الكتاب الأسود وإدمان الوظيفة: سقف برجوازية دارفور الصغيرة للنهضة (1/2)
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
في مناسبة بلوغ نقد دولة 56 حد حصارها بالسلاح في يومنا أعيد نشر كلمتي عائدة إلى نحو 2016 نقدت فيها نهج "الكتاب الأسود"، الصادر عن حاضنة دارفورية ومؤتمر شعبي. ورأيت منه سقف متعلمي دارفور الحديثين (البرجوازية الصغيرة) في نقد هذه الدولة الذي اقتصر على الرغبة في الوظيفة في الدولة وكأن في ذلك وحده نهضة دارفور.
جلست قبل سنتين إلى حلقة من الماركسيين في الخرطوم لألقي عليهم هذه الكلمة في تقييم "الكتاب الأسود" الذي صدر في أوائل القرن انبت ظلامة دارفور وخروجهم بالسلاح للإنصاف على حجته. فإلى النص:
ربما تأخرنا في تشخيص مسألة دارفور بالنظر إلى "الحركات" وقياداتها البرجوازية الصغيرة كجزء من المشكلة لا الحل. وما منعنا من مؤاخذة هذه الطبقة في فكرها وممارستها هو "تواطؤ" المعارضة الذي تغفل فيه عن التمييز الطبقي فيما بينها هي نفسها على بينة الرغبة العامة للتخلص من النظام وحسب. وهو تمييز لا مهرب منه لسداد المقاومة ذاتها للنظام حتى يضع الماركسي يده به على القوى التي ستحمل الثورة إلى غايتها الجذرية. ومن المؤسف أن يقع هذه التغافل في الريف الذي هو بؤرة الثورة الوطنية الديمقراطية. فرهن مثل هذه الثورة بقيادات غاب عنها البعد القومي، وأيقظت فتنة النعرات الأثنية والثقافية لمآربها، نكسة لأننا نستبدل ريف الآباء الطبيعيين العشائريين بريف الفتنة البرجوازية الصغيرة.
لم ننجح بعد في حصار البرجوازية الصغيرة الإثنية حول مسألتين:
الأولى: هو توظيفها الأثنية والعرقية في مشروعها لنهضة الهامش بمعزل عن التحالف الوثيق مع القوى الديمقراطية وحركة الكادحين، بل وربما يأساً منها. وساقها هذا الاعتزال إلى وضع بيضها كلية في سلة المحاور العالمية والإقليمية. والأدهى أن نزاعاتها ظلت تسوقها إلى مساومات مختلفة مع نظام الإنقاذ زادت مسألتهم تعقيداً. ومن مظاهر ذلك تفاقم الانشقاقات في الحركات فتخرج جماعة من "قبيلة" على جماعة قبلية ثم يجري الهدم في نفس الجماعة القبلية فتتقسم إلى حركات بطون وأفخاذ. ونجم عن هذا تداعي الصف الدرافوري ما جعل عملية السلم مع الحكومة ضرباً لحركة بحركة.
الثانية: لم نُخضع سقف حركات البرجوازية الصغيرة البرنامجي لشواظ النقد السياسي. فأوسع تظلماتها انتشاراً كان "الكتاب الأسود" الذي انصرف بشكل رئيس لبيان قلة حظ "مثقفي دارفور"، في قول بيان عظيم وحيد للحزب الشيوعي بولاية دارفور، من وظائف الدولة الدستورية والقيادية. ولم يلتفت لمتاعب كادحي دارفور إلا لماما. وصارت هذه الوظائف مشتهاة يخرج من لم تكن في نصيبه من الصفقة السلمية ويعود أدراجه للسلاح.
كتاب "الكتاب الأسود" يوفر لقارئه صورة من قريب لسقف التغيير الذي تنشده قيادة الحركات المسلحة في دارفور وهي التي وصفناها ب"البرجوازية" الصغيرة. فالكتاب في عبارة عامة استدراك ل"السودنة" التي فات قطارها مع الاستقلال وترك الدارفوريين خلواً من الوظائف الدستورية المؤثرة. فالكتاب يبحث في صور اختلال ميزان تقسيم السلطة التي هيمن فيها أبناء الإقليم الشمالي (النيل والشمالية) على الجهاز التنفيذي ووظفوه لإعمار إقليمهم.
فاحتلوا حتى 1999 في قول الكتاب 59 فاصل 4 في المئة من الوظائف الدستورية بينما هم مجرد 12 فاصل 2 من مجموع السكان. ومع ذلك، حسب احصائيات الكتاب، لم يحكم السودان رئيس من غير الشمال قط. وقال واضعو الكتاب ببؤس حصيلتهم في الجاه خلال الديمقراطية الثانية. فنال أهل المركز 74 فاصل 4 من هذه الوظائف بينما لم ينل الٌإقليم الغربي (كردفان ودارفور) سوى 22 فاصل 4 من المئة بما زاد عن نصيب الأوسط الذي كان 14 فاصل 7 في المئة. فحتى دولة ثورة أكتوبر 1964 خلت من ممثل للإقليم الغربي وكذلك الأوسط ومن مثلوا الأخير كانوا من مهاجرة الشمال أصلاً.
من أبرز عيوب الكتاب الأسود المنهجية أنه لم يعتبر العاصمة كإقليم مستقل تجري عليه قسمة الوظائف والخدمات في حد ذاته. وهذا إلغاء ل"البندرة"، أي التحول التاريخي لجماعات من شتى بقاع القطر من سكنى الريف ومعاشه إلى البندر، واستنباطهم لهوية جديدة لم تجفف ذاكرتهم من حيث جاؤوا ولكنها هوية مستقلة مصالحها غالبة ووثيقة. ومن صور التخلص من العاصمة كجهة قولهم إنها من محميات الإقليم الشمالي وإقطاعياته. ففي باب إلغاء العاصمة قول الكتاب إن صفوة السيطرة أزاحت بدر الدين طه من سدة ولاية الخرطوم مع أنه خرطومي مؤثل واستبدلوه بمجذوب الخليفة. ولم يثبت الكتاب مع ذلك عند صفة بدر الدين الجهوية فذكر أنه من الوسط في موضع لاحق.
ومن صور التخلص من العاصمة كجهة أيضاً نزع الانتساب لها من الحساب. فالأزهري معروف أنه من الغرب ولكنه ولد وترعرع في العاصمة. وقد رحل أهله عن الشمالية قبل قرون. ومع ذلك فهو عند الكتاب شمالي برغم مهاجر أهله العديدة اللاحقة. ولذا يستغرب المرء قول الكتاب إنه لم يكن بين من تقلدوا رئاسة السودان رجل من الغرب. فإن لم يكن أزهري من الغرب صار من العاصمة. وستكون نسبته للشمالية مشتطة إلا إن كانت النسبة للشمالية عاهة لا تبرأ.
لا يدري المرء لماذا اختار الكتاب الإقليم وحدة قياس في وقت اقتنع فيه بأن جمهرة كبيرة من الإقليم الشمالي السيد نفسه مظاليم. فذكر من العناصر العربية المظلومة من هذا الإقليم المناصير علاوة على النوبيين. بل قال صراحة إن الهيمنة للشايقية والجعليين والدناقلة. والأخيرون نوبة بالطبع.
شذَّ الإقليم الأوسط، بؤرة مثلث حمدي، عن افتراضات الكتاب. فنصيبه، وهو في الشمال كان أقل من الغرب في دولة الديمقراطية الثانية (22 فاصل 2 مقابل 14 فاصل 7) كما رأينا. ومن جهة أخرى مثّل الغرب 3 أعضاء بمجلس انقلاب الإنقاذ بينما لم ينجح أحد من الأوسط. وقال واضعو الكتاب مرة إنه حتى من نسبوه للإقليم الأوسط هو في الختام من أصول شمالية قريبة عهد بالوفود للأوسط.
ونواصل
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الکتاب الأسود من الغرب
إقرأ أيضاً:
شراكة بين "صحار الدولي" و"Ooredoo Business" لدعم نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
مسقط- الرؤية
أعلن صحار الدولي عن شراكته الاستراتيجية مع Ooredoo Business بهدف توفير حلول مبتكرة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلية، إذ تُؤكد هذه الشراكة على التزام البنك بالابتكار وتعزيز تجربة الزبائن، مما يُعزز دوره كأحد المحفزات الرئيسية للتمكين المالي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ويعتزم صحار الدولي تقديم مجموعة من العروض الحصرية، تشمل خدمات الخط الثابت المجانية، وخيارات تمويلية مرنة للأجهزة الإلكترونية، وعروضا مميزة للهواتف الذكية، وحلول تقنية المعلومات والاتصالات القابلة للتخصيص، ومزايا مميزة لحاملي بطاقة ريادة، وذلك بهدف تبسيط العمليات، وتقليل التكاليف، وتعزيز النمو المستدام.
وقال عبدالقادر الصومالي رئيس مجموعة التجزئة المصرفية والخدمات المميزة بصحار الدولي: "إن شراكتنا مع الشركات الرائدة مثل Ooredoo Business تعزز التزامنا بتقديم خدمات عالمية المستوى والمساهمة في بناء بيئة تدعم الابتكار والتميز التشغيلي، وعليه فإنَّ هذه المبادرة تعكس استراتيجيتنا المستقبلية في تقديم الخدمات المالية، حيث تم تصميمها لضمان تمكين زبائننا من تحقيق من النمو والنجاحات، فمن خلال هذه الحزمة الشاملة، نقدّم لزبائننا من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أبرز الأدوات الأساسية التي تسهم في تعزيز الكفاءة وتسريع التحول الرقمي."
وإلى جانب الخدمات المصرفية، يعمل صحار الدولي على إقامة شراكات استراتيجية تهدف إلى تعزيز تجربة الزبائن، ومن أبرز مميزات الحزمة الحصرية خدمات الخط الثابت المجانية، التي تشمل شهرين من الرسوم المجانية لتقليل التكاليف، كما يوفر تمويلًا مرنًا للأجهزة الإلكترونية، حيث يمكن للشركات بعد مرور ثلاثة أشهر الحصول على ما يصل إلى خمسة أجهزة متطورة من خلال خطط تقسيط ميّسرة، مما يضمن لها الاستفادة من التقدم التكنولوجي دون تحمل التكلفة الأولية.
وبالإضافة إلى ذلك، يحصل حاملو بطاقة ريادة على خصم بنسبة 50% على خدمات الإنترنت الثابت التجاري وباقات شهري تجاري الرقمية، بالإضافة إلى 1,000 رسالة SMS مجانية لتوسيع نطاق أعمالهم وتفاعلهم.
وأوضح سعيد بن صادق اللواتي مدير عام التسويق التجاري وحلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من Ooredoo: "ندرك الاحتياجات المتغيرة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتحديات التي تواجهها في الحفاظ على تنافسيتها في عالم رقمي متطور، ولذلك، نعمل على تمكين الشركات في عُمان من إدارة عملياتها بذكاء، ومساعدتها على النمو بسلاسة وتحقيق النجاح المستدام، من خلال تقديم حلول تسهّل الاتصال وتعزز الوصول إلى الخدمات المالية."
ومع دمج هذه المزايا ضمن منهجه المتكامل لخدمات الشركات الصغيرة والمتوسطة، يواصل صحار الدولي تلبية المتطلبات لهذه الفئة من الزبائن، بما يضمن تعزيز قدرتهم التنافسية في بيئة الأعمال الرقمية والمتصلة عالميًا.
وتشكل هذه الشراكة مع Ooredoo Business تأكيدًا على الرؤية المستقبلية للبنك، والتي لا تقتصر على تقديم حلول مالية متكاملة، بل تمتد أيضًا إلى تزويد الشركات بالأدوات التكنولوجية اللازمة لتحقيق النجاح في الاقتصاد الحديث.