنياهو هذا الأمْرَ، علمًا أنَّ الإدارة الأميركيَّة طلبت من «إسرائيل» الامتناع عن توجيه ضربة استباقيَّة كهذه لحزب الله كَيْ لا تشتعل المنطقة بحيث لا تُبقي ولا تذر. وعَلَيْه، إنَّ العلاقات بَيْنَ نتنياهو ووزير الحرب الجنرال (يواف جالانت) تضع مصاعب كبيرة أمام عمل مشترك بَيْنَهما، ونشأت الترسُّبات بَيْنَهما في آذار/مارس الماضي2023، عِندما أقال نتنياهو جالانت واضطرَّ إلى التراجع لاحقًا. وتفاقمت هذه الترسُّبات بعد تسريب معلومات لوسائل الإعلام حَوْلَ منْعِ نتنياهو «ضربة استباقيَّة» ضدَّ حزب الله. وبكُلِّ الحالات، باتَ هناك تراجع واضح في حظوظ نتنياهو بالشَّارع «الإسرائيلي»، وحتَّى داخل حزب الليكود، حيث بدأت الأصوات تعلُو بضرورة رحيله بعد الحرب وإنهاء حياته السِّياسيَّة. ونقلت صحيفة (ها آرتس) بعددها الصادر يوم 22/10/2023 عن وزير من حزب الليكود قوله إنَّ «أيَّ قرار اتَّخذه نتنياهو في السنتيْنِ الأخيرتيْنِ كان سيئًا. وبضمن ذلك الإصلاح (خطَّة إضعاف جهاز القضاء). وقال الوزير نَفْسُه، إنَّه «يوجد توافق آراء حَوْلَ الحقيقة أنَّ نتنياهو سيرحل بعد الحرب. والليكود يستعدُّ حاليًّا إلى وضع رأس نتنياهو على طبَقٍ من أجْل إنقاذ الحزب. وإذا لَمْ يستخلص نتنياهو العِبر، فإنَّ آخرين سيستخلصون العِبَر مكانه». وهناك في حزب الليكود مَن يعتقدون أنَّ نتنياهو سيرحل في وقتٍ قريب جدًّا. وهذا ما أفصح عَنْه حتَّى وزراء من حزب الليكود في الحكومة.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية:
حزب اللیکود
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء: موقف مصر ثابت في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن مصر تؤكد أهمية تكثيف الجهود الدولية للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث إن هذه الجهود ضرورية لضمان استدامة الهدنة في المنطقة، حسبما أفادت فضائية القاهرة الإخبارية، في نبأ عاجل، منذ قليل.
وأضاف، رئيس الوزراء خلال لقائه مع الأمين العام للأمم المتحدة ، إن موقف مصر الثابت في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، لاسيما حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.