في باطن الأرض أجزاء من كوكب آخر مفقود ربما.. ما علاقتها بنشأة القمر؟
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يتوافق معظم العلماء على احتمال أن يكون كوكبًا قديمًا، ثيا، اصطدم بالأرض عندما كانت تتشكل قبل مليارات السنين، ما أدى إلى تناثر حطام نتج عنه تشكّل القمر الذي يزيّن السماء ليلًا.
وتفسّر هذه النظرية، التي تُعرف بفرضية الاصطدام العملاق، العديد من السمات الأساسية للقمر والأرض.
ومع ذلك، بقي لغز صارخ في قلب هذه الفرضية: ماذا حدث لثيا؟ الأدلة المباشرة على وجود هذا الكوكب القديم لم يعثر عليها، ولا على أي أجزاء متبقية من الكوكب في النظام الشمسي. وافترض العديد من العلماء أن أي حطام تركه ثيا على الأرض قد اندمج في باطن كوكبنا.
ومع ذلك، تشير نظرية جديدة إلى أن بقايا الكوكب القديم لا تزال سليمة جزئيًا، ومدفونة تحت أقدامنا.
إذ يمكن أن تكون أجزاء ثيا المنصهرة قد اندمجت داخل وشاح الأرض بعد الاصطدام قبل أن تتصلّب، تاركة أجزاء من مادة الكوكب القديم تستقر فوق نواة الأرض على بعد حوالي 2،900 كيلومتر تحت سطح الأرض، وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Nature، الأربعاء .
فكرة جديدة وجريئةإذا كانت النظرية صحيحة، فإنها لن توفر فقط تفاصيل إضافية لدعم فرضية الاصطدام العملاق، لكنها تُجيب أيضًا على سؤال عالق بالنسبة لعلماء الجيوفيزياء.
لقد كانوا يدركون بالفعل أن هناك نقطتين ضخمتين مغروستين في أعماق الأرض. وقد تم اكتشاف الكتلتين لأول مرة في ثمانينيات القرن المنصرم، إحداهما تقع تحت أفريقيا والأخرى تحت المحيط الهادئ.
يبلغ عرض النقطتين آلاف الكيلومترات، ويمحتمل أنهما أكثر كثافة بالحديد مقارنة بالوشاح المحيط بهما، ما يجعلهما بارزتين لدى قياسهما بواسطة الموجات الزلزالية. لكن أصول النقطتان، وكل واحدة منها أكبر من القمر، تظل لغزا للعلماء.
لكن بالنسبة للدكتور تشيان يوان، عالم الجيوفيزياء وزميل ما بعد الدكتوراه في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة، فقد تغير فهمه للكتلتين عندما حضر ندوة عام 2019، أقيمت في جامعة ولاية أريزونا أوجزت فرضية الاصطدام العملاق.
ففي هذه الندوة اكتشف تفاصيل جديدة حول ثيا، الجسم الغامض الذي يُفترض أنه اصطدم بالأرض قبل مليارات السنين.
وباعتباره جيوفيزيائيًا، كان على علم بالنقطتين الغامضتين المختبئتين في وشاح الأرض.
على الفور، بدأ بمتابعة الدراسات العلمية، بحثًا عن معرفة ما إذا كان شخص آخر قد اقترح أن الكتلتين قد تكونان أجزاءً من ثيا، لكنه لم يجد أنّ هناك من سبقه إلى تلك النظرية.
اقترح يوان فكرته لأول مرة في ورقة بحثية قدّمها عام 2021، لكنها رُفضت ثلاث مرات. قال المراجعون النظراء إنها تفتقر إلى النمذجة الكافية للاصطدام العملاق.
ثم التقى بعلماء أجروا نوع البحث الذي يحتاجه يوان.
وكشف عملهم، الذي حدّد حجمًا ما لثيا وسرعة الاصطدام في النمذجة، أن اصطدام الكوكب القديم يحتمل أنه لم يذيب وشاح الأرض بالكامل، ما سمح لبقايا ثيا بالتبريد وتشكيل هياكل صلبة بدلاً من الاندماج في النواة الداخلية للأرض.
وقال الدكتور ستيف ديش، مؤلف مشارك في الدراسة وأستاذ الفيزياء الفلكية بكلية استكشاف الأرض والفضاء في ولاية أريزونا: "إن وشاح الأرض صخري، لكنه ليس مثل الصخور الصلبة، إنه عبارة عن صهارة ذات ضغط عال".
وفي تلك البيئة، إذا كانت المادة التي تشكل الكتلتين كثيفة للغاية، فلن تكون قادرة على التراكم في التكوينات الخشنة التي تظهر فيها. وإذا كانت كثافتها منخفضة بدرجة كافية، فسوف تمتزج ببساطة مع الوشاح المتماوج.
وكان السؤال كالتالي: ما هي كثافة المادة التي خلفتها ثيا؟ وهل يمكن أن تتوافق مع كثافة الكتلتين؟وقال يوان إنّ الباحثين سعوا إلى وضع نماذج عالية الوضوح بدقة أكبر بمقدار 100 إلى 1000 مرة من محاولاتهم السابقة. ومع ذلك، ظلت الحسابات متسقة: إذا كان ثيا بحجم وتماسك معينين، واصطدم بالأرض بسرعة محددة، فقد أظهرت النماذج أنه يمكن، في الواقع، أن يخلّف وراءه داخل وشاح الأرض كتلًا ضخمة، وينتج حطامًا من شأنه أن يكوّن القمر.
وتشمل الدراسة التي نشرها يوان هذا الأسبوع مؤلفين مشاركين من مجموعة متنوعة من الاختصاصات من مجموعة من المؤسسات، ضمنًا ولاية أريزونا، ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، ومرصد شنغهاي الفلكي، ومركز أبحاث أميس التابع لناسا.
وعندما سُئل عمّا إذا كان يتوقّع أن يواجه معارضة أو جدلاً حول مثل هذا المفهوم الجديد، ومفاده أنّ مواد الأجزاء من كوكب قديم خارج كوكب الأرض مخبأة في أعماق الأرض، أجاب يوان: "أريد تأكيد أن هذه مجرد فكرة؛ فرضية".
وأضاف: "لا توجد طريقة لإثبات أن هذا ما جرى. وأرحب بأي شخص يريد القيام بهذا (البحث)".
واعترف الدكتور سيث جاكوبسون، الأستاذ المساعد لعلوم الكواكب في جامعة ولاية ميشيغان، بأن النظرية قد لا تحظى بقبول واسع النطاق قريبًا.
أمريكاالصينالفضاءالقمرشنغهايكاليفورنياكوكب الأرضنشر السبت، 04 نوفمبر / تشرين الثاني 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الفضاء القمر شنغهاي كاليفورنيا كوكب الأرض إذا کان کوکب ا
إقرأ أيضاً:
أخاديد عملاقة على القمر.. آثار اصطدام هائل تكشف أسرار الماضي العنيف
يحتفظ سطح القمر بسجل مذهل من الأحداث الكونية، إذ تشهد فوهاته الصدمية وأحواضه العميقة على "ماض عنيف" مرت به المجموعة الشمسية عبر تاريخها الضارب في القدم.
وكشفت أبحاث حديثة عن وجود أخدودين هائلين بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، يقاربان في حجمهما الأخدود العظيم (غراند كانيون) على الأرض، الذي يقع في الجزء الشمالي الغربي من ولاية أريزونا الأميركية، إلا أنهما لم يتشكلا بفعل عمليات التعرية البطيئة، بل نتجا عن اصطدام مهيب بكويكب.
ووفقا لدراسة نُشرت في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز" تشكل هذان الأخدودان -المعروفان باسم "فاليس بلانك" و"فاليس شرودنغر"- خلال أقل من 10 دقائق عندما اصطدم كويكب بسطح القمر قبل نحو 3.8 مليارات سنة.
وقد أطلق هذا الاصطدام كميات هائلة من الحطام الصخري بسرعة بلغت 3600 كيلومتر في الساعة، مما أدى إلى نحت هذه التكوينات الجيولوجية الضخمة على الفور.
ويُعد هذا الاصطدام واحدا من أعنف الأحداث في تاريخ القمر، إذ أطلق طاقة تعادل 130 ضعف القوة التدميرية لجميع الأسلحة النووية الموجودة على الأرض اليوم.
وقد استعان فريق البحث، بقيادة الجيولوجي ديفيد كرينغ من معهد القمر والكواكب، ببيانات مركبة استكشاف القمر التابعة لوكالة ناسا لرسم خريطة الأخدودين ونمذجة مسار الحطام الناتج عن الاصطدام.
إعلانويأمل الباحثون بأن تسهم هذه النتائج في تعزيز فهم كيفية إعادة تشكيل الأجرام السماوية بفعل الاصطدامات الضخمة، مسلطين الضوء على العمليات العنيفة التي شكلت النظام الشمسي في مراحله المبكرة، بما في ذلك كوكب الأرض.
تمتد هذه الأخاديد لمئات الكيلومترات، وقد تشكلت خلال فترة تُعرف باسم "القصف الشديد المتأخر" حين تعرض النظام الشمسي الداخلي لوابل كثيف من الحطام الفضائي.
ويعتقد العلماء أن هذه الموجة من الاصطدامات بالكويكبات والمذنبات نتجت عن تغيّرات في مدارات الكواكب العملاقة: المشتري وزحل وأورانوس ونبتون، مما أدى إلى زعزعة استقرار الأجرام الأصغر حجما في النظام الشمسي.
وتشير التقديرات إلى أن الجسم الذي تسبب في تكوّن هذين الأخدودين بلغ قطره نحو 25 كيلومترا، أي أنه كان أكبر من الكويكب الذي ضرب الأرض قبل 66 مليون سنة متسببا في انقراض الديناصورات ونحو 75% من الكائنات الحية الأخرى.
وعندما اصطدم هذا الكويكب بالقمر، قذف كميات هائلة من المواد إلى الفضاء، لتعود لاحقا وتتساقط على السطح في سلسلة من الاصطدامات الثانوية عالية السرعة. وأسفر هذا التأثير المتسلسل عن نحت الأخدودين وترك وراءه مشهدا وعِرا مليئا بالفوهات، لا يزال واضحا حتى اليوم.
وعلى عكس الأرض، التي تمحو فيها آثار مثل هذه الأحداث بفعل عمليات الصفائح التكتونية وعوامل التعرية، يحتفظ القمر بسجله الجيولوجي بسبب افتقاره إلى النشاط الجيولوجي الديناميكي. وهكذا، تظل هذه الأخاديد شاهدا على حقبة كان فيها النظام الشمسي مكانا أكثر اضطرابا وعنفا.
يحمل اكتشاف هذه الأخاديد القمرية أهمية كبيرة للبعثات الفضائية المستقبلية، ولاسيما برنامج "أرتميس" الذي تشرف عليه وكالة ناسا، والهادف إلى إعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر لأول مرة منذ رحلات أبولو أواخر سبعينيات القرن الماضي، حيث يقع حوض تصادم شرودنغر، حيث توجد هذه الأخاديد، بالقرب من المنطقة المخطط لاستكشافها خلال المهام المأهولة القادمة.
إعلانويعتقد العلماء أن الصخور القديمة التي أُطلقت بفعل الاصطدام باتت الآن في متناول اليد بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، مما يجعلها أهدافا رئيسة لجمع العينات خلال المهمات المستقبلية.
ويمكن لهذه العينات أن توفر معلومات لا تُقدَّر بثمن حول نشأة القمر وأصله، وتفترض إحدى النظريات الرائدة أن القمر تشكّل نتيجة اصطدام جسم بحجم كوكب المريخ بالأرض، مما أدى إلى قذف مواد منصهرة إلى الفضاء، تجمعت لاحقا لتكوّن القمر.
بالإضافة إلى ذلك، يأمل الباحثون في العثور على أدلة تدعم فرضية "محيط الصهارة" التي تفترض أن سطح القمر كان في بداياته بحرا من الصخور المنصهرة قبل أن يبرد ويتصلب مع مرور الزمن.
ومع دخول استكشاف القمر مرحلة جديدة، تؤكد هذه الاكتشافات أن القمر لا يزال يخفي العديد من الأسرار، فما كان يُعتقد أنه عالم جيولوجي ميت، يتبين الآن أنه أرشيف حيّ لتاريخ النظام الشمسي، ينتظر أن يُكشف عنه الستار على يد الجيل القادم من المهام والرحلات الفضائية.