الصباح الجديد -
من أكثر المجالات التي يجد فيها (الفسدة) ضآلتهم الحروب لما فيها من مجال رحب للفساد، لأن أمن الدولة وسيادتها وهيبتها أولوية تطغى على كل ما سواها في لحظات الحرب والدفاع عن الأوطان، وبالتالي لا يهتم المواطن كثيراً بما يجري ويحدث داخل أضابير الجهات المسؤولة عن الصرف المالي بالدولة ما يتيح الفرصة لظهور أثرياء جدد عندما تضع الحرب أوزارها.
في سبتمبر الماضي أصدر رئيس الوزراء المكلف قراراً بإعفاء مفوض العون الإنساني وأشارت مصادر إلى أن قرار الإعفاء مرده شبهة فساد في توزيع الإغاثة ولكن لم نسمع عن أي تحقيقات وطوي الملف .. إلا أن شواهد الفساد ظلت تطل برأسها وترفع عقيرتها ..فالإغاثة تسربت إلى الأسواق ووزعت للجنود، وقبل أيام قال والي الخرطوم إن مواد الإغاثة التي وصلت الولاية لا تكفي لـ(1)% من المواطنين وفي ذات الجلسة وزع (كراتين) على الصحفيين اللذين حضروا مؤتمره الصحفي ومعها أشياء أخرى.
وفي المقابل وجد تجار المحروقات الفرصة أمامهم واسعة وعادت سفنهم المحملة بالوقود تنصب شراعاتها في بورتسودان وحققوا نظير ذلك أرباحاً يشيب لها الولدان، خاصة وأن التنسيق محكماً بينهم والوزارات المعنية ويتم التعامل تحت غطاء دعم المجهود الحربي وغيرها من المبررات لتعزيز الاحتكار والضرب من أوسع الأبواب.
أما على صعيد الانتهاكات والضرر الذي لحق بالمواطنين جراء الحرب تكشفه أسواق دقلو التي عمت القرى والمدن وفيها تباع المسروقات والمنهوبات بثمن بخس وأصابع الاتهام تشير إلى قوات الدعم السريع، وفي الآونة الأخيرة يتسامع الناس عن سوق مشابهه لأسواق دقلو في منطقة صابرين التي يسيطر عليها الجيش عرف بسوق (ود الحلمان) ..ويبقى السؤال من هم الذين يقومون بشراء المال المسروق، وفي البال قصة المرأة التي وجدت مقتنيات منزلها في (دفار) بسوق مدني، وغيرها من الأمثلة الأخرى التي تؤكد أن هناك ضعاف نفوس يتاجرون في البضائع المسروقة.
على ذات الصعيد هناك من وجدوا الفرصة سانحة للتجارة بالسلاح فأصبحت البنادق بمختلف أنواعها تباع في الأسواق الطرفية وكذلك الذخيرة، أما السيارات فـ(شفشفتها) مصطلح متداول بين الدعامة ويساعدهم بعض (المكانيكية) و(مرشدين) يجندونهم في الأحياء، وأدهشني أن شاباً خلوقاً يمتلك (سوبر ماركت) في الحي الذي كنت أسكن فيه بأمدرمان تحول إلى مرشداً وتوعده أهل الحي في (قروب واتساب) بأنهم لن يتركونه حال عودتهم.
هذه أمثلة ليست للحصر فالفساد الذي حدث في هذه الحرب كبير وضخم وهو وإن لم يظهر للسطح في الوقت الحالي بسبب احتدام الحرب وشدتها إلا أنه سيظهر يوماً ما وستظهر الأرقام والأسماء المشاركة فيه والمتنفعة منه، وعلى الجميع العمل على فضحه وكشف مكامنه والوالغين فيه.
الجريدة
/////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
(في أمر جلل يهز العالم والإنسانية: 93,3% نعم و 6,7% لا. فنطبق على العالم حكم %6,7 !!!)
هل عرف العالم إفلاسا أكثر من هذا للمنظومة الدولية، أخلاقيا وفكريا وديمقراطيا وقانونيا، عندما يعارض طرف واحد إجماع 14 عضوا في مجلس "الأمن" قرارا إنسانيا بالدرجة الأولى لوقف الإبادة الجماعية لشعب أعزل، إلا من قوة إرادته على الصمود والثبات في أرضه ومنازلته للمحتل بأقصى مما جاد الله عليه من ذكاء ووسائل إصرار وتوفيق في التصويب والتنكيل بالعدو!؟
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.
إذن سموه ما شئتم إلا أن يكون مجلس "أمن" ! أين الأمن للضعفاء وللمحرومين وللمضطهدين! هذا مجلس تواطؤ ومجلس شرعنة قانون الغاب ومجلس تكريس منطق دوس القيم وكل المثل الانسانية من أجل شهوة متعطشين لسفك الدماء! ينبغي لأحرار العالم من دول ومنظمات وهيآت دولية ومجتمعية الثورة على هذا المنطق الاستعماري الذي تكوى به الانسانية منذ عقود من الزمن!
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.ويدل هذا التصويت على الإفلاس الفكري للمنظومة الحداثية الغربية التي صدعت العالم لعشرات السنين، بعد الحرب العالمية الثانية بمشروعها "المبشر" بإنقاذ البشرية من التخلف ومن الكراهية ومن القمع والاستبداد ومن الإرهاب، فإذا هي تكشف عن حقيقتها بالدوس على ذلك كله، وإستدعاء عمقها الصليبي الاستعماري بتوظيف القوة، كل أنواع القوة المادية والاستخباراتية والابتزازية وغيرها من أجل التنكيل الممنهج بكل مطالب بحقه في الحرية وفي الانعتاق من الظلم والاستغلال والاحتلال.
كما يدل هذا التصويت على الإفلاس الديمقراطي السياسي، إذ كيف تتحكم نسبة 6,7% تمثلها الإدارة الأميركية في مصير شعب بأكمله تحت الإبادة الجماعية المستمرة وترفض إيقاف الحرب ونتجاهل 93,3% من أصوات ممثلي باقي دول العالم التي صوتت لإيقاف الحرب!!
كما يعبر هذا التصويت عن الإفلاس القانوني للمنظومة الدولية حين تعطل المحاكم الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ومهام المقررين الأمميين من أجل نزوات استعلائية تسلطية استعمارية موروثة من عهد بائد سيء الذكر، لخمسة من دول العالم، ويتم تجاهل رأي 188 دولة أخرى من بين 193 دولة عضوة الآن في الأمم المتحدة.
وإنك لتعجب أشد العجب وأنت تفتح الموقع الرئيس للأمم المتحدة على الأنترنيت وتجد التقديم التالي بالأحرف الكبيرة:
"الأمم المتحدة: السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة.
تعريف بنا: مكان واحد حيث يمكن لدول العالم أن تجتمع معا، وتناقش المشكلات الشائعة
و تجد حلولا مشتركة".
﴿أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ ٧ ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ٨ وَثَمُودَ ٱلَّذِینَ جَابُوا۟ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ ٩ وَفِرۡعَوۡنَ ذِی ٱلۡأَوۡتَادِ ١٠ ٱلَّذِینَ طَغَوۡا۟ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ١١ فَأَكۡثَرُوا۟ فِیهَا ٱلۡفَسَادَ ١٢ فَصَبَّ عَلَیۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ ١٣ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ ١٤﴾ [الفجر ]
*مسؤول مكتب العلاقات الخارجية بجماعة العدل والإحسان/ المغرب