دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يتوافق معظم العلماء على احتمال أن يكون كوكبًا قديمًا، ثيا، اصطدم بالأرض عندما كانت تتشكل قبل مليارات السنين، ما أدى إلى تناثر حطام نتج عنه تشكّل القمر الذي يزيّن السماء ليلًا.

وتفسّر هذه النظرية، التي تُعرف بفرضية الاصطدام العملاق، العديد من السمات الأساسية للقمر والأرض.

ومع ذلك، بقي لغز صارخ في قلب هذه الفرضية: ماذا حدث لثيا؟ الأدلة المباشرة على وجود هذا الكوكب القديم لم يعثر عليها، ولا على أي أجزاء متبقية من الكوكب في النظام الشمسي. وافترض العديد من العلماء أن أي حطام تركه ثيا على الأرض قد اندمج في باطن كوكبنا.

ومع ذلك، تشير نظرية جديدة إلى أن بقايا الكوكب القديم لا تزال سليمة جزئيًا، ومدفونة تحت أقدامنا.

إذ يمكن أن تكون أجزاء ثيا المنصهرة قد اندمجت داخل وشاح الأرض بعد الاصطدام قبل أن تتصلّب، تاركة أجزاء من مادة الكوكب القديم تستقر فوق نواة الأرض على بعد حوالي 2،900 كيلومتر تحت سطح الأرض، وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Nature، الأربعاء .

فكرة جديدة وجريئة

إذا كانت النظرية صحيحة، فإنها لن توفر فقط تفاصيل إضافية لدعم فرضية الاصطدام العملاق، لكنها تُجيب أيضًا على سؤال عالق بالنسبة لعلماء الجيوفيزياء.

لقد كانوا يدركون بالفعل أن هناك نقطتين ضخمتين مغروستين في أعماق الأرض. وقد تم اكتشاف الكتلتين لأول مرة في ثمانينيات القرن المنصرم، إحداهما تقع تحت أفريقيا والأخرى تحت المحيط الهادئ.

يبلغ عرض النقطتين آلاف الكيلومترات، ويمحتمل أنهما أكثر كثافة بالحديد مقارنة بالوشاح المحيط بهما، ما يجعلهما بارزتين لدى قياسهما بواسطة الموجات الزلزالية. لكن أصول النقطتان، وكل واحدة منها أكبر من القمر، تظل لغزا للعلماء.

لكن بالنسبة للدكتور تشيان يوان، عالم الجيوفيزياء وزميل ما بعد الدكتوراه في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة، فقد تغير فهمه للكتلتين عندما حضر ندوة عام 2019، أقيمت في جامعة ولاية أريزونا أوجزت فرضية الاصطدام العملاق.

ففي هذه الندوة اكتشف تفاصيل جديدة حول ثيا، الجسم الغامض الذي يُفترض أنه اصطدم بالأرض قبل مليارات السنين.

وباعتباره جيوفيزيائيًا، كان على علم بالنقطتين الغامضتين المختبئتين في وشاح الأرض.

على الفور، بدأ بمتابعة الدراسات العلمية، بحثًا عن معرفة ما إذا كان شخص آخر قد اقترح أن الكتلتين قد تكونان أجزاءً من ثيا،  لكنه لم يجد أنّ هناك من سبقه إلى تلك النظرية.

رسم يعرض اصطدام ثيا بالأرضتصوير: Hernán Cañellas البحوث متعددة التخصصات

اقترح يوان فكرته لأول مرة في ورقة بحثية قدّمها عام 2021، لكنها رُفضت ثلاث مرات. قال المراجعون النظراء إنها تفتقر إلى النمذجة الكافية للاصطدام العملاق.

ثم التقى بعلماء  أجروا نوع البحث الذي يحتاجه يوان.

وكشف عملهم، الذي حدّد حجمًا ما لثيا وسرعة الاصطدام في النمذجة، أن اصطدام الكوكب القديم يحتمل أنه لم يذيب وشاح الأرض بالكامل، ما سمح لبقايا ثيا بالتبريد وتشكيل هياكل صلبة بدلاً من الاندماج في النواة الداخلية للأرض.

وقال الدكتور ستيف ديش، مؤلف مشارك في الدراسة وأستاذ الفيزياء الفلكية بكلية استكشاف الأرض والفضاء في ولاية أريزونا: "إن وشاح الأرض صخري، لكنه ليس مثل الصخور الصلبة، إنه عبارة عن صهارة ذات ضغط عال".

وفي تلك البيئة، إذا كانت المادة التي تشكل الكتلتين كثيفة للغاية، فلن تكون قادرة على التراكم في التكوينات الخشنة التي تظهر فيها. وإذا كانت كثافتها منخفضة بدرجة كافية، فسوف تمتزج ببساطة مع الوشاح المتماوج.

وكان السؤال كالتالي: ما هي كثافة المادة التي خلفتها ثيا؟ وهل يمكن أن تتوافق مع كثافة الكتلتين؟

وقال يوان إنّ الباحثين سعوا إلى وضع نماذج عالية الوضوح بدقة أكبر بمقدار 100 إلى 1000 مرة من محاولاتهم السابقة. ومع ذلك، ظلت الحسابات متسقة: إذا كان ثيا بحجم وتماسك معينين، واصطدم بالأرض بسرعة محددة، فقد أظهرت النماذج أنه يمكن، في الواقع، أن يخلّف وراءه داخل وشاح الأرض كتلًا ضخمة،  وينتج حطامًا من شأنه أن يكوّن القمر.

وتشمل الدراسة التي نشرها يوان هذا الأسبوع مؤلفين مشاركين من مجموعة متنوعة من الاختصاصات من مجموعة من المؤسسات، ضمنًا ولاية أريزونا، ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، ومرصد شنغهاي الفلكي، ومركز أبحاث أميس التابع لناسا.

وعندما سُئل عمّا إذا كان يتوقّع أن يواجه معارضة أو جدلاً حول مثل هذا المفهوم الجديد، ومفاده أنّ مواد الأجزاء من كوكب قديم خارج كوكب الأرض مخبأة في أعماق الأرض، أجاب يوان: "أريد تأكيد أن هذه مجرد فكرة؛ فرضية".

وأضاف: "لا توجد طريقة لإثبات أن هذا ما جرى. وأرحب بأي شخص يريد القيام بهذا (البحث)".

واعترف الدكتور سيث جاكوبسون، الأستاذ المساعد لعلوم الكواكب في جامعة ولاية ميشيغان، بأن النظرية قد لا تحظى بقبول واسع النطاق قريبًا.

أمريكاالصينالفضاءالقمرشنغهايكاليفورنياكوكب الأرضنشر السبت، 04 نوفمبر / تشرين الثاني 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الفضاء القمر شنغهاي كاليفورنيا كوكب الأرض إذا کان کوکب ا

إقرأ أيضاً:

المصير المحتوم.. تفاصيل فناء كوكب

رصد علماء الفلك في مايو 2020 لأول مرة كوكبا يبتلعه النجم المضيف، واعتقدوا بناء على البيانات المتوفرة حينئذ أن الكوكب فني مع تضخم النجم في مرحلة متأخرة من عمره ليصبح ما يسمى عملاقا أحمر.
لكن مشاهدات جديدة من التلسكوب جيمس ويب، وهي فحص تشريحي إلى حد ما لما بعد وقوع المأساة، تشير إلى أن فناء الكوكب حدث بشكل مختلف عما كان يُعتقد في البداية.
قال الباحثون إن النجم لم يتجه إلى الكوكب، وإنما حدث العكس مع عواقب وخيمة، بسقوط الكوكب في النجم بعد تآكل مداره بمرور الوقت.
وأوضحت المشاهدات التي وثقها التلسكوب جيمس ويب أن النهاية كانت مأساوية للغاية. ورصد التلسكوب المداري، الذي أُطلق عام 2021 وبدأ تشغيله عام 2022، غازا ساخنا يُرجح أنه شكّل حلقة حول النجم بعد الحادث، وسحابة آخذة في التوسع من الغبار البارد تحيط بالمشهد.
وقال معد رئيسي للدراسة المنشورة في دورية (أستروفيزيكال) العلمية، رايان لاو، من مختبر (إن.أو.آي.آر لاب) التابع لمؤسسة العلوم الوطنية الأميركية “نعلم أن هناك كمية لا بأس بها من المواد من النجم تُطرد في أثناء اتجاه الكوكب للسقوط المميت. والدليل بعد وقوع الاصطدام هو هذه المادة الغبارية المتبقية التي قُذفت من النجم”.
ويقع هذا النجم في مجرة درب التبانة، على بُعد حوالي 12 ألف سنة ضوئية من الأرض باتجاه “كوكبة العُقاب”. والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة وتعادل 9.5 تريليون كيلومتر.
ويتميز هذا النجم بأنه أكثر حمرة بنحو طفيف وأضعف إضاءة من شمسنا، وتبلغ كتلته حوالي 70% من كتلتها.
ويعتقد أن الكوكب ينتمي إلى فئة تسمى “المشتريات الحارة”، نسبة إلى كوكب المشترى، وهي كواكب غازية عملاقة تتمتع بدرجات حرارة عالية بسبب مدارها الضيق حول نجمها الذي تدور حوله.
وقال المعد المشارك للدراسة مورغان ماكلاود، باحث ما بعد الدكتوراه في مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية “نعتقد أنه ربما كان كوكبا عملاقا، على الأقل أكبر عدة مرات من كتلة كوكب المشتري، ليتسبب في مثل هذا الاضطراب المذهل الذي شهدناه للنجم”.
السقوط داخل النجم
يعتقد الباحثون أن مدار الكوكب تضاءل تدريجيا بسبب تفاعل جاذبيته مع جاذبية النجم، وطرحوا فرضيات حول ما حدث بعد ذلك.
وقال ماكلاود “ثم يبدأ الكوكب بالاحتكاك بالغلاف الجوي للنجم.. ويسقط الكوكب بسرعة متزايدة داخل النجم”.
وأضاف “يسقط الكوكب داخل النجم ويتجرد من طبقاته الغازية الخارجية أثناء توغله داخل النجم. وخلال هذه العملية، ترتفع درجة حرارة هذا الاصطدام ويطرد غازات النجم، مما ينتج الضوء الذي نراه، والغاز والغبار والجزيئات التي تحيط بالنجم الآن”.
لكن الباحثين لا يستطيعون التأكد على وجه اليقين من الأحداث الفعلية لفناء الكوكب.
وذكر ماكلاود “في هذه الحالة، رأينا كيف أثر سقوط الكوكب على النجم، لكننا لا نعرف على وجه اليقين ما حدث للكوكب. في علم الفلك، هناك أشياء كثيرة شديدة الضخامة و‘شديدة البعد‘ لدرجة يصعب معها إجراء التجارب عليها. لا يمكننا الذهاب إلى المختبر وسحق نجم وكوكب معا. لكننا يمكننا محاولة إعادة بناء ما حدث باستخدام نماذج الكمبيوتر”.
لا يقع أي من كواكب نظامنا الشمسي على مسافة قريبة بما يكفي من الشمس لتآكل مداراتها، مثلما حدث في هذه الحالة. لكن هذا لا يعني أن الشمس لن تبتلع أيا منها في النهاية.
بعد حوالي 5 مليارات سنة من الآن، من المتوقع أن تتمدد الشمس نحو الخارج في طور العملاق الأحمر، وقد تبتلع أقرب الكواكب إليها عطارد والزهرة، وربما تبتلع الأرض. خلال هذا الطور، ينفث النجم طبقاته الخارجية، ليبقى مركزه فقط، وهو البقايا النجمية التي تسمى القزم الأبيض.
وتقدم مشاهدات التلسكوب جيمس ويب الجديدة أدلة حول نهايات الكواكب.
وقال لاو “تشير ملاحظاتنا إلى أن الكواكب ربما تكون أكثر عرضة لملاقاة مصيرها المحتوم عن طريق التحرك ببطء نحو نجمها المضيف (الذي تدور حوله) بدلا من تحول النجم إلى عملاق أحمر يبتلعها. ومع ذلك، يبدو نظامنا الشمسي مستقرا نسبيا، لذا لا داعي للقلق إلا من تحول الشمس إلى عملاق أحمر وابتلاعنا”.

سكاي نيوز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إيران: ربما يتغير مكان المحادثات مع واشنطن وعُمان تواصل دور الوساطة
  • ترامب: محادثات أوكرانيا تسير على ما يرام
  • بعد 65 عاما في الفضاء.. العلماء يخططون لإعادة أقدم قمر صناعي في العالم لم يحترق إلى الأرض
  • ” قاتل المدن” يصطدم بالقمر في هذا الموعد
  • خاص - تفاؤل عماني مع بدء المباحثات الأمريكية الإيرانية: الحل ربما اقتصادياً
  • فيفي عبدة في صدارة التريند بسبب فريدة سيف النصر.. ما القصة؟
  • المصير المحتوم.. تفاصيل فناء كوكب
  • للمرة الأولى.. رصد الشفق القطبي بألوانه الزاهية على كوكب نبتون
  • قتيلان في اصطدام مروع بين آلية عسكرية ومركبة مدنية في شبوة
  • كيف نشأت الطرق الصوفية في مصر؟ وما علاقتها بالتشيع؟