تعتزم دول عربية خلال مشاركتها في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «cop28»، إطلاق مبادرات مناخية جديدة، واستكمال عدد من مبادرات تم الإعلان عنها سابقاً؛ إذ يوفر «cop28» فرصة كبيرة للدول العربية، لتعزيز جهودها، والمشاركة الفاعلة بإيجاد حلول عادلة لتحديات التغير المناخي، وتدعم الدول العربية تنفيذ اتفاق باريس الذي تم إقراره في مؤتمر «cop21» ومستهدف صافي الانبعاثات الصفري، وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية المستدامة، ومواجهة تغيرات المناخ؛ للموازنة بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.


وعلى الرغم من أن مساهمة الدول العربية في انبعاثات الكربون محدودة، فإن المنطقة العربية تأتي بين أكثر المناطق تأثراً بتغيرات المناخ، حَسَبَ صندوق النقد العربي. وباستضافة الإمارات لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «COP28» من 30 نوفمبر الجاري إلى 12 ديسمبر المقبل من العام الجاري، تبلغ حصة الدول العربية على صعيد استضافة قمم المناخ 18% بعدد 5 نسخ من إجمالي 28 نسخة لمؤتمر المناخ انطلقت أولها عام 1995، وكان المغرب أول دولة عربية تستضيف قمة الأمم المتحدة للمناخ «cop7» في عام 2001، فيما استضافت قطر «cop18» في عام 2012، والمغرب للمرة الثانية «cop22» في عام 2016، وتلته جمهورية مصر العربية باستضافة «cop27» في نوفمبر من العام الماضي، وفقاً لرصد أجرته وكالة أنباء الإمارات «وام».
المجموعة العربية
وتعد الدول العربية ( وعددها 22 دولة) إحدى مجموعات التفاوض الرئيسية في مفاوضات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب)، وتنظم المجموعة اجتماعاً قبل اجتماعات الأمم المتحدة للمناخ، وفق تقرير «مفاوضات الدول العربية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، الصادر عن مؤسسة فريدريش ايبرت الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأفاد التقرير بأن المجموعة العربية تجتمع بشـكل يومـي فـي «COP» لوضع الاسـتراتيجيات بشـأن مواقفهـم، لافتاً إلى أن جميع أعضاء المجموعة العربية، جزء من مجموعات أخرى مثل المجموعة الإفريقية ومجموعة 77G + الصين.
الطاقة المتجددة
تصاعد تبني الدول العربية لمصادر الطاقة المتجددة؛ مثل: الطاقة الشمسية والرياح، من أجل تنويع مصادر الطاقة، وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كما قامت هذه الدول بتوسيع دورها فيما يُسمى بالتدابير التعويضية؛ مثل: زراعة الأشجار وتقنيات احتجاز الكربون وإعادة تدوير غاز ثاني أكسيد الكربون في إطار الاقتصاد الدائري، وفق تقرير صندوق النقد العربي: «رؤية حول الموقف تجاه تغيرات المناخ وخيارات السياسات».
الطريق إلى «cop28»
وأوضح التقرير، أن زيادة مستويات درجات الحرارة، والظواهر المناخية الاستثنائية، وتراجع معدلات هطول الأمطار ومالها من آثار كبيرة في التصحر وتراجع الأمن الغذائي والنزوح القسري، ليست سوى أمثلة على المخاطر الناجمة عن تغيرات المناخ، مشيراً إلى التوجه المتزايد لمعظم الدول العربية نحو دمج الاستدامة ضمن سياساتها وممارساتها، سعياً إلى الموازنة بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، بما يخدم الجيل الحالي والأجيال المستقبلية.
التنسيق العربية
وخلال «cop27» الذي عقد في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، تعهدت الأغلبية العظمى من أعضاء مجموعة التنسيق العربية (ACG) بتقديم تمويل مشترك بحلول عام 2030 بمبلغ تراكمي يبلغ 24 مليار دولار؛ وذلك للتصدي لأزمة المناخ العالمية. وتضم المجموعة: صندوق أبوظبي للتنمية، والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وبرنامج الخليج العربي للتنمية، وصندوق النقد العربي، والبنك الإسلامي للتنمية، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وصندوق أوبك للتنمية الدولية، وصندوق قطر للتنمية، والصندوق السعودي للتنمية، الشرق الأخضر. ويتزايد التعاون العربي في مجال المناخ عبر مبادرات عدّة؛ أبرزها: مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر للتخفيف من تأثيرات تغير المناخ على منطقة الشرق الأوسط».
وتستهدف المبادرة دعم جهود المنطقة لخفض الانبعاثات الكربونية، بما يعادل 10% من المساهمات العالمية، والحد من انبعاثات الكربون الناجمة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60%. وتعمل المبادرة على زراعة 50 مليار شجرة في منطقة الشرق الأوسط بما يعادل 5% من هدف التشجير العالمي، والمساهمة في خفض الانبعاثات الكربونية حول العالم بنسبة 2.5%.
الحياد المناخي
وأطلقت الإمارات عشرات المبادرات الوطنية والإقليمية في قطاعات؛ أبرزها «الفضاء والبيئة والصحة والطاقة»؛ لتعزيز مسيرة النمو المستدامة، وتحقيق الحياد المناخي 2050، كما تعمل الإمارات على ترسيخ دورها الريادي في تفعيل العمل المناخي على مستوى المنطقة والعالم؛ وذلك بالتوسع بمساهماتها في دعم أهداف الطاقة المتجددة في الدول العربية، ونشر حلول فاعلة، لمواجهة تغير المناخ العالمي؛ إذ دعمت تنفيذ العديد من مشروعات البنية التحتية والطاقة النظيفة عالمياً؛ حيث استثمرت في مشروعات للطاقة المتجددة في 70 دولة بقيمة إجمالية تقارب 16.8 مليار دولار.
وخلال «cop27»، وقعت الإمارات ومصر اتفاقية لتطوير مشروع طاقة الرياح البرية بقدرة 10 جيجاواط في مصر؛ حيث يعد المشروع أحد أضخم مشروعات طاقة الرياح في العالم.
مبادرات عربية
وأعلنت المملكة العربية السعودية في أغسطس/ آب الماضي، انطلاق النسخة الثالثة من منتدى «السعودية الخضراء» يوم 4 ديسمبر/ كانون الأول ضمن «cop28» في خطوة تظهر التزام المملكة وجهودها المتواصلة، لدعم أجندة العمل المناخي العالمي، واتخاذ إجراءات ملموسة لمواجهة التحديات البيئية.
مترابطة المناخ واللاجئين
ويعتزم الأردن خلال قمة المناخ «cop28»، الإعلان عن إطار عمل مبادرة مترابطة المناخ واللاجئين، بعد أن يتم الانتهاء من إعداده خلال الفترة المقبلة بالتنسيق مع الجهات المعنية، بحسب ما أعلنته وزارة البيئة في أغسطس/ آب الماضي.
وأشار الأردن خلال مشاركته في «cop27» إلى «مبادرة مترابطة المناخ واللاجئين»؛ لإعطاء أولوية الدعم للدول المستضيفة التي تتحمل عبء التغير المناخي، داعية الدول المشاركة في المؤتمر إلى المصادقة عليها.
3 مبادرات قارية
أطلقت مصر خلال «cop27» في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عدداً من المبادرات الوطنية والإفريقية والإقليمية؛ لتعزيز العمل المناخي؛ منها: «مبادرة حياة كريمة من أجل إفريقيا»؛ بهدف تحسين جودة الحياة في 30% من القرى الأكثر فقراً بحلول 2030.
وتعمل مبادرة «أصدقاء تخضير الخطط الاستثمارية الوطنية في الدول الإفريقية والنامية» على تحقيق أهداف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس التابعة لها، وزيادة حصة المشروعات الخضراء إلى ما لا يقل عن 30% تقريباً من الخطط الاستثمارية الوطنية بحلول 2030. وتهدف مبادرة «إدارة المخلفات الصلبة لإفريقيا 50» بحلول 2050 إلى تدوير 50% من مخلفات إفريقيا بحلول منتصف القرن الحالي، مقابل 10% حالياً، ومعالجة أزمة المخلفات في القارة السمراء، والتعامل مع المخلفات الصلبة كفرصة للإسهام في جهود التخفيف والتكيف مع تغير المناخ على المستوى العالمي.
الواحات المستدامة
وخلال «cop22» الذي عقد في مدينة مراكش عام 2016، أطلقت المغرب مبادرة «الواحات المستدامة»؛ بهدف الاعتراف والمحافظة والتنمية الاجتماعية والتضامنية للواحات كنماذج للتكيف مع التغيرات المناخية، واستهدفت المبادرة الاعتراف والمحافظة والتنمية الاجتماعية والتضامنية للواحات كنماذج للتكيف مع التغيرات المناخية.
الشباب العربي
وتزامناً مع تصاعد وتيرة الاهتمام العالمي بدور الشباب في الجهود المجتمعية لمواجهة تحديات التغير المناخي، واعتباره ركيزة رئيسية في فعاليات قمم الأمم المتحدة لتغير المناخ «COP»، أطلق مركز الشباب العربي في أغسطس/ آب من عام 2021، مجلس الشباب العربي للتغير المناخي، كمنصة إقليمية؛ تعزز تفاعل الشباب العربي مع القضايا البيئية، ويدعم الاستراتيجيات العربية المتعلقة بالبيئة والتغير المناخي، ويسهم في إيجاد قادة رأي ومبتكرين من الشباب في مجال العمل المناخي، ليواكبوا استضافة دولة الإمارات لقمة المناخ «cop28».
ويضع المجلس مجموعة أهداف استراتيجية؛ أهمها: تمكين الشباب العربي بالمهارات المطلوبة؛ لمواجهة التحديات المناخية، وتمثيل صوته في المحافل العربية والدولية في مجال البيئة، ودعم الدول العربية في تعزيز جهودها للعمل المناخي، ورفع توصيات استراتيجية لصنّاع القرار في العالم العربي، فضلاً عن اقتراح حلول فاعلة بالشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص، وتشجيع الاستثمار في المشروعات الناشئة والصغيرة في مجال حماية البيئة، ومواجهة التغير المناخي، وتحقيق الاستدامة.
(وام)

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات كوب 28 التغیر المناخی الأمم المتحدة الدول العربیة العمل المناخی الشباب العربی الشرق الأوسط تغیر المناخ فی مجال

إقرأ أيضاً:

زراعة 1000 شجرة مانجروف بمرسى علم ضمن مبادرة مواجهة التغير المناخي

 أُطلقت بمدينة مرسى علم مبادرة بيئية لزراعة أشجار المانجروف بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني وعدد من الجهات المعنية بحماية البيئة.

وذلك، في إطار الجهود الوطنية لتعزيز الاستدامة البيئية ومكافحة آثار التغير المناخي.

وشهدت الفعالية تنفيذ حملة لزراعة 1000 شجرة مانجروف إلى جانب نشاط لتنظيف الشواطئ، بهدف دعم النظام البيئي الساحلي وحماية الموارد الطبيعية في منطقة البحر الأحمر.

دعم التنوع البيولوجي وحماية السواحل

وتُعد أشجار المانجروف من أهم الركائز البيئية على سواحل البحر الأحمر، إذ تسهم في تعزيز التنوع البيولوجي البحري وتوفير موائل طبيعية للكائنات البحرية المختلفة. كما تعمل على مواجهة تآكل الشواطئ، وتنقية المياه من الملوثات والمعادن الثقيلة، فضلًا عن دورها في امتصاص انبعاثات الكربون والحد من تأثيرات التغير المناخي.

قيمة بيئية وتراثية

ويؤكد الخبراء أن أشجار المانجروف ليست مجرد نباتات بحرية، بل هي ثروة بيئية وتراثية تعكس التوازن الطبيعي الفريد الذي يميز سواحل البحر الأحمر، وتسهم في دعم إنتاجية الشعاب المرجانية القريبة وتوفير بيئة خصبة للأسماك والطيور.

تهدف المبادرة إلى استعادة الغطاء النباتي الساحلي، وترسيخ مفهوم المشاركة المجتمعية في الحفاظ على البيئة، بما يعزز من مكانة البحر الأحمر كأحد أهم المناطق البيئية في مصر والعالم.

طباعة شارك مرسى علم مدينة مرسى علم أشجار المانجروف المانجروف مكافحة آثار التغير المناخي

مقالات مشابهة

  • بول مكارتني يحث كوب ٣٠ على تبني النظام النباتي لتجنب النفاق المناخي
  • قمة المناخ في البرازيل تواجه تحديات تنظيمية أمام غياب كبار القادة
  • ليبيا تشارك في قمة «الأمم المتحدة» لتغير المناخ
  • غوتيريش: العالم أمام خيارين إما قيادة التحول المناخي أو السير نحو الدمار
  • العربية للتنمية الزراعية تختتم أعمال الحوار الإقليمي حول تمكين المرأة والوصول إلى التمويل في الزراعة
  • الجامعة العربية تشارك في أعمال مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية بالدوحة
  • تحليل: التغير المناخي عزز رياح وأمطار إعصار ميليسا المدمرة
  • كوب 30 وسط تحديات المناخ والسياسة والمصالح والتمويل
  • زراعة 1000 شجرة مانجروف بمرسى علم ضمن مبادرة مواجهة التغير المناخي
  • سؤال برلماني للحكومة حول مواجهة التغير المناخي وحماية صغار المزارعين