(1)
مقدمة
أرسل الأستاذ الدكتور حاتم الصديق محمد أحمد ليَّ في الأيام الماضية مقالاً بعنوان: "سيدأحمد مؤرخ الخرطوم: مجهول أم استجهلوه؟" لمؤلفه السفير جمال محمد إبراهيم، وسبق أن نُشرت النسخة الأولى للمقال في صحيفة سودانايل الإلكترونية عام 2012. فعرض المؤلف فيه محتويات كتاب تاريخ مدينة الخرطوم تحت الحكم المصري (1820-1885) ومصادره بلغةٍ جزلةٍ وأسلوبٍ سلسٍ، وطرح العديد من الاستفهامات عن المؤلف، ولماذا لم يذكر الأستاذ الدكتور عبد العظيم رمضان نبذة تعريفية عنه؟ بل اكتفى بالإفصاح أنه لا يعرفه، ولا يعرف "إن كان حياً يرزق، أو صعد إلى بارئه".

ثم بعد ذلك قرظ رمضان أطروحة تاريخ مدينة الخرطوم تقريظاً حسناً، وأوضح أنه قد عثر عليها في سور الأزبكية بالقاهرة لبيع الكتب القديمة والمستعملة، بعد سبعة عشر عاماً من تاريخ تقديمها لنيل درجة الدكتوراه بقسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة القاهرة (1963)، تحت إشراف الأستاذين الدكتور محمد فؤاد شكري والدكتور محمد أنيس؛ وقبل عشرين سنةً من تاريخ نشرها ضمن سلسلة تاريخ المصريين (2000)، التي تشرف على إصدارها الهيئة المصرية العامة للكتاب. ويشير عنوان مقال جمال إلى أنَّ مؤلف تاريخ مدينة الخرطوم "مجهول" الهُويَّة بالنسبة للقارئ السوداني العادي، وأن عبد العظيم رمضان ربما يكون قد تجاهله عمداً أو غفلةً؛ لأنه قد حصل على درجة الدكتوراه قبل عام من حصول رمضان على درجة الماجستير في القسم نفسه (أي قسم التاريخ) عام 1964، وأشرف الأستاذ الدكتور محمد أنيس على أطروحتيهما. إذًا ما السبب وراء هذا التغافل؟ ترك جمال باب الإجابة موارباً للعارفين بتراجم أعلام المؤرخين. وإرسال المقال بعد أكثر من عشر سنوات من تاريخ نشره يشي بأن حاتم الصديق لا يزال يبحث عن نبذة تعريفية عن مؤرخ تاريخ مدينة الخرطوم مجهول الهُويَّة "أحمد أحمد سيد أحمد"، الذي ربما يرجَّح بعض القارئين الظن بأنه سوداني، وذلك لسببين: أولهما أن دمج الاسم الثالث والرابع في اسم واحد "سيدأحمد" يعطي انطباعاً بأن المؤرخ سوداني؛ لأن اسم سيدأحمد من أسماء الأعلام الشائعة في شمال السودان؛ وثانيهما أن تكرار الاسم الأول "أحمد" والثاني "أحمد"، ربما يكون ناتجاً من عادة سائدة في السودان، إذا وُلِدَ الابن بعد وفاة أبيه فيُطلق عليه اسم الأب نفسه. لكن يبدو أنَّ هذين الافتراضين محل نظر؛ لأنني وقفت على بعض إصدارات المؤلف مجهول الهُويَّة، ولاحظتُ أنه يكتب الاسمين الثالث "سيد" والرابع "أحمد" منفصلين عن بعضهما، أما عادة تسمية الابن على اسم أبيه فهي عادة موجودة في مصر وبعض البلدان العربية، ولم تكن حكراً على السودان، فتحدث في حالة وفاة الأب قبل ميلاد الابن كما أشرنا أعلاه؛ بينما ترى بعض العشائر العربية فخرًا واعزازًا في إطلاق اسم الأب على الابن البكر، حتى لو كان الأب على قيد الحياة. وتقودنا هذه التوطئة إلى طرح سؤالين جوهريين، هما: مَنْ المؤرخ أحمد أحمد سيد أحمد؟ وما أهمية كتابه تاريخ مدينة الخرطوم تحت الحكم المصري (1820-1885)؟

(2)

مَنْ المؤرخ أحمد أحمد سيد أحمد؟
أحمد أحمد سيد أحمد مؤرخ مصري، حصل على درجة الدكتوراه في التاريخ عام 1963 في كلية الآداب، جامعة القاهرة. وأشرف على أطروحته الأستاذان الدكتور محمد فؤاد شكري والدكتور محمد أنيس. ويُعدُّ شكري أحد الأساتذة البارزين في جامعة القاهرة آنذاك، والمتخصصين في تاريخ السودان. إذ كان موضوع أطروحته لنيل درجة الدكتوراه عن "إسماعيل والرقيق في السودان"، جامعةِ ليفربول عام 1935؛ وبعدها أصدر العديد من الكُتب عن تاريخ السودان في إطار العلاقات المصرية-السودانية، ونذكر منها: "مصر والسودان: تاريخ وَحدة وادي النيل السياسية 1820-1899"؛ و"الحُكم المصري في السودان (1820-1885)"، و"مصر والسيادة على السودان: الوضع التاريخي للمسألة"، وبعد نيله لدرجة الدكتوراه عمل شكري بجامعة القاهرة لمدة ربع قرن، إلى أن وافته المنية عام 1963. بالرغم من أنني لم أقف على فذلكة تعريفية عن أحمد أحمد سيد أحمد في تراجم المؤرخين المصريين؛ لكنه ذكر في مقال له بعنوان "رفاعة رافع الطهطاوي في السودان"، نُشر في مجلة كلية الآداب، جامعة الرياض، المجلد 6، 1979، صفحة 183-215، أنه يعمل أستاذاً مشاركاً بقسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة الرياض. أُطلق اسم جامعة الرياض عام 1967 على جامعة الملك سعود، التي أُسست عام 1957 بصفتها أول جامعة سعودية. وفي الاحتفال بالعيد الخامس والعشرين لتأسيس الجامعة (1957-1981)، أصدر الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود (1975-1982) مرسوماً ملكياً بالعودة إلى اسم الجامعة الأول: جامعة الملك سعود. وفي مقال آخر له بعنوان "فزان في التاريخ الحديث"، منشوراً في مجلة كلية التربية، جامعة الملك سعود، المجلد 3، العدد 3، صفحة 189-219، أشار المؤلف إلى أنه يشغل منصب "وكيل قسم التاريخ بجامعة الملك سعود". وبعد عام أو عامين من ذلك التاريخ، انتقل الدكتور أحمد إلى معهد العلوم الاجتماعية بجامعة وهران بالجزائر، وشغل منصب "أستاذ التاريخ الحديث المشارك"، وفي تلك الفترة نشر مقالاً عن "بداية التعليم العصري في السودان" في مجلة كلية التربية، جامعة الملك سعود، المجلد 5، 1983، الصفحة 49-79. وبما لا يدع مجالاً للشك تثبت هذه الإشارات بأن الدكتور أحمد أحمد سيد أحمد مؤرخ مصري، حصل على درجة الدكتوراه في التاريخ، وعمل في العديد من المؤسسات الأكاديمية، ونشر بعض الأبحاث المرجعية عن تاريخ السودان. لكن يبقي سؤال السفير جمال قائماً، لماذا أنكر أو تغافل عبد العظيم رمضان عن كتابه نبذة تعريفية عنه؟

(3)

ما أهمية كتاب تاريخ مدينة الخرطوم؟
يُعدُّ كتاب تاريخ مدينة الخرطوم تحت الحكم المصري (1820-1885) أهم كتاب صدر عن تاريخ المدينة في الفترة المشار إليها، وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: لم يسبقه أي مُؤلَّفٍ شاملٍ عن تاريخ مدينة الخرطوم في "التركية"، وسوى كتاب المبارك إبراهيم، تاريخ مدينة الخرطوم: نشأتها وما قاله الكُتاب والشعراء فيها من المدح والهجاء، (1940)؛ وبعض المقالات التي صدرت باللغة الإنجليزية، ونذكر منها: ف. أ. إدوارد (F. A. Edwards)، "تأسيس الخرطوم" (The Foundation of Khartoum)، مجلة السودان في رسائل ومدونات (Sudan Notes and Records)، 1922؛ وهـ. أ. ماكمايكل (H. A. MacMichael)، "الخرطوم القديمة" (Old Khartoum)، مجلة السودان في رسائل ومدونات، 1923. وصدر بعد إجازة أطروحة "تاريخ مدينة الخرطوم"، كتيب لسلمان كشة عن تأسيس مدينة الخرطوم والمهدية، (1966)؛ وكتاب آخر لمحمد إبراهيم أبوسليم عن تاريخ الخرطوم، (1970)؛ وثالث لمحمد أحمد سعد سليمان عن الخرطوم عبر العقود: النشأة والتطور، 1821-1970، (2006). أما كشة وأبوسليم فلم يطلعا على أطروحة تاريخ مدينة الخرطوم، بحكم أنها لم تنشر إلا في العام 2000، بينما استفاد محمد أحمد سعد سليمان من الأطروحة المنشورة في كتابة الفصل الخاص بتاريخ الخرطوم في العهد التركي-المصري (1820-1885). وبالرغم من وجود الإصدارات السابقة واللاحقة المشار إليها، يظل كتاب تاريخ مدينة الخرطوم تحت الحكم المصري مرجعاً أساسياً، لا يمكن الاستغناء عنه لأي باحث يكتب عن تاريخ مدينة الخرطوم في التركية (1820-1885).
ثانياً: يتكون الكتاب من 518 صفحة من القطع المتوسط، تبدأ بتقديم عبد العظيم رمضان، رئيس تحرير سلسلة تاريخ المصريين؛ ويعقبه مدخل للمؤلف، وسبع فصول؛ وملحقان: أحدهما عبارة عن "قائمة بأسماء حكمداري السودان في العهد المصري"، وثانيهما عن مصادر الأطروحة (الروايات الشفوية؛ والوثائق؛ والمخطوطات؛ والمراجع العربية؛ والمراجع الأجنبية)؛ وقائمة بعناوين الكتب الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. يتناول الفصل الأول "عواصم السودان قبل الفتح المصري"؛ والفصل الثاني "عواصم السودان بعد الفتح المصري"، والفصل الثالث "طبوغرافية مدينة الخرطوم"، والفصل الرابع "الخرطوم واقتصاد السودان"، والفصل الخامس "مجتمع الخرطوم"، والفصل السادس "حكومة الخرطوم وإدارة السودان"، والفصل السابع "نهاية الخرطوم". وتعكس عناوين فصول الأطروحة السبعة ما ذهب إليه المؤلف، أن "دراسة تاريخ المدن ليست بالأمر السهل"؛ لأنها تحتاج إلى إلمام واسع "بالنواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية" التي أسهمت في نشأتها وتطورها، وإلى كم من المصادر التاريخية المتنوعة والمراجع المتعددة التي تساعد في الإحاطة بهذه النواحي. ولا جدال في أن المؤلف قد أفلح في الجمع بين المطلبين؛ لدرجة أهلته لكتابة أطروحة رائدة في مجالها.
ثالثاً: اعتمد المؤلف على كمٍ هائلٍ من المصادر الأولية والمراجع الثانوية في إعداد أطروحته. وشمل ثبت مصادره الأولية الروايات الشفوية، والوثائق المحفوظة بدار المحفوظات التاريخية بالقصر الجمهوري بعابدين (القاهرة)، ودار المحفوظات البريطانية (لندن)، ودار محفوظات حكومة السودان (الخرطوم)، فضلاً المخطوطات والوثائق التي حصلها من بعض الأفراد في الخرطوم. واحتوت قائمة المراجع الثانوية الكتب الصادرة باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، وكذلك المقالات المنشورة في دوريات ومجلات باللغات المشار إليها. وبذلك شكلت هذه المصادر والمراجع مدونة مصدرية لا يعلى عليها في كتابة أطروحة عن تاريخ مدينة الخرطوم في العهد التركي المصري.
رابعاً: أعطى المؤلف اهتماماً خاصاً للروايات الشفوية؛ لأنه أدرك أن الموضوع لا تستقم "معالجته دون الاستعانة بكثير من الروايات الشفوية" التي استقاها "من رجال مسنين من سكان القرى المحيطة بالمدينة، رأوا المدينة بأعينهم قبل خرابها، أو سمعوا أخبارها من ثقات"، وقد ساعده في ذلك إقامته في الخرطوم لمدة خمس سنوات كاملة، انتهت في منتصف عام 1958 (ص 7). ولا ندرى ما السبب وراء الإقامة الطويلة في الخرطوم، لكن أغلب الظن أنه كان يعمل في إحدى المصالح الحكومية أو المؤسسات التعليمية بالسودان. ويبدو أنه بعد نهائية الفترة المشار إليها عاد الأستاذ أحمد أحمد سيد أحمد إلى مصر، والتحق بجامعة القاهرة لإعداد أطروحته لنيل درجة الدكتوراه عن تاريخ مدينة الخرطوم تحت الحكم المصري (1820-1885). ونذكر نماذج من المشايخ المسنين الذين استقى معلوماته منهم: الشيخ عبد الله عبد الرحمن الأمين الضرير (1890-1964)، خريج كلية غردون التذكارية، ومن كبار علماء السودان وجهابذة اللغة العربية في المدارس الثانوية الحكومية، ومؤلف كتاب "العربية في السودان" (1922)؛ والشيخ إبراهيم عبد الرازق (1896-1975)، أحد خريجي مدرسة العرفاء، وكما وصفه الأستاذ الدكتور عون الشريف قاسم كان "مصدراً لمعالم الخرطوم والعاصمة المثلثة وتاريخ أهلها وعلمائها وأبطالها"؛ والقاضي الشرعي إبراهيم صديق أحمد، الذي أصدر نشر الطبعة الأولى لكتاب طبقات ود ضيف الله بعنوان: "كتاب الطبقات في خصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان" (1930)؛ والمبارك إبراهيم (1898-1972)، الذي "كان موسوعة في تاريخ السودان وأعلامه"، ويعد أول من قدم ركن الأدب وحقيبة الفن في إذاعة أم درمان، وكتب في عدد من الصحف المحلية (الحضارة السودان، والنيل)، وأصبح رئيساً لتحرير مجلة هنا أم درمان، وأصدر كتاباً بعنوان "تاريخ مدينة الخرطوم" عام 1940، واشترك مع الدكتور عبد المجيد عابدين في تأليف كتاب "الحردلو شاعر البطانة" (1958).

(4)

خاتمة
كتب الأستاذ أحمد أحمد سيد أحمد أطروحته عن تاريخ مدينة الخرطوم "بمهنية عالية"، حسب تقييم جمال محمد إبراهيم؛ مما جعلها أن تكون "جديرة بالقراءة، وبأن تحتل مكاناً مرموقاً في المكتبة العربية" (ص 6) كما قرظها عبد العظيم رمضان. إذاً لماذا أثار جمال جملة من التساؤلات عن تجاهل رمضان لمؤرخٍ يرجَّح الظن بأن رمضان قد عاصره في قسم التاريخ بجامعة القاهرة، هل لغيرة مهنية بين الرجلين، أم لمواقف أكاديمية متباينة تجاه تكييف "غزو محمد علي باشا للسودان"، هل كان بدوافع إمبريالية، تُشبه الدوافع التي حركت أطماع المستعمرين الأوروبيين، أم في إطار رؤية تنشد التواصل بين شطري وادي النيل، كما يزعم رمضان؟ فالقراءة بين السطور توضح أنَّ تساؤلات جمال ربما كانت نابعةً من نظرة رمضان السالبة اتجاه فكرة "إعادة كتابة تاريخ السودان" التي طرحها بعض المؤرخين السودانيين؛ لأن رمضان وصف الفكرة بأنها تحمل نوازعاً "شوفينية"، ربما تفضي إلى مفاهيم مغلوطة، تصنف "الفتح المصري" للسودان في خانة الاستعماري الأوروبي الإمبريالي، دون إدراك لطبيعة العلاقات التاريخية بين البلدين والمصالح المتبادلة بينهما. ومن بين المؤرخين السودانيين الذين تصدوا إلى "وصاية" رمضان وافتراضاته الأستاذ الدكتور حسن أحمد إبراهيم، الذي كتب مقالاً بعنوان: "لا وصاية في التاريخ يا دكتور"، مفنداً فيه المسوغات التي طرحها رمضان في مقاله الأول عن "أكذوبة الاستعمار المصري للسودان"، والثاني عن "محاذير في إعادة كتابة تاريخ السودان". واحتج إبراهيم على افتراضات رمضان بأن الدراسات العلمية لوثائق محمد علي باشا، والي مصر (1805-1848) قد اثبتت "بما يدع مجالاً للشك أنَّ الهدف الرئيس وراء غزوه للسودان هو استغلال موارده البشرية والاقتصادية؛ لتدعيم حكمه في مصر، وبناء الإمبراطورية التي كان يحلم بتكوينها"، بعيداً عن القول بأن حكام مصر على مر العصور كانوا حريصين على "مصالح السودان" وخدمة الدعوة "للوحدة بين مصر والسودان. فلا يسمح مقام هذا المقال بالخوض في مثل هذه الرؤى الجدلية المتعارضة؛ ولكن زبدة القول أنَّ إعادة قراءة تاريخ السودان عملية مستمرة ومتجددة على الدوام؛ لأنها تستند إلى تجدد الموضوعات المطروحة للدراسة، وتطور مناهج البحث التاريخي الناظمة لتفسير لأحداثها، واكتشاف المصادر التاريخية الجديدة الرافدة بالمعلومات المطلوبة، بعيداً وجهات النظر المثقلة بالحمولات الأيديولوجية أو السياسية، التي تسعى لتجير التاريخ لمصلحة فئات سياسية أو طائفية بعينها، أو لتضخيم ذوات بعض الفاعلين السياسيين في حركة التاريخ، دون اصطحاب السياقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، التي صنعت الفاعلين أنفسهم، وشكلت أنماط سلوكهم السياسي، وتضارب مصالحهم الذاتية أحياناً وتوافقها أحياناً أُخر.

ahmedabushouk62@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أحمد أحمد سید أحمد جامعة الملک سعود الأستاذ الدکتور درجة الدکتوراه تاریخ السودان جامعة القاهرة المشار إلیها الدکتور محمد کلیة الآداب السودان فی فی التاریخ فی السودان تعریفیة عن الخرطوم فی على درجة

إقرأ أيضاً:

هونغ كونغ.. مدينة الثراء الفاحش التي تمتلئ بالمكتئبين

لطالما ارتبطت هونغ كونغ، مدينة الأحلام الواقعة على ساحل الصين الجنوبي ومركز المال والأعمال في جنوب وشرق آسيا، في مخيلة وأذهان الناس بالثراء الفاحش، حيث ناطحات السحاب العملاقة وأشكال الحياة المترفة.

والحقيقة أن هذه الصورة لم تأت من فراغ، فبحسب تقرير عدد المليارديرات لعام 2024 الصادر عن شركة ألتراتا، يعيش في هونغ كونغ 107 مليارديرات على الأقل (يمتلك كل منهم ثروة تساوي أو تتجاوز مليار دولار)، ما يضعها في المرتبة الثانية من حيث عدد المليارديرات في العالم خلف نيويورك.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ماذا حدث لـ"معجزة اليابان"؟ وكيف أدخلتها أميركا إلى النفق المظلم؟list 2 of 2فيلسوف يتنبأ بهزيمة الغرب كما تنبأ بسقوط الاتحاد السوفياتيend of list

بينما أفادت صحيفة "بيزنس إنسايدر" عام 2019 أن واحدا من كل سبعة من سكان البلاد (البالغ عددهم 7.5 ملايين نسمة) هو عضو في قائمة المليونيرات (بثروة تتجاوز مليون دولار)، ما يجعل المدينة تتفوق على نيويورك وطوكيو وباريس من ناحية نسبة فاحشي الثراء فيها.

إذا ألقيت نظرة على تلك المدينة من قمتها فستجد هؤلاء الأثرياء في قصورهم الكامنة في أحيائهم المنعزلة -مثل "ذا بيك" و"ووتر باي"- غارقين في شتى أشكال المتع والرفاهيات، وينفقون أموالهم على اقتناء المنازل الفاخرة والرهانات في سباقات الخيل ويتناولون أفخر أنواع الأطعمة، ويشترون أثمن المجوهرات، ويظهرون في الشوارع بسياراتهم الفارهة مثل "بورش" و"فيراري" و"لامبورغيني".

بل إن بعض هؤلاء الأثرياء -بحسب إيلين فونغ التي عملت مديرة تسويق وعلاقات عامة في "فيراري" بهونغ كونغ- يطلبون تصميمات حصرية لسياراتهم تعكس أسلوبهم وطبيعة شخصياتهم وذوقهم الذي يرونه فريدًا، فهم يريدون أن يتميزوا حتى عن أقرانهم الآخرين من الأثرياء.

لكن هذه ليست هونغ كونغ، أو على الأقل ليست كل هونغ كونغ. في تقرير مصور لشبكة "بي بي سي" البريطانية قبل أسابيع، توغلت الصحيفة إلى قاع مدينة الثراء الفاحش لترصد ظاهرة مهملة وسط التركيز الشديد على مظاهر الرفاهية والبذخ السائدة: أكثر من 200 ألف شخص يسكنون ما يمكن تسميتها "توابيت"، إذ يعيش الشخص إما في قفص أو في بيت تبلغ مساحته 6 أقدام، ينام فيه ويضع فيه كل متعلقاته، ويتشارك "دورة المياه" مع 20 شخصًا آخرين.

إعلان

ففي ظل سيطرة أباطرة المال على قطاع العقارات، وتجاوز متوسط سعر الشقة 18 ضعف متوسط دخل الأسرة في المدينة، يعاني عدد متزايد من البشر للحصول على مسكن لائق في أغلى مدينة بالعالم من حيث تكاليف السكن على مدار سنوات متتالية.

المفارقة أن هذا التفاوت الطبقي الهائل لا يأخذ حقه من الاهتمام حين يتم تناول شؤون هونغ كونغ، حتى في معرض تحليل واستشكاف أسباب معدلات التعاسة المتزايدة والإحباط المتفاقم في المدينة. فوفقا لمؤشر السعادة العالمي لعام 2024، حصلت هونغ كونغ على 5.63 من أصل 10 نقاط، ما يضعها في المرتبة 86 عالميا، متخلّفة حتى عن العديد من الدول الممزقة بالحروب والصراعات.

هذه المستويات القياسية للتعاسة والاكتئاب في المدينة الثرية لم تفشل في إثارة انتباه المراقبين الغربيين الذين طالما تغنوا بالمميزات التي توفرها هونغ كونغ لساكنها، بما يشمل الامتيازات الديمقراطية الفعالة، والإدارة عالية الكفاءة، والمؤسسات القانونية المتينة، وبالطبع الحياة المترفة (للكثيرين).

لكن البروفيسور توبي كارول، وهو أستاذ مشارك بجامعة هونغ كونغ، ومتخصص في الشؤون السياسة والاقتصادية بقارة آسيا  يقول: إن التحليلات الغربية ليست وحدها هي التي تفشل في إدراك الروابط العميقة بين النخب السياسية والاقتصادية وبين المناخ التعيس في المدينة.

ويجادل كارول، أن مواطني المدينة أنفسهم حين كانوا يخرجون في مظاهرات غاضبة لم يدركوا طبيعة المشكلة العميقة التي تشكل غضبهم. ووفقا له، فإن هونغ كونغ التي تسوّق نفسها للعالم دومًا بطريقة وردية باعتبارها بيئة أعمال عالية الجودة ويسودها الاحتكام إلى القانون الصارم، تشهد في الواقع تدهورًا حادا منذ عقود، وإن أزمتها الحقيقية تكمن في طبيعة سياستها واقتصادها ومجتمعها نفسه، أكثر من أي عوامل أخرى.

إعلان عن بيتكوين والعملات المشفرة في هونغ كونغ 27 سبتمبر/أيلول 2021 (رويترز) أكثر من نصف السكان يعانون من الاكتئاب!

في دراسة أجريت عام 2024 تحت قيادة البروفيسورة شيرلي لي شيويه، من كلية الطب بجامعة هونغ كونغ، وهي الدراسة الأولى من حيث كونُها نمذجة اقتصادية لمشكلة نفسية مثل الاكتئاب، كشفت النتائج أن هونغ كونغ من المرجح أن تواجه عبئًا مستمرًا ومتزايدا من حالات الاكتئاب بين عامي 2023 و2032 (على مدار عقد كامل تقريبا).

أكثر من ذلك، توقعت الدراسة أن يصاب 20% من المكتئبين بما يُسمى "الاكتئاب المقاوم للعلاج"، وهو الحالة التي يظل فيها الشخص دون تحسن رغم خضوعه لمختلف أنواع العلاجات النفسية.

وقد توقعت تلك الدراسة التي نشرتها مجلة "ذا لانسيت" الطبية الدورية -وهي من أشهر الدوريات الطبية وأقدمها- أن تتجاوز كلفة التعامل مع الاكتئاب في المدينة 2.5 مليار دولار سنويًا، مؤكدة أن الاتجاهات الحالية للصحة النفسية في المدينة مقلقة في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية، ومن ثم ينبغي أن يتم التعامل مع المشكلة من خلال نهج متعدد الاختصاصات، لا عبر المقاربة الصحية النفسية فقط.

وبحسب بحث أجرته منصة "إتش كي وي كير" (HK.WeCare) عام 2024، وهي منصة تعمل في مجال الأبحاث الاجتماعية المتعلقة بالسعادة في هونغ كونغ تحت مظلة مؤسسة "ووفو سوشيال إنتربرايز"، فإن أكثر من 20% من سكان المدينة يعانون من أعراض اكتئاب متوسط، بينما يعاني أكثر من 35% من السكان من أعراض اكتئاب أكثر عنفًا، وذلك بعد مسح اجتماعي أجرته المؤسسة على 1093 شخصا بالغا من المدينة.

إعلان

وقال أكثر من 10% من الذين شاركوا فيه إنهم يشعرون باليأس والاكتئاب والإحباط بشكل يومي، وهي الأمور التي دفعت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" -ومقرها هونغ كونغ- إلى القول في نهاية عام 2024 إن أكثر من نصف سكان المدينة يعانون من أعراض الاكتئاب، وإن نسبة الاكتئاب بلغت أعلى ذروة لها منذ 7 سنوات حين جرى أول استطلاع لقياس مؤشر السعادة في المدينة، ورُصدت أكثر النتائج سوءا في الشريحة العمرية بين 35 و44 عاما، أكثر من غيرها من الشرائح.

وقد خلصت معظم استطلاعات الرأي والدراسات التي حاولت استكشاف أسباب تزايد معدلات التعاسة وحالات الاكتئاب المرضي في المدينة التي تروج لنفسها باعتبارها مدينة الثراء؛ خلصت إلى أن الاقتصاد يظل دافعا رئيسيا وراء تعاسة السكان، لذلك لا عجب أن معظم التحليلات والتعليقات ركزت على هذا الملف في محاولتها توصيف المشكلة والبحث عن حلول لها.

سيارة أجرة تضررت بسبب تساقط الأشجار في أعقاب إعصار ساولا في هونغ كونغ، 2 سبتمبر/أيلول 2023 (رويترز)

فنجد على سبيل المثال، الأستاذ المساعد بكلية التمريض في كلية توغ واه، سيمون تشينغ، يعبّر عن شعوره بالمفاجأة من مستوى التعاسة التي يدفعها التشاؤم الاقتصادي رغم أن الأرقام الكلية لاقتصاد المدينة لا تشير إلى مشكلة كبيرة، فيقول لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" إن مؤشر السعادة في فنلندا يبلغ 7.89 من 10، بينما يقف في هونغ كونغ عند 5.63 فقط، رغم أنه لا يوجد فارق كبير في الإمكانيات الاقتصادية بين فنلندا وهونغ كونغ، بل إن اقتصاد مدينته يؤدي بشكل أفضل حسب رأيه.

ويستكمل الأستاذ الجامعي اندهاشه من الفرق الهائل في مستوى التعاسة والسعادة بين مدينته وبين بلدان تحقق أرقاما أقل على مستوى المؤشرات الاقتصادية، قائلا إن الناتج المحلي الإجمالي لفنلندا في عام 2023 بلغ 300 مليار دولار، بينما بلغ في مدينته خلال العام نفسه 382 مليارا، ومع ذلك يشعر الناس في هونغ كونغ بكل تلك التعاسة.

على جانب آخر، يشخص سياسي وسطي في هونغ كونغ يدعى تيك شي يوين -وهو عضو بالمجلس التشريعي للمدينة- يشخص مشكلة ارتفاع مستويات الاكتئاب بسرعة ويقول إنها تكمن في أن الاكتئاب مرض معدٍ، وهو ما يتسبب في استشراء تلك الحالة التعيسة ذات التأثير الخطير للغاية، بحسب تعبيره.

ومن ثم يقدم تيك حلًا سريعًا بعد تشخيصه العاجل، فيقول إن الحكومة عليها أن تستمع لمختلف الآراء الاقتصادية، وأنها لو استطاعت على المدى القصير أن تحل العجز في ميزانيتها، فإن الناس سيستعيدون الثقة والسعادة والتفاؤل.

لكن ماذا لو كانت هناك مشكلة أخرى أكثر عمقًا هي ما أنتجت تلك التعاسة وهذا الوضع البائس؟ وماذا لو كانت الأرقام الإيجابية الكلية لاقتصاد المدينة تخفي تحت السطح حقائق أخرى تدفع الناس -وخاصة الشباب منهم- إلى الشعور بالتشاؤم والسوداوية؟

اللامساواة.. الداء الذي يتجاهله الجميع

لقد سبق أن نوهت العديد من الصحف، ومنها صحيفة الغارديان في عام 2019، إلى أن العديد من سكان المدينة المشهورة بالثراء الفاحش يختبرون ضروبا من المعاناة الاقتصادية والاجتماعية. وبحسب ما نقلته الصحيفة البريطانية فإن إحصاءات عام 2016 كشفت أن 1.35 مليون من قاطني المدينة التي يبلغ عدد سكانها 7.5 ملايين، يعيشون تحت خط الفقر، وتزيد النسبة إلى 32% بين صفوف السكان الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما، بما يعني أن هناك معاناة خاصة يعيشها الكبار بعد سن العمل.

نفس الأرقام تقريبا تعكسها الإحصاءات الأحدث، ففي سبتمبر/أيلول 2023 أصدرت منظمة أوكسفام "تقرير الفقر في هونغ كونغ 2023″، الذي خلص إلى أن معدل الفقر الإجمالي تجاوز 20% في الربع الأول من ذلك العام، مع وجود أكثر من 1.36 مليون يعيشون في فقر، ويعني ذلك أن قرابة خُمس سكان المدينة المشهورة بثرائها لا يكادون يعرفون أي شيء عن الثراء.

إعلان

ويقودنا ذلك إلى مفارقة لافتة هي أن ارتفاع نسبة الفقراء في هونغ كونغ كان حقيقة واقعة حتى في السنوات التي كانت الحكومة تحقق فيها فائضا في الموازنة قبل جائحة كورونا، كما في عام 2018 الذي حققت فيه الحكومة فائضا نقديا يعادل 17.6 مليار دولار وأنفقت جزءا كبيرا منه في صورة توزيعات نقدية على محدودي الدخل والشباب وربات البيوت والمتقاعدين.

حدث ذلك أيضا في ظل حقائق اقتصادية تقول إن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في المدينة كان -ولا يزال- من بين الأعلى في العالم (المرتبة 24 عالميا وفق بيانات 2023)، ويتجاوز دولا مثل ألمانيا وفنلندا وكندا وفرنسا وبريطانيا. وبينما تحرك الحكومة خط الفقر للتلاؤم مع المتغيرات الاقتصادية والتضخم المستمر، تزداد أعداد الفقراء باطراد.

بمرور الأعوام يزداد عدد الفقراء من كبار السن في هونغ كونغ (الفرنسية)

وقد بلغ خط الفقر عام 2024 في حالة الأسرة المكونة من فرد واحد 5000 دولار محلي (637 دولارا أميركيا)، وفي حالة الأسرة المكونة من فردين عند 11.3 ألف دولار محلي (1440 دولارا أميركيا)، وفي حالة الأسرة المكونة من 3 أفراد عند 25.2 ألف دولار محلي (3200 دولار أميركي). وتشير أوكسفام إلى ارتفاع أعداد الفقراء في المدينة خلال العام نفسه إلى 1.39 مليون، بزيادة 30 ألفا تقريبا في عام واحد فقط.

وبالنسبة لكبار السن، يبدو أن الوضع يصبح أكثر سوءا، إذ رصدت أوكسفام زيادة عدد كبار السن الفقراء في المدينة (من تزيد أعمارهم عن 65 عامًا) إلى 580 ألفا، وهو بحسب المنظمة يمثل زيادة حادة بلغت 42.9%، مقارنة بأرقام الفقراء من كبار السن في عام 2019.

كما زاد تعداد الأسر الفقيرة التي تضم أفرادا من كبار السن بنسبة 50% عما كان عليه الوضع في عام 2019. ويلفت تقرير أوكسفام أيضا إلى أن مشاركة كبار السن بين القوى العاملة في هونغ كونغ تعد محدودة للغاية، إذ بلغت نسبتها 13.9%، بينما تصل النسبة إلى 22% في النرويج، و25% في الصين.

يمكننا إذن مع مثل تلك الأرقام أن نفهم بعض الشيء لماذا يسود التشاؤم من المستقبل والتعاسة في تلك المدينة المزدهرة ظاهريا، وكلمة السر هنا هي "اللامساواة"، فبحسب "مركز ستانفورد لاقتصاد الصين ومؤسساتها"، حدث شيء كبير في مدينة هونغ كونغ التي تسوّق باعتبارها نموذجًا يُحتذى به خلال الأعوام 40 الماضية، إذ انخفضت حصة الحد الأدنى من الأجور لنصف السكان من 18.7إلى 11.6%، في حين ارتفعت حصة الأجور التي يحصل عليها أغنى 1% من السكان من 10.7 إلى 16.3%.

وبينما كان إجمالي ثروة أغنى 0.001% من السكان يمثل 17% من دخل المدينة أواخر الثمانينيات، بات الآن يعادل 55% من الدخل، وهذه الحصة لتلك الفئة الضئيلة جدًا من المجتمع هي أكبر من أي دولة أخرى في العالم، بل إن تلك النسبة تمثل 10 أضعاف فرنسا على سبيل المثال.

توضح بيانات منظمة أوكسفام أرقامًا حديثة مشابهة لنفس النمط، فمتوسط الدخل الشهري لأغنى 10% من الأسر في عام 2024 تجاوز 131 ألف دولار محلي، وهذا يمثل زيادة قدرها 10% عن دخلهم في عام 2019 قبل جائحة كوفيد-19، في حين بات دخل أفقر 10% من السكان منذ عام 2019 أقل بنحو 82 ضعفًا من دخل الفئة الأغنى خلال العام 2024، بعدما كان أقل بحوالي 35 ضعفًا قبل الجائحة.

تقدم هونغ كونغ نفسها باعتبارها دولة رأسمالية، لكن الواقع أن البعض يرونها -ومعهم الكثير من الحجج- دولة قائمة على الاحتكارات أكثر من التنافسية الرأسمالية، إذ إن 4 عائلات تسيطر على قطاع العقارات شديد الأهمية في البلاد. وقد استفادت نخب الأثرياء من سياسات المدينة التي لطالما اعتمدت على خفض الضرائب وبيع الأراضي المملوكة لها لنخبة ملاك العقارات.

وبحسب استطلاعات مركز ستانفورد لاقتصاد الصين ومؤسساتها، فإن العديد من السكان في المدينة باتوا يدركون النفوذ القائم لدى نخب المال والأعمال ذات السلطة غير المتناسبة في الهيئات التشريعية والحكومية والذي يعمق من "اللامساواة" بحسب المركز، بينما يحاول بعض النشطاء الاجتماعيين دائمًا التأكيد على فكرة أن حكومة المدينة يتعين عليها القيام بإجراءات أكثر دقة لمكافحة الفقر المدقع فيها، ومواجهة حقيقة "اللامساواة" المستشرية، وألا يتم التركيز فقط على أرقام النمو الاقتصادي الجذابة.

وختاما، ربما يتعين الالتفات إلى المشكلة التي أشار إليها البروفيسور توبي كارول بشأن عدم وعي الشباب في المدينة بجذور مشكلة مدينتهم، وهو ما يجعلهم يخرجون في مظاهرات رافعين صور الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، ويرفضون أي شعارات أو أفكار ذات رؤى تطالب بإعادة توزيع الدخل أو المساواة، وكأنهم يعتقدون أن تلك الأفكار هي أفكار صينية بالضرورة ومعادية للاستقلال والديمقراطية، في حين أن نخبة المال والعقارات في المدينة تمتلك علاقات جيدة مع الصين.

ويرجع توبي الأمر إلى النزعة الفردية وأساطير النجاح التي يُربى عليها الأفراد في هونغ كونغ منذ نعومة أظافرهم، وهو الأمر الذي يجعلهم يرون دائمًا نماذج رجال الأعمال الناجحين الذين يملكون أكثر مما يملكه نصف سكان المدينة؛ باعتبارهم قصصًا ورموزًا ناصعة وأمثلة تُحتذى، وليست علامة على علل ينبغي مواجهتها بكل قوة وحزم.

إعلان

مقالات مشابهة

  • من سبأ إلى حمير .. اليمن التي علّمت التاريخ معنى السيادة
  • «عبد اللطيف»: نظام البكالوريا خطوة فارقة في تاريخ التعليم المصري
  • يسرية محمد الحسن: عفوا المعز عمر بخيت
  • محمد عبد اللطيف: البكالوريا المصرية خطوة فارقة في تاريخ التعليم المصري
  • أحمد الطنطاوي: التاريخ سيحاسب النظام المصري بسبب موقفه من غزة
  • جبريل :- من وقع عقد الأسواق الحرة ما خاف الله في السودان!!
  • هاني رمزي: خلاف مع محمد رمضان سبب رحيلي عن الأهلي.. ومتحفظ على الطريقة التي رحلت بها
  • الحكم في معارضة نجل محمد رمضان على إيداعه دار رعاية.. الخميس
  • مصدر برلماني:الدورة البرلمانية الحالية الأسوأ في تاريخ الحكم الإطاري
  • هونغ كونغ.. مدينة الثراء الفاحش التي تمتلئ بالمكتئبين