«الدولة» و«الشورى» يتهيآن لبدء مرحلة جديدة من العمل الوطني
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
يتطلع المجتمع العماني بمزيد من التفاؤل إلى مرحلة جديدة من العمل البرلماني يمارس فيها أعضاء مجلسي الدولة والشورى أدوارهم الفاعلة في خدمة القضايا الوطنية وتحقيق تطلعات المواطنين وآمالهم وطموحاتهم، حيث تفرض المرحلة القادمة ملفات هامة تلامس المجتمع والمستقبل الاقتصادي والاجتماعي ضمن الرؤية الوطنية الطامحة إلى تحقيق تنمية مستدامة.
وبينما يتهيأ مجلس الدولة لبدء الفترة الثامنة من اعماله، يعقد مجلس الشورى يوم الخميس القادم جلسة استثنائية لانتخاب رئيس للمجلس ونائبين له، لتبدا مرحلة جديدة في عمل المجلسين مقرونة بالتفاؤل والعمل الجاد لمعالجة العديد من القضايا التي تفرض نفسها على المجلسين.
وتنسجم تشكيلة أعضاء مجلس الدولة الجديد، مع التطلعات المستقبلية للبلاد الرامية إلى تحقيق رؤية عمان 2040، والعمل من أجل تحقيق مزيد من التنمية في كافة المجالات، الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتعليمية، حيث جاء تشكيل أعضاء مجلس الدولة الجديد المكون من 86 عضوا، بتنوع في تخصصات الأعضاء والمؤهلات، حيث يحمل 55% من الأعضاء مؤهل الدكتوراة و44% حاملين لمؤهل الماجستير والبكالريوس، وتبلغ نسبة ذوي الاختصاصات الاقتصادية والقانونية والتقنية والاتصالات وإدارة الأعمال 47%، فيما يشكل نسبة ذوي التخصصات الأكاديمية والهندسية والطاقة والعلوم البيئية 40%، فيما يشكل 13% لتخصصات مختلفة.
وفي حين لم تسجل المرأة العمانية حضورها في قائمة أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة، تضمنت قائمة أعضاء مجلس الدولة للفترة الجديدة 18 امرأة، ما يؤكد السعي لتحقيق التوازن والحضور للعنصر النسائي في مجلس عمان.
وتضمنت قائمة أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة وجوها جديدة تدخل لأول مرة أعضاءً بمجلس الشورى حيث بلغت نسبة الوجوه الجديدة 64 %، من مجمل أعضاء المجلس لينسجم ذلك مع الخبرات التي سبق لها أن مارست أعمال مجلس الشورى، حيث يتطلع المجتمع إلى تحقيق المزيد من جميع الأعضاء بما فيهم الجدد.
وأكد عدد من المتابعين أهمية تفعيل أعضاء مجلسي الدولة والشورى صلاحياتهم والعمل بانسجام لتحقيق تطلعات المجتمع والمساهمة مع الدولة في تنمية الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية عبر عمل منسجم بين المجلسين وبما يتوافق مع تحقيق الأهداف التنموية على المستوى الوطني.
وأكد الدكتور محمد بن عوض المشيخي أكاديمي و باحث في الرأي العام والاتصال الجماهيري أن المجتمع ينظر باهتمام كبير لدور مجلس عمان بغرفتيه «الدولة» و«الشورى»، خاصة أن سلطنة عمان تعيش المراحل الأولى من رؤية عمان 2040.
موضحا أن الفترة الماضية لأعمال مجلسي الدول والشورى شهدت مناقشة العديد من الملفات المهمة خاصة قانون الحماية الاجتماعية وقانون العمل، وغيرها من المشاريع الوطنية.
وأعرب المشيخي عن أمله في أن يعمل المجلسان في الفترة القادمة بانسجام أفضل تجاه القضايا التي تهم المجتمع وتنسجم معه، مؤكدا على ضرورة انسجام الرواء ووجهات النظر، بحيث يكون المجلسين أقرب للمجتمع وتوجهاته وتطلعاته.
وقال المشيخي: نأمل من أعضاء مجلس عمان تطبيق العديد من المعايير في الفترة القادمة خاصة فيما يتعلق بالحوكمة والشفافية عند مناقشة القضايا والموازنة المالية للدولة، بحيث يستطيع إقناع الجهات الحكومية بما يقره أو يتبناه من مشاريع وآراء.
وطالب المشيخي بأن يعمل المجلسان بخطوات شفافة مع وسائل الإعلام وأن لا تكون أعمالهما بدون حضور وسائل الإعلام ليكون كل شي أمام المواطن بوضوح ومنشور بوسائل الإعلام ليكون المواطن والمجتمع على دراية بالعمل الذي يقوم به «الدولة» و«الشورى».
وأشار المشيخي إلى أن الفترة الحالية ونظرا لأهميتها من الضروري أن لا ينتظر مجلس عمان للمسودات من مجلس الوزراء بل عليه أن يبادر بموضع مشاريع وقوانين جديدة كمبادرة منهم دون انتظار ما يأتي من الحكومة، موضحا أن الوجوه الجديدة في المجلسين ستضيف المزيد من العمل الذي يلبي الطموحات.
من جانبه قال سلطان بن ماجد العبري عضو سابق بمجلس الشورى أن الفترة القادمة تفرض على مجلسي الدول والشورى مناقشة العديد من الملفات المهمة مثل التجارة المستترة وما يعرقل تقدم مشاريع المؤسسات المتوسطة والصغيرة، وحل التعقديات التي تواجهها.
واعرب العبري عن أمله في أن يعمل مجلسا الدول والشورى بالتعاون مع جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، باعتبار تشابه صلاحياتهم من النواحي الرقابية، موضحا أن العمل بالتعاون مع الجهاز سوف يتيح للمجلسين فرصة للتعرف عن قرب عن أسباب تعثر العديد من المشاريع والبحث في أسبابها والعمل على وضع الحلول لها.
وأكد العبري على أن هناك كثيرا من القضايا تحتاج إلى إعادة نظر خاصة فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي وواقع الاستثمار، وقانون نقل كفالة العمال وتأثر أصحاب المشاريع من العمانيين بهذه القرارات.
وأكد سلطان العبري على ضرورة العمل بمجلسي الدولة والشورى بما يتوافق مع تطلعات المجتمع، خاصة في ظل حدوث الكثير من المتغيرات والجوانب المهمة اقتصاديا واجتماعيا، معربا عن أمله في أن تكون الفترة القادمة من عمر المجلسين حافلة بالنشاط والقرب من المجتمع وملامسة القضايا التي تهم المجتمع العماني وتطلعات الشباب وأصحاب المشاريع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الفترة القادمة مجلس الدولة مجلس الشورى أعضاء مجلس العدید من مجلس عمان
إقرأ أيضاً:
عضو مجلس الأمناء: الحوار الوطني منصة تجمع أطياف المجتمع والقوى السياسية
أكد الكاتب الصحفى جمال الكشكى، عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، أن فلسفة الحوار الوطنى تقوم على إتاحة مساحات مشتركة، لترسيخ مفهوم احترام الرأى والرأى الآخر، وكشف عن تفاصيل الجلسات المتعلقة بملف «الأمن القومى»، فى ظل التحديات الإقليمية والعربية، وأشاد «الكشكى»، فى حوار مع «الوطن»، بالمكاسب التى تحققت منذ إطلاق الجلسات الأولى للحوار الوطنى، مشيراً إلى أنه سيتم طرح قضية «حرب الشائعات» على طاولة مجلس الأمناء، بوصفها واحدة من أخطر الأسلحة التى تستخدم لضرب مفهوم الدول الوطنية.. وإلى نص الحوار:
فى البداية، ما أهمية الحوار الوطنى وما الفرق بينه وبين البرلمان؟
- جاءت مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى يوم 26 أبريل من عام 2023، لتؤكد أن الأمم الحية هى التى تبادر وتستكشف دروب المستقبل، وتقرأ المعطيات الوطنية ببصيرة نافذة، وتدرك المتغيرات الدولية الجامحة، ثم إنها تستبق هذه المعطيات، وتلك المتغيرات، بخطوات فكرية واسعة، وأعتقد أن مبادرة الرئيس السيسى بفتح النوافذ والأبواب للحوار الوطنى بين أطياف المجتمع المصرى كافة، جاءت فى هذا الإطار الجامع، خاصة حين تستضيفه مؤسسة وطنية خالصة هى الأكاديمية الوطنية للتدريب، وقد أعلنت من منطلق وطنى أنها سوف تتيح الحرية لجميع الآراء دون تدخل، ودعت الجميع إلى الحوار دون تردد، حول مختلف القضايا الوطنية والاجتماعية والاقتصادية، للوصول إلى نقاط اتفاق بين أطياف العمل السياسى فى مصر.
فى رأيك ما الفلسفة التى تكمن وراء المبادرة؟
- نحن إزاء جمهورية جديدة، معنى ومبنى، استطاعت أن تحارب فى مسرحين معاً، مسرح الحرب الشاملة على الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله، ثم مسرح البناء العملاق والإعمار الراسخ، غير المسبوق فى العصور الحديثة، لتستأنف به ما تركته أو أهملته خلال قرن كامل، لأسباب داخلية أو خارجية، أو نتيجة لتقاعس فكرى، وتمزق هويات متنافرة فى مركز النخبة، ولا نجافى المنطق والتاريخ، فجاءت مصر ثم جاء التاريخ، وحفظ هذا التاريخ لنا كثيراً من المواقف السباقة للعقل المصرى الجامع، خاصة فى القرنين الماضيين، وتكوين الدولة الحديثة، ولعل تحديث مصر وتخليصها من الجهل والفقر والمرض، وإرسال البعثات إلى الخارج، لتحديث مصر، عبر مشروع نهضوى كبير، يؤكد منحى العقل الاستباقى المصرى، ولنا فى مبادرتى الحرب والسلام، كمبادرتين مصريتين خالصتين، فاجأتا العالم كله، مثال ناصع على تلك العقلية المبادرة، فقد جاءتا دليلاً على حيوية العقل المصرى الشجاع، على مدار التاريخ.
وماذا عن التعاون بين الحوار الوطنى ومجلس النواب؟
- البرلمان مؤسسة تشريعية لها كل الاحترام والتقدير، ووفقاً للدستور يكون للبرلمان السلطة الكاملة فيما يتعلق بإصدار التشريعات والقوانين، أو إلغائها، فالبرلمان هيئة تمثل السلطة التشريعية فى الدول الدستورية، والحوار الوطنى فهو منصة تضم كل أطياف المجتمع والقوى السياسية، وهو ليس جهة تنفيذية، ولا ينافس أى مؤسسة، بل هو يحرص على المشاركة والتكامل من خلال التوصيات والمخرجات، التى يرفعها للرئيس السيسى، الذى يتولى بدوره إحالتها إلى الحكومة، إذا كانت تحتاج إلى قرارات تنفيذية، أو البرلمان إذا كانت تحتاج إلى قرارات تشريعية، ومن ثم أستطيع القول إن دعوة الرئيس للحوار الوطنى بمثابة نقلة مهمة، وتدشين لمرحلة جديدة فى المسار العام للدولة المصرية، من أجل رفعة وتقدم واستقرار الوطن، وخطوة على طريق الإصلاح السياسى، تساعد فى تحديد أولويات العمل الوطنى، وتدشن لجمهورية جديدة تقبل الجميع، ولا يمكن فيها أن يُفسد الخلاف فى الرأى للوطن قضية.
ما أبرز المكاسب التى حققها الحوار الوطنى منذ إعلان المبادرة؟
- لعل أهم هذه المكاسب أن الحوار، منذ بدايته، صنع حالة غير مسبوقة من تبادل الآراء، واحترام الرأى الآخر، ورسّخ مفهوم وثقافة الحوار، فمن يتابع الجلسات العلنية التى كانت تذاع على الهواء مباشرةً، يتأكد له أن الحوار فتح أفقاً وآفاقاً لم تكن معتادة بهذا النسق من قبل، فلم تكن هناك خطوط حمراء، وفى ذات الوقت تحدث الجميع بكل حرية ومسئولية، لم يتم منع أحد من الحديث، أو التعبير عن وجهة نظره، وبالتالى هذه الروح التى ضمها الحوار، انعكست إيجابياً على الشارع السياسى، وعلى الأحزاب والقوى السياسية، وكل شرائح المجتمع بالشكل الذى أنعش الحياة السياسية، ومد جسور الحوار، وخلق مساحات مشتركة بين الجميع وفق أولويات العمل الوطنى.
من خلال تجربتك كعضو بمجلس الأمناء، كيف انتقل الحوار من العملية الإجرائية إلى مفهوم الحوار التفاعلى؟
- هذا سؤال مهم، حالة الحوار التى شهدتها مصر، من خلال جدول أعمال الحوار الوطنى، أكدت أننا أمام واقع حقيقى لفكرة مؤسسية جادة، ومشروع سياسى وطنى، يؤسس لبداية مسار جديد، ينطلق من الإيمان بالدستور واحترام المؤسسات الوطنية للدولة، وأن الحوار ليس عملية إجرائية، بل إنه حوار تفاعلى، يهدف إلى تطبيق نتائجه ومخرجاته، وفق القانون والدستور، وأن هذه الجلسات التى شهدناها تؤكد المساحات المشتركة للرأى والرأى الآخر، من منظور وطنى، وأريد أن أشير إلى التمثيل العمرى المشارك فى جلسات الحوار، فأغلب المشاركين من جيل الشباب والوسط وكبار السن، يؤكد على تواصل الأجيال، وحرص الجميع على المشاركة فى بناء الجمهورية الجديدة، والتأسيس لمستقبل أفضل للأجيال المقبلة، فالمتحدثون صاغوا مشهداً لم تعرفه مصر من قبل، عبر تجاربها السابقة، فقد تحدثت الجلسات عن نفسها، عندما أتاحت الفرصة كاملة للمتحدثين من اليمين إلى اليسار، مروراً بالوسط، بل وطالبتهم إدارة الحوار بتقديم مقترحات إضافية، بما يسهم فى الوصول إلى أفضل مكاسب لهذه النقاشات.
وكيف ترى حالة الحوار التى تتم فى مصر؟
- حالة الحوار، بكل تفاصيلها التى شهدناها، تقول إننا أمام أمة بحجم مصر، تملك قوة ذاتية نابعة من مسارها الطويل، ما يؤكد على وحدة المصريين فى مواجهة التحديات الجديدة أو المستجدة، وإعادة بناء التماسك الداخلى بين جميع القوى السياسية والشبابية، من خلال إعادة بناء مصر، لكى تحظى بمكانتها الطبيعية الإقليمية والدولية، كما يليق بها، فضلاً عن أن المبادرة تركت أثراً كبيراً فى الشارع المصرى، ويمكن استثمارها والبناء عليها فى مختلف المجالات، لاسيما أن مجلس الأمناء، بكل تنويعاته السياسية، استقر منذ جلساته الأولى، على الانطلاق فى نقاشاته من ثلاثة محاور، وهى السياسى والاقتصادى والمجتمعى، وهذا التنوع يعطى المساحة الواسعة للتجول بين أولوية العمل الوطنى، ومن ثم إلى وضع المواطن أولوية كبرى فى النقاشات التى شهدتها كل جلسات الحوار الوطنى منذ انطلاقه حتى الآن، وبالتالى فإن تضافر الجهود من كل القوى السياسية، والمضى قدماً فى تعميق مفهوم الحوار، إنما هى رسالة عميقة تؤكد الحرص الجماعى على صياغة مستقبل ينحاز انحيازاً كاملاً للمصلحة العامة، ويؤسس لثقافة كانت قد اختفت قبل إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى مبادرة الحوار الوطنى، يوم 26 أبريل من عام 2022.